هل تكون الاحتجاجات الفرنسية عصا أمريكا لتأديب ماكرون؟.. الرئيس الأمريكى اعتبر انتقادات نظيره الفرنسى ودعوته لتأسيس جيش أوروبى إهانة لواشنطن.. والمظاهرات محاولة لتقويض محاولات باريس لقيادة الاتحاد الأو

التشابه الكبير بين الاحتجاجات التى تشهدها فرنسا فى الآونة الراهنة من جانب، وما شهدته مناطق أخرى فى العالم فى السنوات الماضية من جانب أخر، يطرح العديد من التكهنات حول ما إذا كانت هناك قوى أجنبية، وبالأخص الولايات المتحدة، قامت بدور ما فى تأجيج الأوضاع فى الداخل الفرنسى، خاصة وأن التشابه لا يقتصر على مجرد الاشتباكات بين الشرطة والمحتجين، والتى شهدت أعمال عنف متبادل بين المحتجين والقوات الفرنسية، أو حتى الظروف المرتبطة بالأحداث، والتى يتصدرها المشهد الاقتصادى المترنح، وإنما تمتد إلى مطالبات المتظاهرين الذين طالبوا برحيل الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون من السلطة، وهو ما يتعارض مع مبادئ الديمقراطية والتى تقوم على الالتزام بما أفضت إليه الصناديق الانتخابية من نتائج. ولعل الأوضاع الاقتصادية لا تمثل سببا كافيا لدعوات التظاهر العنيف التى تشهدها العاصمة الفرنسية باريس، خاصة وأن الاقتصاد الفرنسى لم يكن أفضل حالا فى عهد الرئيس السابق فرنسوا أولاند، والذى لم تشهد حقبته تظاهرات بهذا الحجم أو بمثل هذا القدر من العنف، الذى تشهده التظاهرات الحالية، خاصة مع إقدام عددا من المتظاهرين المقنعين نحو الهجوم على رجال الشرطة، وتخريب سياراتها، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت هناك أياد خفية دفعت باريس نحو هذا المنحدر، بالتزامن مع التطورات التى تشهدها القارة الأوروبية ككل. الأزمة الأوكرانية.. أوروبا ليست بعيدة عن "الفوضى" الأمريكية ويعد الحديث عن دور أمريكى محتمل فى التظاهرات الفرنسية، والتى حولت الساحات الرئيسية فى العاصمة إلى حالة من الفوضى لأيام، يرجع فى المقام الأول للدور الذى سبق وأن لعبته واشنطن من خلال قيامها بدعم نشطاء الفوضى فى العديد من دول العالم، سواء فى منطقة الشرق الأوسط، وذلك فى إطار محاولاتها لإشعال ما يسمى بـ"الثورات الملونة"، لتحقيق أهدافها وفرض أجنداتها الدولية، وتحقيق رؤيتها على حساب أمن واستقرار الدول. ولم تكن أوروبا بعيدة عن المخططات الأمريكية الداعمة للفوضى، رغم التحالف الطويل المدى بين الجانبين، فقد سبق لها وأن دعمت الحراك، الذى سبق وأن شهدتها أوكرانيا فى عام 2014، وذلك للإطاحة بالرئيس السابق فيكتور يانكوفيتش، والمعروف بموالاته لموسكو، وهو الأمر الذى أدى إلى حالة من التوتر فى المنطقة، خاصة بعد التدخل العسكرى الروسى، وقيامها بضم شبه جزيرة القرم، والتى تضم أكبر قاعدة بحرية روسية فى العالم، لتفتح الباب بعد ذلك أمام حالة من عدم الاستقرار، كانت أخر حلقاتها فى الأيام الماضية، عندما احتجزت موسكو 3 سفن أوكرانية انتهكت الحدود الإقليمية الروسية قبالة مضيق كيرتش، بحسب ما قالت روسيا. الحراك الفرنسى.. ترامب يضرب بعصا "الفوضى" لتأديب ماكرون إلا أن التحرك الأمريكى فى أوكرانيا