سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 15 نوفمبر 1948.. سيارة جيب تكشف عن «الجهاز السرى» لجماعة الإخوان وأوراق فى محفظة مصطفى لتخريب «مطار ألماظة»

كانت الساعة الثانية و54 دقيقة بعد ظهر يوم 15 نوفمبر «مثل هذا اليوم عام 1948»، حين ضبطت أجهزة الأمن سيارة جيب محملة بصناديق فى شارع «جنينة القوادر» فى «الوايلى» بالقاهرة، ويركبها أشخاص هم، أحمد عادل كمال، طاهر عماد الدين، إبراهيم محمود، وتم ضبط مصطفى مشهور «مرشد جماعة الإخوان فيما بعد» قريبا من السيارة يحمل حافظة جلد تحتوى على أوراق، حسبما يذكر المستشار عصام حسونة وزير العدل «سبتمبر 1965 - مارس 1968» فى مذكراته «شهادتى». كان «حسونة» وكيلا لنيابة «السيدة زينب» بالقاهرة وقتئذ، وقام بالتحقيق فى هذه القضية المعروفة تاريخيا باسم «العربية الجيب»، وهى حسب تقديره «أخطر قضية سياسية فى العهد الملكى.. فقد انكشفت بضبطها أسرار وأخطر تنظيم سرى عرفته مصر، وأعنى به التنظيم السرى لجماعة الإخوان».. يذكر حسونة: «فى حوالى الساعة الثانية من بعد ظهر يوم 15 نوفمبر عام 1948، شهد رجل البوليس الملكى صبحى على سالم، سيارة رمادية طراز جيب لا تحمل أرقاما، تسير ببطء مقبلة من شارع «لبيب» بجهة الوايلى، إلى شارع «جنينة القواد»، ثم وقفت أمام المنزل رقم 38، وأثارت هذه السيارة ريبته، إذ رأى عليها صندوقا وحقيبتين وأوراقا، ورأى ركابها ينزلون منها ويقفون بجوارها، وعرف منهم أحد سكان ذلك المنزل وهو، إبراهيم محمود على، فتقدم منهم وأمرهم بالوقوف فى أماكنهم، فدفعه أحدهم، وجرى مع أحد زملائه إلى جهة شارع «عبده باشا» فتبعهما وجمهور من المارة، يصيح: «صهيونى» إذ تبادر إلى ظنه أن السيارة لصهاينة، وتمكنوا من ضبط المشتبه فى أمرهم من ركاب السيارة». يذكر «حسونة» المضبوطات التى تم العثور عليها فى السيارة طبقا لمحاضر التحقيقات وكانت: «متفجرات وأسلحة هى، لغم، وكميات كبيرة من مواد ناسفة، وقنابل، ولفافات فتيل الإشعال ومدفع ستن، وثلاثة خزانات لمدفع ستن، و27 مسدسا، وأربعة خناجر، وعدد كبير من الطلقات النارية والمفجرات الكهربائية والطرقية، وست ساعات زمنية وقناع أسود». يؤكد حسونة: «كانت الأوراق المضبوطة أكثر خطرا، إذ كشفت خطط التنظيم السرى، وأفضت إلى ضبط قادته.. ضبطت أوراقا محررة بخط اليد معنونة «قانون التكوين»، تتضمن بيانات عن كيفية تكوين وتنظيم الجماعة على نظام الخلايا، وأوراق كثيرة أخرى منها ما يحوى تعليمات عن كيفية تعقب الأشخاص، وضبطت أوراق تقول: «إن القتل الذى يعتبر جريمة فى الأحوال العادية يفقد صفته هذه ويصبح فرضا واجبا على الإنسان إذا استعمل كوسيلة لتأمين الدعوة».. وأوراق تتحدث عن اليهود والنصارى وتحذر من: «خدعة أنهم ذميون»، وأوراق تقول: «إعلان حرب نظامية ليس فى مقدور أعضاء الجماعة الآن.. وعليهم ألا يترددوا فى اغتيال أعداء رسول الله، ومن التنطع تقديس المرأة بلا قيد ولا شرط، ومن سياستنا من يجب استئصاله وتطهير البلاد منه، فإن لم توجد سلطة شرعية تصدهم، فليتول ذلك من وضعوا أنفسهم جنودا للحق، وأن الإسلام يتجاوز عن احتمال قتل المسلمين إذا كان فى ذلك مصلحة، ومن يناوئ الجماعة، أو يحاول إخفات صوتها مهدر دمه، وأن قاتله مثاب على فعله». يؤكد «حسونة»، أنه من ضمن المضبوطات فى السيارة، كراسة تحتوى على بيانات عن أماكن بمدينة الإسماعيلية، ذكرت فيها أقسام البوليس وكيفية نسفها، واغتيال ضباطها وجنودها وقطع الأسلاك التليفونية، وضبط فى حافظة مصطفى مشهور، أوراق عن برامج الدعاية الخارجية والداخلية، وثلاث ورقات عن «الإعانات والتعويضات والتهريب»، فيها، تشمل تفاصيل عن كيفية التهريب بطرق المواصلات من طائرات وسفن وسيارات وقوافل، وعن البضائع المهربة والعملة الصعبة، وتهيئة أشخاص للعمل فى بعض الأماكن والشركات، والاشتراك فى أسهم الشركات أو تأسيسها للعمل فى مناطق الموانئ، كما ضبط فى «حافظة مشهور»، ورقتان من أوراق مطار ألماظة الذى يعمل به، وقرر أنهما بخطه، وتضمنا طريقة تخريب المطار تفصيلا، وتقريران عن حسن رفعت باشا وكيل وزارة الداخلية، وحزب مصر الفتاة، محرران من مخابرات التنظيم المختصة بالتجسس على الشخصيات المصرية العامة والأحزاب المختلفة، وتقارير عن البنك الأهلى وفروعه ونظام حراستها، وطريقة مهاجمتها بواسطة أشخاص مسلحين بمدافع تومى وقنابل يدوية. يكشف «حسونة»، أنه قام بالتحقيق حول ما جاء فى المضبوطات عن المحلات التجارية التى يملكها اليهود فى شوارع «النيل» و«شريف» و«عماد الدين» بوسط القاهرة، وعن السفارات الأجنبية، وقصور وبيوت الشخصيات العامة والسياسية، فضلا عن أوصافهم الدقيقة وعاداتهم.. ويؤكد: «التحقيق فى ذلك اقتضى منى جهدا مضنيا.. كنت أمر على المحلات المشار إليها محلا محلا.. كان بعضها يحمل أسماء يهودية صريحة، وبعضها يحمل لافتات بأسماء مسلمة أو مسيحية.. فكنت أحقق فى الأمر وأنتهى إلى دقة تقارير التنظيم السرى، وأتبين بعد التحقيق أن ملاك هذه المحلات يهود يتخفون لأسباب ما وراء أسماء مسلمة أو مسيحية»، ويتعجب مما جاء فى أوراق التنظيم عن قصور الشخصيات العامة، حيث تبين أن عناصر التنظيم، كانت تتسلل إلى داخلها، فتصفها حجرة حجرة وركنا ركنا، وتصف صاحب القصر وصفا شاملا دقيقا.. سنه وطوله.. ثم تتابعه إلى أماكن لهوه السرية التى لا يعرفها أحد.. كان قصر عدلى يكن باشا، وقصر شريف صبرى باشا من بين هذه القصور التى شملها تحقيقى فثبت دقة ما أوردته مخابرات التنظيم عنه».



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;