حقوقية: الرجل كان يفضل الفتاة المختونة حتى لا تثقله باحتياجاتها الجنسية ..داية: مش قليل تشتري شرف بنتك بـ 500 جنيه!!
ذهبت لتجري عملية إجهاض ففوجئت بالطبيب يقطع جزءا من أعضائها التناسلية دون موافقتها، قائلا لها: "عملتلك عملية ختان علشان تتعلمي الأدب بعد كدة"، ما هو إلا مشهد لا يتعدى 60 ثانية في فيلم "مذكرات مراهقة"، وعلى الرغم من صغر مدة المشهد إلا انه يكشف الكثير من الجرائم التي ترتكب في حق المرأة باسم الشرف.
"تشوية الأعضاء التناسلية للمرأة"، أو "قطع الأعضاء التناسلية للمرأة جزئيا أو كليا" هو موضوع قتل بحثا عبر وسائل الإعلام، إلا أن دخول هذا العالم السري وإجراء قصة تلفزيونية مصورة مع أطرافه الأساسية كالطبيب، الأهل، الضحية أو الزوج أمر حافل بالمخاطر وضرب من الجنون.
زجه إلى السجن وشطبه من نقابة الأطباء ومنعه من ممارسة الطب هو المصير الذي ينتظر الطبيب في حال علم أمره، طبقا لنص المادة 242 من قانون العقوبات المصري، ومعاقبة الأهل أيضا بالحبس، أما الضحية المجبورة على أمرها، فهي لا يحق لها التحدث في مثل هذه الأمور "لأنه شرف يخص العائلة ولا يخصها"، وإذا تخيلت يوما انه يخصها فإن تربيتها القائمة على الخوف ستمنعها من "فضيحة" نفسها كما أوهموها.
حكايات متنوعة رصدناها، اختلفت فيها أسماء الضحايا، إلا أنهن اجتمعن في الألم والانكسار وفشل حياتهن الزوجية، وعلى الرغم من وجود قانون يجرم هذه الجريمة، إلا أن مرتكبيها لا يزالوا طلقاء بموافقة الأهل، والضحية وحدها هي التي تدفع الثمن.
شرف البنت بـ 500 جنيه
في زقاق ضيق بإحدى المناطق العشوائية بالقاهرة الكبرى، كان يقبع منزل "أم مصطفى"، باب خشبي لمنزل قديم متهالك، قرعت الجرس، وإذ بسيدة أربعينية سمينة قصيرة القامة تظهر من خلف الباب، قائلة: "مين!!"، فأجبت: "أنا اللي جايلك من طرف أم محمد بخصوص عملية طهارة البنات وعايزة اعمل لبنتي، وأم محمد قالتلي انك شاطرة ومتمكنة".
فنظرت حولي يمينا ويسارا، وسألتني: "آمال فين الكتكوتة؟"، فقلت لها: "أنا جيت اتفق معاكي الأول على كل حاجة، وبعدين اجيبها علشان مش عايزاها تفهم، فتتعبني تاني لما اجيبها، بس أنتِ هتخدي مني كام"، فأجابت: "عملتي طيب، بصي أنا باخد 500 جنيه".
فشهقت وقلت لها: "مش كتير!! وبعدين أم محمد قالتلي انك هتكرميني، وأنا كمان هجيبلك بنات أخواتي" فأجابت: "وحياتك أنا عاملة معاكي الواجب اسألي وأنتِ تعرفي، الداية اللي جنبنا بتاخد 750، والدكاترة بياخدوا من 1000 لـ 1500 رغم انهم مبيعملوش حاجة أزيد من اللي بعملها، وبعدين مش قليل انك تشتري شرف بنتك بـ 500 جنيه!!، وعددت لي نماذج لبنات فقدوا عذريتهم لعدم طهاراتهم".
وعندما سألتها من أين حصلت على خبراتها لزيادة اطمئناني، فقالت: "اشتغلت فترة في عيادة دكتور خاصة، ولما حفظت الموضوع كله، جارتي قصدتني أدور لها على حد يعمل لبنتها، ولما قلتلها اني بعمل فرحت وعملتلها حاجة زي الفل، وبقالي 15 سنة لا حد اشتكى ولا بت بارت".
