لا تزال الحضارة الفرعونية حافلة بالكثير من الأسرار، وعلى رأس ذلك تأتي الأهرامات، كيف تم بناؤها وما الغرض منها؟
ويستعرض كتاب "ألغاز تاريخية محيرة" لـ بول أرون، الذى ترجمته شيماء طه الريدى وراجعته إيمان عبد الغنى نجم، في أحد فصوله سؤال ما الهدف من بناء هذه المباني الضخمة المثيرة للإعجاب؟
كان بعض كتاب العصور الوسطى يعتقدون أن الأهرامات هى الصوامع المذكورة فى التوراة، التى كان النبى يوسف يستخدمها لتخزين القمح خلال سنوات الوفرة والرخاء فى مصر، وفى مرحلة أقرب وصفت الأهرامات كساعات شمسية ومراصد فلكية.
غير أن النظرية الأكثر قبولاً هى أن الأهرامات كانت مقابر للفراعنة، ولا يزال أشهر علماء المصريات يعتقدون ذلك، ولسبب وجيه، فالأهرامات تمتد على طول الضفة الغربية للنيل، التى تربطها الخرافات المصرية القديمة بكل من غروب الشمس والرحلة إلى العالم الآخر، واكتشف العلماء بجوار الأهرامات المراكب الجنائزية الطقوسية التي كان من المفترض أن يبحر بها الفراعنة إلى العالم الآخر، كما تحيط بالأهرامات مقابر أخرى يفترض أنها خاصة بأفراد البلاط الملكي للفراعنة.
غير أن نظرية المقابر كان ينقصها دليل في غاية الأهمية، وهو وجود جثة، فخلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، دخل المستكشفون ومن بعدهم علماء الآثار هرمًا تلو الآخر، وكانوا يجدون ما كان يبدو أنه تابوت فرعوني، ويفتحونه، حابسين أنفسهم، ليجدوه خاويًا مرارًا وتكرارًا.
طالما كانت أكثر التفسيرات شيوعًا للمقابر الخاوية أن الأهرامات قد نهبت، وبالطبع كان معظم اللصوص أكثر اهتمامًا بالعثور على كنوز الفراعنة من اهتمامهم بجثثهم، إلا أنه ليس من المحتمل بالتأكيد أن يكونوا قد استغرقوا أي قدر من الوقت في التأكد من أن الجثث كانت محفوظة بطريقة ملائمة، ومن غير المحتمل أيضًا أن يكونوا قد تركوا وراءهم أي مومياء مغطاة بالذهب الخالص.
وكان المستكشفون الأوروبيون الذين وصلوا مصر بعد غزو نابليون مهتمين بالحجر المنقوش أكثر من اهتمامهم بالمجوهرات، ولكنهم لم يحترموا الآثار الفرعونية بدرجة أكبر بكثير من سابقيهم. ففي عام 1818 استخدم جيوفاني بلزوني وهو لاعب سيرك إيطالي قوى البنية تحول إلى مستكشف، آلات حربية تسمى الكبش لاختراق جدران هرم خفرع، ورغم أن بلزوني كان مشغولاً بتأمين مخزون كافٍ من المعروضات لمعرضه المقبل في لندن، فإنه توقف لفترة طويلة كافية لفحص الجثث فيما بدا أنها غرفة الدفن، وكانت العظام الوحيدة التي وجدت هناك لثور، ولعلها كانت نوعًا من القرابين ألقيت داخل التابوت الحجري من قبل بعض المتطفلين الأوائل الذين فروا بجثة الفرعون.
في عام 1925 كان فريقًا من علماء الآثار الأمريكيين – تحت قيادة جورج أندرو رايزنر – يعمل بالقرب من قاعدة هرم خوفو الأكبر، وبالمصادفة بينما كان مصور يحاول نصب حامل آلة التصوير خاصته، نزع جزءًا من الجص عن فتحة سرية حفرت في الصخر، ليكشف عن جزء من دهليز ممتد بعمق مائة قدم، وممتلئ بأحجار البناء من القمة إلى القاع، واستغرق الوصول إلى القاع أسبوعين.
وهناك عثر رايزنر على تابوت الملكة حتب حرس، أم خوفو، ولما كانت المقبرة مخبأة بشكل محكم للغاية، تمنى رايزنر أن يجد مقبرتها سليمة لم تمس، ولكن التابوت الحجري كان خاويًا، وبعد أن تغلب فريق علماء الآثار على خيبة أملهم، لاحظوا مساحة مغطاة بالجص، على جدرن الغرفة وجدوا خلفها خزانة صغيرة، وبداخل تلك الخزانة عثروا على أحشاء الملكة المحنطة.
كان الفشل في العثور على فرعون في مقبرته هو نقطة الانطلاق لظهور العديد من النظريات، ففي القرن التاسع عشر، على سبيل المثال، اكتشف الفلكي الاسكتلندي تشارلز بيازي سميث أن الهرم الأكبر كان به قدر كافٍ من البوصات الهرمية التي تجعله نموذجًا مصغرًا لمحيط الأرض، ولسوء الحظ كانت حسابات بيازي سميث الدقيقة قائمة على قياسات أخذت حين كانت الأكداس الضخمة من الحطام والأنقاض لا تزال تغطي قاعدة الهرم.
وفي عام 1974 زعم الفيزيائي كورت مندلسون أن الأهرامات كانت عبارة عن مشروعات عمل عامة وليست مقابر، وأن الهدف منها كان خلق هوية مصرية قومية للقبائل المشتتة آنذاك.
وثمة نظرية أخرى لعديد من الأتباع والمؤيدين وهي أن الأهرامات كانت أضرحة تذكارية، أي شيدت تكريمًا للفراعنة المتوفين ولكنها ليست مقابرهم الفعلية.