قبل ساعات قليلة من إعلان نتيجة أول مسابقة أطلقها "انفراد" لتجسيدة قصة كفاح السيدة نحمدو، من خلال مجموعات قصصية تستلهم حياتها وكفاحها، وتسجل مواقفها المشرفة فى إبداع باق، ومنذ أطلق انفراد المسابقة، وهو يتلقى عددا كبيرا من الإسهامات التى تتراوح بين القصائد العامية والتعليقات المطولة والقصص القصيرة، الأمر الذى يعكس تفاعلا كبيرا من القراء مع رحلة كفاح السيدة نحمدو، واقتراح انفراد بتحويل حياتها إلى قصة قصيرة.
وجاءت القصص التى أرسلت للفوز بالمسابقة كالتالى
القصة الأولى.. أكافح
القصة الاولى اسمي نجوي جمال حمزه ام لجمال في الصف الثالث الثانوي العام وأم لاحمد في الصف الخامس الابتدائي، حكايتي تبدأ عندما تزوجت في الواحد والعشرون من العمر وبعد تسعه أشهر أنجبت جمال وبعد عام تم القبض علي زوجي في مشكلة وحبسه 6 سنوات خلال هذه المده كنت افرش امام منزل أمي أبيع شويه توك ولعب رخيصه الثمن حتي اقدر علي مصاريف ابني الصغير وزيارة زوجى وبعد مرور السته سنوات خرج زوجي وحملت في ابني الثاني احمد وبعد خمس شهور من حملي توفي زوجي وتركني حامل وبعد اربعه أشهر وضعت احمد وحتى الان وانا اجلس امام منزل أمي أبيع التوك والعب هذه هي قصتي .
القصة الثانية نحمده يومي على الميكروباص
10 ساعات ... تقضيها نحمده فى العمل يوميا على سيارة الأجرة التى تقل بها عمال الحى الجديد ، يتحول هذا الرقم فى ذهنها دائما إلى وحدة واحدة مصغرة تمثل جزءا متكررا من يومها، يميل عقلهالإغفاله كما يميل دائما العقل إلى إغفال تلك الأشياء التى تستهلك طاقته برتابة تكرارها المعهودة، لا يعيرها بالا .. لا تستوقف خلاياه أحداثها.
هكذا تمر ال10 ساعات يوميا من عمرها كما لو لم تكن ، أو كما لو كانت لحظة واحدة ،واليوم كان الزحام شديدا، تعطلت السيارة التى تقودها ، كما أن الركاب بدو عابسين خالين من المرح.
وفى الغد صار الطريق سرابا سرمديا يمتد بلا نهاية لا يعيقها شئ وهى تسير خلاله، تبدو القيادة ممتعة كأسهل ما يكون.. ويصادف هذا كله بهجة الركاب الذين لا يكفون عن إلقاء دعاباتهم على مسامعها.
غير أن عقل نحمده المرهق من كل شئ يتقبل كلا السيناريوهين بنفس ذات الاستقبال الفاتر اللامبالى .. تعود إلى بيتها فى نهاية يومها لتخلع عن رأسها غطاءه، وتسحب من فوق جسدها تلك الـ "10 ساعات" الماضية، تلقيها والغطاء دفعة واحدة عند أقرب نقطة تقابلها.
لتبدأ الحياة هنا .. بين أبنائها الأربعه الذين ينتطرون عودتها ليتنفسوا مع وجودها الحياة.. تعود عقارب حياتها _ المتوقفة قسرا _ للعمل.
هنا كل لحظة تعنى لها أن هناك وقتا يمر، وعمرا يمضى، وساعات محسوبة عليها أن تملأها بكل شئ فرحا وعرقا وجهدا وحزنا.
فهاهو البيت الذى تبذل الكثير لتقنع حيطانه بالاضطلاع بمهمه ضمها وابنائها، يثير معاها مجادلاته اليومية التى تستهلك طاقتها مع كل ثقب فيه ... تتحايل على الجدران لتبقى صامدة ضد عوامل الزمن وتدلل مصابيحه الكهربائية لتديم نورها عليها .. لا تذهبى يا حلوة فربما لا يمنحنا الغد غيرك ليضئ لنا عتمة البيت، كما تعرف ماسورات المياة صوتها جيدا فما أن تسمعها تهتف بقدومها لإصلاح عطب إحداها حتى تمتثل مطيعة لأمر السيدة نحمده؛ ربة البيت وصاحبته التى اعتاد كل شئ فيه على أن يطيع أمرها وكأنها ربه وإلهة حقا، لم يأتى هذا التشبيه عبثا بل أتى لنساء مثلها يديرون بيوتهن كآلهة تحكم، وترشد وتهدى،.
ترحم، وتعالج، تعلم، وتوجه، وتقسو، وتعاقب أيضا إذا ما غضبت.
اعتادت أن تصلح كل شئ فى المنزل بنفسها ، واعتاد كل شئ أن يمتثل لأمرها دون أن يسألها إذا ما كانت تعرف حقا شيئا عن فنون السباكة أو الكهرباء، أو أيا من كل هذه المهام الجسام التى تدور بينها كل يوم بسيف عزيمتها تحارب هنا وهناك.. ورغم بساطة تكوينها وجهلها بكل ذلك.. إلا أنها فى النهاية دائما ما تنتصر.
يوجد الكثير والكثير هنا لتفعله، ، فهنا كل لحظة تعنى عمرا كاملا
هنا كل لحظة تدق دقة مستقلة بذاتها .. يعلن قطار العمر فى كل ثانية يمر فيها بهذا البيت موعد وصوله، و موعد قيام رحلته ووجهتها، وأحوال ركابه واحدا واحدا
كيف كان يوم الكبير، وماذا يفعل هذا الصبى أوسط اخوته، ماذا تريد الصغيرة المدللة الآن منها بكل هذا الصياح، وأنتى يا رابعة اخوتك أيضا لا ارتاح لصمتك هذا.
لكل كلمة ولفتة منهم أثرها عليها، منذ أن فارق والدهم دنياهم وتركهم لها صغارا...
يعرف الصغار صوت صرختها ويخشون على أنفسهم وعليها منها.. ربما كانت "صرخة نحمده" هى أكثر ما جعلهم ينضجون ويتخلون عن سذاجة صراعات أبناء أعمارهم المتفاوتة.
لا يتحملون رؤية "نحمده تصرخ"...
" متقولش لأمك" تسمعهم يهمسون" فتضحك متخفية.. تعلم أن صغارها صاروا ذرارعها وقدميها وعيونها ، رغم أنها حاولت كل جهدها ألا تجعلهم يكبرون قبل الموعد، غير أن الحياة لم تبخل عليهم ببعض من الأحمال التى ألقتها عليها .. كان لابد أن يحملو بعضا منها معهم.
تصنع الظروف الصعبة رجالا من الأطفال والنساء يضاهون فى عزيمتهم رجال الحرب الذين تدربوا على أخطر فنون القتال..
توقفت خفقات القلب عن الاستجابة لأى طارئ من كل ما يجرى فى الخارج بطاحونة هذه الحياة اليومية.. تدور عقارب يومها خارج هؤلاء الخمسة دورة واحدة تنتهى فى ساعة أو تنتهى فى ساعتين، أو تنتهى فى 5 ساعات، أو تكمل رحلتها اليومية المعتادة فى 10 ساعات كاملة... لا يهم
هى فى قلب وعقل هذه المرأة _ الخارجة عن حدود الزمن _ دورة واحدة مسرعة لعقرب ساعات عمرها لا تبالى فيها بشئ، ولاتنظر شئ، تبدو كإنسان آلى يسير على قدمين.
لا تحفظ الوجوه قصدا وإن كانت تحفظها جميعها عن ظهر قلب
لا تنظر لركاب العربة رغم أنها تستطيع أن تسرد قصة حياة كل منهم بالتفاصيل المملة من كثرة ما ذهبوا معها..
كانت تمحو هى هذا اليوم عمدا أول الأمر بقسوة ترسمها على ملامحها فى وجة كل هاجس يطاردها محاولا النيل منها ... و مع مرور الأيام وتكرار محاولاتها الفاشلة للنيل منها؛ صارت ذاكرتها تعرف الخطوات التى يجب عليها أن تتبعها مع كل ما يجرى فى تلك الـ 10 ساعات... فتمحو تلقائيا برودة الصباح فى الشتاء، وحرارة الظهيرة فى أيام الصيف، ولا تذكرها بعد الآن بأثر كلاهما على وجهها الذى فقد الكثير من رقة طابعه الأنثوى واستبدلها بصرامة ملامح وجوه المحاربين والأبطال، لا تتوقف كثيرا عند تفاصيل الثياب التى أرتدتها بالأمس أو اليوم.. مرآتها الوحيدة هى تلك التى تطل من جانبى سيارتها لتؤمن لها سلامة الطريق...
كل ما تتذكره هو أن على هذه الـ" 10 ساعات" أن تمر ... بكل ما تحمله من تفاصيل صغيرة كانت أو كبيرة ...عليها أن تمر كجرعه دواء نبتلعها مرة واحدة.. حتى تعود بعدها سريعا لصغارها وخامسهم البيت الصغير فتعيد وقتها تشغيل عقارب الحياة.. وتبدأ شرايينها فى العمل لتقسيم خفقات قلبها المعدودة بينهم، هنا بعض قلق على من لم يعد بعد، وهنا مواساة لمن عاكسته شمس هذا النهار، وهنا ضحك كثير نابع من القلب على نكات الصغير ودعاباته معها.
حتى ذلك اليوم الذى ظنته عاديا
أوقفها موكب مفاجئ لمرور أحدهم ..
مرت ساعات أو دقائق لا تعلم هى ما دار بها .. كما لم تقرأ شيئا من كل ما كتب حولها
يعتبرها الجميع محظوظة بلقاء "رئيس البلاد".. ويظنها آخرون جزءا من سيناريو مكتوب.. يراها بعضهم إمرأة محظوظة... ويشفق الآخرون على حالها .. تكتب الأقلام عن حالها الذى سيتبدل، ويطالب غيرهم بالمزيد من أجلها.. ويرفع واحدا هناك صوته مطالبا بفتح قضيتها وأمثالها للنظر فى احوالهم .
أثار حديث الرئيس عنها شجون مجمتعا بكامله .. تحدث كثيرا عن قوة إمرأة أدهشته ببناء جسدها الذى لا يقل صلابة عن الأبنية الحديثة التى من تتم من حولها.. وعن عزما لا يختلف شيئا عن عزم الرجال المحيطين بها فى هذا المكان.
