قوات حفظ السلام تفجر أول صدام بين القاهرة وواشنطن بمجلس الأمن.. مصر تعارض قرار أمريكى بالمعاقبة الجماعية للمتورطين فى جرائم جنسية.. الوفد المصرى: نخشى استخدام القرار لتصفية حسابات سياسية

تسببت قوات حفظ السلام الدولية فى صدام عنيف بين القاهرة وواشنطن تحت مظلة مجلس الأمن الدولى، ففى الوقت الذى لم يمضى فيه ثلاثة أشهر على انضمام مصر كعضو غير دائم حتى خاضت معركتها الأولى برفض قرار مجلس الأمن الدولى الخاص بالتصدى لوقوع انتهاكات جنسية من قبل أفراد فى بعثات حفظ السلام والذى صاغته أمريكا وأصرت على تمريره.

رفض القاهرة للقرار لم يأت من منطلق موافقتها على تلك الجرائم ضد الإنسانية التى يرتكبها أناس من المفترض أنهم حماه للسلام ضد آخرون منحوا ثقتهم لراية الأمم المتحدة، بل اعتراضا على رغبة البعض لاستغلال هذه الحوادث المؤسفة لتكون سيفا مسلطا تجاه دول بعينها، وتفتح المجال لاستخدام قرارات مجلس الأمن لصالح حسابات سياسية.

دخول الوفد المصرى فى مواجهة مباشرة مع واشنطن داخل المجلس الدولى أصاب البعض بذهول حتى أنهم حاولوا تشويه هذا الموقف والتشكيك فى نوايا مصر، بلغ إلى حد زعم البعض أن هناك تورط للقوات المصرية المشاركة فى حفظ السلام فى تلك الجرائم، وهو أمر عار تماما من الصحة بشهادة الأمم المتحدة نفسها من خلال تقريرها الرسمى الذى صدر منذ قرابة أسبوعين وأعلن لأول مره عن قائمة بجنسيات الجنود المتهمين فى الاعتداءات الجنسية.

وأشار التقرير الأممى إلى 21 دولة تشملهم الاتهامات فى مقدمتها جمهورية الكونغو (7 حالات) والمغرب وجنوب أفريقيا (4 حالات) تليها الكاميرون والكونجو برازافيل ورواندا وتنزانيا (3 حالات فى كل منها). بينما سجلت حالتان فى البنين وبوركينا فاسو وبوروندى وكندا والجابون، فى حين هناك تسع دول أخرى بها حالات غير مؤكدة هى ألمانيا وغانا ومدغشقر ومولدافيا والنيجر ونيجيريا والسنغال وسلوفاكيا وتوجو، وبالتالى فمصر ليست صاحبة مصلحة تدافع عنها.

ومن هذا المنطلق فإن موقف القاهرة فى وجه القوى الدولية لم يكن دفاعا عن نفسها أو حماية لمصلحتها بل جاء استنادا إلى واجبها باعتبارها الصوت العربى والأفريقى داخل المجلس، وهو ما يحتم عليها أن تحمى حقوق الدول التى وثقت فيها ومنحتها صوتها لتكون معبرة عنها أمام المجتمع الدولى وأن كبدها ذلك عداوات مع قوى كبرى مثل واشنطن.

القرار الذى صاغته أمريكا ومرره مجلس الأمن يحمل العديد من علامات الاستفهام التى تثير الشكوك حول المغزى منه، يأتى فى مقدمتها أنه يمنح الأمين العام للأمم المتحدة دون غيره الحق بالتحكم فى سمعة جيوش وقوات أمن الدول، من خلال تخويله لاتخاذ قرار بإعادة "وحدات عسكرية كاملة" من وحدات حفظ السلام إلى بلادها عندما يكون هناك دليل على ممارسة "بعضها" للاستغلال والانتهاك الجنسيين، وهو سياسة العقاب الجماعى التى رفضتها مصر وطالبت بأن يقتصر الحساب على المذنبين لعدم استغلال القرار للتشهير بقوات حفظ السلام والدول المساهمة بها. ليس هذا فحسب بل أن وفقا للقرار فمن حق الأمين العام وحده دون غيره استبعاد تلك الدولة تماما من عمليات حفظ السلام إذا رأى أن سلطات هذا البلد لم تتخذ إجراءات عقابية مناسبة تجاه جنوده المذنبين وإذا لم يبلغ الأمين العام بسير التحقيقات والتقدم المحرز فيه، ولم يضع القرار أى ضوابط وحدود لتلك الإجراءات العقابية وهو ما يوسع سلطات الأمين العام على الدول المشاركة فى قوات حفظ السلام دون مراقب.

طلبات مصر تجاه القرار كانت منطقية ولا تحتمل التأويل حيث قامت بإدراج تعديلات محددة على إجراءات التحقق من الجرائم من خلال أدلة دامغة لعدم استغلال أى شبهات لتشويه وتلطيخ سمعة جيوش وبلدان تمد الأمم المتحدة بجنود لقوات حفظ السلام، وهو ما سيكون له بالغ الأثر السلبى عليها.

كما أنها رأت أن أول قرار يصدره المجلس لمواجهة مثل هذه الجرائم البشعة مر دون إجراء مناقشة واسعة حوله، لاسيما مع البلدان المساهمة فعليا بقوات حفظ السلام، فمعظمها ليست أعضاء فى مجلس الأمن، وبالتالى ليس لديها الفرصة للمشاركة فى صياغة القرار أو التصويت لصالحه على الرغم من كونها المتأثر الأول من اعتماده.

فبالنظر إلى خريطة الدول المشاركة فى قوات حفظ السلام نجد أن أمريكا التى قادت التصويت على القرار لا تشارك سوى بـ76 فرد، فى حين تحتل دول أفريقيا والعالم العربى التى لم يتم الاستماع إلى وجهات نظرها فى المقدمة، فعلى سبيل المثال المغرب مشاركة بـ 2287 فرد والأردن بـ 1585 فرد وتونس 235 فرد وتشاد 1489 فرد واثيوبيا 8326 فرد وكينيا 1230 فرد وغانا 3193 فرد والكاميرون 1363فرد.

والموقف المصرى ضد القرار ليس الوحيد داخل مجلس الأمن حيث كان هناك أربع دول عارضته خلال المناقشات هى روسيا والصين وفنزويلا وأنجولا وأيدت للوهلة الأولى التعديل المصرى، قبل أن تتحول لتأييد المشروع الأمريكى، بل واعتبرت روسيا أيضا أن الأمر ليس من اختصاص مجلس الأمن لعدم شموله كل الدول المساهمة بقوات حفظ السلام.

مصر وضعت على أجندتها عند دخول المجلس منظومة قوات حفظ السلام وتطويرها باعتبارها من أكبر الدول المساهمة بها حيث تشارك بـ 2787 فرد وبالتالى فليس من المعقول أن تتواطأ على جريمة بشعة مثل هذه تشوه صورة تلك القوات وتقضى على مهمتها الإنسانية إلا أنها تريد تنفيذ الآليات المناسبة لمكافحة الاعتداء الجنسى على أساس مبادئ العدالة والحفاظ على دور الجمعية العامة للأمم المتحدة.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;