بعد زيارة بوتين لألمانيا.. هل نجحت موسكو فى إنهاء حقبة "روسيا المنبوذة" رغم عقوبات واشنطن؟.. ترامب كشف عوار الغرب فى التعامل مع موسكو فى هلسنكى.. والدب الروسى يحظى بدعم حلفاء أمريكا بعد صعود القوميين

الزيارة الأخيرة التى قام بها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إلى العاصمة الألمانية برلين السبت الماضى، ربما لم تؤد إلى اتفاقات واضحة حول القضايا الخلافية، وعلى رأسها الأزمة السورية أو القضية الأوكرانية، إلا أنها تحمل فى طياتها العديد من الرسائل، التى تدور فى مجملها أن روسيا أصبحت تحظى بإجماع دولى حول كونها قوة دولية بارزة لا يمكن تجاهلها بأى حال من الأحوال، فى المرحلة الراهنة، ليس فقط بسبب الدور البارز الذى دفعها نحو مزاحمة النفوذ المطلق الذى تحظى به الولايات المتحدة منذ عقود، وإنما تعكس الدعم الدولى الذى أصبحت تتمتع به موسكو، فى ظل الفشل الأمريكى المتوالى فى قيادة العالم نحو الاستقرار. ولا يقتصر الدعم الذى أصبحت تحظى به روسيا على بعض القوى الإقليمية، التى ينظر إليها قطاع كبير من المجتمع الدولى على أنها "مارقة"، أو الخارجة عن فلك النفوذ الأمريكى، وإنما امتد إلى مناطق التأثير التى تعتبرها الولايات المتحدة عمقا استراتيجيا لها، وهو الأمر الذى اعترف به الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مرارا وتكرارا، حيث أكد فى عدة تصريحات، منذ حملته الانتخابية فى 2016، إلى حاجة واشنطن للعمل جنبا إلى جنب مع موسكو، وهو ما اعتبره البعض علامة فارقة فى تاريخ العلاقة بين البلدين، وتنازلا أمريكيا صريحا عن القيادة الأحادية للعالم لصالح الاعتراف بمكانة روسيا الدولية. قمة هلسنكى.. ترامب كشف عوار الغرب فى التعامل مع روسيا ولعل القمة الأخيرة التى عقدها ترامب مع بوتين فى هلسنكى، الشهر الماضى، ودعوته للرئيس الروسى لزيارة واشنطن، تمثل دليلا دامغا على المنحى المختلف الذى اتخذته الإدارة الأمريكية، والتى دأبت طيلة سنوات طويلة على تجاهل موسكو، وهو ما بدا واضحا خلال حقبة الرئيس جورج بوش، والذى تجاهل روسيا فى العديد من القرارات التى اتخذتها إدارته، وعلى رأسها الحرب على العراق فى 2003، وذلك بالرغم من الدعم الذى قدمه بوتين للولايات المتحدة قبل ذلك بعامين، عندما فتح الأراضى الروسية لقوات التحالف الدولى للمرور منها إلى أفغانستان فى 2001، فى إطار حربها ضد تنظيم القاعدة، وهو الأمر الذى امتد خلال حقبة الرئيس السابق باراك أوباما. ولعل تصريح ترامب، والذى ألقى فيه باللوم على الإدارات السابقة وبعض الأجهزة والمؤسسات فى الداخل الأمريكى فى توتر العلاقة مع موسكو، على هامش قمة هلسنكى، والذى أدى إلى العديد من الاتهامات التى لاحقته والتى تصل إلى حد اتهام البعض لترامب بالعمالة لصالح موسكو، يمثل إشارة واضحة لرؤيته بأن الولايات المتحدة فشلت فى استغلال فرص محققة للتواصل مع روسيا والوصول إلى أرضية مشتركة معها فيما يتعلق بالعديد من القضايا الدولية، بدلا من الصراع معها، والذى أدى فى النهاية إلى تهديد المصالح الأمريكية فى العديد من مناطق العالم. صعود القوميين بأوروبا.. هل أنهى حقبة "روسيا المنبوذة دوليا"؟ وتعد الرؤية المشتركة بين ترامب وبوتين فيما يتعلق بالعديد من الكيانات والقضايا الدولية، وعلى رأسها موقفهما من الاتحاد الأوروبى والناتو وغيرها، تمثل أحد أسباب التقارب الأمريكى مع روسيا، إلا أنها ليست السبب الوحيد، حيث يبقى نجاح روسيا فى استقطاب قطاع كبير من القوى الدولية والإقليمية فى مختلف أنحاء العالم، ومن بينهم حلفاء للولايات المتحدة، هو السبب الرئيسى فى الرضوخ الأمريكى، حيث نجحت موسكو فى تحسين علاقتها مع عدد من حلفاء واشنطن المقربين، سواء فى الشرق الأوسط أو آسيا أو حتى فى أوروبا، وهو الأمر الذى يؤهل روسيا للقيام بدور أكبر فى المرحلة المقبلة. وربما كان التزامن بين صعود ترامب ذى الاتجاهات اليمينية إلى البيت الأبيض، والعديد من الأحزاب القومية إلى سدة السلطة فى أوروبا، أحد أهم المؤشرات على نهاية حقبة "روسيا المنبوذة دوليا" والتى سادت منذ نهاية الحرب الباردة، خاصة مع مطالبات العديد من الحكومات اليمينية فى أوروبا إلى إنهاء العقوبات المفروضة على موسكو، بالإضافة إلى إعادتها إلى المنظمات التى تم تجميد عضويتها بها، وعلى رأسها مجموعة السبع. ولعل المطالبة التى رفعتها الولايات المتحدة وإيطاليا خلال قمة مجموعة السبع الأخيرة، والتى عقدت فى يونيو الماضى فى كندا، بإعادة روسيا إلى المنظمة دليلا دامغا على الدعم الدولى الذى أصبحت تحظى به روسيا، رغم الضجة التى أثارتها تلك المطالبة بين دول المعسكر الغربى القديم، وعلى رأسها فرنسا وألمانيا، واللذان يسعيان نحو قيادة الاتحاد الأوروبى. رسالة بوتين.. روسيا تجنى ثمار دبلوماسيتها وهنا تكمن أهمية الزيارة التى قام بها بوتين إلى برلين، هذا الأسبوع، حيث أنها تقدم رسالة واضحة مفادها أن موسكو خرجت بالفعل من عزلتها الدولية وبدأت جنى ثمار دبلوماسيتها التى دأبت عليها منذ صعود بوتين إلى الكريملين لأول مرة فى عام 2000، خاصة وأن ألمانيا ومستشارتها أنجيلا ميركل، كانا أكبر حلفاء أوباما، والذى كان يحمل موقفا مناوئا للدور الروسى بشكل كبير وذلك بالرغم من العقوبات التى فرضتها إدارة ترامب عليها فى الأيام الماضية على خلفية تسميم العميل الروسى سيرجى سكريبال فى مارس الماضى، وهى العقوبات التى يغلب عليها طابع الدعاية، فى ظل الاتهامات التى تلاحق الإدارة الحالية بالعمالة لصالح روسيا. كما أن الزيارة تعكس أن ألمانيا ربما لا تملك الكثير من أوراق المناورة فى التعامل مع الدب الروسى فى المرحلة الراهنة، بعدما غاب الدعم الأمريكى عنها، برحيل أوباما، وقدوم ترامب، الذى اتخذ إجراءات جمركية تجاه دول الاتحاد الأوروبى، ربما تزيد بصورة كبيرة من حاجة الألمان إلى روسيا فى المرحلة المقبلة، بالإضافة إلى التطورات الكبيرة فى الداخل الألمانى، والتى تجلت بوضوح فى الانتخابات الألمانية الأخيرة، والتى أظهرت تصاعد شعبية اليمينيين والقوميين بصورة كبيرة، وبالتالى ربما لا تجد ميركل سبيلا سوى إنهاء موقفها العدوانى من موسكو، والعمل على التكيف مع الواقع الدولى الجديد.








الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;