على الرغم من أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ربما تصور أن زيارته للقوات الأمريكية فى العراق وألمانيا سترفع من رصيده السياسى فى وقت هو بحاجة ماسة إليه، إلا أن الأمور لم تسر كما أرادها ترامب، بل إن زيارته للقوات فى العراق تزامنا مع احتفالات عيد الميلاد، كانت سببا لإثارة ثلاث أزمات لم يكن الرئيس يرغب بها، لاسيما فى الوقت الذى تشهد فيه البلاد إغلاقا حكوميا جزئيا بسبب عدم الوصول إلى اتفاق مع الكونجرس بشأن تمويل جدار الحدودى مع المكسيك.
المشكلة الأولى تتعلق بالاتهامات التى وجهت لترامب بتسيس الجيش الأمريكى، حيثقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن الزيارة المفاجئة التى قام بها الرئيس دونالد ترامب إلى القوات الأمريكية فى العراق وألمانيا أثارت تساؤلات حول ما إذا كان قد قوض الحيادية السياسية للجيش الأمريكى بتطرقه إلى هجمات حزبية وتوقيعه قبعات تحمل شعار حملته الانتخابية فى 2016 "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" للقوات.
وأشارت الصحيفة إلى أن سلوك الرئيس، الذى يختلف عما قام به أسلافه، يلقى الضوء على الصراع الذى يواجهه قادة البنتاجون فى قيادة جيش يتجنب السياسة فى حقبة شديدة الحزبية فى السياسة الأمريكية، لاسيما فى ظل قيادة قائد أعلى لا يخشى كسر القواعد المعمول بها.
ورجحت الصحيفة أن يزداد الصراع مع بداية الحملة الانتخابية لعام 2020 ورحيل وزير الدفاع المستقيل جيمس ماتيس، الذى سعى إلى منع أن يصبح الجيش رهينة فى السياسات الحزبية فى الولايات المتحدة، دون أن ينجح فى بعض الأحيان مما دفعه إلى تقديم استقالته الأسبوع الماضى.
ودافع ترامب عن سلوكه أمس وقال فيما يتعلق بتوقيع القبعات: "لو أن هؤلاء الشباب الشجعان طلبوا متى توقيع قبعاتهم سأفعل. هل تتخيلون أن أقول لا؟ لم نحضر أو نعطى أى قبعات مثلما ذكرت وسائل الإعلام الكاذبة.
وركز المنتقدون أيضا على محتوى ما قاله ترامب خلال هذه الرحلة. حيث أدلى بتصريحات سياسية بشكل صريح للقوات التى ترتدى الزى العسكرى، مما يعنى أن ترامب، وحسبما تقول واشنطن بوست، خاطر بأن يرى الرأى العام الأمريكى الجيش كقاعدة لحشد الدعم الحزبى.
أما الأزمة الثانية فتتعلق بكشف الرئيس عن طريق الخطأ عن وجود وحدة من قوات البحرية الخاصة "سيلز" فى العراق بعدما نشر صورة له معهم خلال زيارته للعراق.
وقالت مجلة "نيوزويك" أنه فى حين أن القائد الأعلى فى الولايات المتحدة يمكنه رفع السرية عن معلومات، فعادة لا يتم كشف وحدة العمليات الخاصة للرأى العام الأمريكى، لاسيما عند نشر أعضاء الخدمة الأمريكى. وعادة ما تطمس وجود أفراد العمليات الخاصة من الصور افوتوغرافية والفيديوهات بسبب الطبيعة الحساسة لعملهم.
لكن الفيديو الذى نشره الرئيس ترامب على حسابه على تويتر يوم الأربعاء لم يحجب وجوه قوات العمليات الخاصة. ونقلت "نيوزويك" عن مسئولين سابقين وحاليين فى وزارة الدفاع قولهم إن المعلومات المتعلقة بالوحدات التى يتم نشرها ومكانها دائما ما تكون سريعة، ويمثل هذا انتهاكا لأمن العمليات.
الأزمة الثالثة التى تسببت فيها زيارة ترامب هو الغضب الذى أشعله لدى بعض السياسيين العراقيين حيث اتهموه بانتهاك سيادة العراق بزيارته المفاجئة لها، حتى أن أحد البرلمانيين دعا إلى جلسة طارئة بالبرلمان لمناقشة الأمر. ورغم أن ترامب زار أيضا القوات فى ألمانيا ولم يتلق المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فلم يكن هناك غضبا مماثلا فى البلد الأوروبى مثلما حدث فى العراق.
وبررت صحيفة "واشنطن بوست" ذلك بالطريقة التى تعاملت بها الحكومة الأمريكية فيما يخص زيارة العراق، حيث رفض رئيس الوزراء العراقى لقاء ترامب فى قاعدة الأسد الجوى، بعدما لم يتم إخباره مسبقا. وتحدث فقط تليفونيا، لكن هذا لم يمتع المنتقدين العراقيين للوجود الأمريكى فى البلاد من انتقاد ترامب واتهامه بعدما احترام قيادة وقواعد بلدهم.