فوجئ شكرى مصطفى، قائد تنظيم «التكفير والهجرة»، بصدرو الصحف اليومية دون نشر أول حلقة من كتابه «الخلافة»، فاعتبر أن الحكومة أخلت بشروطه معها للإفراج عن الشيخ محمد الذهبى وزير الأوقاف السابق، الذى اختطفه التنظيم، يوم الأحد 3 يوليو عام 1977، من منزله بحدائق حلوان، عقب تأديته لصلاة الفجر، وأمر فورا بقتل الشيخ المخطوف، حسبما يؤكد الكاتب والباحث «ماهر فرغلى» فى مقاله «الشيخ الذهبى..رصاص التكفير يغتال المفكر الفقيه- البوابة نيوز- 25 يوليو 2017».
يؤكد «فرغلى»، أنه فور أن وصلت أوامر «مصطفى» للخاطفين الذين اقتادوا الشيخ إلى شقة فى مدينة الأندلس بالهرم «ربطوا الشيخ فى السرير»، ودخل عليه أحمد طارق عبدالعليم ضابط الشرطة المفصول، وأطلق عليه رصاصة فى عين الشيخ اليسرى وهو يقول: «العين التى يسكن فيها الشيطان».
كان اللواء فؤاد علام، وكيل جهاز أمن الدولة الأسبق هو من تم إسناد مهمة قيادة فريق البحث عن الخاطفين، ويكشف فى مذكراته «الإخوان وأنا»، أنه أمكن ضبط أحد عناصر التنظيم بناحية الهرم، وأثناء ضبطه حاول ابتلاع ورقة، تمكن الضابط من استخراجها من فمه، وكان مكتوب عليها: «إلى أبو مصعب عليكم نقل الخضار فى عربة يد بعد أن تضعوا فيه كمية وافرة من النشادر- وأن تتوجهوا به إلى ترعة المريوطية وتلقوا بها». ويضيف، أن هذه الرسالة جعلتهم يحتملون أن يكون تم قتل الشيخ الذهبى فعلا، وأنهم بصدد التخلص من جثمانه.
ويضيف: «تمكنا من التعرف على شخص أبومصعب حيث تبين أنه عضو الجماعة محمد عبدالمقصود السيد غازى، وتم ضبطه قبلها بأربع وعشرين ساعة، وتوجهت إلى سجن القلعة لاستجوابه، وبعد أربع ساعات اعترف بأن الشيخ الذهبى موجود فى شقة بشارع جانبى من شارع الهرم خلف صيدلية الجهاد المطلة على شارع الهرم نفسه، وداهمنا الشقة وعثرنا على جثة الشيخ على أحد الآسرة مصابا بطلق نارى فى عينه اليسرى أصابت المخ وتسبب فى الوفاة».
أكدت التحقيقات أن الضابط أحمد طارق عبدالعليم هو القاتل، ووفقا لماهر فرغلى: «تم القبض عليه فى منطقة ساقية مكى بالجيزة يوم 11 أغسطس «مثل هذا اليوم 1977»، بعد قرابة أربعين يوما من هروبه، وتزامن القبض عليه مع إعلان المدعى العام العسكرى لقرار الاتهام بالقضية، وأثناء فترة هروبه نفذ تفجيرات، وشارك فى أعمال خداعية أدت إلى وقوع إصابات بين رجال الأمن حينما حاولوا الوصول إلى بعض مقار الجماعة، واعتبر بعض المحللين أن له اليد الطولى فى أعمال العنف التى قامت بها الجماعة منذ انضمامه إليها».
يلقى اللواء علام الضوء على جانب من شخصية «عبدالعليم» قائلا: «توجهت قوة أمنية لضبط عنصر من جماعة طه السماوى بمدينة بورسعيد، فوجدوا فى صحبته الضابط أحمد طارق وكان برتبة ملازم أول، وتبين من التحقيق عدم وجود علاقة تنظيمية له بالمطلوب ضبطه، غير أن هذه الحالة عرضت على اللواء نبوى إسماعيل، نائب وزير الداخلية، فأمر بنقله إلى مديرية بنى سويف، وإحالته للاستيداع والتحقيق معه»، يؤكد علام، أن التحقيق أثبت عدم وجود نشاط تنظيمى للمذكور، وأنه فقط على علاقة صداقة بالشخص الذى كان مطلوبا ضبطه، فأعيد إلى الخدمة غير أنه ألحق بالعمل بمديرية أمن بنى سويف، مما أصابه بحالة نفسية شديدة الإحباط، مما دفعه للبحث عن هذه الجماعات المتطرفة، وفعلا تقابل مع عناصر من تنظيم طه السماوى، وعناصر من التكفير والهجرة».
يؤكد علام: «لم يكن هذا الضابط ملتزما دينيا، بل كان على علاقة بسيدات سيئات السير والسلوك، ونتيجة لاتصاله بأعضاء التنظيمات، بدأ يواظب على الصلاة إلى حد ما إلى أن قص روايته على عضو بالتكفير والهجرة، وأفصح له بأنه يحس بظلم شديد نتيجة نقله إلى بنى سويف دون أن يرتكب ذنبا، فقام عضو التكفير بشحنه وعمق فى وجدانه أن مباحث أمن الدولة هى السبب فى إيذائه، وبعد لقاءات نبتت فكرة فى ذهنه بأن يقوم بالانتقام، وعرض الفكرة على عضو تنظيم التكفير الذى وافقه على ذلك، واتفقوا على أن يعد العدة لنسف مباحث أمن الدولة ببنى سويف، وعندما بدأوا فى الاتصال ببعض تجار المواد المتفجرة لشراء كميات منها لاستخدامها، وصلت معلومات لفرع مباحث أمن الدولة ببنى سويف، فتم ضبطهم وعرضهم على النيابة العامة، وبعد استمرار التحقيق معهم لمدة أكثر من شهر تم الإفراج عنهما».
يذكر علام رأيا يحتاج للمناقشة وهو «لم يعد أمام الضابط المفصول من سبيل إلا الانخراط فى نشاط الجماعات الإرهابية، وبالفعل انخرط فى سلك تنظيم التكفير والهجرة».