كيف خرجت حديقة الحيوان من التصنيف العالمى؟.. الإهمال وعدم وجود خطط للتطوير أهم الأسباب.. التنسيق الحضارى: معالم بالحديقة مسجلة بقائمة التراث.. ومثقفون: استهتار واستهانة بقيمة العمل

فى الوقت الذى كان ينتظر أن تكون حديقة الحيوان، خلال الاحتفال بالذكرى الـ127 على افتتاحها، على وضع أفضل يضعها فى مكانتها الطبيعية بين مصاف حدائق الحيوان فى العالم، ما يتناسب مع تاريخ الحديقة الأقدم فى الشرق الأوسط وأفريقيا، جاءت الأمور بما لا تشتهى نفوس المحبين للتاريخ والمعالم الحضارية، حيث إن الاتحاد الدولى "WAZA" أعلن خروج حديقة الحيوان من الجيزة، من التصنيف العالمى كحديقة دولية معتمدة، نتيجة الإهمال التى ضرب مرافق الحديقة، الأقدم فى مصر والشرق الأوسط وثانى أقدم حديقة عالميا، ويرجع تاريخ تأسيسها لعام 1891م. الأسباب التى أدت إلى ذلك اختلف البعض حولها، البعض أشار إلى أن ذلك نتيجة الإهمال الذى ضرب أرجاء الحديقة، فيما جاءت التصريحات الرسمية غير مقنعة، بعدما قال رشاد رحيم، مدير عام حدائق الحيوان بالجيزة، إن السبب الرئيسى عدم دفع رسوم الاشتراك فى العام 2000، مؤكدا أنه تم انتهاز الفرصة لإسقاط الحديقة من التصنيف. ولافت إلى أن الحديقة طلب منها 122 طلبا، من أجل العودة إلى التصنيف الدولى مرة أخرى، تم تنفيذ أكثر من 100 طلب، مشيرا إلى أن تصميم الحديقة قديم للغاية باعتبارها ثانى حديقة حيوان فى العالم، ويتطلب ذلك إعادة تصميم الحديقة لتكون "حرة". التنسيق الحضارى: معالم بالحديقة مسجلة بقائمة التراث وهناك خطة لتطوير الحدائق التراثية وبخصوص الحديقة القديمة وإذ ما كانت مسجلة بقوائم التراث والمعالم الحضارية، من جانب قال المهندس محمد أبو سعدة، رئيس الجهاز القومى التنسيق الحضارى، بعد خروج حديقة الحيوان من التصنيف الدولى، إن هناك معالم بالحديقة مسجلة فى ضمن قوائم التراث. وأوضح "أبو سعدة"، فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، أن الجهاز وضع رؤية كاملة ومشروع من أجل الحفاظ على الحدائق التراثية من بينها حديقة الحيوان بالجيزة، مشيرا إلى أن الجهاز وضع لجنة مسئولة عن تطوير الحدائق التراثية والحفاظ عليها، وتقوم اللجنة حاليا برصد جميع الحدائق التراثية. بدورنا حولنا رصد ردود أفعال المثقفين والمهتمين بالشأن الحضارى، عن الأسباب التى أدت تدهور حال ثان أقدم حديقة حيوان فى العالم، إلى حد الحد، وما تصورهم لما وصلت إليه الحديقة. حسين حمودة: الحديقة تعرضت لمؤامرة وكان يمكن استغلالها لتكون وجهة حضارية الدكتور حسين حمودة، قال: أتصور خروج حديقة الحيوان المصرية بالجيزة، من التصنيف العالمى نتيجة طبيعية جدا لما لحق بهذه الحديقة خلال سنوات طويلة من إهمال لا يمكن تصديقه، وكان من الممكن ملاحظاته بوضوح خلال أى زيارة لها.. لقد وصل هذا الإهمال إلى ما يشبه المؤامرة على هذه الحديقة التى كانت منذ القدم غنية بتصميمها الجميل، وغنية بحيواناتها وبطيورها