صارت نجمة سماء هذا الوطن وموضع اهتمام مسئوليه ووسائل إعلامه، كما صارت نجمة أرضه وطميه تلمع ببريق جديد من نوعه فى خيال الكادحين والهاربين يوميا من عقارب الساعات.. الذين لا يحصون الوقت ولا يريديون أن يعرفوا حتى كيف ومتى ومن أين يمر...
نعرف جميعا عنها الآن كل شئ.
أما هى فلا تعرف سوى أنه ولأول مرة صار اليوم مختلفا.. صار اليوم يحمل 24 ساعة كاملة.
القصة الثالثة: خيوط من نور
تمر الايام واحدة تلو الاخرى ويتسابق الجميع سعياً في كل بقعة من المحروسة املاً في الحصول على رزق حلال ، وفي رحلات السعي هذه ملايين من قصص الكفاح التي لن يكفيها سطور لتمجدها ، ان تكون البطلة امرأة فهو امر طبيعي وأن تكون هي العائل والسند والامان لابنائها فهو أمر جيد ، اما ان تكون سائقاً لسيارة ميكروباص فهو امر جلل ، بوجهها البشوش تواجه السيدة نحمدو اعباء يومها المثقل بالاعباء والهموم .
تسكن نحمدو بشقة بالدور الارضي اشبه بالبدروم مكونة من حجرتين صغيرتين تحاصرهم الرطوبة من كل نحو تتقاسم هي وابنائها الاربعة النوم بهم ، عند العاشرة مساءاً من كل يوم تستسلم السيدة لرغبة جسدها المنهك من التعب وتخلد في نوم عميق ليقطعه صوت أذان الفجر والذي يعتبر بمثابة اشارة الى يوم جديد في رحلة البحث عن لقمة العيش ، تودع ابنائها بقبلات على جبين كل منهم ، ثم تتبعها بنظرة لابنتها الكبرى والتي لا يفهم معناه الا هي فقط ، فهي توصيها باخوانها وهم في مدارسهم وحتى العودة منها .
تترجل نحمدو بين الازقة وهي ترتدي زي اشبه بالرجال حتى تصل لعربة عم ممدوح بائع الفول
تتناول نحمدو طعامها وهي في طريقها حتى تصل الى السيارة ، تستقل السيارة وتستقتر بكرسي السائق ممكسة بالمفتاح مع التمتمة بالبسملة .
تنطلق بالسيارة الى موقف الركاب لتبدأ رحلة يوم شاق يتكرر يومياً بأغلب تفاصيله الا من احداث عارضة تحدث لها من بعض الموتورين وضعاف النفس لكنها تتعامل معهم بالشكل المناسب .
لم تعلم نحمدو أن حظها سيبتسم لها هذا اليوم والذي قررت فيه أن تغير خط سيرها من العاصمة الادارية الى مدينة الشروق ليضعها القدر امام رئيس الجمهورية والذي أُثار شغفه هذا الموقف ، فأمر على الفور بايقاف موكبه وترجل الى السيدة ليتحدث اليها وكانت هي لحظة الفرح في حياة السيدة المليئة بالشقاء
القصة الرابعة: نحمِدو يا ريّس
مع خيوط الصباح الأولى تستيقظ، تتفقد أطفالها الأربعة بحنان ومحبّة، تشعر أنها تريدهم أن يناموا في فرشهم الدافئة طوال اليوم بدلاً من أن توقظهم للذهاب لمدارسهم، ولكنها تريدهم أن يتفانوا في طلب العلم وأن يملؤوا ساحات المدرسة وفصولها بضجيجهم وصخبهم.. فهي تحب عندما تسمعهم يصيحون بحبّ وشغفٍ منقطع النظير عند تحية العَلَم.. تحيا مصر.
وقفت تعد لهم الإفطار وتجهز ملابسهم وتغسل وجوههم وهي تشعر أن يومها سيبتسم لها، وأن ملامح المستقبل بدأت ترتسم لجيلٍ كامل أمامها طالما تسلّحوا بالإيمان والمحبة وحب الوطن، فهي متفائلة دائمًا والابتسامة مرتسمة على محيّاها أنّ الأمور مهما تعقدت فستحلّ، ومهما ضاقت ستُفرج، وأن التعب والعطاء والعمل في الحياة ضرورة لا بدّ منها وإن أضنانا كل ذلك وآلمنا.
كانت كل همومها ومشاكلها تختفي عندما تفتح التلفاز أحيانًا قبل أن تذهب إلى عملها أو عندما تعود منه، وهي ترى كل تلك المشروعات القوميّة التي تُنفّذ، والطرق التي تُشقّ، والمجمعات السكنيّة التي تُفتتَح بأيادي وجهود وطنيّة خالصة، رغم ما تراه من مشاكل وحروب وإرهابٍ وإشاعاتٍ ونزاعاتٍ إقليميّة تحوم حول وطنها وتهدد أمنه واستقراره وتنميته.
وهي أيضًا تشعر بالامتنان كلما عادت إلى بيتها ليلاً بالميكروباص الذي تعمل عليه ويؤمّن لها مورد رزقها الوحيد، فلا أحد يقطع عليها الطريق أو يهددها بالسلاح، ولا أحد يجرؤ على سرقتها أو التعدي على بيتها وأطفالها وأكل عيشها، فالأمن والأمان موجودان في كل طريق وحارة وشارع، وهما ــ لمن لا يعلم ــ أعظم وأهم وأغلى نعمةٍ على الإطلاق، وهي تستحق كل الحمد والشكر والثناء من أجلها.
بعد أن غادر أطفالها إلى مدارسهم، ركبت الميكروباص، تمتمت بعبارات البسملة وقرأت ما تحفظه من أدعية لزيادة الخير والبركة في طريقها كعادة البسطاء، لم يدُر بخلدها أنها ستمر بصدفة لم تتخيل ولو للحظة أنها ستحدث في حياتها، فهي تُوصِل الليل بالنهار لكي تُطعم أبناءها بالحلال دون أن يمُنّ عليها أحد بأي شيء، وهي معتادة على توصيل العمّال ذوي الوجوه السمراء الكادحة إلى العاصمة الإداريّة الجديدة التي تعتبر حلم المصريين الكبير، ولكنها في نفس الوقت لم تتوقع أن تقابل رئيس أكبر دولة عربيّة وصانع تنميتها وإنجازاتها مرّة واحدة!.
كان موكب الرئيس قد غيّر مساره لنفس الطريق الذي قررت هي أن تسلكه بالصدفة أثناء تفقدّه لتنفيذ مشروعات العاصمة الإداريّة، فالتقى بها وسلم عليها، وأعجِب بكفاحها وعملها وأثنى على إصرارها على العمل، وهي ماتزال غير مصدّقة لما حدث.. فقد كان تعجبها يتمحور حول تواضعه وشخصيته القريبة إلى قلبها أكثر من الصدفة التي جمعتهما، فكيف ينزل الرئيس من موكبه وحرسه والوزراء والمهندسين الذي يلتفون حوله لمواطنة بسيطة عاديّة!.
وبينما هو يثني عليها وعلى كل امرأة مصريّة مكافحة صبورة، أحسّت أنها تكلّم أحد أبناءها أو شخصًا قريبًا منها أو تعرفه منذ زمن، وشعرت أن كلامه يلامس بالفعل حالتها ووضعها، وأنه ليس رئيسًا لفئة دون أخرى أو لمجموعة دون الثانية، بل هو رئيسٌ للكل.. فقراء وأغنياء.. مسلمين ومسيحيين.. رجالاً ونساءً، واستشرفت منه أن بلدها سيكون في أفضل حال رغم التهديدات والمؤامرات والأزمات، وأنه مُقبِلٌ على نهضة حقيقيّة شاملة على جميع المستويات فكرًا وعملاً واقتصادًا ومكانةً.
وفـي غمرة اندهـاشها سألـها الرئيس اسمها وعن أحوالها، فأجـابت بغضاضة و حياء :
نحمدو.. ونحمدو يا ريّس.
القصة الخامسة: على طريق الكفاح
كان في عجلةٍ من أمره فقد تعطلت سيارته فجأة في الطريق .أوْكَلَ إصلاحها لأحد هم وأصبح مضطراً لركوب أي وسيلة مواصلات أخرى . كان لا بد أن يصل في موعده نظرا لأهمية وجوده في موقع العمل في الوقت المحدد .. أشار للميكروباص القادم من بعيد ملحاً عليه ليتوقف.. فهو بالكاد يستطيع اللحاق بعمله في العاصمة الإدارية حيث يعمل مهندسا في إحدى شركات المقاولات التي تتولى بناء هذا الصرح المصري العظيم والذي لا يشبهه في الأهمية سوى بناء الأهرامات في العصر الفرعوني وحفر قناة السويس في العهد الخديوي.... فتح الباب متفحصا في وجه السائق وهو يسأله عن وجهةِ السيارة.. يا الله .. لا يكاد يصدق .. إن السائق سيدة .. نعم إنها سيدة..أكد لنفسه .. وإتخذ مقعده في الخلف وكله فضول أن يعرف السبب الذي أجبر تلك السيدة على إمتهان هذه المهنة الشاقة والتي ينوء بها الرجال . جلس وهو في غاية التعجب و الإعجاب في الوقت ذاته قائلاُ في سريرته : لابد أن ورائها قصة كفاح ليست بالهينة ..فالسبب الذي جعلها تتناسى أنوثتها وتسيرضد طبيعتها التي جبلت عليها . لا شك أنه سبب ليس بالهين . أخرج حافظة نقوده . ناولها الأجره .. هَمّ أن يسألها عن قصتها ... منعه الخجل من ذلك .. أكمل رحلته ووصل لعمله .. باشر مهامه .. في أخر النهار عاد إلى بيته .. أثناء العشاء بدأت زوجته في تلاوة مطالبها ... مصروف بيت .. رسوم مدارس . فواتبر كهرباء وماء وتلفون .. ثم عرجت لتقص له أحداث يومها مع الشغالة والجارة وغيرهم .. تفاهات لم تحتملها أذناه .. شرد بذهنه وهي تتكلم .. تذكرتلك المناضلة التي ركب معها في الصباح عقد المقارنة بينها وبين زوجته متسائلاً .. إذا وقعت زوجته قي مثل ظروف هذه السيدة ماذا سيكون تصرفها.. ترك العشاء .. صرخت زوجته في وجهه لتجاهله لها .. جلس قبالة التلفاز ليتابع الأخبار.. يا الله .. إنها هي .. سائقة الميكروباص ..في كادر واحد مع رئيس الجمهورية يتبادل معها الحديث و يثني عليها وعلى عملها ويثمنه ويقدره .. كعادته دائماً مع المجتهدين المخلصين .. حديثه هذا لها وسام هي بلا شك تستحقة .. ووقوف رئيس الجمهورية لها ونزوله من الموكب لأجلها هو تقديرلها و لكل من يعمل بجد من أجل الإرتقاء بحياته ومستقبله ومستقبل بلده ... كل هذه الأشياء دارت في عقل المهندس وهو جالس يشاهد هذا الخبر من خلال أحد البرامج .. تمنى أن يحالفه الحظ ليركب سيارة السيدة "نحمده" مرة أخرى .. ليحيها بدوره على كفاحها في سبيل تربية أولادها...وكونها لم تستنكف هذا العمل الشريف رغم صعوبته وكونها أيضاً أعطت مثلاً ودرساً لمن ترفع عن العمل بحجة أنه غير مناسب لقدراته وإمكاناته...
