فى زيارة تاريخية استمرت 3 أيام، لكسر جمود سياسى فى العلاقات بين إسرائيل وجنوب إفريقيا دام لحوالى 10 سنوات لم تطأ فيها قدم أى مسئول إسرائيلى الأراضى الجنوب إفريقية، والتقى المدير العام لوزارة الخارجية دورى جولد، مؤخرا بعدد من المسئولين هناك فى محاولة منه لتحسين العلاقات المتوترة بينهما.
ووفقا لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن جولد أكد أن إسرائيل وجنوب أفريقيا تتقدم بخطوات بطيئة ولكن ثابتة نحو تحسين التعاون الثنائى بينهما، مشيرة إلى أن رحلته إلى جنوب أفريقيا التى تعتبر حكومتها من أشد المنتقدين لإسرائيل، والبلد الأم لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على تل أبيب، كانت الزيارة الأولى التى يقوم بها مسئول دبلوماسى إسرائيلى فى رتبته منذ 10 سنوات.
زيارات دورى جولد بجنوب إفريقيا
وقالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلية، أن جولد، المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، قد التقى خلال الزيارة بنظيره فى "بريتوريا"، جيرى ماتجيلا، وقام بزيارة جامعة "ويتووترساند" ومنزل الزعيم الراحل "نلسون مانديلا" فى "سويتو"، والتقى أيضا بزعماء مسيحيين ويهود.
وقال جولد، فى تصريحات خاصة للصحيفة الإسرائيلية، "هذه اللقاءات كانت بداية هامة للغاية، ولكن ستكون لدينا علاقة مختلفة كليا هو أمر سابق لأوانه، ولكن كان هناك استعداد لسماع أقوالنا"، مضيفا: "هناك احتمال، الآن، كل شىء يتعلق بالمتابعة".
التهرب من دعم نظام الفصل العنصرى "الأبارتهايد"
وزعم جولد خلال لقاءاته المتعددة، وفا للصحيفة الإسرائيلية، أن الكثير من اليهود شاركوا فى صراع "المؤتمر الوطنى الأفريقى" ضد نظام الفصل العنصرى "الأبارتهايد"، أملا منه بأن يزيد ذلك من التضامن مع تل أبيب.
وقال جولد: "قلت أن علينا أن نفهم روايات بعضنا البعض"، مضيفا أنه تعمد زيارة أماكن معينة لتكريم صراع البلاد ضد نظام الفصل العنصرى، مثل مزرعة "ليليسليف"، حيث اختبأ مانديلا وتم اعتقال 19 آخرين من قبل سلطات جنوب أفريقيا فى عام 1963.
وأضاف المسئول الإسرائيلى: "هذا هام بالنسبة لهم، من المهم أننى ذهبت إلى هناك، كان ذلك لكسر الجليد، والاعتراف بأنهم كانوا محاربى حرية فى هذه الفترة، وكان من المهم بالنسبة لى محاولة البحث عن أرضية مشتركة"، مؤكدا أن حقيقة أن إسرائيل دعمت نظام الفصل العنصرى لعشرات السنوات لم يتم طرحها خلا لقاءاته.
التودد من خلال مانديلا
وقالت الصحيفة أن جولد، كتب فى سجل الزوار فى بيت مانديلا فى سويتو، "نحن اليهود نفهم ضمنيا الصراع من أجل الحرية الذى قاده نلسون هنا، بالنسبة لنا، الصهيونية هى حركة تحرير وطنية للشعب اليهودى"، على حد زعمه.
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أنه خلال زيارته، اتفق الاثنان على تعزيز التعاون فى عدة مجالات هامة لمصالح جنوب أفريقيا الوطنية، مثل إدارة المياه والزراعة والتكنولوجيا.
