خلال الأيام الماضية، عقد مجلس الدولة، برئاسة المستشار أحمد أبو العزم، رئيس المجلس، ورئيس الاتحاد العربى للقضاء الإداري، مؤتمراً دولياً، تحت رعاية رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، حضره، العشرات من رؤساء مجالس الدولة بالدول العربية وبعض الدول الأوروبية، وقامات قضائية وقانونية من مختلف دول العالم، وذلك كله بالتعاون مع مفوضية البندقية بمجلس أوروبا، تحت عنوان "التصويت فى الانتخابات والاستفتاءات بين الحق والواجب".
وعلى هامش المؤتمر، أجرت الزميلة "صوت الأمة" حوارا مع المستشار أحمد أبو العزم، رئيس مجلس الدولة، ، الذى تطرق للمؤتمر وما نتج عنه من توصيات، فيما يتعلق بحث المواطنين للمشاركة فى عمليات الانتخابات والاستفتاءات.
كما تطرق الحوار الذى أجراه الزميل محمد أسعد للعام القضائى الجديد، وكيف تسير الأمور داخل أروقة مجلس الدولة، والموضوع ورأيه فى قضية تعيين المرأة بمجلس الدولة، ذلك الموضوع الذى يثار بين الحين والآخر، وإلى نص الحوار..
متى جاءت فكرة المؤتمر؟ وكيف تمت خطوات تنفيذه؟
نواة المؤتمر بدأت منذ مارس الماضي، كنت أرى أهمية عقد مؤتمر ضخم حول المشاركة فى التصويت فى الانتخابات والاستفاءات، ودراسة تجارب الدول فى هذا الشأن، وعرضت فكرة المؤتمر أثناء مشاركتى فى المؤتمر الخامس عشر الخاص بالإدارات والهيئات الانتخابية و الذى عقدته مفوضية البندقية بالتعاون مع وزارة الحكم المحلى بمدينة اوسلو بالنرويج فى أبريل الماضي، ولاقت قبولاً من جميع المشاركين، وتبنوا الفكرة، وبدأنا الاستعداد والتجهيز، وتمت دعوة رؤساء مجالس الدولة بالدول العربية وبعض الدول الأوروبية، وقامات قضائية وقانونية من مختلف دول العالم، وذلك كله بالتعاون مع مفوضية البندقية بمجلس أوروبا.
ولماذا اخترتم هذا الموضوع تحديداً؟
حث المواطنين للمشاركة بالتصويت فى الانتخابات والاستفتاءات أحد أهم الإشكاليات الهامة المثارة فى كل دول العالم، وتختلف فيه الآراء بين كونه حق أم واجب، ولا يوجد معيار جامع، ولكل رأى له أسبابه وحججه، بعض الدول تعتبره واجب على المواطن الذهاب للإدلاء بصوته وتفرض عليه عقوبات فى حالة عدم المشاركة، وبعض الدول الأخرى تراه حق، وطالما أنه حق، فمن حق أيضًا ألا يذهب للإدلاء بصوته، ودول ترى أن من حقه عدم التصويت ولكن عليه الذهاب حتى ولو لإبطال صوته.
ولماذا حرص الرئيس السيسى على رعاية المؤتمر؟
المؤتمر تم برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث رحب به منذ أن كان مجرد فكرة، ووصلنى دعم الدولة وتبنيها لهذا المؤتمر، وكامل الدعم لأى فعاليات تعقد مستقبلا لمناقشة أية موضوع متعلق بالانتخابات وكذلك دعم كافة الأطراف المشاركة فيها، وأكد على حرص الدولة على خلق البيئة والأجواء التى تساعد المواطن على إبداء رأيه فى حرية ويسر.
كما رأيت، حضر وفود من مختلف دول العالم، وشارك كوكبه من رؤساء المحاكم العليا ومجالس الدولة ورجال القضاء والقانون فى الوطن العربى وأوروبا، فضلاً عن عدد من كبير من قضاة مجلس الدولة وأساتذة الجامعات المصرية.
