لم تكد فرنسا تنته من أزمة الاحتجاجات العنيفة التى اشتعلت قبل شهر احتجاجا على السياسات الاقتصادية للرئيس إيمانويل ماكرون، حتى استهدفها هجوم إرهابى أسفر عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 12 آخرين، فى حادث دامى استهدف سوق لعيد الميلاد فى مدينة ستراسبورج الفرنسية.
ورأت صحيفة التايمز البريطانية، أن هجوم ستراسبورج دليل على أن تهديد الجهاديين فى أوروبا لم ينه بعد.
واشارت إلى أنه ربما يكون التهديد بهجوم عال التنسيق مثل هجوم مسرح باتكلان واستاد فرنسا قبل ثلاث سنوات، قد تراجع مع هزيمة تنظيم داعش فى العراق وسوريا لكن بشكل عام هذه الهجمات المنظمة هى الاستثناء وليست القاعدة للنشاط الجهادى فى الغرب.
وأضافت أن معظم الهجمات العشوائية الظاهرة، المستمرة فى كل من بريطانيا والقارة يقوم بها شبان متشددون لم يسافروا لأسباب مختلفة إلى منطقة حرب فى الشرق الأوسط. وفى بعض الحالات، كما هو الحال مع الشاب المشتبه به فى هجوم ستراسبورج، كان ذلك لأنهم كانوا بالفعل فى السجن.
ومنفذ هجوم ستراسبورج يدعى شريف شيكات وبحسب مواقع فرنسية فإن الشاب ذو الـ 29 عاما، كان معروفا بأفكاره المتطرفة وهو فرنسى الجنسية لكن أصوله من إحدى دول شمال أفريقيا. كما أنه قضى، فى وقت سابق، عقوبات بالسجن فى كل من فرنسا و ألمانيا، بعد إدانته بـ"جرائم صغيرة "، مثل الاعتداء على شاب بسكين، والسرقة بالعنف.
و لفتت التايمز إلى أن فرنسا تأتى على رأس الدول الأوروبية فى عدد الجهاديين الذين ذهبوا للقتال فى صفوف داعش، كما أن التهديد الذى يشكله الجهاديين الذين بقوا داخل البلاد أو عادوا إليها مرتفع للغاية. ومن المعروف أن حوالى 400 مواطن فرنسى، بما فى ذلك قاصرين، عادوا من سوريا والعراق. ذلك فضلا عن 700 قتيل أو ما زالوا يقاتلون فى صفوف التنظيم، وأكثر من ذلك فى السجون فى العراق أو سوريا، بالإضافة إلى أولئك الذين لا يُعرف مكانهم.
وعلاوة على ذلك، هناك الآلاف من الرجال والنساء الذين يشتبه فى أنهم متطرفون بطريقة تجعلهم محل شك لدى السلطات. وأصدر نظام مراقبة التطرف فى فرنسا انذارات لنحو 25 ألف شخص وفقا لأرقام وزارة الداخلية العام الماضى. ويعتقد أن من بينهم حوالى 9700 شخص خطير للغاية.
وتعتبر السجون أرضاً خصبة للتجنيد - فالشباب الساخطون هم أهداف سهلة لعمليات غسيل المخ من قبل المتطرفين فى السجون. وتشير الأرقام الحالية إلى أن 2300 سجين فى نظام السجون الفرنسية يشتبه فى أنهم متشددون وأن 450 منهم سينهون أحكامهم العام المقبل وهو ما ينبأ بتوسع التهديد.
وتواجه فرنسا احتجاجات عنيفة بدأت بانتفاضة ما يسمى حركة "السترات الصفراء" ضد ضريبة فرضتها الحكومة الفرنسية على المحروقات، وعلى الرغم من تراجع الحكومة عنها أمام سيل جارف من اعمال الشغب والتخريب لكن توسعت المطالب واستمرت اعمال العنف مما يضع البلاد أمام تهديدات متزايدة من العنف.