يتزايد تهديد جماعات اليمين المتطرف فى الولايات المتحدة ، الأمر الذى أصبح يمثل خطرا داهما على المجتمع الأمريكى، وخلال الأسبوع الماضى شهدت البلاد واحدا من أكثر الحوادث دموية حيث تم استهدف كنيس يهودى فى ولاية بنسلفانيا، أسفرعنه مقتل 11 شخصا، وهو ليس الحادث الأو ، ل الذى يقوم على أساس الكراهية، ففى يونيو 2015 هاجم شاب أبيض كنيسة للسود فى شارلستون بولاية ساوث كارولينا مما أسفر عنه مقتل 9 أشخاص.
ويتهم الإعلام الأمريكى سلطات إنفاذ القانون فى الولايات المتحدة ، بالفشل فى إدراك التهديد الذى يمثله القوميين البيض ، ومن ثم فإنهم باتوا لا يعرفون كيف يوقفون خطرهم. وأوضحت النيو يورك تايمز ، فى تحقيق موسع بعددها الأسبوعى على موقعها الإلكترونى، الأحد، أنه على مدار عقدين من الزمان ، تجاهلت إستراتيجية مكافحة الإرهاب الداخلى تنامى خطر اليمين المتطرف. وفى جو من اللامبالاة المتعمدة، بحسب نيويورك تايمز، نمت حركة خطيرة وتوسعت ، مشيرة الى أن المتطرفين البيض وغيرهم من المتطرفين اليمينيين قتلوا منذ 11 سبتمبر 2001 أكثر من أى فئة أخرى من المتطرفين المحليين. وبحسب مركز مكافحة التشهير المعنى بأنشطة المتطرفين فإن 71٪ من حالات القتل المرتبطة بالمتطرفين فى الولايات المتحدة بين عامى 2008 و 2017 قد ارتكبها أعضاء من اليمين المتطرف أو حركات قومية بيضاء. فى حين كان المتطرفون الإسلاميون مسؤولين عن 26%.
وتظهر البيانات التى جمعتها ، قاعدة بيانات الإرهاب العالمى فى جامعة ميريلاند ، أن عدد الحوادث المرتبطة بالإرهاب قد تضاعف ثلاث مرات فى الولايات المتحدة منذ عام 2013، وأن عدد القتلى قد تضاعف أربع مرات. وفى عام 2017، كان هناك 65 حادثة بإجمالى عدد قتلى 95 شخص ، وفى تحليل أخير للبيانات من قبل موقع كوارتز الإخبارى، كان ما يقرب من 60٪ من تلك الحوادث مدفوعًا بإيديولوجيات عنصرية أو معادية للمسلمين أو معادية للسامية أو مناهضة للحكومة أو غيرها من الأيديولوجيات اليمينية. وكانت الأيديولوجيات اليسارية، مثل البيئية المتطرفة، مسؤولة عن 11 هجومًا. فى حين أرتكب المسلمون المتطرفون سبع هجمات فقط.
وتثير هذه الاحصاءات تساؤلات حول استراتيجية الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب، التى ركزت منذ ما يقرب من عقدين، بشكل شبه حصرى، على الجهاديين الأمريكيين ، والأجانب المولودين فى الخارج، مما طغى على التطرف اليميني باعتباره تهديداً أمنياً وطنياً. ووفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن مركز ستيمسون غير الحزبى، فإنه بين عاملى 2002 و 2017، أنفقت الولايات المتحدة 2.8 تريليون دولار – 16% من الميزانية الفيدرالية الإجمالية- على مكافحة الإرهاب.