- العائلة أجبرت والدة سمية على الزواج من عمها.. وحرمتهم من الميراث
ـ ندى ووالدتها "كعب داير" على المحاكم والأقسام
- زوج فوزية طلقها على فراش موته حتى لا ترث
- الضحايا لـ"انفراد": تحولت الدماء لمياه بعد استحلال مال اليتامى وأكل أموالنا بالباطل
- قانونيون يكشفون لعبة الثغرات.. ودار الإفتاء تجيب على أصعب الأسئلة فى قضايا المواريث
"ميثاق غليظ" نص عليه الله عز وجل فى كتابه الكريم عن تسليم الحقوق لأصحابها وفداحة عقاب من يأكلها بالباطل إلا أن الميراث مازال الفريضة الغائبة، لنرى ونسمع عن آلاف القصص لسيدات ورجال وأطفال وإن كانت المرأة صاحبة نصيب الأسد منها، وتكون النتيجة قضايا متراكمة فى المحاكم تبحث عن بارقة أمل للحل بعد فشل كل الطرق فى حل تلك الأزمات المعقدة .
يظهر الواقع أرقام وحقائق وقصص معاناة فاقت الخيال، من ظلم وقتل والتعرض بالاعتداء على الرجال والنساء والأطفال على يد ذويهم واتهام فى الأخلاق لسيدات فضليات قررن أخذ الخطوة للمطالبة بتطبيق شرع الله الغائب عن عقول مريضة لتقدر الأرقام المتداولة لدعاوى النزاع على الميراث وفق وزارة العدل أمام المحاكم بما يتجاوز 144 ألف قضية نزاع على ميراث سنويا، حيث تشير تلك الأرقام إلى تقدم شخص أو اثنين من أصل عشرة أشخاص محرمون من الميراث لإقامة دعاوى وفق الدراسات المعلنة.
كارثة حرمان الإناث من حقوقهن الشرعية، فتوزعت النسبة الأكبر بين كل من "الفيوم - كفر الشيخ – أسيوط – قنا – سوهاج – الدقهلية – الشرقية – المنيا – الجيزة".
وحسب الإحصائيات تتعرض 35% من السيدات اللاتى حُرمن من ميراثهن للإيذاء جسديا و15% للابتزاز المادى و50% يضطررن للتنازل عن حقوقهن عبر الابتزاز المعنوى وخوفهن من الخلافات الأسرية، وغضب الأهل وقطع صلة الرحم.
وأشارت النسب وفق أصحاب الدعاوى المقدمة للمحاكم إلى أن 32% من الحرمان من الميراث يكون عن طريق الأشقاء الذكور، 25% عن طريق الأقارب من جهة الأم أو الأب و19% بسبب تعنت الأمهات، ورفضهن حصول بناتهن على حقوقهم و 24% عن طريق الآباء الذين يكتبن وهم أحياء كل شىء لأبنائهم الذكوربما يعرف بالتوصية الأثمة.
كما شمل الحرمان من الميراث مآسى كثير من الزوجات اللواتى خرجن من رحلة الحياة بورقة طلاق بعد أن غدر بهن الأزواج وطلقوهن على فراش الموت خوفا من مشاركتهن أبنائهن الميراث،لتبلغ نسبة الدعاوى سنويا ما يزيد عن 1400 سيدة وفق سجلات محاكم الأسرة.
وأكدت الأرقام داخل أروقة محاكم الأسرة وفق لمكاتب تسوية المنازعات أن الأطفال هم أيضا ضحايا لكارثة الحرمان من الميراث حيث تبلغ نسب الدعاوى المقامة من الأمهات المطالبة بحقوق أبنائها ما يزيد عن 5 آلاف دعوى سنويا.
