دراسة لمركز الأقصر للدراسات والحوار: القدماء المصريون قدروا الأم وكرموها قبل آلاف السنين.. باحثتان: "إيزيس" كانت ربة أمومة قدسها المصريون البطالمة والرومان.. واحتفالنا بعيد الأم يتجسد فى نقوش الفراعنة

كشفت دراسة حديثة صدرت بمناسبة الاحتفال بعيد الأم، إن المصريين يحتفلون بأمهاتهم على خطى أجدادهم الفراعنة، وأن قدماء المصريين قدروا الأم وكرموها قبل آلاف السنين، وأن احتفال المصريين بعيد الأم هو تقليد ليس ببعيد عن النقوش واللوحات والتماثيل التى تركها قدماء المصريين.

وأشارت الدراسة الصادرة عن مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية، وأعدتها الخبيرة التربوية أمل مسعد النادى، والباحثة دعاء مرتضى، إلى مكانة الأم لدى قدماء المصريين وكيف وقرها الأبناء، وكيف قدس المجتمع دورها، وتؤرخ لكثير من القيم التى أعطت للأمومة حقها بين عامة الشعب وفى أوساط النبلاء والأغنياء، وكيف كانت الحضارة المصرية القديمة واحدة من الحضارات العظيمة الرائدة التى كانت تمتلك قيمًا ذات جذور ممتدة فى عمق التاريخ، وتقاليد متأصلة كانت فى غالبها متحفظة.

ومن جانبه صرح حجاج سلامة مدير مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية، أن الدراسة كشفت عن أن مكانة الأم لدى قدماء المصريين وصلت إلى حد التقديس، وكان لها ربة خاصة هى الإلهة "إيزيس" ربة الأمومة، والتى عبدها المصريون البطالمة والرومان، وكانت صاحبة مكانة متميزة بين آلهة مصر الفرعونية، بفضل أسطورة "إيزيس وأوزوريس"، فقد كانت إيزيس شقيقة الإله أوزوريس وزوجته، واستعادت جثته بعد أن قتله شقيقه "ست" ليستولى على عرشه، وبمساعدة من الآلهة "نفتيس" و"تحوت" أعادت إليه الحياة بعد رحيله إلى العالم الآخر، وقامت بتربية وتنشئة ابنها "حورس"، الذى أنجبته من زوجها الراحل "أوزوريس" فى مستنقعات دلتا مصر، وقد كان خيال عامة الشعب المصرى القديم مغرمًا بتأمل صورة الأم التى أخفت نفسها فى مستنقعات الدلتا لتقوم بتربية حورس طفلها حتى إذا ما شب واشتد ساعده صار قادرًا على الانتقام من عمه "ست" قاتل أبيه.

وكانت "إيزيس"، بحسب دراسة الباحثتين التربوية أمل مسعد النادى ودعاء مرتضى، من أشهر الربات المصريات جميعًا، وكانت مثال الزوجة الوفية حتى بعد وفاة زوجها والأم المخلصة لولدها، وامتدت عبادة إيزيس فى عهد البطالمة واليونان إلى ما بعد حدود مصر، وكان لها معابدها وكهنتها وأعيادها الدينية فى كافة أنحاء العالم الرومانى، حيث صارت تمثل ربة الكون "أنا أم الطبيعة كلها وسيدة جميع العناصر ومنشأ الزمن وأصله والربة العليا أحكم ذرا السماء ونسمات البحر الخيرة وسكون الجحيم المقفر".

وترك قدماء المصريون الكثير من المعابد التى كرست لعبادة الربة إيزيس، فهناك معبدها فى جزيرة فيلة بأسوان، ومعبد دير شلويط الذى كرس أيضًا لعابدتها فى غرب الأقصر، وهناك مقصورات وتماثيل ولوحات للربة إيزيس فى كثير من معابد الأقصر وأسوان وغيرهما من مدن مصر التاريخية، وأن إيزيس ظهرت فى تلك المعابد والمقصورات الأثرية، فى صورتها التقليدية وهى ترضع ابنها حورس منذ بداية عصر الدولة الوسطى، ثم أصبحت هذه الصورة هى صورتها النموذجية التى انتشرت فى العصر المتأخر، وذلك عندما قوى مظهر إيزيس راعية الأمومة وقواها الحامية، وباعتبارها خيرة وقوية وقادرة على تخطى المخاطر، فقد أثرت شخصيتها بالفعل على العالمين الهلينستى والرومانى.

وتوضح الدراسة، أنه فى أحد التماثيل تجلس إيزيس على العرش وقد ارتدت ثوباً طويلاً يصل إلى قدميها الموضوعتين على قاعدة صغيرة، كما تضع على رأسها شعراً مستعاراً يزينه غطاء رأس أو شريط زينة من عدد من الصل المقدس أو الكوبرا الملكية، ويعلو ذلك قرص الشمس بين قرنى بقرة، أما الرب الطفل حورس فقد ظهر وهو يجلس عارياً بعرض حجر أمه التى تسند كتفيه بينما هو يرضع من ثديها اليسرى.

وتشير دراسة مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية، إلى احتواء المعابد والمقابر الفرعونية المصرية على مشاهد مؤثرة للأمومة والطفولة، مثل ظهور الملكات فى مصر القديمة وهنَ يرضعن أطفالهن مثل العامة من الأمهات، ليرمز المصرى القديم فى تلك المشاهد إلى العلاقة الحميمة بين الأم والطفل، دون تفرقة بين ملكة أو أميرة أو سيدة فقيرة.

وبحسب الدراسة يبقى معبد إيزيس بجزيرة فيلة فى أسوان، هو المعبد الأكبر الذى بناه البطالمة والرومان لعبادة الإلهة "إيزيس"، وفى المعبد يوجد ما يسمى ببيت الولادة، وهو مُكرس للإله "حورس"، وكانت تُجرى قديماً طقوس الولادة الإلهية احتفالاً بميلاد الإله، وكان الملوك يحرصون على الاشتراك فى هذه الطقوس تأكيداً على انتمائهم لسلالة الإله "حورس"، كما يوجد بالمعبد الحرم الداخلى المقدس "لإيزيس"، ويوجد سلم بالناحية الغربية يصعد إلى حجرات "أوزوريس"، وهى حجرات مزينة بمشاهد للنّادبين، ونقوش لـ"إيزيس" وزوجها وابنهما وآلهة أخرى، بجانب بنقوش تُصور الإمبراطور "تراجان" وهو يقدم القرابين لـ"إيزيس" و"أوزوريس" و"حورس".

وترصد دراسة الباحثة التربوية أمل مسعد النادى والباحثة دعاء مرتضى، الكثير عن الأمومة فى مصر القديمة، وكيف كانت الأسرة المصرية القديمة تنعم بنصيب من الاستقرار الذى لم تعرفه شعوب أخرى آنذاك، وأن الكثير من الأدلة التاريخية والمعالم الأثرية، تشير إلى حالة التماسك الأسرى بين الزوجين فى مصر القديمة من ناحية، وبينهما وبين الأبناء من ناحية أخرى، حيث تفردت الحضارة المصرية القديمة خلال مختلف عصورها بالاهتمام البالغ بالأمومة والطفولة، اللذين كان لهما نمط روحانى مقدس فى الحضارة المصرية، وكانت الأسرة تمثل نموذجًا فريدًا فى التراحم والحب والوفاء.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;