وما هى أبرز التوصيات التى خرجتم بها من المؤتمر؟
خرجنا بالعديد من التوصيات فى هذا الشأن، لكن فى البداية أود الإشارة إلى أن هذا الموضوع لا يمكن أن تصل فيه لنتيجة نهائية وثابتة يمكن تعميمها على الجميع، أو تحدد من خلالها تشريعات بعينها، ولكن خرجنا بتوصيات تهدف فى النهاية إلى تحفيز المواطنين على المشاركة فى الانتخابات والاستفتاءات والإدلاء بأصواتهم.
كما سبق وذكرت لك، فأن الموضوع تختلف فيه الآراء حول دول العالم، ولكن نسبة مشاركة المواطنين وحرصهم على الإدلاء بأصواتهم، تتحكم فيه عوامل من بينها وجود أحزاب قوية توعى الناخب وتفهمه دوره وتقوم بدورها فى الوعى السياسى والثقافى والقانوني، ونحن نناشد كل القانونين بالمساهمة فى محو الأمية القانونية للمواطنين، ونشر الموضوعات السياسية والتوعية بها، وتبسيط الأمور القانونية المتعمقة، كما أن وسائل الإعلام المتخلفة عليها دور أساسى ومهم.
التعليم أيضاً، وغرس أهمية المشاركة فى ذهن الأطفال منذ الصغر، والمحفزات المختلفة فيما يتعلق بالعملية الانتخابية ذاتها، من توفير سهولة ويسر، وتيسير عملية الإدلاء بالأصوات وقبلها القيد فى سجلات الناخبين، وزيادة عدد اللجان وقربها وتوفير سبل الراحة والشفافية فى أداء العلمية الانتخابية، وجميعها كلما تمت بسهولة ويسر كلما جعلت المواطن يستسهل العملية ويذهب للإدلاء بصوته.
ومن وجهة نظرك هل يجوز فرض عقوبة على من لم يدلى بصوته فى الانتخابات كالغرامات وغيرها؟
الموضوع فى غاية التعقيد، لو اعتبرناه حق، فلا يجوز فرض عقوبة على شخص امتنع عن ممارسة حقه، ولكن بعض الدول تعتبره واجب على المواطنين الإدلاء بأصواتهم، ولذلك يتم فرض عقوبة كالغرامة، وبعض الدول الأوروبية تفعل ذلك، ومصر تفرض غرامة ولكن لم يتم تفعيلها.
بعض الدول ترى أن على المواطنين واجب والتزام للإدلاء بالأصوات والمشاركة فى أية انتخابات أو استفتاءات، لاختيار ممثلين عن الشعب لتأدية أدوارهم له ولغيره من الناخبين، وبالتالى تقاعسه عن المشاركة سيترتب عليه قلة عدد الناخبين المشاركين فى العملية الانتخابية وبالتالى يكون اختيار الممثلين لا يعبر تعبيراً حقيقياً عن إرادة الشعب.
لكن أود هنا الإشارة إلى أن فرض العقوبة أو تفعيل الغرامة مرتبطة بمدى ارتفاع الوعى بين المواطينن، وتوجد بعض المقترحات بإقرار وسائل تحفيز لحث المواطنين على المشاركة بدلاً من فرض العقوبات، كمنح بعض المزايا لمن يدلى بصوته لكونه حرص على المشاركة، ومن لم يدلى بصوته لن يحصل على تلك المزايا، وهى فى هذه الحالة ليست عقوبة ولكنها حث للمشاركة ووسائل تحفيز.
إذن المؤتمر لم يخرج بتوصيات تتعلق بتفعيل الغرامة أو ما شبه ذلك؟
لا.. لم نطالب بتفعيل الغرامة المفروضة على من لم يشارك فى الانتخابات، والمؤتمر لا يستهدف مناقشة الوضع فى مصر فقط، ولكننا نناقش الموضوع فى كل دول العالم، وتم استعراض تجارب الدول المختلفة فى هذا الشأن سواء العربية أو الأجنبية، واستعراض كافة القوانى والتشريعات والمواثيق والاتفاقيات الدولية فى هذا الشأن. وهذا المؤتمر بداية لسلسلة مؤتمرات أخرى سيتم عقدها بالاتفاق مع مفوضية البندقية.
