"خصم 10% على فاتورتك للدواء المصرى، و8% على الدواء المستورد"، أصبحت تلك أكثر الأساليب التى تنتهجها بعض الصيدليات، لجذب عدد أكبر من العملاء لها، لزيادة ربحيتها، رغم أن ذلك يعد مخالفة صريحة للتسعير الإجبارى للدواء فى مصر، وقانون مزاولة مهنة الصيدلة، ناهيك عن أنه بفتح باب للشك حول مصدر جلب تلك الصيدليات للأدوية التى تروج لها بالخصم.
الدكتور على عبدالله، مدير مركز البحوث والدراسات الدوائية والإحصاء، وصف تقديم صيدليات لخصومات بالتزامن مع ضعف أرباح الصيدليات، بالإزدواجية لدى أصحاب تلك الصيدليات، قائلا: كيف لصيدلى يشكو من عدم تحقيق أرباح بصيدليته، ومع ذلك نجده يعلن عن خصم للتعاقد مع أى مؤسسات فى مشروعات العلاج، فى حين أن أفضل الخصومات مع شركات الأدوية تصل إلى 20%، أى أنها نسبة ليست كبيرة تسمح له بالتنازل عنها بالخصومات.
أوضح عبدالله، فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"،: تقديم الخصومات بالصيدليات، له عدة تفسيرات، منها: أن الدواء يصل لتلك الصيدلية بطرق غير شرعية أو ملتوية، وبالتالى يحصل على خصومات من الشركات قد تصل إلى 30%، أما الصيدليات التى تعلن عن تعاقدات وخصم فمن الممكن أنها تحصل على الدواء بشكل غير طبيعى، أو ليس من الشركات بشكل مباشر، وإما صيادلة لديهم قدرة شرائية عالية، وبالتالى يحصلون على الدواء من شرائح كبيرة، ومن المتعارف أنه كلما زادت الشريحة الشرائية ارتفعت الربحية، خاصة أن ليس أى صيدلية لديها القدرة على تنفيذ ذلك، إلا إذا كان صيدلى قليل الخبرة، محدود الذكاء، وكان لديه اعتقاد بأنه فى حال التنازل عن ربحيته، سيجلب زبائن أكثر لصيدليته، وإنما تلك الأمور بالخبرة تكشف أنه إجراء خاطئ، وغير قانونى".
وأشار إلى أنه على نقابة الصيادلة، اتخاذ إجراءات ضد كل من يعلن عن خصم على الأدوية، مشيرا إلى أن القانون حدد أنه فى حال إجراء صيدلية لتعاقد، لابد من وجود النقابة كطرف ثالث فى هذا التعاقد، إلا أنه دائما لا تسمح يتم بين طرفين فقط، كما أنه من المفترض أن يكون التعاقد مقابل خدمة وليس خصم فى الأسعار، وطالما هناك تعاقد بين طرفين فقط فذلك يعد مخالفة مهنية لاعتمادهم على الخصم.
ووافقه فى الرأى، الدكتور محفوظ رمزى، عضو مجلس نقابة الصيادلة الفرعية بالقاهرة، رئيس لجنة صناعة الدواء، والذى أكد فى تصريحاته لـ"انفراد"، أن الخصم ضد قانون مزاولة الصيدلة، موضحا أن القانون فى مادته رقم 9 نص على منع المضاربة بين الصيدليات، مما يعد ذلك إجراء ضد آداب المهنة، وأى صيدلية تعلن عن خصم يمكن اعتبار ذلك عملية "غسيل أموال"، لأن خصم الصيدلى محدد وبالكاد الصيدليات تجلب مكسبها، فمثلا إذا وجدنا صيدلية تصرف على ديكورها مليون جنيه، وتدفع إيجار شهرى بالألاف، وتعلن عن خصم 15% على الأدوية، مما يعنى أنه سيحصل فقط على 5% من ربحه، والتى سيدفعها كمرتبات للصيدلة العاملين لديه، وبالتالى لابد من الشك فى مصدر أمواله.
وتابع محفوظ: وإلا فإن تلك الصيدلية تبيع دواء مهرب غير معلوم مصدره، كالأدوية التركية التى يتم الترويج لها فى السوق حاليا، رغم صعوبة خروج الدواء التركى من دولته، لتطبيقها نظام التأمين الصحى الشامل، وبالتالى هناك رقابة حازمة على كل عبوة دواء تخرج من الصيدليات"، مشيرا إلى أن سوق الدواء يحتاج إلى رقابة خاصة أن هناك أكشاك بدأت فى بيع الأدوية المهربة، وعيادات الأطباء التى تروج للأدوية المهربة أيضا.