القصة السادسة: نحمده .. ست الستات
تنفجر عواصف ترابيه في عز الربيع توفى الزوج اثر سقوطه من فوق الرافعه في موقع العمل مخلفا وراءه زوجه واربعة اطفال وقدر يسير جدا من النقود . اضطررت حينذاك نحمدو الى ترك منزلها واقتحمت الحياه بعد عزلة لتكون العائل الاساسي والوحيد لتلك الاسرة , وتسعى الى توفير أبسط متطلباتهم .
لجأت الى كل معارفها , سألت في كل مكان , وقادتها الظروف الي وحيده هانم بعد ان اخبرها اولاد الحلال عن اعلان تبحث فيه الهانم عن خادمه لمنزلها فوافقت فورا .
وفي ركن الحديقه الذي تقضي فيه وحيده هانم وقتها في السمر بين الاصدقاء سألتها : أعلملتي قبل ذلك في البيوت ؟
- لا حضرتك دي أول مرة .
- وحيده هانم بنظرة داعيه للتوضيح والافصاح اكثر:
- كنت قبل ذلك جالسه في المنزل بعد حصولي على الثانويه الى ان توفى زوجي واصبحت مسئولة عن اعالة الاسرة .
فردت وحيده : لامشكله . ليس عليكي سوى الحضور الى المنزل في التاسعه صباحا وترتيب الشقه , لى العموم العمل ليس بمرهق . ولولا اني انست منك رغبه في العمل الحلال
كنت لن اوافق ابدا .
- لمحت نحمدو او بصيص ضياء , اكتفت بنظرة عرفان من وجهها الطيب .
- ومرتبك سيكون 2000ج وممكن ان تأتي من الغد وهذا هو العنوان
- شكرا ياهانم
مرت بنحمدو لحظات عصيبه . كانها تتبدل ويتغير كيانها , كانها تولد من جديد .
أبعد الحياة المستقرة الهادئة تاتي الزلازل ؟
أبعد الاطمئنان وراحة البال أستقبل كل هذه التقلبات والمتغيرات ؟
ولكن رغم كل شئ فترة وستمر .. ان شاء الله ستمر وتمضى ونصتقبل احلى اللحظات .
وفي صباح اليوم التالي أستقبلتها وحيده هانم , واخذت تعمل بجد واخلاص وتفاني حتى استحوذت على قلب ولب الهانم , وتتابعت الشهور ف عملها . ولاحظت وحيده انها رغم الصعوبات فانها صاحبة حدس صادق وقل راجح ومنبت اصيل وموده دافئة . ارتاحت لها وقربتها لها كأختها الصغيرة او كأبنتها . وايضاً شعرت نحمدو نحوها انها اخت كبيره ومعزة متبادله .
وفي احدى الليالي بعد تناول العشاء وقبل ذهابها طلبت منها وحيده هانم ان تبقى معها وتجلس وقالت :
نحمدو .. يعلم الله اني احببتك كابنتي ولكن مضطره لان اغادر مصر واذهب الى زوجي الذي عالج في الخارج .
- هالها الموقف ولم تنبس . فشعرت وحيده بألمها واكملت :
- هذا شيك بمبلغ تستطيعين ان تبدأي بمشروع يضمن لكى دخل ثابت مناسب ولا تضطرى الى المعاناه المضنية للعمل في البيوت .
- لم تصدق اذنيها وبشوق صادق قالت :
مش عارفه اقولك ايه ياست , انتي نعم الاخت .
- الله يوفقك ويسعدك واسمع عنك كل اخبار جيده .
كانت قد ادخرت مبلغاً خلال فترة عملها بالاضافه الى مبلغ الشيك . ف خلصت الى البحث عن مشروع تتنفع به بهه النقود . في هذه الفترة كانت احوال اولادها في ازهار بعد ان اعتنت بهم اقصى عنايه خلال الشهور الفائته , حيث قارب اكبرهم على دخول الثانوية التجاريه ورغبت من داخلها ان يظل يدرس حتى يحصل على الشهاده العليا , هو وكل اخواته وان تفني حياتها في سبيلهم . شرعت في البحث عن محل وظفرت به في منطقه مناسبه في المرج ,
وافتتحته بقاله وصادفها في البدايه المتاعب المتلاحقه من بعض التجار وبعض الزبائن ولكنها بذكائها الفطري استطاعت النجاه من كل هذا . واصبح المحل يدر عليها دخل كبير ثابت .
وفي يوم شتوي لطيف كانت اشعة الشمس تحبو فوق الرؤوس وهي تتابع التليفزيون في بقالتها , شاهدت القائد يتحدث عن قيمة العمل وقال :
أن المجتمع لابد ان يعلن الحرب على التقاليد الباليه التى تمنع المرأه من العمل الحلال الشريف , وان هناك عددي من السيدات اللاتي يقمن باعالة اسرتهن بمفردها ولابد ان يضعهن المجتمع موضع التقدير والاعزاز
- تلقت نحمدو هذه الاشادات كأنها موجهه اليها . وشعرت عندئذ بفرحة الظمان عند تلقيه كوب من مياه بارده
القصة السابعة: الصبر مفتاح الميكروباص
كعادتها كل يوم تستيقظ لتستعد لرحلتها اليومية كسائقة على ميكروباص ولمدة عشرة ساعات كاملة, تستعين على مشاق حياتها بما تقطفه من وجوه أطفالها الأربعة ومن اللافتة المعلقة على حائط غرفتها والتي انهكها الزمن فبعد أن كانت تحمل هذه اللافتة عبارة "الصبر مفتاح الفرج" معلقة من خلال مسمارين اذ يسقط ثلثا العبارة ولم يبقى الا كلمة الصبر فقط معلقة في احد المسمارين والثاني أصبح فارغا على خلاف العادة وتصحو على أمل يراودها كل صباح وهو أن تكون لها سيارة خاصة بها .
أتمت نحمدو ارتداء ملابسها وودعت أبناءها بعد أن حدثها أحدهم قائلا " يا ماما ربنا يستر طريقك ويوقف لك ولاد الحلال" . انطلقت نحمدو ورفعت رأسها الى السماء وكأنها تفضفض لها عما بداخلها وأحست أن شروق الشمس اليوم وكأنه مختلف عن ذي قبل وكأنه يخبرها بشيء "الشروق" تلك الكلمة التي تردد صداها في أذنيها لأول مرة لتجد نفسها دون ترتيب مسبق تغير وجهتها متجهة الى الشروق على خلاف عادتها في نفس الوقت يتصادف مرور موكب السيد الرئيس من العاصمة الادارية الجديدة ذاك المشروع الضخم لكنه هو الآخر قرر أن يغير خط سيره , دعوة الابن لأمه مع شروق الشمس مع لافتة معلقة في غرفتها سقط ثلثاها وأخرى معلقة في مرآة السيارة تتأرجح يمينًا ويسارًا كُتب عليها أيضًا "الصبر" كل ذلك يلتقي في نقطة واحدة جمعت السيد الرئيس مع نحمدو ذلك اللقاء الذي صنعه القدر لتعود الى بيتها لتكمل اللافتة الموجودة في غرفتها وتضع المفتاح في المسمار الاخر لتكتمل المقولة: "الصبر مفتاح الميكروباص"
القصة الثامنة: الكفاح عنوانه نحمدو
فى اللحظة التى استوقفنى سيادة الرئيس فيها وأنا أقود عربة الميكروباص المتهالكة ببطء شديد كنت أبكى فالعربة تحتاج للإصلاح وأخشى من عودتى للمنزل فأجد صاحب المنزل فى إنتظارى لتحصيل إيجار سكنى وأفكر فى وجبة العشاء وخاصة أنى تركت زوجى المريض فجرا بكسرتين من الخبز وقطعة من الجبن الأبيض , وفى نفس الوقت أحمد الله أنى عد ت وأولادى من مشوار دمياط حيث حضرت جلسة المحكمة بأطفالى الأربعة بسلام ,أسند رأسى قليلا بيدى التى تكاد تنفجر أدعو الله أن ينهى عذابى وعذاب أولادى الذى استمر سنوات وسنوات ولا نملك إلا أن نشكره ونحمده .
مرت سبحابة من الغيامة على عينى ووجدت الدمع يزرف منى ويمر أمامى شريط ذكريات مؤلم وأخذ ت أعاتب ربى سبحانه وتعالى . لماذا يارب تضع العراقيل فى حياتى وحياة زوجى وأولادى لم نعصك يوما وقد وضعت مصدر رزقى من ايجار شقتى فى يد من لم يرمحنا / والجأت زوجى الى عملية جراحية بسيطة لدى طبيب مشهور فأعمل مناظيره فى جسده وخربه ودرنا به لدى أكثر من مستشفى استثمارى وحكومى سنوات حتى أنفقنا ثمن ما بعناه من بعض موروثنا, وعندما رأينا أن نتحصل على بعض نفقاتنا من الطبيب المليونير الذى خرب جسده أحالت المحكمة الدعوى الى خبير فى الطب الشرعى جامله و قال أن الطبيب لم يخطىء . وقالت المحكمة بناء على قول الطبيب الشرعى أن الطبيب بذل جهودا صادقه ولم تلتفت الى عشرات الإشاعات وتقارير الأطباء فى المستشفيات الأخرى استثمارية كانت أم حكومية والزمتنا بمصاريف الدعوى آلافات من الجنيهات علاوة على ما انفقناه طيلة سنوات العلاج .