لاحظنا فى الفترة الأخيرة نشاطاً مكثفاُ فى التعاون مع مفوضية البندقية، ما النتائج التى تخرج عن ذلك التعاون؟
نحرص على مشاركة الدولة العربية والدول الأجنبية فى تبادل الخبرات فيما يتعلق بالقضاء الإدارى ومجالس الدولة، وبصفتى رئيساً لمجلس الدولة، ورئيساً للاتحاد العربى للقضاء الإداري، يتم دعوتى للحضور المؤتمرات سواء فى الدول العربية أو الأجنبية، وحديثاً عقدنا بروتوكولات تعاون مع مجلس الدولة الفرنسى والإيطالى لتدريب شباب القضاة.
بدأنا فى العام القضائى الجديد منذ عدة أيام، كيف تمت الحركة القضائية للعام القضائى الجديد داخل مجلس الدولة؟
منذ أن توليت رئاسة مجلس الدولة أصدرت قرار بتطبيق لائحة المجلس التى حظرت على أى عضو الاستمرار فى أى من مواقع العمل بالمجلس، لأكثر من 3 سنوات متصلة، بما فى ذلك الأمانة العامة والأمانة الفنية، وشددت على تطبيق اللائحة على الجميع دون أى استثناءات، تطبيقًا للمصلحة العامة، وتم وضع الحركة القضائية بقواعد موضوعية، وهو أيضاً ما تم تطبيقه فى الحركة القضائية الجديدة للعام القضائى الجديد. كرة ثانية أؤكد "لا يوجد استثناءات واللوائح تطبق على الجميع".
وما هى أهم الأمور التى تشغل بال رئيس مجلس الدولة ويسعى لتحقيقها خلال العام القضائى الجديد؟
مستمر فى تحقيق العدالة الناجزة بمحاكم مجلس الدولة، وسرعة تداول القضايا والفصل فيها، وشكلت لجان لحصر كافة القضايا الموجودة بمحاكم مجلس الدولة المختلفة، ومتابعة انجازها، سواء فى القضاء الإدارى أو الإدارية العليا، وأقسام الفتوى والتشريع، ونحرص على ألا نعطل أية قانون يتم عرضه على قسم التشريع بمجلس الدولة، وقريباً سنعقد مؤتمراً صحفياً نعلن فيه عن حجم الانجاز فى القضايا الذى تم خلال العام الماضي.
من أهم الموضوعات المثارة حالياً هى تعيين المرأة فى مجلس الدولة، متى نجدها على منصة المجلس؟
موقفنا ثابت فيما يتعلق بتعيين المرأة وجلوسها على منصة قضاء مجلس الدولة، نحن لا نمانع من تعيين المرأة، ومجلس الدولة لا يرفض تعيين الإناث، ولا نقف ضد تعيين المرأة، ولكن الأمر يحتاج لمجموعة من الاستعدادات والتجهيزات وتعديل اللوائح، وتجهيز بعض الأمور اللوجيستية.
نحن نعانى فى الديوان العام لمجلس الدولة بالدقى لعدم توافر غرف مكاتب وقاعات للمحاكم، وديوان مجلس الدولة مختنق، ومقراتنا فى بعض المحافظات كانت عبارة عن شقق صغيرة، نعمل حاليا على افتتاح وإنشاء فروع جديدة لمجلس الدولة، ولا يوجد استراحات مناسبة للقضاة فى المحافظات المختلفة، وكل هذه الأمور يجب تجهيزها أولاً قبل البدء الفعلى فى تعيين المرأة بالمجلس.
أؤكد ثانية، مجلس الدولة لا يمانع فى تعيين المرأة، وأنا شخصياً أتمنى أن يحدث ذلك فى القريب العاجل، ومبدأ تعيين المرأة بالمجلس غير مرفوض ونحن مرحبين بذلك، ولكنها مسألة وقت كما سبق أن أوضحت.