فى سياق مُتصل: قال الدكتور صبحى الكردى، أمين صندوق نقابة الصيادلة الفرعية بالجيزة، رئيس لجنة الصيدليات،: القانون واضح وصريح، لكن هناك بعض المخالفات تتم، المفروض أن الدواء مسعر جبريا، ونسبة ربح الصيدلى مضافة به أيضا جبريا، فى المحلى 20%، والمستورد 10%، وأى صيدلى يعلن عن خصومات يضع جودة الدواء على المحك، خاصة أن تلك التعاقدات مع الصيدليات تؤدى إلى عشوائية فى سوق الدواء، لأنها تحدث بين الشركات والصيدليات من الباطن، دون وجود النقابة فى تلك التعاقدات، والتى فى الأغلب يقبل عليها سلاسل الصيدليات، مع المؤسسات، مع تقديم خصومات تتراوح من 10 إلى 15%، فى حين أن ربح الصيدلى 20%، من بينهم 2% ضرائب، و5% عمالة وكهرباء، وبالتالى يبقى له 3%، وهى نسبة من الصعب أن يقبلها صيدلى أو تكفى حاجته".
واستطرد كردى، لـ"انفراد"، أن تلك الخصومات فى الأغلب يتم تعويضها بطرق غير شرعية، إما غش المريض من خلال صرف عبوتين بدلا من 3 عبوات مثلا، أو ترويج أدوية غير مرخص بها من وزارة الصحة، وبالتالى يكون عليها خصومات مرتفعة، فلا يمكن أن يقبل صيدلى عمل تعاقد معه بأقل من 20%، خاصة أن أغلبهم يتم صرفه على المصروفات من إيجارات ومرتبات عمالة.
وقال: أى صيدلية تقدم خصومات، لازم أشك فى أدويتها، لأن الدواء له 3 مراحل للحفاظ على جودته، والحفاظ عليه بنسبة 100%، فمن الممكن أن يحصل المريض على عبوة أنسولين شكلها جيد جدا، ومن الداخل لونه أو شكله لا يتغير نتيجة سوء التخزين، إلا أن المهرب للأنسولين من الخارج، لم يلتزم بدرجة الحرارة المقررة له، وبالتالى ظروف التخزين السيئة تغير من خواصه، لكنه يبيعه بخصومات فى الصيدليات، هذا بجانب أننا نجد صيدليات تعلن عن تقديم عبوة هدية حال شراء المريض عبوتين من أى دواء، وذلك يعنى وجود تهرب ضرائبى، فكيف ستتحاسب الدولة مع الصيدلى على العبوة الثالثة؟، مؤكدا أن المضاربة بين الصيدليات، إجراء غير قانونى.
من ناحيته، قال الدكتور محى عبيد، نقيب الصيادلة، أن المنظومة الدوائية وقوانينها وإمكانياتها تحتاج إلى "النسف" وإعادة الهيكلة، مشيرا إلى ضرورة إصلاح المنظومة، ومحاربة بيع الدواء مجهول المصدر المغشوش والمهرب فى عيادات ومراكز الأطباء، وتصحيح مسار بيع الدواء، وتوحيد مصدر المواد الخام للدواء، مشيرا إلى أن النقابة ستتقدم بمقترح لعمل بروتوكول تعاون مع وزارة الصحة لمساعدة التفتيش الصيدلى فى محاربة الدخلاء على مهنة الصيدلة، والصيدليات التى تخالف آداب المهنة وتقدم خصومات على الدواء وهو ما يؤثر على سلامة مصدر الدواء.
وأوضح الدكتور أحمد هلال، عضو مجلس النقابة العامة للصيادلة، رئيس لجنة محاربة الدخلاء، لـ"انفراد"، أن إجراء صيدليات لخصومات تضر باقى الصيدليات، وبناءا على لائحة النقابة يتم إحالته للتحقيق فى النقابة العامة، ويتم تطبيق لوائح المهنة عليه، لافتا إلى أن الإحالة للتحقيق تحتاج إلى شكاوى، مشيرا إلى أن أى إجراءات عقابية أو تنفيذية منوط بها التفتيش الصيدلى بوزارة الصحة، لذا فإن النقابة تعمل على إعداد بروتوكول للتعاون مع التفتيش لتنفيذ العقوبات على الصيادلة المخالفين.