يارب كنت أحصل على بضع جنيهات ممن أعمل لديهم فى خدمة المنازل لتقيم أودنا وكنا نحمدك ونشكر فضلك يارب فلماذا عقابك الدائم لنا .
نبهتنى ابنتى فرج الله وقالت :ـ/ هذه العربة تستوقفك يا آمى.
هممت أن أهرب من هذه العربة وأسرع فى طريقى ولكنها استوقفتنى وكدت أصعق وأنا أرى رئيس مصر يستوقفنى .
بهت للمفاجأة أن يستوقفنى رئيس مصر وخفت أن يعاقبنى على طريقة سيرى فاذا به يمد الى يده بالسلام وقفت أرتعد فاذا به يسألنى عن حالتى التى لم أستطع إخفائها عنه وسردتها كاملة من خلال معاناتى ودموعى .
أخبرته أنى عائدة من حضور جلستى بالمحكمة بدمياط / فحين يحين موعد الجلسة أتوجه من القاهرة الى دمياط أجرجر أطفالى فلاأستطيع تركهم مع أبيهم حيث يرقد بالشقة فاقدا للوعى، وأهرع إلى المحكمة آملة أن تنتهى الدعوى التى رفعتها بالحكم لطلباتى من إيجار الثلاثة شهور وما استجد بعدهم من شهور أخرى لم تدفع وصلت للعشرات ، كنت أظن أن السيد القاضى بما أنه لم يجد مع المستاجر ما يدل على سداد الإيجار ويرى حالتى المزرية وأطفالى الصغار سيحكم لى بإيجارى مصدر رزقى فورا ، وأنتظر ذلك الحكم بعد انتهاء كل جلسة من جلسات المحكمة ، كنت أمني نفس بالفرج وأقول لن يتخلى الله عنك يا نحمدو ، إلا أن السيد القاضي كان يستجيب لطلبات المستأجر الغاصب .
بعت أثاث شقتى سكننا قطعة قطعة للإنفاق على زوجى المريض وأطفالى الأربعة الجياع وهم بالمدارس، و يحتاجون إلى نفقات تعليمهم ودروسهم الخصوصية، علاوة على مصاريف القضية والسفر من القاهرة إلى دمياط والعودةكل جلسة بخيبة أمل .
يحضر الأستاذ سليم المحامى المدعى عليه فى الدعوى مستقلا عربته المرسيدس، يهرع إليه أصدقاؤه ومحبوه يفتحون له باب العربة ويمهلهم حتى يجعل الزجاج الخلفى للعربة مواربا، فداخل العربة كلبه الخاص الذى قال عنه بعض أصحابه إنه اشتراه بخمسة وسبعين ألف دولار، فهو كلب سويسرى، وقال آخرون إنه كلب فنلندى .
يدخل سليم بيه، فقد منحه الناس لقب البيه بعد أن ظهرت عليه علامات النعمة واليسار لقاعة المحكمة، يجلس على المقعد متأففا حتى ينادى الحاجب على الدعوى باسم المدعية نحمدو المعداوية ضد سليم المنيلاوى، فيقف متأففا ممتعضا وأقف أمام السيد القاضى منهكة من تأثير إجهاد السفر وعدم النوم .
يتحدث سليم بيه للقاضى بأنه دفع لتلك المرأة (يقصدنى ) إيجار شقتها وأزيد من قبل، ويتفوه للقاضى ببضع كلمات فيهم كل ما يريد ويرغب من دفوع ، فمنذ أن تُدُووِلَت الدعوى بالجلسات طلبا لإيجار شقتى التى نتعيش من إيجارها , طلب المحامى الخصم الكثير من التأجيل للكثير من الإطلاع عن الكثيرمن ادعاءات مغلوطة أن الشقة ليست ملكى وأن قيمة الإيجار مختلفه وأنه سدد كل الإيجار بدون أن يقدم إيصالا واحدا لسداده ثم إثبات أنه ليس الوحيد القاطن بالشقة، فهو لايستغل من الشقة إلا حجرة واحدة فيها مكتبه، وليس من المعقول أن يكون مكتبه فى حجرة والمقاعد فى حجرة أخرى، ثم إن فى باقى حجرات الشقة السكرتيروكتبة وحتى إن كانوا تابعين له، فعليهم سداد إيجار شغلهم لحجراتهم، وكذلك الزبائن والعملاء الذين يتواجدون ويشغلون باقى الحجرات ، وإدخال الكل فى الدعوى خصوما، فليس من المنطقى والمعقول أن يدفع هو للجميع وعن الجميع، ثم يطلب إنتداب خبير لبيان تلك الوقائع الجوهرية، ويستجيب السيد القاضى ويؤجل الدعوى لإنتداب خبير.
حُوِّلَتْ الدعوى لمكتب الخبراءوأسند مكتب الخبراء الدعوى لخبيرة وحمدت الله أن الدعوى فى سبيلها للإنتهاء، فستثبت السيدة الخبيرة أن المحامى هو الحائز والقائم باستئجار الشقة، ومن فيها يتبعه وإثبات قيمة أشهر الإيجار المتأخر واستهلاكاته من ماء وكهرباء وحمدت الله أنها سيدة، ستكون أحن علي من الرجال الذين قست قلوبهم، وانتظرت شهورا لم تتحرك فيها الدعوى ولماسألت علمت أن السيدة الخبيرة أودعت الدعوى أدراج مكتبها حتى يحين الدور عليها، فلديها دعاوى كثيرة من قبل، ولما حل دورها أجلتها وأعادت تخزينها فى مكتبها حتى ولادتها بعد شهور، فهى لاتقوى على مباشرة اختصاصاتها فى شهور الحمل الأخيرة المرهقة .
وضعت السيدة الخبيرة مولودها والحمد لله، وباشرت مهمتها فى الدعوى .
بعد سنتين أرسلت للمحكمة تقريرها الذى جاء به أن الشقة المذكورة برقم كذا بشارع كذا بها عداد إنارة واحد برقم كذا وبها عداد مياه واحد برقم كذا، ولم تذكر شيئا عن الإيجار ولا عن المتأخرات ولا عن استهلاك الماء والكهرباء .
أعاد السيد القاضى الدعوى لمكتب الخبراء مرة أخرى، وباشرها خبير أرسل تقريره للمحكمة بعد شهور فأودعت التقرير الدعوى، ولم تحكم المحكمة وإنما استجابت لدفوع أخرى للمستأجر بعيدة عن الإيجار وسداد الإيجار، حيث طلب المستأجر إحالة عقد الإيجار وورقة أخرى للطب الشرعى لبيان ما إذا كان عقد الشقة المقدم فى الدعوى يخصه من عدمه .وهدفه من ذلك اطالة آمد الدعوى.
ثمان سنوات يا ريس ونحن محرومون من لقمة عيشنا التى تأتينا من الشقة إرثى مصدر رزقى وزوجى المريض وأولادى .حتى تنتهى الدعوى وكان حل الدعوى لايزيد عن شهرين / مطالبة المستاجر بالإيجار أوالطرد/ وليس تشريد صاحبة الحق وأولادها ثمان سنوات / ولم أتمالك نفسى من البكاء .
تجاوزت الدعوى أكثر من ثمان سنوات والمستأجر يتلاعب ولا يدفع مليما، وكل هدفه اجبارى على بيع الشقة له بتراب الفلوس .
فى نهاية كل جلسة لاأشعر بنفسى إلا وقد سقطت على الأرض ويتجمع الناس حولى لإفاقتى، يرشون على وجهى الماء ويدعكون فى أنفى الثوم والبصل حتى أفيق، وأطفالى حولى يبكون لاحول لهم ولا قوة.. يبكون أمهم وخواء بطونهم يهرى مِعاهم،
ويتساءل البعض فى المحكمة ما تهمة هذه السيدة الملقاة على الأرض ؟ فتجيب ابنتى :ـ رفعت دعوى طلب ايجار على سليم بيه المحامى .
أخرج من المحكمة لاأستطيع الحديث والإعتراض على تأجيل الدعوى، ولاالتفوه، ومحشور فى حلقى من الصرخات عشرات الآهات التى لو انطلقت منها صرخة واحدة لدخلت السجن، وتصبح الكارثة كوارث ،وليس هناك من يرعى أطفالى الأربعة .
زادت مأساتى بوقوع زوجى فريسة لمرض السرطان فاضطرت الى العمل على العربة الميكروباص التى كان يستخدمها وفى هذه المرة أخذت أطفالى الأربعة حيث لا يمكن تركهم مع والدهم الذى لايستطيع رعايتهم واتجهت بهم الى دمياط لحضور الجلسة وحضرتها وكانت ككل مرة التأجيل المقرر علينا .
خرجت من المحكمة وذهبت وأطفالى إلى عمارتنا القديمة التى اختصصت فيها بالشقة المطالب بإيجارها عن المرحوم والدى لنرتاح ولتهدأ نفوسنا وننام قليلا فى زاوية من فنائها أو تحت السلم كما نفعل كل مرة .
حاول أحد المحامين الصغار الذين يعملون طرف سليم بيه مواساتى والتخفيف عنى وسألته فرج الله ابنتى الكبرى عن كيفية أن تبيع أمها نحمدو كليتـها كما ترغب حتى تحل مشاكلهم ؟
فيقول لى مجاملا : احمدى الله ياست نحمدو إن سليم بيه يشغل شقتك، وقد جعل منها شقة سوبر , انظرى حولك ستجدين عشرات الشقق مغلقة، تعلو نوافذها الأتربة، تركها الأولاد والأحفاد خاوية بعد موت مستأجريها، ولم يسلموها لأصحابها، لأنها إيجار قديم، وحتى تحكم المحكمة بعودتها لأصحابها فإن ذلك يستغرق سنوات وسنوات، إلى أن يلحقها قرار الإزالة وانهيار بنيانها , أنت أحسن حالا من غيرك .
ـ الدعوى يا ابنى تجاوزت الثمان سنوات، ونحن فى حاجة الى لقمة عيش .
ـ ثمان سنوات ليست كثيرة، فهناك دعاوى جاوزت العشرين عاما ومات أصحابها جوعى بعد أن انفقوا عليها معظم أموالهم، وتابع الدعاوى بعض الأبناء ثم تركها الأحفاد للشطب ..