النادرة، وكان من الممكن مع قليل من العناية بها أن تكون مصدرا مهما للدخل، ووجهة حضارية مصرية. وأضاف "حمودة"، فى تصريحات خاصة لـ"انفراد": أتصور أن إهمال هذه الحديقة هو مسلسل متكرر، والذى يحتاج بحق، إلى وقفة جادة وحاسمة، وطرق تبحث عن طريقة علاج حقيقية. من جانبه قال الدكتورصلاح السروى، الأستاذ بجامعة حلوان إن ما حدث لحديقة الحيوان شأنه شأن ما حدث فى حديقة مصر الدولية، ما يحدث "استهتار واستهانة بقيمة العمل". وتابع الدكتور صلاح السروى: حديقة من أقدم الحدائق فى العالم وكانت لنا فى الصغر أشبه بالأعاجيب، وكانت متنفسا لسكان القاهرة، وأيضا كانت بمثابة مكان للقاء المحبين، ومكان ترفيهى وترويحى مهم. ولفت "السروى": إلى أن ما حدث له أسباب عديدة، وربما أن مسلسل التساهل والتسيب الإدارى، وصل إلى أعلى درجته عند المسئولين عن تلك المكان الحضارى. بينما قال الكاتب والقاص شريف صالح: لا يوجد مسئول يعرف قيمة الحديقة الحيوان، رغم إنها معالم سياحى وحضارى كبير، وكان أحد معالم السياحة الداخلية، وأتربطت بذكرة الملايين من الأطفال. وأضاف "صالح": ورغم ما تحتويه من نوعيات أشجار نادرة، لكن لا أحد ينظر لها كمعلم حضارى وثقافى، وعنصر بالغ الأهمية يمكن أن يكون مدخل هام من للدخل القومى، إذا تم أتباع الأجواء والوسائل المتحضرة والتى تشجع السياح على قضاء وقت ممتع ما بين المتعة والاستزادة الثقافية، سوا بعروض ثقافية أو بصرية وغيرها. وشدد القاص شريف صالح، بأن الأمر لا يقتصر فقط على حديقة الحيوان، فنفس التعامل المتواضع جدا نجده مع قطاع الآثار، رغم أن هذه النواحى قد تمثل مدخلا مهما للسياحة والعملة الصعبة، عندما أقول أننى لدى حديقة عمرها 100 عام ويتوفر بها أشياء ثقافية وترفهية معينة ويمكن أن يدخلها مليون سائح داخلى وأخر أجنبى، كل تلك الامور تساهم فى صناعة السياحة. وتابع "صالح" الأمر أيضا يتكرر مع عشرات القصور البديعة التى تركت منذ عصر أسرة محمد على أو مبانى من العصر المملوكى والعثمانى، لكن للأسف لم تجد الحماية الكاملة لها لتتحول إلى مدارس بائسة. ولفت: يمكن أيضا أضرب مثل بكاتب مثل نجيب محفوظ، لديك كاتب حصل على نوبل منذ 30 عاما ولا يوجد له متحف، عندما تزور إنجلترا تجد متحفا لشكسبير، وعندما تزور فرنسا تجد لفيكتور هوجو، وهذه المتاحف لا تدل فقط على أنك بلد متحضر، بل بلد تستطيع أن تستثمر فى مفردات وعناصر هويتها وما يميزها، فمثل هذه البيوت أو المتاحف لكبار الكتاب تعود بملايين الدولارات للدولة ولا يوجد لدينا للاسف مثل هذا الوعى، وهو ما تسبب فى فقدان القاهرة والإسكندرية، لعدد كبير من مبانيها وقصور الأثرية. وأتم: لا توجد لدينا خطة حقيقية لمعالمنا السياحية والثقافية، وللاستثمار فيها، فقد تفتح سوقا جديدا لشباب وفرص عمل وتساهم فى زيادة عدد السائحين، وتجعلنا دولة من مصاف دول العالم، نحن تقريبا أكثر دولة بها أثار فى العالم ولا يوجد خطة للاستثمار تلك الآثار.