على مدار الأشهر الماضية، تفاقمت أزمة نواقص الأدوية، ولم تصبح مجرد أزمة بل هى "ظاهرة"، وفى آخر تصريحات غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات المصرية، كشفت خلالها أن أعداد الأصناف الدوائية الناقصة فى الصيدليات يبلغ ما يقرب من 1500 صنف، ويوجد 365 صنفا ليس لها بديل محلى، بالإضافة إلى تصريحات الشركات المنتجة للدواء أن الأصناف الناقصة ستزداد إلى 3000 صنف حال عدم اتجاه وزارة الصحة لتحريك الأسعار.
جاءت قرارات البنك المركزى الأخيرة بشأن خفض قيمة الجنيه أمام الدولار، لتضاعف الظاهرة من جديد، ولم يتبق أمام الحكومة خيار آخر سوى الاستماع إلى رؤية شركات الأدوية لحل هذه الأزمة، حيث إن صناعة الدواء صناعة استراتيجية وتعد أمنا قوميا، وتفاقم هذه الظاهرة تزيد أوجاع العديد من المرضى.
وتسببت تلك التحديات التى تحيط بصناعة الدواء منذ عشرات السنين، على الرغم أن مصر كانت من بين الدول الرائدة فى هذا المجال منذ عام 1939، فى تدهور صناعة هامة تتمكن من أن تدر مليارات لخزينة الدولة، مع اعطائها قدر كافى من الاهتمام، حيث تصارع الشركات المحلية وشركات قطاع الاعمال للبقاء فى السوق المصرى، فى ظل تخصيص ميزانيات ضعيفة للبحث العلمى فى مصر، لتستطيع أن تواكب الأبحاث والدراسات العلمية المتطورة التى تتم فى مجال صناعة الدواء فى دول أخرى بالشرق الأوسط، كما أن الشركات المصرية الخاصة لم تتمكن من تخصيص ميزانيات كبرى للأبحاث والتطوير، مع زيادة الخسائر التى تتكبدها سنويا، نتيجة التسعيرة الجبرية التى اقرتها الحكومة على الاصناف الدوائية والتى قد تم تسعير بعضها منذ 20 عاما، تلهث كيانات الدواء الوطنية على تحقيق هامش ربح ضئيل لتستطيع القدرة على التصنيع، ولكنها لم تتمكن لوحدها فقط فى الاستمرار فى البقاء.
وعند انحصار تواجد الدواء المحلى فى السوق، سيكون المريض البسيط أكثر الأطراف الخاسرة، وسيلجأ إلى الدواء المستورد والذى يتضاعف تكلفته عن المحلى، وتسيطر الشركات الأجنبية على قطاع الدواء، وتندثر صناعة من أهم الصناعات التى يعمل تحت مظلتها آلاف العاملين، لذلك لابد أن تنظر الدولة لصناعة الدواء فى مصر نظرة مختلفة لإنقاذ ما تبقى منها.