ـ أى علينا الانتظار بدون طعام وشراب كمان عشرين عاما /الحمد لله..نحمــده وحسبى الله ونعم الوكيل عدت من دمياط اتخبط فى الطرقات لا أدرى وجهتى حتى قابلتك يارئيس الكل وتكرمت بسماع مأساتى ومأسأة أولادى الجياع . فلك الشكر والحمد يارب وتحمدك نحمدو كل الحمدأن جبرت بخاطرى وهيأت لى مقابلة راعى الأمة رئيس دولتنا واستجاب لصرخاتى وأمرلى بسيارة جديدة تعوضنى وزوجى وأولادى سنوات الضياع ولن تتوقف نحمدو عن حمدك وشكرك يارب السماوات والأرض .
القصة التاسعة.. " نحمدو.. الأيام.. والليالي "
شارك القراء محمد عبدالله عبدالتواب بدر بقصة جديد عبر على البريد الإليكترونى
[email protected] تحت عنوان " نحمدو.. الأيام.. والليالي "
أنا اسمى نحمدو من قرية صغيرة تسمى الكداية مركز أطفيح محافظة الجيزة
والدى فلاح بسيط مستأجر 6 قراريط زراعية يقوم بزراعتها بمساعدة أمى وأخى الصغير وأخواتي : بالمناسبة نحن أسرة تتكون من 6 أفراد ( أبى وأمي وأخي محمد 6 سنوات ونحن ثلاث فتيات نحمدو 8 سنوات وعطيات 4 سنوات وفاطمه سنتين) نعمل جميعا فى مساعدة أبى فى الغيط وعندما لا يوجد عمل بالغيط مع ابى نذهب لجني المحصول عند جيراننا أنا وآخى محمد وأختى عطيات . ومع أذان المغرب أخذ حزم البرسيم التي تعملها لي أمي واذهب إلى بيوت القرية لأبيعها حتى نستطيع توفير متطالبات الحياه من مأكل وملبس .
لم نذهب أنا أو أخواتى إلى المدرسة وكان أبى يقول البنت ليس لها إلا بيتها تقعد وتستريح عند أبيها أو زوجها لترعى مصالح البيت والأولاد فعندما تذهب البنت إلى المدرسة تتفتح عيونها لأشياء غريبة ممكن يكون لها حق فيها لكن ليس من مصلحتها ومع ذلك عندما كان يقول أبى ذلك كنت أرى فى عينيه دمعة أكاد لا أنسها أبدا كأنه يطلب منى العفو عن عدم تعليمنا لضيق اليد وكنت أصبره وأقول له أنت على حق يا أبى ونحن سنظل في طوعك وما تقوله سننفذه نحن من غيرك نتوه ولا نعرف كيف نسير فأنت الخير والبركة . وكان يقول لأخى محمد سامحنى يا بنى كان نفسى أوديك المدرسة مثل أبناء جارنا الأستاذ إبراهيم لتكون دكتور ولا مدرس لكن يا بنى أنت عارف المدرسة تحتاج لبس ومصاريف وسندوتشات وكتب ودروس ودي عايزه فلوس ياما وأبوك على أد حاله اليد قصيرة والعين بصيرة لكن يا بني لما تكبر ويكون عندك عيال حاول على أد ما تقدر توديهم المدرسة وتعلمهم - التعليم حلو بردوا يا بنى - بيفتح المخ والعقل.
وكان أخى محمد يقول له يا بوى أنا مش عايز أتعلم أنا راجل لازم أساعدك وأشيل عنك وعن أخواتى وأريحكم كلكم أنا عايزكم تكونوا أحسن ناس ولما أكبر يا بويا مش هاخلى حد فيكم يتعب ولا يشتغل عند حد فيقول أبى : الحمد لله يا بنى أنا هو ده اللى عايش عليه ونفسي تفضلوا محافظين عليه إننا نظل يدا واحده نحب بعض ونساعد بعض ونلم بعض القوى يا بنى فى لمتنا وخوفنا على بعض مهما كان معاك ومالكشى جذر يمسكك هاتقع وهاتضيع الإنسان يا بنى عامل ذى النخله تعطى للناس بلحها وجريدها وخيرها ومع ذلك بردوا يرموها بالطوب وما فيش مرة تقول لأ مش هاعطيكم بلحى ... الحمد لله . وكنت أقول بداخلى أما أنا كان نفسى أروح المدرسة ولو ليوم واحد أشوف الدنيا الغريبه دى فيها أيه... حلوه ولا وحشه .. وفى طريقى للذهاب للغيط كنت أحاول أن أمشى بجوار المدرسة وكنت أشوف ولآد الأستاذ إبراهيم أسماء وخالد وعلى وهم فرحنين ومبسوطين ولبسهم نظيف وشايلين الشنط ومعاهم سندوتشاتهم ومصروفهم وداخلين المدرسة وكنت أقوال لنفسى لما أكبر ويكون عندي عيال لازم أوديهم المدرسة لو هاموت من الجوع ..هعلمهم يعنى هعلمهم .
إصحى يا نحمدوا خاليكى فى اللى إنت فيها الوقت روحى الغيط وإرعى مصالح البيت وريحى أمك وإخواتك وإفتكرى دائما أن أبوكى وإمك محتاجينك وهم دول عيلتك الوقت اللى ما ينفعشى إنك تقصرى معهم أبدا مهما كلفك . قابلنى الواد عبدالتواب وقال لى يا بت يا نحمدوا رايحه فين فقلت له مودية الغداء لأبويا فى الغيط فقال طيب ما تنسيش يوم الخميس ها نجمع بامية تيجى إنت وإخواتك بعد صلاة الفجر عايزين نلحق نجمع البامية عاشان رايحين مصر يوم الجمعه نبعيها هناك فقلت له مابتبعوهاش هنا ليه ما بردوا اللى هنا بيعرفوا ياكلوا البامية بردوا فقال اللى هنا ويمصص شفتين وهو يقول اللى هنا أخرهم حاجة بخمسين قرش بجنية .. بس بتوع مصر فلوسهم كتير ودول ناس بتاكل بجد .
ما تتأخروش تيجوا بعد صلاة الفجر على طول . فقلت فى نفسى صحيح كلام الواد عبدالتواب ده صح بتوع مصر فلوسهم كتيره وأكلهم كتير .. يا بختهم بقى ما يجليش عريس حلو وغنى من مصر ياعيشنى هناك يا سلام دى تبقى دنيا تانية فوصلت الغيط وكان أبى بإنتظارى فأخذ منى الأكل وقال لى إنت أكلتى فقلت إيوه فقال طيب روحى حشى شوية برسيم علشان تأخذيهم معاكى وإنت مروحه عشان تبعيهم يا بنتى أنا ماعييش ولا تعريفة فقلت له حاضر يابا وتذكرت عبدالتواب فقلت له يابا الواد عبدالتواب عايزنا نروح عندهم يوم الخميس علشان نجمع بامية فيقول أبى هم كدا يا بنتى ولاد الحج الحسين ما يعرفناش اللى فى البامية اللى بتقطع إيديكم إنت وإخواتك فقلت له مش مهم يابا المهم يدفعوا لنا الأجرة فذهبت وحشيت البرسيم وعملت 25 رابطة ذى كل مرة وأخذت البرسيم وعندما عدت لم أجد أبى فقلت يمكن سبقنى على البيت وفى طريقي للبيت كانت عيون الناس تنظر لى بإستغراب وكأن حدث جلل حدث فى بيتنا يا رب سترك فأخذت أسرع الخطا فى الذهاب للمنزل وعندما وصلت إلى أول الشارع رأيت ناس كثيرة أمام بيتنا فجريت أسرع ماذا حدث ؟ مصيبه ... مصيبة ... مصيبة أخى محمد سقطت رصاصة عليه أثناء عمله فى غيط الحج عبدالراضى وجابوه الناس البيت والدكتور معه بيكشف عليه يارب أستر يارب ... يارب استر يارب .... يارب أستر يارب خرج الدكتور مسرعا وقال أنا قلت لكم من الأول لازم تودوه المستشفى هناك افضل من هنا فيقول الأستاذ إبراهيم بسرعة يا واد خالد روح هات عربية الأسطى صبرى بسرعة فى ثانية تكون هنا وبالفعل حضرت العربية وأخذت أخى محمد وتسابق الناس لركوب السيارة وذهبوا إلى المستشفى ....
وعندما وصلوا إلى المستشفى أخذ أبى يصرخ وينادى أين الطبيب ..أين الطبيب ..أين الطبيب فقالت له الممرضة سيحضر حالا أين الطبيب .. أين الطبيب فقالت له الممرضة أرسلت له عم حسن ليجيبه من العيادة الخاصة به فهي قريبة من هنا فيصرخ الأستاذ إبراهيم هو مش نبطشى هنا ولا أيه بسرعة فين العياده دى أروح أجيبه أنا فذهبوا إلى العيادة وأحضروا الطبيب الذى حاول أن ينقذ أخى إلا أنه فشل ومات أخى محمد السند والأخ والونيس والصاحب ..... وأخذت أمى تصرخ وتصوت وتنادى إبنى .. إبنى ... لا لا لا لا ونبكى وننوح أنا وأخواتى وأبى جالس بجواره لا ينطق بكلمة واحدة لا أرى منه إلا دموعه التى كانت لا تتساقط أمامى أبدا فهى الأن كالبحر الغائر لا تقف والنساء حول أمى تصبرها والرجال حول أبى يصبرونه ويشدون من أزره أيها الموت أنت صعب ومصيبة كبيرها ما أعظم تلك المصيبة ...... وبعد شهر من موت أخى البيت يملؤها الحزن لا نكاد نتكلم إلا أقل القليل إعملى كذا ... إفعلى كذا ... إذهبى إلى كذا .. الدنيا تقف عندنا يكاد أبى وأمى أن يموتوا من الحزن لفراق أخى المرحوم محمد فقلت فى نفسى لابد أن أخذ بيد أمى وأتحدث معها فى أى موضوع لأن الحياه مستمرة لا تقف لموت أحد فقلت يا أمى هل المرحوم أخي جاءت فيه طلقة رصاص قالت نعم يا بنتي فقلت أخي لم يؤذ أحد فلما قتلوه إحنا في حالنا ما عملناش حاجة في حد فقالت أمي يا بنتي هذا قضاء الله وقدره لا نملكك سوى أن نقول لله ما أعطى ولله ما أخذ ولا نقول إلا ما يرضى ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون فقلت هو عمل أيه عشان يقتلوه فيرد أبى يا بنتى أخوك لم يقتل بقصد شخص ما في بلد ما قام بإطلاق رصاصة في السماء ولا يقصد بها أذى لأحد فترتفع فى السماء حتى تصل لأقصى مدى لها ثم تهبط إلى الأرض قد تسقط هنا أو هناك لكن القدر... يا الله يجعل أخيك يقف مكان سقوط الرصاصة فتصيبه .. الحمد لله ويأخذ يزرف الدموع فأسكت وأقول ليتنى ما سألت ولا تكلمت .
