من نيويورك إلى موسكو.. كواليس حرب الأزياء العالمية فى أسابيع الموضة.. انطلق من أمريكا بسبب الاحتلال النازى لفرنسا.. لندن ألهمت العالم بالمصطلح.. واهتمت به روسيا لتنضم للسباق وتواجه آثار التقشف

مثل كل شىء ترتبط الموضة والأزياء بالسياسة بشكل وثيق، والمتابع لتاريخ أسابيع الموضة التى نرصدها سنويًا حول العالم، ونهتم بمتابعة أحداثها وأهم العلامات التجارية بها، سيجد تحت سطحها الكثير من السياسة، وما يشبه حرب عالمية من نوع خاص، تحاول عبرها كل عاصمة حجز موقعها والتغلب على العاصمة الأخرى، من نيويورك إلى روسيا تمتد الحرب وتمتد أسابيع الموضة حول العالم حاملة الكثير من الفن والإبداع والأحلام للمصممين فى كل مكان، وناقلة للثقافة والحضارة والرقى، وخلفها الكثير من الرسائل التى تحاول كل دولة بثها بطريقتها الخاصة. اختتمت أمس فعاليات أسبوع الموضة الروسى الذى انطلق فى 13 أكتوبر الجارى. وهى الدورة الـ 18 لأسبوع الموضة فى روسيا، الذى انطلق عام 2000. ومنذ انطلاقه للمرة الأولى وحتى الآن شارك به أكثر من 400 مصمم وعلامة تجارية، ويعد الآن أكبر حدثًا للأزياء فى أوروبا الشرقية، وهو ما يمثل انتصارًا كبيرة لهذه البلد التى كانت واحدة من دول الاتحاد السوفيتى الذى كان يزدرى الاهتمام بالأزياء حتى خمسينيات القرن الماضى ويعتبرها ترفًا لا أهمية له. ورغم نعومة عالم الموضة إلا أنه دائمًا ما ارتبط بشكل وثيق بالصراعات السياسية والحروب، ومن خلال قصص أهم أسابيع الموضة فى العالم يمكنك أن تقرأ بعض الرسائل السياسية، من نيويورك إلى روسيا. أسبوع الموضة فى نيويورك.. محاولة لتعزيز الاستايل الأمريكى فى ظل احتلال فرنسا نظرًا لأن فرنسا هى الرائدة فى عالم الموضة، يظن الكثيرون أن نشأة أسبوع الموضة كانت فى باريس، خاصة أنه الآن واحد من أهم أسابيع الموضة الكبار فى العالم، ولكن الحقيقة أن نيويورك كانت أول مدينة تبدأ بتنظيم أسابيع الموضة موسميًا. وانطلق أسبوع الموضة فى نيويورك 1943 على يد مصممة الأزياء "إليانور لامبرت"، حيث قررت أن تجمع هذه العروض فى إطار زمنى محدد تحت اسم "أسبوع الصحافة الأسبوعية" وكانت فكرتها فى تجميع جميع عروض الأزياء الموسمية فى أسبوع واحد لتعزيز الاستايل الأمريكى أثناء الاحتلال النازى لفرنسا حيث أثر ذلك على صناعة الأزياء فى باريس، حسبما ذكر موقع "fashionweekonline" فى تقرير حول تاريخ أسابيع الموضة. وتم تنظيم عروض أسبوع الموضة الأول فى وقت محدد ولكن ليس فى مكان واحد، أما أول مرة تجمع نيويورك العروض فى مكان واحد كان فى عام 1993، ولكن تحت اسم "7th on Sixth" وليس أسبوع الموضة فى نيويورك. أسبوع الموضة فى فرنسا أشرنا إلى أن فرنسا لم تكن صاحبة أول أسبوع للموضة ولكنها كانت أول بلد تشهد تنظيم عروض الأزياء. وانطلق أسبوع الموضة الفرنسى فى عام 1945 حيث كانت تشهد أسبوعين للموضة واحد للأزياء الراقية وآخر للازياء الجاهزة. وفى عام 1973 أصبح أسبوع الموضة فى باريس أكثر تنظيمًا حيث نظمه اتحاد الموضة الفرنسى، وأقيم فى قصر فرساى. أسبوع الموضة فى لندن كان تاريخ أسبوع الموضة فى لندن واضحًا قليلاً