ونقلت لها قلقي إزاء ما اشاهده على التلفاز بشأن حالات النزيف المصاحبة لعمليات الختان، فقالت لي: "ديه حالة في المليون، وأنا عاملة لبناتي وزي الفل، والتلفزيون بيضحك على الناس".
واتفقت معي أن آتي لها بصحبة الفتاة في العاشرة صباح الجمعة لإجراء العملية، وبعدما اتفقنا وهممت بالرحيل، استوقفتني طالبة مني تسديد جزء من أموال العملية للتأكيد على جدية الاتفاق وشراء بعض المستلزمات الطبية كالبنج الموضعي، فحاولت الاعتذار منها بحجة عدم إحضاري المزيد من النقود، ولكن مع إصرارها منحتها خمسين جنيها.
اتصلت بها مساء الخميس ونقلت لها رفض زوجي إجراء الجراحة لابنتي لضآلة حجمها، فاخذت تدافع عن العملية وتحذرني من أن البنات يفسدون البنات، وأن العملية أفضل وسيلة للحفاظ عليها".
حسيت بكل حاجة رغم البنج
"اصعب حاجة في الدنيا انهم يدبحوكي ويحطوا ايديهم على بقك علشان يكتموا صوتك"، هكذا بدأت "س.ك"، 17 عاما، حديثها عن تجربتها المؤلمة مع الختان.
قالت: "كان عندي وقتها 16 سنة، ويومها كنت راجعة من المدرسة على البيت بقدم رجل وارجع رجل لورا، لأني كنت رايحة للدكتور وعارفة إني هيتعملي العملية ديه، لكن ما باليد حيلة، هما قالولي في البيت، لو معملتيش العملية ديه مش هينفع تتجوزي بس محدش عارف الحقيقة فين".
صمتت وكأنها لا تريد أن تنطق الكلمة، وقالت: "أمي راحت معايا، استنينا شوية لغاية ما جه دورنا كنا آخر ناس في الكشف، بعد ما الكل مشي، دخلت الأوضة كشفت عليا دكتورة النسا وجوزها دكتور الجراحة هو اللي عملي العملية".
وبألم وحسرة شديدة، أضافت: "مسكت أمي دراعي والممرضة الدراع التاني، قعدوني على سرير وميلوني لورا وفتحوا رجلي وحاولت افك إيدي منهم معرفتش حسيت وقتها اتشليت، فصرخت يمكن يرحموني بس مرحمونيش".
ثم سرت في جسدها قشعريرة جعلتها تنتفض من مكانها وتغلق عينيها، واستطردت: "رغم ان كان في بنج إلا اني حسيت بكل حاجة، حسيت بحرقان جامد جدا وان أعصابي كلها سايبة ومش عارفة اتلم عليها وبعيط بشكل غير طبيعي وإيديا متلجة جدا".
وتابعت: "أبويا كان مستنينيا برة، خدنا تُكتُك، جابولي شوكولاته، وروحت البيت قعدوني على السرير، بعدها بشوية عمي وخالي ومراتهم جم عندنا، وكل واحدة تبارك لأمي وتديها حاجة في إيديها، وأنا من جوايا بتقطع ومش قادرة انسى اللي حصلي، أنا مشفتهمش اه وهما بيعملولي العملية، بس فاكرة كل حاجة كأني شفتها بعيني، ومرحتش المدرسة يمكن أسبوع كدة، علشان مش عارفة اتحرك من مكاني".
نظرة زائغة صوب شقيقتها الصغرى التي ترتدي "مريلة" المدرسة، واستطردت: "هما عايزين يعملولها هي كمان، بس أنا هاقفلهم، ومش هخليهم يعملوا فيها اللي عملوه فيا أبدا".
استئذنت أهلها لتسجيل قصتها في التلفزيون، رفضوا بحجة انشغالها بالامتحانات، وكان مصيري الطرد خارج المنزل.