لا شيء أسوأ فى الحياة من عداوة الأشقاء والأقارب، ووصول الأمر بينهم إلى ساحات المحاكم والسبب مال زائل وإرث لن يبقى، خاصة أنهم لم يتعظوا أن صاحب تلك التركة التى أفنى حياته فى صناعتها قد رحل وتركها ولم يأخذها معه.
"انفراد" استمعت إلى قصص الحرمان من الميراث لسيدات ورجال وأطفال تجرعوا مرارة الظلم والقسوة لدرجة دفعت ذويهم للتزوير وتهديدهم وتعنيفهم.
الحكاية الأولى.. عندما أكل العم حق أولاد شقيقه !
عائلة بأكملها فى الدقهلية مكونة من سيدة وأشقائها الأربعة بعد وفاة والدهم حرموا من ميراثهم المقدر بـ70 فدانا وعدد من المنازل والعقارات على يد أعمامهم، وعن تفاصيل القصة تقول سمية إسماعيل إسماعيل صاحبة القضية :"ميقدرش على القدرة غير ربنا دا مال يتامى وأنا رغم كل الأراضى والعقارات التى من المفترض أن أمتلكها أقف ولا أجد الأموال اللازمة للحصول على حقى ".
وعن بداية الأزمة العائلية تقول سمية: "والدى توفى وأنا طفلة 7 شهور وشقيقى يبلغ عامين فقامت عائلتى برفض أعطاء والدتى حقوقها بحجة أن جدى وجدتى كانوا ما زالوا على قيد الحياة وأجبروها على الزواج من عمى حتى لا يحرموها من حضانتنا لتعيش مأساة حقيقة طوال سنوات وتنجب 3 أولاد منه حرموا هم الآخرين من ميراثهم مستغلين قلة حيلة عمى".
وأضاف سمية التى تعيش حاليًا فى بورسعيد فى ظل المشاكل العائلية التى تعيشها: "استغلوا نفوذهم وأموالهم الكثيرة وقاموا بتهديدنا والتعدى علينا والشروع فى قتل أشقائى ليحصل اثنين من أعمامى على حكم بـ3 سنوات وآخر بـ7 سنوات ورغم كل هذه الأفعال حاولوا إظهارنا نحن كجناة حتى جدتى حاولت تعوضينا بفدان من أرضها فقام أعمامى بتمزيق المستندات الرسمية على الدالة على ذلك".
الحكاية الثانية.. لا مكان لبراءة الأطفال فى هذا العالم يا ندى!
حتىالأطفال لم يسلموا من معايشة مأساة الحرمان من الحقوق.. الطفلة ندى "6 أعوام" اعتادت على التوجه مع والدتها إلى أقسام الشرطة وكذلك محكمة الأسرة بالزنانيرى بعدما عايشت ما تعرض له أمها من ضرب وطرد من المنزل بسبب النزاع القائم بينها وبين أهل والدها المتوفى لإتمام إجراءات الوصاية.
وتعود قصة ندى ووالدتها إلى ما بعد وفاة الوالد فقامت عماتها بطردهن من الشقة والاستيلاء عليها، وليس هذا فحسب بل قامت إحداهن بـ"سحل الوالدة" من شعرها متهمة إياها بأنها نحس والتسبب فى وفاة شقيقهم، وبناءً عليه قرر أنها لن تنعم بماله ولن يأخذوا شىء حتى الملابس قاموا بتقطيعها وتكسير كل الأثاث.
"انا زعلانة من والدى علشان مات وسابنا للبهدلة".. هكذا تردد ندى يوميًا خصوصا أنه لا تعيش طفولتها مثل من هم فى سنها فهى لا ترى سوى بكاء والدتها أثناء تجولها بين الأقسام والمحاكم للحصول على حقها دون فائدة والأدهى تهديدات الأهل المستمرة.
الحكاية الثالثة.. 3 أشقاء و4 أفدنة وفتاة مظلومة !
تتشابه حالات الحرمان من الميراث فى بعض الأوقات، ومنها مأساة رقية محمد، من قرية العليقات مركز قوص بقنا والتى تبحث عنه منذ سنوات دون التوصل لحل.
