يشارك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الـ73 التى تبدأ فى الخامس والعشرين من سبتمبر الجارى، حيث من المقرر أن يلقى كلمة أمام الجمعية العامة، وسيعقد الرئيس عددا من اللقاءات مع مجموعة من ملوك ورؤساء الدول والحكومات.
واجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هى من المناسبات التى يحرص قادة الدول على حضورها، لأنه بإمكانهم عقد عدد من اللقاءات الثنائيه الكثيرة العدد فى أيام قليلة، فى الوقت الذى تحتاج فيه هذه القمم لأوقات كثيرة كى يتم ترتيبها خارج إطار اجتماعات الأمم المتحدة.
والأمم المتحدة هى أكبر كيان دولى يضم 193 دولة متساوية فى الحقوق التصويتية، عكس مجلس الأمن مثلا لا تتساوى فيه الأصوات، فهناك حق الفيتو للدول الكبرى.
وعادة ما تكون اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى الفترة من أواخر سبتمبر إلى منتصف ديسمبر من كل عام، يسبقها اجتماعات على مستوى السفراء، وجدول أعمال ومقترحات، ثم كلمات للرؤساء ومناقشات، إلى أن تنتهى بقرارات وتوصيات.
وقد شاء القدر أن أكون حاضرا لزيارة الرئيس السيسى الأولى للأمم المتحدة عندما تولى الرئاسة، وكانت هذه هى المرة الأولى التى يذهب فيها الرئيس إلى أمريكا، كان وقتها باراك أوباما رئيسا، وكانت ظروف مصر صعبة للغاية، فكنا نواجه عدم اعتراف من بعض الدول بما حدث فى 3 يوليو، وينظر إلى السلطة المصرية نظرات ترقب وتشكك.
ووقتها كان المجتمع الدولى لا يعرف شئا عن الرئيس السيسى، فأتذكر أن الوفد الفرنسى المرافق للرئيس هولاند رئيس فرنسا وقتها قال لى بعد لقاء جمع الرئيسين: «كنا نظنه جنرالا عسكريا، ولم نكن نتوقع أن يكون ودودا بهذا الشكل، ولم نتوقع أن يكون اللقاء بهذه الإيجابية».
وأتذكر فى هذه الزيارة أنه لم يكن على أجندة الرئيس السيسى لقاء أوباما، إلا أن الوفد الأمريكى فاجأ الوفد المصرى وقتها بطلب لقاء يجمع الرئيسين، وتم اللقاء وتخطى الوقت المحدد له بكثير.
ومرت سنوات على الزيارة الأولى فأين نحن الآن؟ وماذا يحمل السيسى إلى المجتمع الدولى؟
اليوم يقف الرئيس المصرى على أرض صلبة ،أولها وأهمها على الإطلاق أن الجميع يعرف أنه رئيس طاهر اليد، ليست لديه منافع شخصية، وليس له أى نفوذ فى أمور المنافع الخاصة، لا هو ولا أى من أسرته أو المقربين منه، وهذا أمر غاية فى الأهمية، فالدول الكبرى تنظر إلى كثير من زعماء العالم الثالث باعتبارهم غير أمناء على ثروات شعوبهم ولديهم مصادر معلوماتهم التى يعتمدون عليها.
أما نحن اليوم: «وأقسم بالله على صدق ذلك»، فيمكنك أن تختلف على أى شىء مع الرئيس السيسى إلا فيما يتعلق بطهارة يده وبعدم سكوته على أى فساد من أى نوع كان، وهذا الأمر يجعل لرئيس الدولة مصداقية واحترام أمام الدول الكبرى.
كذلك ما يحققه كل رئيس من إنجازات يكون دائما محل تقدير من قبل باقى الدول، وهذا أمر يمكن للسيسى أن يتحدث عنه بكل فخر.
ومصر تحتاج للمجتمع الدولى، ولا يمكن أن تعيش فى عزله، فالعالم له مصالح اقتصادية فى مصر ونحن دولة جاذبة للاستثمار فلابد أن تكون هناك رسائل محددة وواضحة عن الأوضاع فى مصر وعن ضمانات الاستثمار وسيادة القانون والمساواة بين المواطنين والاستقرار الأمنى والحقوق والحريات، كذلك يمكن الحديث عن فرص استثمارية بعينها، وعادة ما يصطحب الرئيس عددا من الوزراء المتخصصين «دايما يقول عليهم زمايلى».
ويلتقى الرئيس بعدد من رجال الأعمال الأجانب وعدد من الكتاب وصناع الرأى، ليشرح لهم الوضع فى مصر.
والعمل على ترتيب زيارة الرئيس للأمم المتحدة أمر ليس بالهين، فالأسماء وجدول اللقاءات أمر يحتاج إلى حرفية ودرجة عالية من الخبرة، وهو الأمر الذى قامت به وزارة الخارجية بكل نجاح طوال السنوات الماضية.
وتأتى لقاءات السيسى مع الرؤساء وبعضها يكون مرتبا مسبقا وبعضها يرتب خلال الزيارة، وهناك واجب على الرئيس السيسى وأمانة فى رقبته لا يمكن أن تغيب وهى القضية الفلسطينية، ولا شك أنها ستأخذ جزءا كبيرا من المباحثات مع الرؤساء.
كذلك الوضع فى ليبيا وتطورات حرب اليمن وإيران والخليج العربى، كلها قضايا بالتأكيد ستكون محل بحث والقضية البالغة الأهمية التى أعتقد أن الرئيس السيسى يتمتع بمصداقية فيها هى الحرب على الإرهاب، وهو الأمر الذى لم يعد شأنا مصريا، بل أصبحت كل الدول معنية بهذه الحرب.
فسيشرح الرئيس تطورات هذه الحرب فى مصر، وتطورات الأوضاع فى سيناء، وسبل التعاون المشترك فى سبيل القضاء على هذه الجماعات الإرهابية، ولن يغيب عن الرئيس شرح مواقف بعض الدول الممولة والحاضنة للإرهابيين.
ويبقى اللقاء الرئاسى المصرى الأمريكى هو أهم هذه اللقاءات على الإطلاق، فالعلاقات العسكرية المصرية الأمريكية بالتأكيد ستكون محل بحث فيما يتعلق بالتسليح، كذلك الموقف الأمريكى المؤيد لمصر فى حربها على الإرهاب، وأيضا موقف أمريكا من إيران، وأثر ذلك على أمن دول الخليج، كل ذلك قضايا للأبد من التطرق إليها.
يبقى لى أن أقول إن هناك من المصريين العظام الذين يسكنون فى عدد من الولايات الأمريكية وكندا يسافرون ساعات طويلة كى يقفوا فى الشوارع تحية للرئيس السيسى لا يريدون جزاء ولا شكورا، ويتعرضون لمضايقات الإخوان الإرهابيان الوقحة، هؤلاء المصريون فى الغربة لهم منا كل التحية، أقباطا ومسلمين، هم مثال للوطنية الصادقة.
إذا عبدالفتاح السيسى أمام الأمم المتحدة سبتمبر 2018 وهو على قدمين ثابتتين ووراءه شعب يؤيده عن صدق دون تزوير إرادة أو سكوت عن قضايا بعينها.
طريق طويل من الدبلوماسية المصرية وهو أنجح ملفات السيسى منذ توليه الرئاسة وحتى اليوم.