كيف ألهم الانقسام الأوروبى طهران لاستهداف المعارضة فى باريس؟.. نظام الملالى راهن على بقاء دعم أوروبا للاتفاق النووى رغم سلوكه المشبوه فى فرنسا.. تباين مواقف القارة العجوز حول ترامب وسكريبال دفعها نحو

حماقة جديدة ارتكبتها طهران، تحمل فى طياتها مقامرة ليس فقط بمستقبل الاتفاق النووى الإيرانى، وإنما قد تمتد تداعياته إلى عودتها إلى قائمة الدول الراعية للإرهاب ومن ثم مواجهة العزلة الدولية من جديد، وذلك فى أعقاب الإعلان الفرنسى الصريح عن تورط طهران فى محاولة لتنفيذ عملية إرهابية فى قلب العاصمة الفرنسية باريس لاستهداف المعارضة الإيرانية، وهو ما دفع السلطات الفرنسية إلى تجميد أصول تابعة لجهاز الاستخبارات الإيرانى، وشخصيات دبلوماسية، بالإضافة إلى شن غارات أمنية على مراكز إسلامية شيعية تابعة للدولة الفارسية. الإجراءات الفرنسية ربما لا تكون النتيجة الوحيدة للمقامرة الإيرانية المثيرة للجدل، فهذه المقامرة تمثل مخاطرة كبيرة بمستقبل الإتفاق النووى الإيرانى، والذى تحارب الإدارة الفارسية للحفاظ عليه باعتباره ضمانة لعدم العودة من جديد إلى خانة العزلة الدولية فى ظل الصراع الحالى مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والذى أعلن الانسحاب من الاتفاقية التى وقعتها القوى الدولية الكبرى مع طهران فى يوليو 2015، وهو ما يطرح تساؤلات عديدة حول ما إذا كان الانتهاك الإيرانى سيؤدى فى النهاية إلى انتصار أمريكا فى المعركة الدبلوماسية الراهنة فى ظل حالة الاستقطاب بينها وبين طهران لكسب الجانب الأوروبى. المعارضة الإيرانية بالخارج تحرك المظاهرات بالداخل يبدو أن التداعيات السلبية المترتبة على السلوك الإيرانى المشبوه فى باريس على الاتفاق النووى لم تكن بعيدة بأى حالة من الأحوال عن العقلية الحاكمة فى طهران، خاصة وأن فرنسا تعد أحد الدول الموقعة على اتفاق 2015، كما أنها أحد أكثر الدول الأوروبية حماسا فى الدفاع عن الصفقة المعقودة مع طهران، إلا أن التحرك الإيرانى لاستهداف أحد معاقل المعارضة الإيرانية فى باريس ربما يمثل انعكاسا لحجم الضغوط الرهيبة التى يواجهها نظام الملالى، سواء فى الداخل جراء المظاهرات التى تشهدها المدن الإيرانية منذ عدة أشهر جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية، أو فى الخارج بسبب الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى. وهنا يصبح استهداف المعارضة الإيرانية فى الخارج بمثابة ورقة حاولت خلالها الحكومة الإيرانية تخويف داعمى المظاهرات فى دول أوروبا فى المرحلة المقبلة بهدف تخفيف الضغوط التى تعانيها، على الأقل فى الداخل الإيرانى، بسبب المظاهرات المتواترة، وهو الأمر الذى اعتادت عليه الحكومة الإيرانية فى العديد من الدول الأخرى، خاصة فى منطقة الشرق الأوسط، باستهداف مناوئيها فى الخارج عبر عمليات إرهابية متكررة لاستهداف الساسة المعارضين لها. قضية سكريبال ولعل التحرك الإيرانى المشبوه يمثل انعكاسا لرهان النظام الحاكم فى طهران على حالة الانقسام التى تشهدها أوروبا فى المرحلة الراهنة، فى العديد من القضايا الدولية بداية من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، مرورا بتعارض الأيديولوجيات بين الأنظمة الأوروبية، بسبب الصعود الكبير الذى تحققه التيارات الشعبوية فى العديد من دول القارة، وانتهاءا بالتباين فى المواقف الأوروبية تجاه إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وهو ربما ما رأته طهران فرصة لتنفيذ عمليتها الإرهابية، على اعتبار أن رد الفعل الفرنسى سوف يبقى موقفا فرديا ولن يمتد إلى المستوى الجماعى الأوروبى، وبالتالى فلن تخسر الحكومة الإيرانية كثيرا فى معركتها ضد الرئيس الأمريكى. الموقف الأوروبى من قضية تسميم العميل الروسى سيرجى سكريبال ربما كان ملهما لطهران، حيث تقاعست دول القارة العجوز عن تقديم الدعم لبريطانيا، بعد اتهامها المباشر لروسيا بالتورط فى تسميمه باستخدام غاز الأعصاب، واقتصر رد الفعل الأوروبى على بيانات الإدانة، وربما سحب بعض الدبلوماسيين من موسكو، فى الوقت الذى سعى الكثير منهم، وعلى رأسهم الحكومة الألمانية، نحو توسيع علاقاتها مع الروس، وهو ما يعكس حالة الانقسام، التى ربما تمتد إلى الموقف من طهران حال اكتشاف تورطها فى العملية الإرهابية التى استهدفت العاصمة الفرنسية. أوروبا لن تمنح ترامب انتصارا قبل "التجديد النصفى" الخصومة الأوروبية الأمريكية، على خلفية التوتر فى العلاقة بين الإدارة الأمريكية ودول القارة العجوز بسبب التعريفات الجمركية التى فرضها الرئيس الأمريكى على حلفائه، ربما كانت بمثابة رهانا آخر لطهران، حيث أن النظام الحاكم فى طهران رأى أن أوروبا لن تتجه نحو واشنطن فى مسألة الاتفاق النووى فى ظل التوتر الحالى بين الجانبين، خاصة وأن دخول أوروبا على الخط مع إدارة ترامب فى صراعها مع إيران يمثل انتصارا دبلوماسيا كبيرا لها قبل انتخابات التجديد النصفى للكونجرس المقرر انعقادها فى نوفمبر المقبل. ولعل التصريحات التى أدلى بها الرئيس الإيرانى حسن روحانى، اليوم الأربعاء، والتى حملت إشادة بالموقف الأوروبى من الصفقة النووية، بالتوازى مع انتقاداته للموقف الأمريكى تجاه بلاده لتحقيق مكاسب فى الداخل، يمثل رسالة صريحة لأوروبا بضرورة عدم التخلى عن طهران فى المرحلة الراهنة، فى ظل مخاوف كبيرة جراء موقف أوروبى جماعى محتمل تجاه الاتفاقية النووية بعد الاتهامات الفرنسية لطهران.








الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;