وعن أصل الحكاية تقول رقية: "أصبحت منبوذة من أهلى بسبب بحثى على حقى ومطالبتى بميراثى المقدر بـ4 أفدنة بعد وفاة والدى حيث استولى أشقائى الثلاثةعلى كل ما أملكه وتركونى بلا مصدر رزق أمد يدى وأبحث عن الاقتراض حتى أسدد ديونى".
السيدة البالغة من العمر 50 عامًا، تابعت حديثها :"إخوتى يتهربون من منحى حقى بعدما اتهمونى بالجنون وتعدوا على بالضرب والسحل وقمت بتحرير عدة محاضر وقاطعونى وكأنى ارتكبت جريمة رغم أن أبانا كان رجلا صالحًا"، مضيفًة: "حاولت سلك كل الطرق وتوسيط الأهل والأقارب دون فائدة بسبب عقلهم المتحجر الذى يرى أن المرأة ليس لها حقوق إلا سؤال أشقائهم وإلقاء مبلغ لها كصدقة لكن حقها لا".
وناشدت رقية المسئولون لمد يد المساعدة قائلة: "أرحمونى نفسى أخد حقى.. فين المساواة والعدل؟.. أين عقاب من يظلمون الإناث ويتعدون عليهن بالضرب والسحل ويهربون من العقوبات بعدها؟.
الحكاية الرابعة.. طلاق على فراش الموت !
لم تسلم الزوجات أيضا من كارثة الحرمان من الميراث على يد أزواجهن بعد أن غدروا بهم وباعوا العشرة وسنوات جمعتهم تحت سقف واحد وطلقهن على فراش الموت حتى لا يشاركون أولادهم الذكور ممتلكاتهم.
"فوزية.ص" الزوجة التى ما زالت تبحث عن حقها الضائع تروى وقائع ما تعرضت له، قائلة :"عشت 14 عاما ممرضة لزوجى الذى يكبرنى بسنوات عديدة وخادمة لأبنائه سهرت على راحتهم ورغم ذلك أجبروا زوجى على منعى من الإنجاب وأنا صامتة ولا اشتكى حتى أحافظ على حياتى ولا أطرد وأعود لأصبح عبأ على عائلتى مرة أخرى".
تابعت فوزية وهى تصرخ أمام محكمة الأسرة بإمبابة: "خرجت من زيجتى خسارة لسنوات عمرى التى ضاعت هباء فى خدمة من لا يستحقون، وحرمت من الأمومة وأن يصبح لى منزليحمينى من قسوة الشارع ومال يكفل لى حياة كريمة وزوج غدر لى وطلقنى فى آخر لحظة من حياته حتى يضمن عدم مزاحمتى أولاده فى ممتلكاته"، مضيفة :"جرنى أولاده وطردونى خارج بيتى بعد وفاته وهددونى إذا عدت مرة أخرى بالضرب والإساءة لى.. لأجد نفسى متسولة لا تجد قوت يومها وتمد أيديها".
الحكاية الخامسة.. ناجية لم تنج من ظلم الأقارب
السيدة ناجية خريجة كلية الحقوق من محافظة سوهاج والعاملة بدرجة مدير عام والبالغة من العمر 53 عاما بعد أن حرمت طوال سنوات من ميراثها من والداتها منذ عام 97 على يد خالها وتسلط زوجته التى من المفترض أنها أنثى مثلها لكنها منعتها من التمكين من الأرض المتروكة باسمها طمعا فيها.
ناجية التى كانت أول من تعلم من الإناث فى محيط قريتها روت قصتها قائلة :"قاست والدتى رحمة الله عليها فى التصدى للجهل والعادات والتقاليد وكافحت من أجل تعليمى حتى لا تكرر مأساتها من الحرمان من الميراث معى بعد أن رفضشقيقها منحها حقوقها وصارحها بأنها ميسورة الحال ولن تحصل على مليم من أموال والديها".
