تناقض لا حدود له يظهر جلياً فى سياسة الولايات المتحدة التى تزعم أنها حامية حقوق الإنسان حول العالم بينما جرائمها داخليا لاسيما ضد السود لا تعد، وربما أبلغ دليل هو قتل الشرطة الأمريكية نحو 1000 مدنى أمريكى خلال عام 2015، 40% منهم من ذوى البشرة السمراء العزل، ذلك بحسب دراسة أمريكية.
عنف الشرطة
وعلى الرغم من اتهام المزيد من الضباط فى حوادث إطلاق نار أدت لقتل المئات هذا العام، فإن نتائج التحقيقات كانت تصب فى صالح رجال الشرطة، فـ5 من 7 حالات هذا العام انتهت إما بتربئة الضابط مرتكب القتل أو بطلان الدعوى، وفى حالتين تم رفض الاتهامات، وعلى مدى العقد الماضى، أدين ثلث الضباط المتهمين فى قضايا إطلاق نار بارتكاب جرائم تتراوح بين التهور فى استخدام السلاح النارى إلى جناية قتل.
ورغم نجاح الأمريكيين السود فى القضاء على العبودية والفصل العنصرى إلا أن مجتمعهم مازال يعانى حتى اليوم من مظاهر متخلفة ومشاكل عديدة، وبعد أكثر من 40 عاما على خطاب مارتن لوثر كينج التاريخى "عندى حلم I have a Dream" مازالت الظروف المعيشية الصعبة للسود فى أمريكا قائمة.
التمييز ضد السود
وفى نوفمبر الماضى تظاهر طلاب جامعة ميزورى، فى الولايات المتحدة، مطالبين بإقالة رئيس الجامعة، احتجاجًا على أسلوب التعامل مع الاضطرابات العرقية داخل الجامعة، دون استجابة، وتصاعدت مشاعر الإحباط بين الطلاب منذ سبتمبر الماضى، عندما قال بايتون هيد، رئيس اتحاد طلاب ميزورى، أسود، أن رجلا دعاه بكلمات عنصرية بينما كان يسير فى الحرم.
وفى أكتوبر شكا أعضاء من مجموعة "فيلق الطلاب السود" أن شخصا ما صاح بكلمات عنصرية أثناء تمرينهم فى ساحة الحرم، وفى وقت لاحق من الشهر الجارى، استخدم شخص بارز لرسم الصليب المعقوف فى حمام الجامعة، وقد شكل الطلاب سلسلة بشرية، أمام سيارة رئيس الجامعة فى محاولة للحديث معه بعد أن تقاعس المسئولون عن الرد على هذه الحوادث، غير أنه لم يخرج من سيارته ولم يتحدث لأحد.
انتهاكات الولايات المتحدة لا تتوقف عند التحيز ضد مواطنين أمريكيين فى الداخل، لكن كشف التاريخ عن فضائح عديدة لاحقت الحكومات الأمريكية تتعلق بدعم وتمويل جماعات إنفصالية وإرهابية للضغط على خصومها فى الدول الأخرى أو لتحقيق مصلحة ما، وعلى الرغم من أن الثورات تقوم بها الشعوب ضد الظلم والفساد لكن التاريخ أثبت دور وكالة الاستخبارات الأمريكية الـCIA فى شحن الغضب والدفع بمجموعات تثير الشغب.
الانفصاليون فى إيران
فى فبراير 2007 كشفت صحيفة الصنداى تليجراف البريطانية، عن تمويل الولايات المتحدة جماعات انفصالية عرقية مسلحة فى إيران، للضغط على الجمهورية الإسلامية للتخلى عن برنامجها النووى، وهو ما وصفته بعض وسائل الإعلام وقتها بأنها الخطة البديلة للجهود الدبلوماسية الفاشلة للتعامل مع الملف النووى الإيرانى.
وأثارت هذه التحركات من جانب وكالة الاستخبارات الأمريكية جدلا واسعا لأنها انطوت على دعم حركات تستخدم أساليب إرهابية فى سعيها لعرض مظالمها ضد النظام الإيرانى، وشهدت إيران طيلة عام 2006، موجة من الاضطرابات أحدثتها الأقليات العرقية فى المناطق الحدودية، حيث وقعت مجموعة من التفجيرات والاغتيالات التى استهدفت جنود ومسئولين حكوميين.
هذه الحوادث نفذتها جماعات كردية فى الغرب والأذريين فى الشمال الغربى وعرب الأهواز فى جنوب غرب إيران والبلوش فى الجنوب الشرقى، وتشكل القوميات غير الفارسية نحو 40% من سكان إيران، لذا فإن الـCIA قامت بدعم الانفصاليين منهم بشكل مباشر من خلال تخصيص ميزانية سرية لهذا النشاط، بحسب تقارير غربية.
نشأة تنظيم القاعدة
ربما أكبر فضيحة وخطأ وقعت فيه وكالة الاستخبارات الأمريكية هو دعمها للمجاهدين الأفغان، الذين أمدتهم بالسلاح والتدريب، فى مواجهة القوات السوفيتية فى أفغانستان خلال حقبة الثمانينيات، فسرعان ما تحول هؤلاء الجهاديين إلى جماعات إرهابية تهدد الشرق الأوسط والولايات المتحدة نفسها، ولعل أكبر خسائر وتكلفة تكبدتها أمريكا فى العصر الحديث تمثلت فى حرب أفغانستان ضد تنظيم القاعدة.
نشأ تنظيم «القاعدة» عام 1987 على يد عبد الله يوسف عزام، بدعم من وكالة الاستخبارات الأمريكية الـ«سى آى إيه»، واعتمد التنظيم على المجاهدين الذين قادوا القتال ضد الاتحاد السوفيتى لسنوات سبقت انهياره، ويتبنى التنظيم فكرة الجهاد ضد «الحكومات الكافرة»، وتحرير بلاد المسلمين من الوجود الأجنبى، وسرعان ما انقلب هؤلاء الجهاديين على الولايات المتحدة فى التسعينيات، لكن بدأت الحرب المباشرة بينهم بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، حين قام "القاعدة" بهجوم إرهابى وحشى إستهدف برجى التجارة العالمى فى نيويورك مما أسفر عن مقتل 3 آلاف شخص.
الولايات المتحدة تدرب إرهابيى سوريا
تقارير صحفية أمريكية كشفت العام الماضى عن أن قائد الفرقة 30 فى الجيش السورى الحر، الذى تلقى تدريبا ضمن برنامج وزارة الدفاع الأمريكية لتدريب المعارضين السوريين، انشق عن البرنامج وانضم إلى جماعة جبهة النصرة التابعة لتنظيم داعش، وانشق أحد قيادات المعارضة السورية وقائد الفرقة 30، بحسب رسالة نشرها على موقع للتواصل الاجتماعى، ووسط شائعات عن انضمامه لجبهة النصرة، الأمر الذى يؤكد وجود أيدى خفية أمريكية لتدعيم الإرهاب فى سوريا.