قدم أكبر مسئولين فى إيران خطابين فى بداية العام الإيرانى الجديد فى التقويم الشمسى، خطابين يشتملان على رؤيتين اقتصاديتين متناقضتين، برز فيهما الاختلاف فى لغة خطاب السلطة التنفيذية والولى الفقيه، وتذكر المرشد الأعلى (الولى الفقيه) خامنئى والرئيس حسن روحانى صاحب (السلطة التنفيذية) العام المنصرم الذى شهد رفع العقوبات عن إيران بموجب اتفاق نووى مع القوى العالمية، واتفقا فى الرأى بأن الاقتصاد ينبغى أن ينال الأولوية القصوى فى السنة الجديدة، مؤكدا على التزامه بمبدأ "الاقتصاد المقاوم" المرتكز على الاكتفاء الذاتى والإنتاج الداخلى ورفع الغلاء والركود والبطالة، وشدد على إيران أن تأخذ خطوات للحد من تأثرها بخطط "الأعداء" فى إشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها.
بينما قال روحانى: إن مزيدا من التواصل مع الدول الأخرى سيكون شرطا أساسيا للنمو الاقتصادى. وقال "أنا على ثقة من أنه عن طريق التعاون.. والتواصل البناء مع العالم فإن بمقدور اقتصادنا الازدهار والتطور." وقال روحانى الذى ناصر الاتفاق النووى الذى أسفر عن رفع العقوبات فى يناير الماضى إن الشركات من كل الدول محل ترحيب لدخول السوق مادامت تستعين بالعمال الإيرانيين وتجلب التنمية الاقتصادية إلى البلاد.
وأشار الخطابان إلى عمق الخلاف بين المؤسستين، وأيضا اختلاف لغة الخطاب وتباين الرؤى بين الولى الفقيه والرئيس المعتدل، دائما يتبنى خامنئى رجل الدين البالغ 76 عاما ويعد أعلى سلطة فى إيران لهجة خطاب صدامى، وهى نفس لهجة الخطاب التى يتبناها المتشددون ومسئولو الحرس الثورى، ودأب على التحذير من السماح بأى شكل من أشكال النفوذ الغربى داخل البلاد، وقال فى الآونة الأخيرة: إن الاقتصاد لم يستفد من سيل مبعوثى الشركات الغربية الذين توافدوا على طهران، وتتميز لغة خطابه بالتهديد لأعداء الجمهورية الإسلامية.
المرشد يوجه رسائل أنه لا يثق كثيرا فى النوايا الأمريكية
وعلق الدكتور محمد عباس ناجى خبير مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية ورئيس تحرير مجلة مختارات إيرانية قائلا: هناك مشكلة فى رؤية المرشد الأعلى سواء لتنظيمات القوى الداخلية والعلاقات الخارجية، موضحا أن المرشد مازال يوجه رسائل أنه لا يثق كثيرا فى النوايا الأمريكية تجاه إيران، ويقول إن أمريكا لا تريد الخير لإيران على عكس ما يأمل الأمريكان. وهو ما لا يتوافق مع رؤية روحانى.
وتابع، هناك يعكس تباين التوجهات بين الرئيس والمرشد، لكن الأخير سيظل له القبضة على السياسة الخارجية ولن يسمح للرئيس توسيع العلاقات الخارجية، بالإضافة إلى أن هناك انتخابات رئاسية العام المقبل فى إيران وروحانى يحتاج دعم خامنئى، وغير ممكن أن يتوسع فى علاقاته الخارجية.
وأكد على أن إيران توزع الأدوار لتعزيز مكاسبها، رغم أنه فى الظاهر تقسيم أدوار لكنه تباين فى التوجهات بين الرئيس الذى ينتمى لتيار يسعى للاندماج على الساحة الدولية، والمرشد الذى يرى عكس ذلك، ويرى أن الولايات المتحدة الأمريكية تستغل الاتفاق لاختراق طهران ثقافيا.
وحول الوساطة الكويتية بين إيران والسعودية، قال الخبير الشأن الإيرانى، إنها لاتزال تكهنات لأنه لا توجد جهة رسمية كويتية أكدت طلب إيران للوساطة.
إيران لن تقبل شروط السعودية لإجراء حوار
وبشأن طلب الأمير تركى الفيصل، رئيس جهاز الاستخبارات السعودية الأسبق، بخروج إيران من سوريا كشرط لبدء المحادثات، لفت عباس ناجى إلى صعوبة خروجها من سوريا قائلا: صعب على إيران الخروج من سوريا، الدعم الذى استثمرته لسنوات فيها لن تضيعه فى لحظة، خصوصا أنه من الممكن أن يوجه ضربه قوية لها فى المنطقة، فسوريا تعد منطقة التواصل بينها وبين حزب الله.
وأكد رئيس تحرير مجلس مختارات إيرانية، على أن فكرة الوساطة فكرة مطروحة دائما على الساحة، قائلا: السياق العام لا يزيد من احتمالات نجاحها، بسبب الصراع والرسائل المتبادلة بين الطرفين، وأكد على أن المسألة تحتاج المزيد من الوقت والانتظار كى تتضح نتائج التى ستفضى إليها الاستحقاقات فى سوريا وصنعاء.