"التنوع البيولوجى"، كلمة معقدة وغير مفهومة لغير المهتمين بالشئون البيئية، رغم أننا نحتاجه ونتعامل معه بشكل يومى، فهو وحده المسئول عن توفير "الأكسجين، المياه، الغذاء، الدواء، والملابس"، لذا فأنه يُعرف بأنه الداعم للحياة على كوكب الأرض، ويعنى التنوع الموجود فى الكائنات الحية، والتى تعد مصدرا أساسيا لبقائنا على قيد الحياة، حيث إن تلك الموارد الطبيعية تدعم العديد من الصناعات مثل "الأدوية، تصنيع الورق، البناء، معالجة النفايات، الغذاء، ومصادر للأخشاب والطاقة والكهرباء، وغيرها".
ويضم التنوع البيولوجى أيضا، التنوع الكبير فى النباتات، والحيوانات والكائنات الدقيقة مثل الميكروبات، بجانب الاختلافات الجينية داخل كل نوع – مثلا: بين مجموعات متنوعة من المحاصيل وسلالات الماشية،بجانبالكروموسومات، والجينات، والحمض النوويDNA، بالإضافة إلى تنوع الأنظمة الإيكولوجية مثل: الصحارى والغابات والأراضى الرطبة والجبال والبحيرات والأنهار و المسطحات الزراعية، وفي كل نظام إيكولوجى منهم، يكون هناك مجتمع خاص بالمخلوقات الحية الموجودة بكل منهم، بما فيهم البشر، حيث يتفاعلون فيما بينهم كما يتفاعلون مع ما يحيط بهم من الهواء والماء والتربة.
وحتى وقتنا هذا، تم التعرف على حوالي 1,75 مليون نوع، أغلبهم من المخلوقات صغيرة الحجم مثل الحشرات، فى الوقت الذى يشير فيه العلماء إلى أن هناك حاليا ما يقرب من 13 مليون نوع، وذلك على الرغم من أن التقديرات تتراوح من 3 إلى 100 مليون نوع موجود على هذا الكوكب.
وتستضيف مصر لأول مرة فى إفريقيا والوطن العربى، بمشاركة أكثر من 196 دولة، مؤتمر الأطراف الرابع عشر لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجى، وذلك لبحث سبل الحفاظ على الطبيعة وتنوعها البيولوجى، لاستمرار الحياة، ذلك انطلاقا ويقينا من أن خسارة التنوع البيولوجى يمكن أن تكون لها آثار هامة ومباشرة على صحة الإنسان وحياته وكوكب الأرض كاملا، ومن المقرر أن ترأس مصر فعاليات المؤتمر حتى نهاية 2020، لتتولى الصين بعد ذلك رئاسته لمدة عامين.
وتأتى رئاسة مصر لفعاليات الاتفاقية العالمية للتنوع البيولوجى، فى وقت حرج تشهده البيئة فى كوكب الأرض كاملا، حيث أكد عددا من العلماء المشاركين بالمؤتمر أن نحو 20% من التنوع البيولوجى بات مهددا بالإنقراض، وأن 77% من الأراضى الزراعية بأنحاء العالم قد تغيرت طبيعتها، وفقد مئات الأنواع فى السنوات الماضية، وذلك بالتزامن مع مرور 25 عام على اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجى، والتى لم تأت أغلب ثمارها بعد منذ توقيعها فى 1992، لعدم إدماج التنوع البيولوجي بالقدر المطلوب فى مختلف مجالات النشاط الإنسانى، الأمر الذى يزيد من الحمل الذى يقع على أكتاف الدولة المصرية، خلال العامين القادمين، لقيادة العالم للحفاظ على البيئة.
وانطلاقا من اهتمام الدولة المصرية بالقضايا البيئية، حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي بإلقاء كلمة بالافتتاح الرسمى لفعاليات المؤتمر، والذى بدوره أكد خلالها، أن التنوع البيولوجى يواجه تحديات كثيرة وتدهوراً متسارعاً وما يرتبط بذلك من تحديات تواجه النظم البيئية المختلفة، وأنه بإضافة الآثار السلبية لتغير المناخ، يصبحا أخطر التحديات التى تهدد البشرية فى وقتنا الحالى، حيث تشير الدراسات العلمية إلى أن استهلاك البشرية سنوياً من الموارد الطبيعية يزيد بنسبة أكثر من 30 % عما تنتجه النظم الايكولوجية للأرض من موارد، كما تضمنت تقارير سكرتير عام الأمم المتحدة عن تنفيذ أهداف التنمية المستدامة لعام 2018 بيانات مقلقة، تعكس تراجعاً واضحاً فى النظم البيئية، وعلى رأسها الغابات، فضلاً عن اندثار عدد كبير من الكائنات الحية، مع تراجع قيمة معونات التنمية الرسمية المرتبطة بالتنوع البيولوجي بنسبة 21 بالمائة مقارنة بعام 2015.
وأعلنت مصر إطلاقها مبادرة تتكامل مع هدف دمج التنوع البيولوجى في القطاعات المختلفة، وذلك بتنسيق الجهود وتعزيز التناغم بين اتفاقيات ريو الثلاث المعنية بتغير المناخ، والتصحر، والتنوع البيولوجي، وإيجاد مقترب متكامل يتعامل مع فقدان التنوع البيولوجي والآثار السلبية لتغير المناخ وتدهور الأراضي، ولاقت تلك المبادرة ترحيبا دوليا، وتأييدا كبير.