هى شخصية العام بمعرض عمان الدولى للكتاب فى دورته الـ18، وهى أيضا سيدة المعرض الأولى، تجدها موجودة فى أغلب الفعاليات، تزور الجناح المصرى "ضيف الشرف" باستمرار، خطوتها بطيئة، وابتسامتها لا تفرق وجها، تتحدث بصوت خافت، إجاباتها بسيطة وسريعة، ملابسها تدل على حيوتها، محبة للجميع، لم نجلس طويلا بسبب كثرة المكالمات وسلامات وتحيات كل المارين، لكنها لم تغب لحظة عن الحوار، وإن انقطعت لوقت عادت لتكمل من حيث ما وقفت.. هكذا كانت سميحة خريس، الروائية الأردنية الكبيرة، شخصية معرض عمان الدولى للكتاب لعام 2018، التقيناها على هامش المعرض.. وإلى نص الحوار:
ـ ما هو شعورك باختيارك شخصية العام لمعرض عمان فى دورة مصر هى ضيف الشرف فيها؟
مبدئيا أنا سعدت بأن مصر ضيف شرف، لأن هذا دليل على دور مصر المركزى والتنويرى فى العالم الثقافى، فكانت مصر ولا تزال هى المنارة التى تنير لنا، فقد تتلمذنا على يد كتابها الكبار وعلى وضعها الثقافى، ويسعدنا استمرارها فى هذا الدور، مشاركة مصر أثارت الكثير من البهجة والمعرفة والفكر فى المعرض، وبالتأكيد فأنا سعيدة باختيارى كشخصية للعام، وأشعر أن هذا تقدير للكتابة الإبداعية على الأقل، ولكل كاتب أردنى على الأقل أو عربى حتى.
ــ بمناسبة حديثك عن مصر.. حدثيا عن حرصك لنشر أعمالك الروائية فى مصر.
الكاتب اللى مش بيدخل مصر بيخسر كتير، بيخسر جمهور، بيخسر القارئ، وبيخسر هذا المساحة الواسعة التى يقدمها المجتمع الثقافى المصرى.
ــ بما أنك من أبرز الوجوه فى الأدب الأردنى.. كيف ترين حال الرواية الأردنية الآن؟
فى الأردن حركة الرواية جيدة، وهناك مجموعة قدمت إضافة للرواية العربية، حتى وإن لم يكن بعضهم معروف واستطاعوا أن يتجاوزوا الساحة المحلية، فالمعروفون معدودون على الأصابع، لكن الزخم الداخلى أكبر من هذا، لكن هذا يحتاج للدعم والرعاية.
ــ تحدثتى عن الزخم فى الرواية.. هل الإنتاج النقدى يضاهى تلك الزخم الروائى من وجهة نظرك؟
لدينا نقاد كبار ومتميزون، لكن لم يعدوا يتابعوا ما يصدر، فالرواية وكأنها تجرى مثل السيل، والنقد واقف مثل الشجرة، فصعب ملاحقة ما يصدر، حتى عند النقاد الجدد، حيث يتقدمون على استحياء أو ليس لهم نفس الزخم، وهذا ما أعطى الفرصة لدخول الصحفيين والأكاديميين، لكن بالتأكيد هناك ناقد بمعنى الناقد ولكن ليس بالزخم الحاصل بالأدب.
ــ ما هو تقييمك للساحة الثقافية العربية بشكل عام الآن؟
ساحة مرهقة بسبب الإرهاق العام المصاب به المجتمعات العربية، والتى تعانى على أكثر من صعيد، وبالتالى الثقافة جزء من هذا الحالة، وهو جزء حساس لأنه يلتقط كل هذه الأشياء، وبالتالى تسللت إلى الحياة الثقافية وإلى النص الأدبى أيضا، وأتمنى نحن ككتّاب أن نحافظ على توازنا.
ــ ما مفهومك لمصطلح الأدب النسوى وهل أدب نسائى حقا؟
الجدل عن هذا الموضوع خفّت حدته فى الفترة الأخيرة، بعدما أصبحت هناك كتابات لا يتمركزون حول هذه الفكرة، وحتى المفهوم النقدى زاد تنوعه واختلف من مكان لآخر، وأنا شخصيا ليست من المعنيين بهذا الفكر بشدة، لأننى أبحث عن تجويد النص، ربما بصفات نسوية بمعنى أنه يتمتع بقضايا إنسانية، ويحفل بالتخيل بالتناسل الفكرى، وليس بمفهوم النقد الأدبى للنسوية، لكن أنا اعتقد أن الرجل والمرأة يعملون فى حقل واحد.
ــ كيف تنظرين لحال الجوائز الأدبية.. وهل هى إضافة للأدب العربى؟
بالنسبة للأدب المكرس الذى يعرف قيمة أدبه، هى لا تضيف له شيئا، هى مثل كلمة شكر وتقدير، وتحمله أيضا بعض المسئولية ناحية نصه المقبل، ولكن هى من ناحية أخرى جعلت عددا كبيرا من الكتاب الذين لا يمتلكون أدواتهم، متلهفين للحصول عليها لا أجل قيمتها الأدبية، بينما لقمتها المادية.
ــ نحن نعيش فى زمن الرواية.. هل ترين الرواية قادرة على الاستمرار أم يستطيع فن الآخر يطغى عليها؟
لا يوجد شىء يستمر إلى الأبد، لكن الرواية ما يميزها إنها تحكى عن الحياة، والحكى عن الحياة مستمر طول ما الإنسان عايش، الإنسان عايش إذا كان هو فى حاجة للحكى عن حياته، ومن هنا تأتى قوة الرواية، ربما سيكون هناك أشكال جديدة للحكى، لكن ليس واضحا، وليس قريبا، وما تراه من إقبال الناس على الرواية تتأكد من أن الرواية ما زالت قادرة على سرد حكايات الناس.
ــ كيف تقيمين ظاهرة البيست سيلر؟
يمكن الكتاب بيفرحوا بها، لكنها ليست ظاهرة حقيقة، هى دائما مرتبطة بالإعلام والإعلان وكيفية تقديم الشخص، وأحيانا بالحظ، ولكنها ليست دلالة على الجودة، فهناك كتابات بسيطة ليست فيها من الأدب شيئا لكن الجيل كله يقبل عليها، ربما لأنه فاقد شيئا يبحث عنه شىء، لكنها لا تُنسب للأدب الجاد، وبالتالى لا تعتبر تجربة حقيقية، ولا تغرينى كثيرا، ولا تعطينى أحساسا بإننى حققت شيئا، فأنا أتمنى أن يقرأنى الناس من أجل الرواية فقط.
ــ ما هى أعمالك المقبلة؟
أعمل الآن على رواية تبحث أسباب انهيار الطبقة الوسطى فى المجتمع والانهيار الشامل للوضع الاقتصادى والاجتماعى والسياسى والأخلاقى تحديدا، رواية شائكة، لكن أمامى وقت للانتهاء منها.
ــ هل ترين نوعية الكتابة التى تقديمها، وهل هى توثيق لما تمر به البلاد؟
رواياتى ليست توثيقا، لأن التوثيق له جهات ومؤسسات وطرق أخرى مختلفة، لكن الرواية تعيد قراءة الوضع، تعيد قراءة الحال، قد تُذكر بشىء، قد تقدم شيئا غاب عن وعى الناس، لكنها ليست توثيقا أو تأريخا، بل هى رؤية فنية للعالم.