تمر 6 سنوات على وفاة أخى والبيت هو هو الحزن فى كل مكان أمي لا تلبس إلا الأسود وأبى إبيض شعره كله ولا يأكل إلا القليل حتى صار كالجلد على العظم من النحافة فتدخل علينا الست تحية وتقول لأمي عواف يا أم محمد عامل إيه إنت وبناتك لعلكم بخير فترد أمى الحمد لله كل إللى يجيبوا ربنا كويس نحمدوا ونشكر فضلة فقالت أنا جايه لك فى خير وفرح فترد أمي ما فيش فرح بعد المرحوم محمد فتقول الست تحية لا في فرح إنت عندك ثلاث عرايس حلوين وجمال والخطاب واقفين على الباب منتظرين الإذن بالدخول فتقول أمي البنات لسه صغيرين دا نحمدوا ما كملتش 15 سنه إنت بتقولي أيه فتقول الست تحية هي ال15 سنه دى صغيره دا اللى من سنها عندهم عيل ولا إتنين الوقت . فتصمت أمي ولم ترد عليها فتقول أنا أدامى عريس من مصر لنحمدوا ومش هايكلفكم كافة شيء هو عايزها بجالبيتها بس واللى تأمروا به سينفذه وهيدفع مهر ألفين جنيه أنا هاجيلك يوم الأربعاء أشوف ردكم أيه وتمشى الست تحية .
ويأتى يوم الأربعاء وتحضر الست تحية فتدخل على أمى وتجلس معها وتنادينى بيت يا نحمدوا تعالى أنا عايزاك فقلت لها عايزه أيه يا خالتى تحية فتقول أنا جايبه لك عريس من مصر فترد أمي مسرعة قومي يا نحمدوا اعملي شاي لخالتك تحية فتسأل الست تحية أمي وتقول لها أيه الأخبار أنا بكره رايحه مصر عايزه أبشر العريس فترد أمي عليها لسه ما فاتحتش أبوها أبقى تعالى الإسبوع الجى أكون كلمت أبوها فتقول الست تحية طيب ما تتأخروش علشان العريس مستعجل فتقول لها أمي هو بيشتغل أيه فترد عليها هو سائق ميكروباص شغال عليه وعنده شقه أوضه وحمام ومطبخ وعايش لوحده وعايز وحده من الفلاحين تكون مراته ومالوش حد لا أم ولا أب وذي ما قلت لك مش عايزكم تجيبوا حاجه هو راضى بيها كده فتقول لها أمي هاقول لأبوها واللي فيه الخير يقدمه ربنا .
وتمشى الست تحية وأدخل على أمى وأقول الشاي هي خالتي تحية مشت ياما ولا أيه فترد على أمي وتقول إيوه يا بنتي .. تعالى يا نحمدوا فأقول إيوه ياما عايزه حاجه أعملها فتصمت برهة وتقول أيه رأيك خالتك تحية جايبالك عريس فتستغرب نحمدوا وتقول عريس لمين لي أنا ياما بس أنا مش عايزه أتجوز أنا مش هاتجوز إلا لما تجوزوا الأول أخواتى عطيات وفاطمة فترد الأم لأ يا بنتى إنت الكبيره لازم تتجوزى إنت الأول ما يصحش الناس تاكل وشنا.. نقول للناس أيه.. لأ لأ فترد نحمدوا بس ياما إحنا ظروفنا وحشه قوى قوى ومافيش فلوس ولا أى حاجه من البنات اللى بتجيبها إزاى هاتجوز بس فترد الأم العريس مش عايزنا نجيب حاجه هو هايتكفل بكافة شيء..ويا بنتي الدنيا ما بتقفشى وهى دى سنة الحياة ..روحى إنت الغيط الوقت ولما ييجى أبوكى نبقى نشوف رأيه أيه .
فتذهب نحمدوا للغيط فتجد أبوها يجلس بجوار النخلة المهاد التى كان يحبها أخى محمد ويطأطأ رأسه ناحية الأرض وكأنه يعاتب الأيام والليالي فيقول الأب فى نفسه ليه يا زمن كده إنت بتعمل في كده ليه أنا ما عملتش حاجه وحشه فى حد من البيت للغيط ومن الغيط للبيت.. ليه يا دنيا كده أخذتى من سندى ليه حرام عليك .. حرام .. حرام فيفيق على صوت نحمدوا وهى تقول له يا با إنت عايزنى أعمل حاجة فيقول أيوه يا بنتى روحي حشى شوية برسيم للجاموسة ماكلتشى من الصبح حرام علينا فترد نحمدوا حاضر يابا .
وفى المساء يعود الحج أحمد إلى البيت فتقابله زوجة مبتسمة فيستغرب فى نفسه أشد إستغراب ويحادث نفسه بقوله ماذا حدث لأم نحمدوا أبهذه السرعة تنسي ولدنا محمد إخص ..إخص عليك يا دنيا . وبعدما تناول بعض البتاو والجبن القديم وشرب كوب الشاى الثقيل الذى إعتاد أن يشربه بعد الأكل قالت له أم نحمدوا النهارده جاءت عندنا الست تحية جايبه عريس لنحمدوا فلم يمهلها فى إستكمال حديثها وبسرعة قال لها أسكت .. أسكت وكأنه خاف أن يسمعه أحد فترد عليه مالك يا راجل أنا بقول لك جاء عريس ليخطب نحمدوا فيقول لها إنت مش عارفه إحنا عندنا أيه ولا نسيت الغالي ؟ فتبادره القول حرام عليك أنساه إزاى بس الحي أبقى من الميت وإحنا مش عندنا بنت واحده دول ثلاثة لازم مانظلمهمشى معانا وحقهم نسترهم قبل ما نقابل رب كريم والبنات دي تضيع بعدك وكأن دش مياه بارد سقط على وجه الحج أحمد ما هذا الذي يسمعه ؟ فصمت ثم قال لها : أنا هاروح أصلي العشاء وفى طريقه للمسجد تزرف عيناه بالدموع ويقول لنفسه أيه اللى بيحصل أيمكن أن أخلع ثوب الحزن الذي لبسته منذ سنوات لألبس ثوب الفرح مرة أخرى.. لأ ..صعب وما ذنب البنات وينهى صلاته وإذا بالأستاذ إبراهيم يسلم عليه ويقول له تقبل الله فيسمك بيده الحج أحمد ليمشيا سويا وكأن الحج أحمد وجد شيء يبحث عنه فقال فى نفسه أستشيره ما خاب من إستشار _ فى عريس جى لنحمدوا أيه رأيك يا أستاذ إبراهيم فيرد عليه بقوله إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه فتهلل وجه الحج أحمد وعاد إلي بيته وقال لزوجته إذا جاءت إليك الست تحيه فقولى لها تبقى تخلى العريس ييجى نشوفوا ودخل لينام ... وبعد خمسة عشر يوما يأتي العريس ليفاجأ الحج أحمد بأنه رجل كبير في العقد الرابع إلا أنه لن يكلفهم شيء وسيدفع مهر ألفين جنيه وحضرت نحمدوا لترى زوج المستقبل وفى القرية البنت تسمع رأي الأب فهو الكبير ويعرف أكثر وعلى الجميع السمع والطاعة ومع ذلك سألها أبوها أيه رأيك يا بنتى فى العريس فطأطأت رأسها وقالت الرأى رأيك يا با . وخلال شهرين كانت نحمدوا فى بيت الزوجية .. فى دنيا جديدة تماما عما عاشته قبل ذلك .
فى بيت الزوجية رجل كثير الكلام غير ما إعتادت عليه عند أبيها لا يعرف شيء للمستقبل ما يتحصل عليه يوميا يصرفه ولا يدخر شيء ويضحك دائما ويقول إصرف ما في الجيب يأتيك ما فى الغيب وتمر السنوات الجميلة بسرعة وترزق نحمدوا بأحمد وأسماء ومحمد وعادل . تقعد نحمدوا تتذكر مع نفسها وتقول ياه معقول أديلى فى مصر عشرة سنوات الحمد لله جوزى بيحكى لى كل حاجة عن شغله وعلمنى إزاى أسوق العربية وهو بيفسحنى أنا والعيال ومش حرمنا من حاجة الحمد لله بس كان نفسى تكون أمى وإخواتى جانبى أعرف أروح أزورهم ويزورونى بسى الحلو ما بيكملشى وإذا بضرب شديد على الباب ماذا حدث سترك يا رب .. سترك يا رب الزوج إصطدم بسيارة أخرى وقد مات ومن هول الموقف يغمى على نحمدوا وفى الإستفاقة تقول أنا بحلم ولا ده كابوس ياليت يكون كابوس لكن للأسف ليس كذلك لقد مات الزوج وأصبحت وحيده بل والطامة الكبري فى رقبتها أربعة أولاد من الذى سيتكفل بهم أبى وأمي لا يقدرون على شيء فأنا أعلم ظروفهم جيدا ماذا أفعل وكيف أعيش لا يوجد فى البيت أكثر من مائة جنيها .. كيف سنعيش ؟ من الذى سيصرف على البيت ؟ والمدارس ؟ ماذا أفعل ؟ وهى تتخبط فى أفكارها تلك تأتى إليها جارتها الست أم محمود بالعشاء وتتحدث معها ما الذى تنوى أن تفعله وهى وزوجها مستعدون لمساعدتها فى أى حاجة . وإذا بخاطر يرن فى أذنها وتقول ولما لا .. سأعمل مثل زوجى وأسوق سيارة فترد عليها أم محمود بس يا ست نحمدوا إنت واحدة ست والسواقه دى محتاجة راجل يعرف يتكلم مع الناس ويعرف يأخذ منهم الأجرة. فترد نحمدوا أنا هاعرف أسوق وأعرف أخذ الأجره من الناس فتبادرها واللي ما يرداش يعطيكى الأجرة هاتعملى معه أيه ؟ فترد نحمدوا هأخذها منه بالعافية دا قوتى وقوت عيالى .. يا واخذ قوتى يا ناوى على موتى .. بس بالله عليك يا أم محمود خلى زوجك يشوفى عربية أشتغل عليها .. إنت عارفه مصاريف البيت والمدارس والبيت على الحميد المجيد . فتخرج نحمدوا للعمل فى اليوم الأول لتجد معاكسات وكلام قبيح لم تكن تسمعه من قبل ماذا تفعل ؟ هل تجلس فى البيت ولا تخرج ؟ والبيت والمصاريف هاتجيب فلوس من أين ؟ فتبكى ..وتبكى لكن البكاء لن ينفع لازم تشتغل ولازم تغير من طريقتها ولابد أن تكون شديده فى التعامل مع من يحاول أن يتطاول عليها . ما فيش مفر لازم أشتغل ولازم أعلم ولادى إللى أنا إتحرمت منه لن أحرمهم منه مهما كلفنى ... لو هاموت مائة مرة فى اليوم لازم أعلمهم . يطلب صاحب السيارة من نحمدوا أن تعمل على خط العاصمة الجديدة فهو خط مريح وماعلهوش مشاكل لأنه خط جديد وتقدرى تشتغلى الوردية بتاعتك بأمان وتستمر نحمدوا تعمل على هذا الخط وتشجع أولادها على المذاكرة لمدة عامان وفى صباح يوم الخميس يقول لها صاحب السيارة بلاش شغل النهاردة الرئيس عبدالفتاح السيسى بيفتتح بعض المشاريع فى العاصمة الإدارية الجديدة ومش هاتلاقى زبائن فترد عليه وتقول له ما إنت عارف الزير وغطاه مانقدرش أقعد أي يوم فيقول لو كده حاولى تغير الخط النهارده علشان نرزق فتقول يا رب أرزقنا يا رب ... يا رب أرزقنا يا رب فتقول سأذهب إلى الشروق لعل الله يرزقنى وفى طريقها للشروق لا تجد من يركب معها ولم تحصل على أى أجره فتبكى وتدعوا الله يارب أرزقنا يا رب ... يا رب أرزقنا يا رب فإذا بشخص يقف من بعيد فتقول يا رب يركب فإذا به يشاور بيده فتقول فى نفسها إن شاء الله هوصلوا إلى أى مكان وتظل تدعوا .
