بعد إطاحة البرلمان الإيرانى بوزيرى الاقتصاد والمالية، جراء الأوضاع الملتهبة فى الداخل والاحتجاجات على سياسات الحكومة الاقتصادية، وتهاوى سعر العملة الوطنية، يستعد البرلمان الإيرانى غدا لاستجواب الرئيس حسن روحانى، الذى يتمسك بالسلطة وسط تعرضه لانتقادات واسعه وهجوم من جميع الجهات.. المحافظون والإصلاحيون والشارع.
وفى سابقة هى الأولى استدعى البرلمان روحانى للمثول أمامه، ومواجهة أسئلة حول انهيار قيمة العملة الإيرانية وارتفاع نسبة البطالة وتفشى الفساد، كما حجب البرلمان الثقة عن وزيرى الاقتصاد والمالية، ليس هذا فحسب بل يسعى إلى الإطاحة بآخرين.
يذكر أن البرلمان يتمتع بالسلطة لعزل روحانى نفسه، رغم أنه محمى بواقع أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله على خامنئى قال إن الرئيس يجب أن يكمل ولايته حتى 2021 رغم انتقاداته القاسية لسياساته.
فى وقت أضر انسحاب واشنطن من الاتفاق النووى بين إيران والقوى الكبرى المبرم فى 2015 وكذلك إعادة فرض العقوبات الأمريكية، بالاقتصاد الإيرانى، ويقول معارضون أنه كشف اخفاقات خلال السنوات الخمس التى حكم فيها روحانى البلاد.
المحافظون يدعمون الرئيس الإيرانى
رغم الآفاق القاتمة أمام الرئيس الإيرانى، إلا أن روحانى لا يزال يتمتع بدعم من المحافظين المعتدلين وبينهم رئيس البرلمان القوى على لاريجانى، ولكن العديد من أطراف المؤسسة المتشددة يعارضون مفاوضاته مع الغرب ويشعرون بالسرور للمتاعب التى يتعرض لها الاتفاق النووى.
قاد هؤلاء الهجوم ضد حكومة روحانى ويسعون الاثنين، إلى الحصول على ما يكفى من الأصوات لبدء إجراءات عزل وزيرى الصناعة والنقل.
من جهته صرح الصحفى السياسى فيرشيته صديقى "أفضل نتيجة بالنسبة لهم هو رئيس عاجز لأن ذلك يزيد فرصهم فى (الانتخابات المقبلة) 2021".
مخاوف لدى الإصلاحيين بسبب ارتباطهم بروحانى
أما بالنسبة للإصلاحيين فقد لعبوا دورا كبيرا فى نجاح روحانى فى الانتخابات فى 2013 و2017، ويعتبرونه أفضل خيار لهم بعد قمع الحركة عقب الاحتجاجات الواسعة فى 2009، ولكن روحانى لم يفِ بوعوده فى تعزيز الحريات المدنية وخصوصا وعده بالإفراج عن المعتقلين السياسيين وخفض الرقابة.
ويخشى الإصلاحيون الآن أن يشوه ارتباطهم بروحانى صورتهم، كما أن عدداً منهم انشقوا عن الصفوف وانتقدوا أداء حكومته.
وقال النائب الاصلاحى الياس حضرتى أثناء تصويته لصالح عزل وزير الاقتصاد مسعود كارباسيان الأحد "ماذا فعلنا بالأمة؟. لقد جعلناهم بؤساء تعسين".
وقال كليمنت ثيرمى المختص فى الشؤون الايرانية فى المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية "لا أحد يعتقد أن روحانى سيصلح أى شىء بعد الآن. إنه مجرد أداة فى يد النظام يبدو كأنه يعالج مطالب الشعب للتغيير بدون أن يغير أى شىء فى الواقع".
الشارع الإيرانى يشعر بخيبة أمل
فاز روحانى مرتين فى الانتخابات الرئاسية بسبب الدعم الشعبى، ورغم أن مجلس الخبراء حظر مشاركة جميع المرشحين تقريباً، إلا أن الشارع كان متحمساً فعلا لخطط روحانى لإعادة بناء الموقف الإيرانى الخارجى واستقطاب الاستثمارات.
ولأن الجزء الرئيسى من استراتيجيته وهو الاتفاق النووى، معرض للانهيار، فقد أصبح الشعور بخيبة الأمل واضحاً الآن فى شوارع طهران، ويحاول العديد من الإيرانيين الأثرياء مغادرة البلاد بينما شهدت المناطق الأكثر فقراً إضرابات واحتجاجات منتظمة منخفضة المستوى تحولت إلى العنف فى بعض الأحيان.
وارتفعت أسعار السلع الأساسية بسرعة، وسيأتى الأسوأ عندما تعيد الولايات المتحدة فرض عقوباتها على قطاع النفط الحيوى فى إيران فى نوفمبر.
وفى ضوء ذلك يقول ثيرمى إن مشاكل روحانى تعكس تناقضا فى الجمهورية الاسلامية، فالانتخابات ضرورية لشرعيتها، ولكن الشعب الإيرانى صوت من أجل الإصلاحات التى لم تنفذ، مضيفا "المرشد الأعلى يدعم إنهاء روحانى فترة رئاسته الثانية لأنه يريد الاستقرار"، "ولكنه يعتقد أنه إذا نفذ روحانى سياساته فإن ذلك يعنى نهاية النظام" وخصوصا فتح البلاد لـ"غزو" الحضارة الغربية.
وأوضح أنه من المرجح أكثر الآن أن روحانى سيتبع طريق الرئيسين السابقين محمد خاتمى ومحمود احمدى نجاد اللذين اسكتتهما المؤسسة، بعد تردد حديث أن روحانى قد يخلف خامنئى.
وعقب الصحفى السياسى صديقى وقال"لا يمكنه أن يفعل أى شىء. يداه مكبلتان. سيكون التركيز كله منصبا الأن على 2021".