نقلا عن العدد اليومى...
قضية التمويل الأجنبى من القضايا الحساسة التى تتعلق بالأمن القومى، وتتداخل فيها الخيوط والخطوط، بالرغم من أنها تبدو واضحة وتحتاج فقط لأن تلتزم كل الجهات بالشفافية، وألا تعتقد بعض المنظمات المدنية أنها لمجرد علاقاتها بالجهات الأمريكية تحتاج لأن تحظى بامتيازات أجنبية، والتزامن فى أحيان كثيرة يثير الشكوك ويكشف عن خلط التحركات.
عندما قرر قاضى التحقيق فتح تحقيقات بشأن عدد من المنظمات الحقوقية وبعض المراكز الأهلية والإخوانية، وتلقى تمويل أجنبى وعربى. خاطبت 16 منظمة حقوقية مصرية المفوض السامى لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، تطالب بحفظ فورى لملف القضية. فيما بدا أنه استدعاء للخارج فى قضية داخلية.
بالطبع فإن أى حديث عن اتهامات لمنظمات حقوقية أو غيره مرهون بنتائج التحقيقات التى يمكن أن تبرئ أو تدين، بناء على أوراق ووثائق، لكن اللافت للنظر فى كل هذا أن وزارة الخارجية الأمريكية دخلت على الخط، وكان لدى وزير الخارجية جون كيرى فرصة للحديث قبل أسابيع.
القضية أن قانون الجمعيات الأهلية يحدد قواعد التمويل ويشترط مثلما فى كل دول العالم على منظمات المجتمع المدنى الحصول على إذن من الحكومة للحصول على تمويل أجنبى، حتى يمكن للدولة معرفة مصدر الأموال ومكان إنفاقها، المفارقة أن بعض المنظمات الحقوقية ترفض الإفصاح عن مصادر تمويلها وتغضب وتسارع بالبكاء أمام الخارجية الأمريكية تطالبها بالضغط لوقف التحقيق وحفظ القضية.
وإذا كانت هذه المنظمات تتحدث عن الدول الديمقراطية، فهل تدلنا على دولة تسمح بتلقى أموال مجهولة، ولماذا تغضب الولايات المتحدة الأمريكية ووزير خارجيتها عندما تطلب المؤسسات الحكومية التعرف على مصادر أموال هذه المنظمات، لدينا فى مصر مئات من منظمات المجتمع المدنى تعمل طبقا للقانون وتقدم تقارير بالتمويل والإنفاق طبقا للقانون، وهذا أمر ليس فيه ما يثير، لكن الولايات المتحدة تثير كل هذه الضجة، ووزير الخارجية يخرج ليخلط الأوراق لمجرد أن هناك من يسأل بعض السادة أصحاب المنظمات عن مصادر تمويلهم، وكان تطبيق القانون أصبح أزمة ومشكلة.
بالطبع فإن على الخارجية والجهات المعنية أن تهتم بالرد وتقديم الوثائق ومواجهة التهامات بشكل موضوعى، لكن هذا يفترض أن يأتى مراعيا للقواعد القانونية، وأن يفصل هؤلاء بين مواقفهم ورغباتهم وبين الخلط بين السياسة والقانون. كل القوانين الدولية تعطى الحق لكل دولة فى فرض قوانينها، ولا يوجد هذا الهراء، وربما لهذا نرى بعض هذه المنظمات سارعت بالتحريض على مصر فى الخارج وفى المنظمات التابعة للأمم المتحدة والمعروفة بانحيازاتها، ويمكن التواصل بين الحكومة والجهات المانحة لتحديد المنظمات التى تستحق الحصول على تمويل، لأنها تخدم أنشطة حقيقة، والأمر مرتبط بالأمن القومى، حيث هناك جمعيات تحصل على تمويل دون أن تكون هناك ضرورة ملحة للبلد.