وعندما تقف ليركب من هذا ؟ أنا مش مصدقه عيني؟ مين الرئيس عبدالفتاح السيسى فيسلم عليها ويعرف ظروفها ويطمئنها فهو ليس رئيس مصر فحسب بل أب لكل المصريين ويفرح الرئيس عبدالفتاح السيسى ويشد من أزرها ويقول أنا أحيى أى إمرأة تعمل لتنفق على بيتها وأولادها ويأمر الرئيس عبدالفتاح السيسى بعربية ملك لنحمدوا لتسترها هى وأسرتها ،فتحية للرئيس الأب الرئيس عبدالفتاح السيسى .
القصة العاشرة.. " نحمدو"
شاركت القارئة سعدات حسين بقصة قصيرة لكفاح السيدة نحمدو عبر بريد الإلكتروني تحت عنوان نحمدو
هل هذا فعل مبنى للمجهول، أم أنه أسم يفترض أن الجميع مؤمنون، وهو فرض لا يعدو أن يكون إلا خدعة كبرى.
أم أن هناك من أدرك مدى جرم هذه الخدعة فقام وثار وأعلنها صريحة فى وجه من يكفر بالنعم وواهبها... نحن نحمده.
نحن نحمده ... فلا يوجد فعل إنسانى بناء إلا إذا كان جماعيا.
منذ طفولتها حملت الطفلة نحمدو كل تلك المعانى فى روحها كما حملها أسمها.
لكن هل تكفى النية الحسنة لدخول الجنة؟ لا ... لقد غيب الموت أم نحمدو والصبية على عتبة عامها السابع عشر،
وكان ذلك أعظم ابتلاء.
لقد مات الجمال، وسقط الوهم، وسيطر القبح.
كان لها أخوة طوال القامة حسنو المظهر، يقال أن الشيطان جميل الصورة. إنه الوهم... إنها الخدعة.
كم من الوقت يمكن أن ينخدع الناس، قد يمضى عمرا.
أخبرها طبيب المدرسة ووجهه يكاد يبتسم: انت عندك انيميا. لم تعرف لماذا كان وجهه مستبشرا. كانت الأولى على مدرستها.
لكن لقد مات من كان يسعده نجاحها، وأصبح النجاح الآن مصدر خوفها. أصر أخوتها على أن تترك المدرسة، فتركتها.
كان الخيار بين الوجود والامتلاك... فاختارت الوجود، واختار أخوتها الامتلاك. امتلكوا كل شيء أرادوه حتى هى.
وفعلت كل ما أرادوه كى يدخلوا الدنيا، لكنها ألقت الدنيا وراء ظهرها، وصادقت روحها.
أخبار الشباب الإرهابى تملأ الدنيا، كثيرا ماتفكر هل كان يمكن أن يحول أخوتها الأذى إلى آخرين لو لم تتحمل وتقف إلى جوارهم.
الأسرة، الجماعة، الفاظ فقدت معناها عندما سيطر الوهم على حياة الناس بدلا من الحق والصدق والحقيقة.
كان الكتاب هو طريق النجاة بالنسبة لها، كانت القراءة هى غذاء روحها وعقلها بدلا من انيميا الجسم.
ضن حتى أقرب الناس إليها بالود، ولكن خالقها كان ودودا بها، فلم تشعر بالوحدة التى آلت إليها
بعد أن أصبح لكل من أخوتها دار وزوج وأبناء.
بالأمس قرأت عن قصة سائقة سيارة أجرة لنقل الأفراد، وكيف صادفت رئيس الجمهورية فى إحدى زياراته التفقدية،
كيف قدرها الرئيس وأهداها سيارة تمتلكها. نعم جميل التقدير الذى نراه ونلمسه.
ولكن هناك أشياء لن يراها الآخرون ولن يشعروا بها... نحمدو وكثيرات مثلها يراهن من خلقهن ويسمع ويودهن.
القصة الحادية عشرة.. "على طريق الكفاح"
شارك صلاح عيد، عبر بريد بقصة قصيرة جديد عن كفاح نحمدو "سائقة الميكروباص" بعنوان :"على طريق الكفاح"، كان في عجلةٍ من أمره فقد تعطلت سيارته فجأة في الطريق .أوْكَلَ إصلاحها لأحد هم وأصبح مضطراً لركوب أي وسيلة مواصلات أخرى . كان لا بد أن يصل في موعده نظرا لأهمية وجوده في موقع العمل في الوقت المحدد .. أشار للميكروباص القادم من بعيد ملحاً عليه ليتوقف.. فهو بالكاد يستطيع اللحاق بعمله في العاصمة الإدارية حيث يعمل مهندسا في إحدى شركات المقاولات التي تتولى بناء هذا الصرح المصري العظيم والذي لا يشبهه في الأهمية سوى بناء الأهرامات في العصر الفرعوني وحفر قناة السويس في العهد الخديوي.. فتح الباب متفحصا في وجه السائق وهو يسأله عن وجهةِ السيارة.. يا الله .. لا يكاد يصدق.. إن السائق سيدة.. نعم إنها سيدة..أكد لنفسه .. وإتخذ مقعده في الخلف وكله فضول أن يعرف السبب الذي أجبر تلك السيدة على إمتهان هذه المهنة الشاقة والتي ينوء بها الرجال.
جلس وهو في غاية التعجب و الإعجاب في الوقت ذاته قائلاُ في سريرته : لابد أن ورائها قصة كفاح ليست بالهينة ..فالسبب الذي جعلها تتناسى أنوثتها وتسيرضد طبيعتها التي جبلت عليها . لا شك أنه سبب ليس بالهين . أخرج حافظة نقوده . ناولها الأجره .. هَمّ أن يسألها عن قصتها.. منعه الخجل من ذلك .. أكمل رحلته ووصل لعمله .. باشر مهامه .. في أخر النهار عاد إلى بيته .. أثناء العشاء بدأت زوجته في تلاوة مطالبها ... مصروف بيت .. رسوم مدارس . فواتبر كهرباء وماء وتلفون .. ثم عرجت لتقص له أحداث يومها مع الشغالة والجارة وغيرهم .. تفاهات لم تحتملها أذناه .. شرد بذهنه وهي تتكلم .. تذكرتلك المناضلة التي ركب معها في الصباح عقد المقارنة بينها وبين زوجته متسائلاً .. إذا وقعت زوجته قي مثل ظروف هذه السيدة ماذا سيكون تصرفها.. ترك العشاء .. صرخت زوجته في وجهه لتجاهله لها .. جلس قبالة التلفاز ليتابع الأخبار.. يا الله .. إنها هي .. سائقة الميكروباص ..في كادر واحد مع رئيس الجمهورية يتبادل معها الحديث و يثني عليها وعلى عملها ويثمنه ويقدره .. كعادته دائماً مع المجتهدين المخلصين .. حديثه هذا لها وسام هي بلا شك تستحقة .. ووقوف رئيس الجمهورية لها ونزوله من الموكب لأجلها هو تقديرلها و لكل من يعمل بجد من أجل الإرتقاء بحياته ومستقبله ومستقبل بلده ... كل هذه الأشياء دارت في عقل المهندس وهو جالس يشاهد هذا الخبر من خلال أحد البرامج .. تمنى أن يحالفه الحظ ليركب سيارة السيدة "نحمده" مرة أخرى .. ليحيها بدوره على كفاحها في سبيل تربية أولادها...وكونها لم تستنكف هذا العمل الشريف رغم صعوبته وكونها أيضاً أعطت مثلاً ودرساً لمن ترفع عن العمل بحجة أنه غير مناسب لقدراته وإمكاناته.
القصة الثانية عشرة.. عبق الحديد
يواصل "انفراد" استقبال القصص مسابقة مسابقة القصة القصيرة عن كفاح نحمدو "سائقة الميكروباص" التى التقاها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال عودته من الجولة التفقدية بالعاصمة الإدارية، ويخصص البريد الإليكترونى
[email protected] لإرسال نماذج القصص لمن يرغب فى الاشتراك بالمسابقة بعنوان : عبق الحديد.