من بقية الأسابيع العالمية، فقد نظمه "مجلس الأزياء البريطانى" منذ عام 1984 وحتى الآن. وكانت بريطانيا هى صاحبة الريادة أيضً فى نقل الحدث على الهواء مباشرة للجمهور العالمى منذ عام 2010. وبعد "أسبوع الموضة فى لندن" بدأ هذا المسمى ينتشر فى مختلف دول أوروبا الناطقة باللغة الإنجليزية. أسبوع الموضة فى روسيا من أجل معرفة أسبوع الموضة فى روسيا ينبغى أن نعود بالوراء كثيرًا لمعرفة تاريخ الأزياء فى الاتحاد السوفيتى، حيث كانت الموضة هناك تتبع الاتجاهات الشعبية فى العالم الغربى ورغم ذلك كانت تتأثر كثيرًا بالأيديولوجية البلشفية التى كانت تنظر للأزياء الغربية كممارسة رأسمالية جوهرية، لا سيما فى ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة. وفى أوائل العشرينيات من القرن الماضى كان الخطاب السياسى يتطرق إلى الموضة ويوجه رسالة للنساء أنه يجب الحكم على المرأة من حيث قدرتها على العمل وليس مظهرها، وأن الموضة أمر برجوازى يضر المجتمع الاشتراكى، حسبما ذكر كتاب "Creating the new Soviet woman" لـ"لين أتوود". وفى مواجهة الأزياء الغربية كانت الدولة تدعم مشاريع لإنتاج ملابس سوفيتية شكلها تقليدى عملية جدًا وبسيطة وسهلة الإنتاج. وأحيانًا كان يتم إنتاج ملابس واحدة للجنسين نظرًا لعدم توفر المواد والآلات الكافية. وفى الفترة من الثلاثينيات إلى الخمسينيات بدأت تتبدد المشاعر المعادية للأزياء فى الاتحاد السوفييتى، وبدأت مجلات الأحزاب تشجع على الاهتمام بالموضة والجمال، وتعرف بدور الأزياء الجديدة التى تظهر فى الاتحاد السوفييتى. وارتبط هذا الاهتمام الجديد بالأزياء بارتباط ستالين على الترويج لفكرة أن "الحياة أصبحت أفضل وأكثر بهجة"، وأن انتشار صور النساء العاديات تنشر وجهة نظر الرأسمالية بأن الاشتراكية تولد الفقر. وفى عصر خروتشوف أى من الخمسينيات للستينيات كان هناك تمثيل أكبر للأزياء الغربية فى وسائل الإعلام المحلية، وتم إرسال صحفيين للخارج للإبلاغ عن أحدث اتجاهات الموضة الدولية، مع بعض التدخلات من مؤسسات ومجلات الأزياء المملوكة للدولة التى رفضت الترويج للأزياء "المجنونة" وروجت أكثر للاستايل الكلاسيكى الطويل. أما إنتاج الدولة للأزياء فكان لملابس عصرية ولكنها بسيطة وغير مبالغ فيها، وبحلول أوائل الستينيات ارتفعت معايير الموضة لدى الطبقة المتوسطة وأصبحت موضة الشارع فى موسكو مميزة عن تلك الموجودة فى المدن الغربية. وتوالت التغييرات على عالم الأزياء فى الاتحاد السوفيتى حتى انهياره فى العصر الحديث، والذى أدى إلى إغراق الأسواق الاستهلاكية بملابس أمريكية وأوروبية مستوردة، وتأثر المصممون الروس بالاتجاهات الغربية بشكل كبير. وعن بداية ازدهار الأزياء الروسية قالت "ايفلينا كرومتشينكو" رئيس تحرير مجلة L’Officiel Russia لمجلة "wmagazine": عندما فكرنا فى أسبوع الموضة الروسى لم يكن لدينا الكثير من المواهب المحلية، كان هناك عدد قليل من المصممين الروس الحاليين جزءًا من الجيل الأكبر سنًا. فأردنا أسماء جديدة وكان أسبوع الموضة الروسى فرصة جيدة لذلك، وأصبح علامة فارقة فى عالم الموضة الروسى.