"أليس ظلما أن تعلن حالة الطوارئ على كافة أنشطتك العقلية، وتفرض حظر التجول على كل من هم يعيشون حولك، وتظل وقتا ليس بالقليل فى تغذية عقلك بما هو مطلوب للتعامل مع أسئلة الثانوية العامة التى يصفها الكثيرون بأنها "حربا تعليمية"، وعندما تحقق انتصارك المرجو فى هذه الحرب غير الرحيمة وتحصل على مجموع يجعل ترتيبك عاليا بين قرنائك لتكن واحدا من أوائل محافظتك وإن لم يحالفك الحظ لتكون واحدا من أوائل الجمهورية، فتفاجئ بأن قيودا فرضها التوزيع الجغرافى تمنعك من تحقيق حلمك والالتحاق بإحدى كليات العاصمة لا لشئ إلا لأنك أحد سكان محافظة إقليمية سواء بالصعيد أو وجه بحرى.
شكاوى من طلاب بالمحافظات للالتحاق بالإعلام والسياسة والاقتصاد جامعة القاهرة
فى بداية موسم التنسيق ومع انطلاق أعمال المرحلة الأولى من تنسيق القبول بالجامعات، اشتكى عدد ليس بالقليل من أوائل المحافظات الذين رغبوا فى الالتحاق بكليتى الإعلام والاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة باعتبارهما كليتان رائدتان فى مجالهما مقارنة بالكلية المناظرة لهما فى المحافظات، من تعنت قواعد التوزيع الجغرافى الذى تفرضه وزارة التعليم العالى والبحث العلمى من خلال مكتب التنسيق، مؤكدين أنه لابد أن تتاح لهم مميزات الالتحاق بكليات القاهرة خاصة بعد ما لاقوه من جهد وعرق فى الحصول على هذا المجموع.
وزارة التعليم العالى تعد بحل وتتناسى المشكلة
من جانبه، وجه الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، عندما عرض عليه الأمر بحضور عدد من قيادات الوزارة والصحفيين، بإيجاد حلا لهذه المشكلة التى وصفها حينها بـ"الصغيرة وسهلة الحل"، بحل الأمر وإيجاد مخرج لمطالب هذه الشريحة من الطلاب لقتل شعورهم بالغضب من هذا النظام الجغرافى، إلا أن الوزارة والوزير تناسيا هذه المشكلة وسط زحمة التنسيق ولم يتابع أى شخص مطالب هؤلاء الطلاب مما أدى إلى قيد الطلاب المذكورين فى كليات مناظرة لهذه الكليات فى محافظاتهم أو محافظات قريبة منهم منصاعين لقواعد التوزيع الجغرافى التى وصفها كثير منهم بـ"الظالمة" لأنهم حصلوا على مجاميع تفوق طلاب القاهرة الذين التحقوا بهذه الكليات الرائدة.
صورة- جامعة القاهرة
رئيس جامعة القاهرة: لابد من مراعاة الاستقرار الأسرى
وعلق الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، الذى قدم 180 منحة شاملة للطلاب الأوائل بالثانوية العامة للدراسة بكليات الجامعة المختلفة، على الظلم الذى يقع على طلاب الأقاليم وحرمانهم من كليات القاهرة الرائدة بسبب قواعد التوزيع الجغرافى، مؤكدا أن هناك ضرورة لمراعاة عدة عوامل فى هذا الأمر وأولها مسألة الاستقرار الأسرى للطالب التى وصفها بـ"المهمة" فى عملية التفوق الدراسى، موضحا أن الطالب الذى ينقل من مكان لمكان آخر يقابل صعوبات فى التقدم بحياته العملية.