اطُلقت بسبب الختان
ينصرف المهنئون ولا يبقى سواهما في الحجرة، هو: ينزع بدلة الفرح ويرتدي ملابس النوم، ويقترب منها لتقبيلها، هي "ش.ب": تتلافاه وتنظر للأسفل، شاردة خائفة مما سيحدث فيما بعد، فلازال مشهد الختان بكل تفاصيله يعاد في ذاكرتها، يهمس في أذنها "بحبك" فتبتسم في استيحاء ممزوج بالخوف، يضع يده على يديها، فترتجف وتسحب يدها في حركة عصبية، وتخبره أنها لازالت تحرج منه وأن عليه ينتظر حتى تعتاد عليه، فينظر لها باندهاش ويوافق على مضض.
يتكرر المشهد لمدة أسبوع من زواجهم، فيأبى أن يقتنع بحجتها، فيتعامل بشدة فتصاب بتشنجات عصبية ونزيف، فيضطر لنقلها إلى المستشفى، ويطلب الطبيب منه أن يعاملها برفق، ويشرح لها أن ما تمر به زوجته هو حالة منتشرة بين السيدات المختتنات، ويتفهم ذلك في بادئ الأمر، ولكن مع تكرار سؤال أهله عن سبب تأخر إنجابهم وعدم اقتناعهم بحججه الواهية، فيضطر إلى طلاقها عقب 8 أشهر من المحاولة معها.
أما هي: فتشعر إنها ذبحت مرتين من "أهلها"، مرة عندما قطعوا جزء من جسدها بكل وحشية دون استئذانها، والأخرى عندما تسببوا في طلاقها والآن يجبرونها على الزواج بآخر، لأن عاداتهم وتقاليدهم لن تسمح لهم ببقائهم دون زواج، وهو ما يعني تكرار هذه التجربة الأليمة مرة أخرى.
وتمر الشهور ويتقدم آخر لخطبتها، وخلال فترة الخطوبة ترتاح له وتتوسم فيه خير، وكلما اقترب موعد زيجتهم، كلما عاد شبح العلاقة الزوجية يطاردها مرة أخرى، ويظهر في طريقة تعاملها له بجفاء أملا في إفشال الزفاف، وبعد تفكير عميق، تقرر أن تصارحه بسبب طلاقها من زوجها الأول الذي ألح كثيرا لمعرفته، وقالت: "قررت وقتها إذا تمسك بي ساستمر معه، وإذا قرر ألا يتابع الزيجة، فيكون تراجعه أفضل حالا لي لمواجهة ضغوط أهلي، ولكنه لقيت قبل الوضع فتزوجنا".
وأضافت: "تزوجنا وكان يعاملني برفق وحنية، والآن لدي ابنة صغيرة، وقررت أنا وهو اننا استحالة نعملها عملية ختان وتشوف المر اللي أنا شفته".
الرجل مش مكفي زوجته
من جانبها، أرجعت الدكتورة آمال عبد الهادي، رئيس مجلس إدارة مؤسسة المرأة الجديدة، سبب انتشار ظاهرة ختان الإناث في مصر، إلى خوف الرجل الشرقي من عدم قدرته على اشباع احتياجات زوجته الجنسية، خاصة مع قضاء الزوج غالبية وقته في العمل مما يجعله يعود لمنزله منهكا، لذلك كان يفضل المرأة التي أجريت لها عملية ختان، حتى لا تثقله بطلباتها الكثيرة التي يخشى ألا يكفيها.
الختان السبب الخفي للطلاق
وكشف الدكتور جرجس داود برسوم، استشاري وزمالة نساء وتوليد، عن أن كثير من السيدات وأزواجهن خاصة من حديثي الزواج يشكون من صعوبة اللقاء أو "العلاقة الجنسية" عقب الزواج التي تمتد من شهر إلى 6 أشهر، مضيفا بقوله: "غالبية الحالات اللي بتجيلي بتكون الزوجة فيها تعرضت لعملية ختان".