ربما لم يكن مستغربا، فى ظل المحاولات التى طالما قامت بها واشنطن للتوسع فى مناطق تعتبرها روسيا عمقا استراتيجيا لها، سواء بصورة فردية أو عبر تحالف الناتو، ولكن يبقى الدعم الأمريكى للحراك الذى تشهده باريس فى المرحلة الراهنة محلا للتساؤل، خاصة وأن باريس تعد بمثابة قوة بارزة فى المعسكر الغربى الموالى لواشنطن، وذلك بالرغم من الخلافات التى دبت بين البلدين فى الأشهر الماضية، سواء بسبب الإجراءات التجارية التى اتخذها الرئيس ترامب تجاه حلفائه أو القرار الأمريكى الأحادى الجانب بالانسحاب من الاتفاق النووى الإيرانى فى مايو الماضى. الموقف الأمريكى تجاه فرنسا يرتبط إلى حد كبير بالرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، خاصة بعد سلسلة من الانتقادات التى تعمد توجيهها إلى نظيره الأمريكى دونالد ترامب، فى حضور زعماء العالم، أثناء احتفالية الذكرى المئوية بالحرب العالمية الأولى والتى نظمتها باريس فى وقت سابق من هذا الشهر، بالإضافة إلى دعوته التى سبقت ذلك بإنشاء جيش أوروبى موحد لمجابهة التهديدات القادمة من روسيا والصين والولايات المتحدة، وهو الأمر الذى اعتبره الرئيس الأمريكى بمثابة إهانة مباشرة لبلاده، بوضعها فى نفس الكفة مع خصوم المعسكر الغربى التاريخيين. لم تتوقف المواقف التى تبناها الرئيس ماكرون تجاه الرئيس الأمريكى عند هذا الحد، ولكنها امتدت إلى رفض بلاده استضافة قمة كان من المزمع عقدها بين ترامب ونظيره الروسى فلاديمير بوتين، على هامش الاحتفالية التى ضمت عددا كبيرا من قادة العالم، حتى أن قصر الإليزيه قام بتغيير أماكن جلوس الرئيسين خلال المأدبة التى نظمت لقادة الدول المشاركة، وذلك حتى لا تسنح لهما الفرصة بإجراء أى حوار قصير. الطموح الفرنسى.. نزعة ماكرون الأوروبية تثير استياء واشنطن ولكن فى الوقت نفسه، تبقى طموحات فرنسا لقيادة الاتحاد الأوروبى فى المرحلة الراهنة، خلفا لألمانيا، بعد الضعف الذى انتاب حكومة المستشارة أنجيلا ميركل، بمثابة صداع فى رأس ترامب، خاصة بعد اقتراب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، على خلفية مصادقة دول التكتل على اتفاق بريكست هذا الأسبوع، حيث يسعى الرئيس الأمريكى إلى تقويض أية محاولة من شأنها تعزيز الكيان الأوروبى المشترك فى ظل رؤيته المناوئة للاتحاد الأوروبى. ولعل التحرك الأمريكى لدعم التيارات اليمينية، والتى تتسم بنزعتها القومية، منذ وصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض فى يناير من العام الماضى، كان بمثابة مقدمة لتحركات أمريكية أخرى، من شأنها إضعاف الحكومات الليبرالية، فى الدول التى فشل اليمينيون فيها من الوصول إلى سدة السلطة، حيث كانت اليمين الفرنسى، برئاسة مارين لوبان، فى مقدمة الأحزاب الأوروبية التى لاقت دعما أمريكيا وهو ما بدا واضحا فى الزيارات التى قام بها مقربون من ترامب لقياداتهم، ومن بينهم ستيف بانون الذى قام بأكثر من زيارة إلى مقر الحزب اليمينى الفرنسى فى الأشهر الماضية.








الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;