وأضاف الخشت، فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، أن جامعة القاهرة قدمت 180 منحة دراسية شاملة للأوائل بالثانوية العامة، مؤكدا أنه تقابل مع عدد منهم ونصحهم بدخول برامج تتلاءم مع قدرتهم لعدم مواجهة مشاكل فى هذا الأمر، مؤكدا أن هناك مشكلة أخرى تتمثل فى قلة عدد الطلاب الملتحقين بجامعات الأقاليم الصغرى، قائلا: "الكثافة كلها فى القاهرة الكبرى حلوان وعين شمس والقاهرة وهناك جامعات بها عدد طلاب قليل جدا مقارنة بالجامعات الكبرى والتكدس يضر بالعملية التعليمية".
عبد الله سرور: التوزيع الجغرافى به عيوب قاتلة
وأوضح الدكتور عبد الله سرور، وكيل مؤسسى نقابة علماء مصر بالجامعات المصرية، أن التوزيع الجغرافى به عيوب قاتلة حيث إنه ينظر إلى جميع الطلاب على أنهم متساوون دون أن يضع فى اعتباره التفوق العلمى والتميز الشخصى، قائلا: "الطالب المتفوق ينبغى أن تفتح أمامه جميع الأبواب دون أى قيود والطالب المتميز أو الموهوب ينبغى أن يتجاوز النظام عن القيود التى توضع أمامه".
وأشار سرور، أن التوزيع الجغرافى فى الأصل كان له سببان الأول التيسير على طلاب المحافظات المختلفة للبقاء فى محافظاتهم متى كان ذلك ممكنا كما حدث فى كليات التربية، والسبب الثانى فهو سبب أمنى لمنع طلاب المحافظات من الالتحاق بكليات معينة تمثل قلقا أمنيا كما حدث مع كلية دار العلوم فتم إنشاء عدد من كليات دار العلوم فى الصعيد والوجه البحرى حتى لا يأتى الطلاب إلى القاهرة وهو ما تسبب من قبل فى تجمع الإخوان فى دار العلوم بجامعة القاهرة مما أضر بالمنظومة كاملة.
وتابع سرور: "نؤكد أن هذا النظام ضد رغبات الكثير من الطلاب وضد حقهم المشروع فى التميز والتفوق، والحل هو استثناء المتفوقين من هذا النظام والطلاب الذين يحصلون على مجاميع معينة لا يخضعون لهذا النوع من التنسيق ويذهبون لأى كلية يريدونها إضافة إلى التغييرات المرتقبة فى نظام التنسيق نفسه خلال الأعوام المقبلة.
صورة - وزير التعليم العالىخالد عبد الغفار
محمد كمال: التوزيع الجغرافى يحمل التمييز العنصرى فى طياته
وقال الدكتور محمد كمال، أستاذ الأخلاق والقيم بجامعة كفر الشيخ، إن هناك كليات تمثل حلما للطلاب للالتحاق بها مثل بعض الكليات جامعة القاهرة كالإعلام والاقتصاد ورغم إنشاء كليات مناظرة فى جامعات أخرى إلا أنها أقل فى المستوى والتاريخ مما جعل بعض الكليات فى القاهرة حلما للطلاب المتفوقين الذين يحرمون من الالتحاق بها لمجرد أنهم يقيمون فى محافظات أخرى بينما يلتحق بها من هم أقل منهم فى المجموع مما يمثل تمييزا عنصريا ضد هؤلاء الطلاب المتفوقون لمجرد أنهم يقيمون فى الصعيد أو الوجه البحرى.
واستكمل: "حلت جامعة القاهرة هذه الأزمة جزئيا هذا العام حين قدم رئيس الجامعة 180 منحة مجانية كاملة للطلاب الأوائل على الشعب الثلاث بالثانوية العامة للالتحاق بأى كلية يريدونها بالجامعة وهى خطوة ضد التمييز وتكريما لهؤلاء الطلاب المتفوقين"، موضحا أن الحل الأمثل هنا هو إلغاء التوزيع الجغرافى للطلاب مع توافر الإقامة فى المدن الجامعية وهو ما يتطلب زيادة الميزانية المخصصة للجامعة فى هذا الصدد.