التحرش بالنساء عبر الإنترنت يعتبر أمرًا منتشرًا على نطاق واسع خلال السنوات الأخيرة، غير أن سيدة قررت محاربة هذا التحرش فى مساحة من الإنترنت لا تمتلك فيها النساء اليد العليا، وهى الموسوعة الحرة للمقالات ويكبيديا، وركزت خلال السنوات الـ9 الماضية على محاربة التحرش بالنساء عبر التدوين على تلك الموسوعة، بإضافة عالمة جديدة وتوثيق رحلتها على موسوعة ويكبيديا، مقابل كل رسالة تحرش تتلقاها.
إميلى تيمبل وود، لم تكن حتى قد وصلت لسن المراهقة حينما بدأت الكتابة على ويكبيديا، عقب بضع أشهر من تلقيها أول رسالة تحرش، وتحكى الفتاة التى تبلغ من العمر الآن 21 عامًا وتدرس العلوم لـ"بى بى سى": أعتقد قبل أن يلاحظ أن عمرى 12 عامًا، هو لاحظ فقط أننى امرأة".
كانت فى ذلك الوقت فى بداية تلقى وابل من الرسائل التى تتضمن تعليقات مجهولة المصدر عن جسدها، إضافة لطلبات جنسية، وتغرقها بالشتائم فى حالة تجاهلها الرد، ولكنها تمسكت بالتواجد على "ويكبيديا"، وأصبحت مسئولة عن تطوير مشروعين يتعاونان معًا لإغلاق فجوة المحتوى فى الموسوعة، وإضافة وتحسين المقالات حول العالمات.
معظم المضايقات كانت تأتى للفتاة من مجتمع ويكبيديا، أو من المدونين والمهتمين بهذا الموقع، ولكنها لم تكن تهتم بالرد أو التعليق على المضايقات التى تنتقضها لأنها اقترفت خطأ أو التى تختلف معها فى الرأى، ولكنها كانت توثق وتواجه التعليقات والتحرشات الجنسية وتقول "الكتابة كانت بصفة خاصة عن المواضيع الجنسية"، وتضيف "إذا كانت تجعلنى أبكى، أو تجعل أمى غير مستريحة، هى بالتأكيد تكون على القائمة".
الفتاة تملك الآن حوالى 50 مقالة، ووثقت أكثر من 100 عالمة لم يكن على قائمة مواضيع ويكبيديا، الخبيرة فى المقالات تقول إنها تحتاج نصف ساعة لكتابة سيرة ذاتية صغيرة الآن، ويصف أحد موظفى مؤسسة ويكبيديا أن مساهمتها على الإنترنت تعتبر "ملحمية".
"أنا أعرف كيفية الكتابة بأسلوب مقبول".. تقول تيمبل وود، مضيفة "وقد وجدت النساء اللاتى تقبلن وتفاعلن مع المبادئ التوجيهية التى وضعتها"، والذى يعنى فى ويكبيديا أن الشخص أصبح له متابعين وفائدة كبيرة على مدى فترة من الوقت، وتضيف أن البحوث حول تاريخ المرأة العالمة تزايدت خلال الـ15 سنة الماضية.
يؤكد هذا ما كتبه المؤرخ ميشيل مورافيك مؤخرًا، أن تواجد سير ذاتية للنساء على ويكبيديا هو مشكلة معقدة، مضيفًا أنه بالنسبة للعام الماضى، كانت 15% فقط من السير الذاتية على ويكبيديا خاصة بالنساء، والمبادئ التى تطلبها الكتابة والخاصة بإدراج مصادر ثانوية متعددة تعنى التحيز لصالح الأشخاص الذين سبق وكتب عنهم ما يعقد المشكلة بشكل أكبر إذا حاولنا إضافة أشخاص جدد، وهو هنا يقصد إضافة الشخصيات النسائية.
وقد أدت المضايقات التى استهدفت "وود" لإصدارها مقالات مثل توثيق رحلة ليليانا لوبينسكا، عالمة الأعصاب البولندية وصاحبة الأبحاث الكبيرة عن الجهاز العصبى، وروزالين سكوت، أول امرأة من أصل إفريقى تصبح جراحة صدر.
" ويكبيديا لا يزال ذا ثقافة ذكورية.. أنا لا أعتقد أن أحدًا ينكر هذا" تقول "وود"، وتتابع "ولكن الكثير من الأشخاص يحاولون جعله مكانًا أقل اضطهادًا للنساء".. وتنهى حديثها "من السهل جدًا أن يكون المرء متشائمًا، ولكنى حصلت على الكثير من الأشياء الجيدة فى التسع سنوات التى قضيتها هنا".