وتابعت ناجية: "عندما طالبت بحقى واجهت المقاطعة من قبل أقاربى حتى يجبرونى التنازل عن حقوقى ولكنى صممت على موقفى حتى استطعت انتزاعه بعد صراعات طويلة لتنتهى باعترافهم بأحقيتى فى ممتلكاتى، الأمر الذى دفعنى للعمل مع جمعية تنمية المجتمع حتى أساعد الكثير من السيدات بقريتى الذى تتطور قصتهم للتهديد بالقتل وإشهار السلاح فى وجههن ووجه أولادهن".
الحكاية السادسة.. اعدلوا يرحمكم الله !
هل سمعت من قبل عن المحامية إيفا هابيل كيرلس، أول سيدة قبطية صعيدية تتولى منصب العمدة، وذلك فى قرية كومبوها بمركز ديروط فى محافظة أسيوط؟، هل تعلم أنها صاحبة تجربة فىالحرمان من الميراث؟ وقد أقامت دعوى قضائية بعد امتناع اشقائها عن منحها حقوقها بعد وفاة والديها، وبالفعل نجحت فى استطاع ما سُلب منهاعبر اتباع الطرق القانونية.
وبخلاف تجربة إيفا الشخصية فإنها محامية تولت عدة قضايا من هذا النوع بحكم عملها، وأيضًا بحكم منصبها كعمدة ولجأت لها الكثيرات من أهل قريتها للشكوى، ومن خلال تلك الخبرة عن حرمان المرأة للميراث المتعارف فى بقاع شتى داخل مصر، تقول إيفا :"قريتنا مثل أى مكان.. الأنثى لا ترث فيها المرأة سواء كانت مسلمة أم مسيحية وفى بعض الأحيان تعوض بمبلغ مالى وممنوع أن تحصل على الأرض رغم أنها تستطيع الحفاظ عليها ومباشرة الزراعة مثل الرجال تماما".
وتابعت عمدة كومبوها السابقة حديثها قائلة: "كثير من الآباء يقدموا أثناء حياتهم بما يسمى بالوصية وهو على قيد الحياة "الوصية الشفهية" وأحيانا يقوموابالتحايل على القانون لحرمان الإناث وكتابة أملاكهم للذكور، ويستغل الأشقاء هذا الأمر فى عدم منح شقيقاتهم حقوقهن دون إبداء أى أسباب ويصل الأمر إلى تزوريهم مستندات حتى يمنعوهم من الحصول على أى حق مما يدفع السيدات بعد فشلها فى الحلول الودية للجوء للقانون والقضاء وهنا تواجه الروتين واللوائح والتعجيز فى المستندات المطلوبة لإثبات ملكيتها وحقها فى ميراثها الشرعى".
جزئية أخرى فى أساليب حرمان الإناث من الميراث، كشفت عنها إيفا قائلة: "تطلب المرأة شهود لإثبات حقها لحصولها على حقوقها تجدهم يرفضون التدخل بحجة "أنتم أهل فى بعض" فالمجتمع لا يدعم المرأة"، مضيفة: "رغم وجود قوانين مستنبطة من الشريعة الإسلامية لازالت نسبة كبيرة جدا من السيدات محرومات من انتزاع حقوقهم بسبب الفكر المجتمعى الراسخ أن "البنت ملهاش حق فى أبوها".
واختتمتالعمدة السابقة لقرية كومبوها بمركز ديروط، حديثها قائلة: "تسهيل الإجراءات القانونية والتقاضى يتيح للسيدات التجرؤ للمطالبة والتصميم على نيل حقها فى الميراث وعدم الخوف من تهديد أشقائهم وأقاربهم التى تصل فى بعض الأحيان للتهديد والمقاطعة وتجريم مطالبتها".