وقال سفير إسرائيل لدى جنوب أفريقيا، آرثر لينك، للصحيفة الإسرائيلية: "وافقنا على الدفع بهذه المسائل من خلال زيادة الحوار بين الحكومتين، سواء فى جنوب أفريقيا أو فى إسرائيل"، مضيفا، "آمل بأن نتحرك قدما بهذا التعاون فى الأسابيع والأشهر القادمة".
وأشارت الصحيفة إلى أن "مجلس النواب اليهودى الجنوب أفريقى" رحب بقرار الحكومتين التعاون فى مجالات تعود بالمنفعة على السكان المحليين، حيث قال جيف كاتس، رئيس المجلس: "نحن نشجع على مزيد من التعاون فى المستقبل"، لافتة إلى أن زيارة جولد جاءت وسط جهود يبذلها نتنياهو لتعزيز العلاقات مع أفريقيا.
تصريحات نتنياهو حول إفريقيا
وكان قد صرح نتنياهو خلال حفل إطلاق تكتل سياسى جديد فى الكنيست لتعزيز العلاقات الإسرائيلية - الأفريقية، مؤخرا: "إسرائيل عائدة إلى أفريقيا، وأفريقيا عائدة إلى إسرائيل، أن ذلك يحدث بصورة كبيرة"، مضيفا: يحدث ذلك لأنه من الواضح أن ذلك جيد لأفريقيا وكذلك جيد لإسرائيل".
وأعلن نتنياهو، فى وقت سابق، عن عزمه السفر إلى عدد من الدول الأفريقية هذا الصيف، فى ما ستكون الزيارة الأولى لزعيم إسرائيلى للقارة منذ 50 عاما، لكن من غير المتوقع أن يقوم بزيارة جنوب أفريقيا.
وقال جولد، "تلقى إسرائيل اليوم استقبالا جيدا فى أجزاء عديدة من الشرق الأوسط، بين البلدان العربية السنية"، مضيفا: "إذا كان بإمكان إسرائيل الذهاب إلى دولة خليجية، لا يمكنها الذهاب إلى جنوب أفريقيا؟ أعتقد أن البيئة آخذة بالتغير بطرق عديدة، وهم يدركون ذلك".
توتر فى العلاقات
وتشهد العلاقات بين تل أبيب وبريتوريا توترا شديدا بسبب انتقادات جنوب إفريقيا لسياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، ففى أكتوبر الماضى، استضاف "المؤتمر الوطنى الأفريقى" – الحزب الحاكم فى البلاد – وفدا رفيع المستوى من حركة "حماس"، ما دفع إسرائيل إلى الإعراب عن صدمتها وغضبها من تلك الخطوة.
وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية فى حيتها: "إن ودعوة المؤتمر الوطنى الأفريقى لحماس تثبت توفير ريح خلفية للإرهاب وتجأهل موقف المجتمع الدولى، الذى يعتبر حماس منظمة إرهابية، بصورة صارخة ووقحة"، على حد وصفها.
زيارة حماس لجنوب إفريقيا
وأوضحت الصحيفة العبرية أن جولد لم يطرح مسألة "حماس" خلال زيارته، كما قال، بدلا من ذلك اكتفى بتعليق عام قال فيه أن المؤتمر الوطنى الأفريقى لن يحقق شيئا من ربط نفسه بمنظمات إرهابية، "لأنكم تأتون من جذور مختلفة تماما"، مضيفا: "لم أكن هناك للبدء بتبادل الاتهامات، ولا هم أيضا. نحن ننظر إلى المستقبل".
وكان قد أكد الرئيس الجنوب أفريقى جاكوب زوما، بداية العام الجارى على حظر حزبه طويل الأمد على رحلات رفيعة المستوى إلى إسرائيل، حيث قال زوما خلال خطاب ألقاه فى 8 يناير، "نكرر بأننا لا نشجع قادة وأعضاء وممثلى المؤتمر الوطنى الأفريقى على السفر إلى إسرائيل لأغراض عمل أو ترفيه".