لماذا قرر الرئيس الأمريكى الانسحاب العسكرى من سوريا؟.. التكاليف الاقتصادية وتخاذل الحلفاء دوافع الإدارة وراء الخطوة.. والقرار إنذار ترامب الأخير لحلفاءه قبل الانسحاب من الناتو.. وأوباما تبنى نفس السيا

"أخيرا حان الوقت ليقاتل آخرون فى الشرق الأوسط".. هكذا قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى تغريدة له اليوم الخميس، تعليقا على قراره بالانسحاب العسكرى من سوريا، فى انعكاس صريح لمحاولات الولايات المتحدة المتواترة فى الخروج من منطقة الشرق الأوسط، فى ضوء الخسائر الكبيرة التى تكبدتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة جراء انغماسها فى حروب لا تنتهى فى المنطقة، سواء على المستوى الاقتصادى، أو البشرى، ربما زادت وتيرتها مع مطلع الألفية عندما دخلت القوات الأمريكية إلى العراق لإسقاط نظام الرئيس العراقى الأسبق صدام حسين فى عام 2003. ولعل الرؤية التى تبناها الرئيس ترامب، والتى تقوم على تخفيف الوجود العسكرى الأمريكى فى المنطقة، ليست بجديدة على الإطلاق، فقد سبقه فى ذلك سلفه باراك أوباما، والذى اتجه نحو اتخاذ الإجراء نفسه فى العراق، حيث قرر سحب القوات الأمريكية هناك فى عام 2011، كما أقدم على تخفيف أعداد القوات المتواجدة فى أفغانستان، وهو ما يعكس إدراكا سياسيا عاما لدى الساسة الأمريكيين بأهمية تخفيف الدور العسكرى الذى تلعبه الولايات المتحدة فى مناطق مختلفة من العالم، وخاصة فى الشرق الأوسط نتيجة تشابك صراعاتها، وتداخل العديد من القوى الإقليمية بها. موقف متخاذل.. قرار ترامب امتداد لسياسات أوباما موقف الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما لا يقتصر على تخفيف الوجود العسكرى الأمريكى فى العراق أو أفغانستان فقط، ولكنه امتد إلى الوضع فى سوريا نفسها، حيث تجاهلت الإدارة الأمريكية السابقة الوضع فى سوريا والعراق بعد شهور من سيطرة تنظيم داعش الإرهابى مساحات شاسعة من الأراضى فى البلدين، فى حين اكتفت بتشكيل تحالفا دوليا يقتصر دوره على القيام بهجمات جوية على معاقل التنظيم المتطرف، فى حين اعتمد على تدريب الميليشيات العسكرية للقيام بدور فى المعركة على الأرض، وعلى رأسها وحدات حماية الشعب الكردية، فى سوريا، ميليشيات الحشد الشعبى فى العراق. وعلى الرغم من الهجمات التى قام بها التحالف الدولى لاستهداف التنظيم المتطرف، إلا أنه لم يقوم فى واقع الأمر بدور ملموس فى دحض الميليشيات المتطرفة خاصة على الأراضى السورية، والتى كان سقوطها المدوى مع بداية التدخل الروسى فى سوريا، فى سبتمبر 2015، بناء على طلب من النظام السورى، حيث تمكنت القوات الروسية من تحرير العديد من المدن السورية من الميليشيات المتطرفة، لتستعيد الحكومة الروسية سيطرتها عليها من جديد. رؤية أكثر اتساعا.. الاقتصاد الدافع وراء قرار ترامب إلا أن رؤية ترامب للدور العسكرى الأمريكى تبقى أكثر اتساعا، حيث ارتبطت بالتكاليف الباهظة الذى تتكبدها الخزانة الأمريكية جراء الانغماس سواء فى الحروب المندلعة فى الشرق الأوسط، أو مناطق أخرى، أو حتى للقيام بدور فى حماية الحلفاء فى العديد من مناطق العالم، وعلى رأسهم حلفاءه فى أوروبا، وهو الأمر الذى يبدو واضحا فى تلويحه المستمر بالانسحاب من حلف الناتو، إذا لم تلتزم الدول الأعضاء الأخرى بالتزاماتها المالية تجاه التحالف. وهنا يصبح الجانب الاقتصادى هو المحرك الرئيسى للخطوة التى اتخذتها الإدارة الأمريكية فى سوريا، خاصة إذا ما نظرنا إلى المبالغ الطائلة التى دفعتها الولايات المتحدة لتمويل حروبها فى مناطق مختلفة بالعالم، وهو الأمر الذى يشكل ضغوطا كبيرة على دافعى الضرائب، والذين تضعهم إدارة ترامب فى المرتبة الأولى من الأولويات، هو ما يبدو واضحا فى السياسات التى تبناها الرئيس ترامب منذ صعوده إلى البيت الأبيض فى يناير من العام الماضى، خاصة على المستوى التجارى، والتى تمثلت فى فرض تعريفة جمركية على الواردات القادمة من الدول الحليفة. فبحسب دراسة نشرها معهد واتسون للشؤون الدولية والعامة بجامعة براون الأمريكية، فإن الحروب الأمريكية والعمليات العسكرية في أفغانستان والعراق وسوريا وباكستان كلفت دافعي الضرائب الأمريكيين 5.9 تريليون دولار منذ بداية عام 2001، موضحة أن إجمالي الإنفاق المتعلق بالحرب في الولايات المتحدة حتى بداية العام المالى المنقضى فى سبتمبر الماضى هو 4.9 تريليون دولار، بينما تكبدت الخزانة الأمريكية تريليون دولار لتقديم الرعاية الصحية للمحاربين الأمريكيين. إنذار ضمنيا.. هل يكون الانسحاب من الناتو الخطوة القادمة؟ ولكن يبقى حديث الرئيس ترامب عن ضرورة انغماس من أسماهم بـ"الأخرين" فى القتال بالشرق الأوسط، امتدادا لحالة عدم الرضا عن أداء حلفائه، فيما يتعلق بمدى وفاءهم بالتزاماتهم المالية تجاه العمليات العسكرية المشتركة، خاصة وأن الولايات المتحدة تتكبد القسط الأكبر فى هذا الإطار، وهو الأمر الذى بدا واضحا فى موقفه من حلف شمال الأطلسى، أو حتى مشاركتهم العسكرية فى ميادين القتال، لتمتد الخسائر الأمريكية من الجانب الاقتصادى إلى الجانب البشرى، وبالتالى كان القرار الأمريكى بالانسحاب العسكرى من سوريا أحادى الجانب دون تشاور أو تنسيق مع الدول المشاركة فى التحالف الدولى الذى تقوده الولايات المتحدة منذ عام 2015. وتمثل الخطوة الأمريكية إنذارا ضمنيا من الرئيس ترامب بخطوات أخرى، سيعلن فيها التخلى عن حلفاءه، ربما من بينها الانسحاب من حلف الناتو فى المستقبل القريب، خاصة مع استمرار حالة الامتعاض الأمريكى تجاه الحلفاء، خاصة وأن القرار الأمريكى ليس الأول من نوعه الذى يتجاهل فيه الرئيس ترامب حلفائه، فقد سبق له وأن اتخذ قرارات بالانسحاب من اتفاقات ومنظمات بشكل أحادى دون التشاور مع حلفائه، من بينها اتفاقية باريس المناخية، والاتفاق النووى الإيرانى، بالإضافة إلى اليونيسكو والمجلس الدولى لحقوق الإنسان.








الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;