وأرجع برسوم سبب مشاكل العلاقة الزوجية إلى استرجاع الأنثى في عقلها الباطن مشاهد اليوم الأسود في حياتها الختان، وهو ما ينعكس على تعامل جسمها مع الأمر بتنشجات عصبية كرد فعل للختان.
وتابع: "لو الأزواج متفاهمين قد يصبروا على بعض، لكن لو مش متفاهمين يحتاجوا لدم الشرف السريع، ولو ربنا مأردش بالخلفة السريعة، فيكون هذا الموضوع سببا قويا للانفصال والطلاق".
ونفى برسوم صحة ما يتردد عن أن عفة المرأة مرهونة بعملية الختان، قائلا: "لو قلنا إن لمس العضو الأنثوي للمرأة "البزر" بيعمل إثارة للبنت، فهذا كلام غير منطقي وعلميا لأن الولد له نفس العضو وأكتر شوية ولا يحدث إثارة للجسم".
وعن أضرار الختان على صحة المرأة، قال برسوم إن عملية الختان قد تتسبب في نزيف أو صدمة عصبية وتأثيرا نفسية سلبية، إضافة إلى تأخر الحمل بشكل غير مباشر نتيجة صعوبة اللقاء بين الزوجين.
الأطباء لا يدرسون الختان
من جانبها، كشفت الدكتورة سمر نفادي، أخصائي النساء والتوليد، عن أن عملية ختان الإناث تواجه مشكلة طبية، مشيرة إلى خلو مناهج كليات الطب من طريقة إجراء هذه العملية، قائلة: "مفيش حاجة بتدرس في كليات الطب تعرفني إيه هو الختان، كل دكتور بيعمل اللي عايزه، دكاترة كتير بيسألوا هو بيتعمل إزاي، وللآسف في طرق بشعة بالكي، بعد ما يعمل العملية يعمل كي للمكان فيشوهه، وده اللي بيفسر عدم إجراء العملية بشكل واحد لجميع الفتيات".
ولفتت نفادي إلى وجود شريان أساسي كبير يغذي العضو التناسلي للمرأة لا يختلف عن العديد من الشرايين المهمة في جسم الإنسان، مشيرة إلى أن الله سبحانه وتعالى لديه حكمة من وجود هذه الأعضاء، متسائلة عن كيفية بتر البشر لها بكل سهولة.
وأشارت إلى وجود أشكال متعددة لعملية تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى تبدأ المرحلة الأولى والثانية بقطع وتشويه الأعضاء الخارجية، أما الثالثة فتشمل الأعضاء الخارجية وجزء من الداخلية، بينما الشكل الرابع هو قطع الأعضاء التناسلية الخارجية والداخلية وإجراء جراحة بغلق المكان وترك مساحة ضيقة للتبول".
وقالت: "في سيدة وضعت مولودها الرابع في المستشفى، وهي كبيرة في السن، وفوجئت بإصرارها بعد الولادة الرابعة أن اخيط لها الجزء السفلي، ورغم انها لا تشعر بمتعة في العلاقة الجنسية، إلا انه عرف لديها هي وزوجها، وخاصة انه شيء مؤذي جدا".
وكشفت نفادي عن شكوى كثير من الحالات لصعوبة العلاقة الجنسية بسبب ختان الزوجة، قائلة: "الأخطر من ذلك، أن التطور التكنولوجي، وتعدد علاقات الرجال، والتعرض للأفلام الإباحية، يجعل الأمور أكثر تعقيدا في علاقاتهم بزوجاتهم خاصة المختتنات".
وطالبت نفادي الدولة بضرورة سن قوانين تجرم هذه قطع الأعضاء التناسلية الجزئية أو الكلية للأنثى، مشيرة إلى سن دول أوروبا قوانين تجرم خرم الأهالي أذن ابنائهم خاصة انهم لم يبلغوا بعد، قائلة: "ليس من حقك الأب أو والأم انتهاك جسد بني ادم زيك زيه، أو بيع كلية ابنائهم".