صوت اذان الفجر يخترق صمت الصخر، ويهدر صوته المآذن وتنفض نحمدو غطاء فراشها عنها تقاوم به الكسل وتستقبل اشراقت الشمس بنور ما بعدها نور ولا يفوقه نور تغسل وجهها وتتوضأ كعادتها لتصلى صلاة الصبح لا تعرف لليأس طريق ولا تطرق للقنوط باب تستمد من العزم جسراّ تقود عليه سيارتها كل صباح قبل الساعة السابعة فتلهب الامل في نفوس اولادها الاربعة وتبث الرجاء في قلوبهم ينتصرون به علي اعباء الحياة الثقيلة .
لقد كان الطريق صعباّ شاقاّ بعد انفصالها عن زوجها فعاشت سنوات طويلة منقطعة عن الحياة من اجل اولادها زهدت نعيم الحياة من اجل ان تربي اولادها وتوفر لهم متطلباتهم من الحياة فقد وقفت خمس سنوات امام وهج الفرن ولهيب النار تعمل في هذه الفرن التي تمتلكها وهي صابرةّ تتحمل المشقات والآلام من اجل توفير لقمة العيش ومتتطلبات بيتها وحاجات اولادها التي لا تتوقف وبعد ذالك انتهي العمل بهذه الفرن التي تعلمت من خلالها قيادة السيارات حيث كانت توزع خبز فرنها الي الزبائن وتحمل عن طريق السيارة ما تتطلبه الفرن من اشياء وضروريات ومن خلال هذا كله انتقلت الي قيادة السيارات مهنة الشقاء والعناء تطرق ابواب رزق جديد وتخترق مهنة لا يعمل فيها الا الرجال ويزاحم كتفها اكتاف الرجال ولا يهمها نظرة الناس فهي تحمل شعار (قوت لا الحاجة للناس). تقف بسيارتها في موقف السيارات بعين تنتظر راكب وعين اخري ترقب بخيالها احوال بيتها وهي تعمل اكثر من عشر ساعات يوميا لا تعباْ بالامها او تعبها فقد تكشف بين قسمات وجهها عناء الطرق والسنين وكيف تتحمل و تصبر علي وعثاء الطرق رغم انها تبتسم لركابها عند صعودهم سيارتها وتستر خلف هذه البسمات اعباء الحياة واحزان كثيرة حتي يقترب نهاية يوم شاق بعد ساعات طويلة لتعود الي بيتها ، وتقوم بعد ذالك باعمال البيت كاْ مراْة مثل كل النساء تستكمل عناء جديد وتوفر لاْولادها الطعام وتغسل ملابسهم وترعي شئونهم وتوفر متطلباتهم حتي تعود الي فراشها اخر الليل لتلقي جسدها منهكة من عناء يوم طويل نعم فهي امراة بمائة رجل .
القصة الثالثة عشر.. "دموع عزيزة"
شارك محمود إبراهيم كاتب وروائى شاب ، متخرج من كليه الاعلام جامعه القاهره عبر بريد بقصة قصيرة جديد عن كفاح نحمدو "سائقة الميكروباص" بعنوان :"دوع عزيزه"،كادت الدموع تتساقط من عينيها والعجلات تطوي الطريق من أسفلها بينما راحت الأفكار تموج لتضرب أصقاع رأسها بعنف مرير لكنه أبداً لن يكون بنفس درجه مرار وقع الكلمات القليله الباكيه التى أسهمها بها ولدها وهى تقوده من يده الى مدرسته القديمه المتداعيه بالضبط كحال قلب الأم الكادحه .
- عارفه يامه الأستاذ مرزوق ده ضربنى ليه .. عشان انا أبويا مات وسابنى .
أصاب الصغير صميم قلب أمه بكلماته القاسيه تلك فأجبرها أن تبطأ من سرعتها وبالكاد تابعت القياده بعين ملأها الدمع وبذهن أصابه الصرير المزعج المنبعث من موتور عربتها بمقتل فتداعت عليها صوره ولدها الصغير الباكى قليل الحول والحيله وبإلحاح بغيض حتى أتتها مشوشه لتنطبع على اللوح الزجاجى للسياره ذات النصف عمر والتى تقود بما تبقى لها من قوه سباق الكسب الحلال وهو مارثون لا يدرك مدي قسوته سواها .
فتابعت الطريق ببال أرهقه التفكير بشده فصافحت الركاب بنصف وجه بينما أرتسمت مدامع عزيزه نفرتها عينها لتشق النصف الاخر من قسماتها التى ودعت الفرح منذ مده .. منذ ان غاب عنها زوجها الى الأبد مخلفاً لها حمل جبال فإنسال الدمع الحزين منها لا عن ضعف قد أصابها وهى التى تسعى على رزق اولادها بعزم مائه رجل ولا لشعورها ببوادر إنهزام طالما كانت تربي أبنائها على أخلاق الفرسان ولكن رحيل السند عنها كان لطمه قاسيه عانت بعدها الكثير والكثير .
ومن دون ان يصدر عنها اى حس كعادتها طرحت أحزانها لتناجى ربها بقلب راهبه بتول .. فيارب متى الوصول وابن الإعانه؟ .. يا من إذا أراد أمر وأمره مُعلق بين الكاف والنون .
شعرت بلحظتها تلك وكأن هاتف قد اتاها من بعيد يُبشرها بفرج قريب لكن دمعها الخجول همس لها بنفي عجيب فمن أين سيأتيها الفرج وكل الطرق أمامها تؤدى الى الضيق .. ألهتها أحاديث الركاب التى بدأت تتصاعد بالخلف فأنبأها ضيق أحدهم بما تراكم على إمتداد بصرها من تكدس مرورى رهيب فتابع يائساً بإنه لا مهرب له اليوم من الخصم نتيجه التاخير لكنها لم ترض يوماً لأحد بغير الوصول .. وبمهاره وخبره قد ورثتها مع الايام انتحيت قاصده إحدى الطرق المختصره وبموتور عربتها الهزيل راحت تراوغ سلسله من الحارات الضيقه الغير مُعبده وبعناد جميل أسعد كل من كان معها بمجرد أن انطلقت لتعاود ركوب الطريق العام من جديد والذى فيه صادفت ما كانت تدبره لأجلها يد القدير .
لم تكن تعلم بالضبط ما كان يحدث على امتداد بصرها حتى التقطت أذنها نثار أحاديث جانبيه همس بها بعض الراكبين فقالوا ربما هو الوزير الفلانى يتفقد بنفسه بعض الأمور .. بينما اجتهد أخر فصعد بالمقام الى معالي دوله الوزراء حتى لاحت امامها صورة رجل لم تخطئه عينها وكيف هذا وهو يعد صاحب الكلمه الاولى بالدوله وما أن مر الركب المهيب بالقرب منها حتى لفحتها الصدمه .. لم تكن وحدها من وقعت تحت أسر هذا الشعور بل جميع من شاهدوا الركب الوقور قد شملهم الشعور ذاته .
فجأه توقف الركب الرئاسى الفخم وخرج من إحدى سياراته صاحب القول النافذ بالأمر ليحيي الأعين التى قد تثبتت مذهوله على صورته فلوح بيده متبسماً بكل ود للجميع .. لم يخص احداً بالنظر لكنها أحست حينها وكأن اليد الملوحه بالسلام تخصها هى وحدها بالتحيه .. وبحركه لا إراديه منها رفعت يدها مُلوحه وبحس لا تعرف من أين جاءها شيعت صاحب المقام الرفيع بجمله من التحيات وما أن رأت تقدمه إليها بالسلام حتى قفزت من عربتها فجرت لتصافح اليد الممدوده إليها بكل طيب وجميل .. إليها وحدها .. نعم وحدها ولما لا؟ وهى المرأه الوحيده التى تعطر الطريق بعرق كدحها .
مرت عليها لحظات العزه والكرامه هذه كنسمات ربيعيه مُعطره دون ان تدري ماذا قالت بالضبط خلالها للسيد الرئيس وما صنعت فكل ما سيطر عليها بلحظتها تلك هو شعورها بالفخر والاعتزاز وبالطبع الفرح فقد صدقها حدسها حين خاطبها ُمبشراً وما كاد اللقاء العابر هذا لينتهى حتى وعدها الرجل النبيل بتحقيق ما تمنته على يده .
وما كادت لتمر بضع ساعات حتى طار الخبر ليلف الدنيا بأسرها حاملاً معه صورتها وهى تصافح الرئيس وجميع وسائل إعلام الدنيا تناديها من كل مكان تتغنى بها وبعزه كفاحها فخامرها مزيج متتداخل مضطرب من الأحاسيس فأكتفت بما ساقه لها الله بيومها هذا من رزق جميل وأثرت العوده مبكراً الى بيتها لتقضى ليلها بحضن أبنائها هادئه منعمه بدفء جمعهم من حولها .
وما أن تنفس الصباح حتى جاءها البشير داعياً إياها لمقابله سياده الرئيس وأين بالقصر الجمهوري .. فتساءلت متعجبه وهى تتفرس يدها فهل ستصافح الرئيس ثانياً .. ظل السؤال يتردد بخاطرها بطول الطريق حتى بعد أن التقيت بالرجل الكريم .. حتى بعد ان تلقت منه الهديه التى صافحها بها .. حتى وهى تقود سياره الميكروباص الجديده العفيه التى أهداها إليها الرئيس .. فكانت لحظات قضتها فى غير إستيعاب متأرجحه بين شعورها بالسعاده والذهول فأحست وكأن العالم كله قد تجمع من حولها ليخصها وحدها بالتصفيق بينما تقود سيارتها الجديده المفعم موتورها بالحيويه والشباب وعين الرئيس تتابعها متبسمه مودعه متمنياً لها كل خير وسعاده حتى تخطت بوابه القصر مغادره وهى تمنى حالها بأن القادم من أيامها .. عيد .
تلقاها أهالى المنطقه بفرح ليس له أخر فأنطلقت الزغاريد مدويه مجلجله لتملأ الأجواء بينما راحت التحيات تتساقط عليها من كل حدب ومكان فتزاحم الخلق حول سيارتها اللامع سطحها بشده وقد التصق بها أبنائها فيما عدا الصغير الشقي الذى جاءها ُمحلقاً مخترقاً بصياحه الحشود ماسحاً كل الاصوات بحسه الطفولى البرىء فتلقته أمه بصدر وسع ما بين السموات والأرض من براح ليتلو عليها فى عزه ما اكرمه به ناظر مدرسته من تكريم وتقدير على حس مقابله أمه للسيد الرئيس فصاحت فيه وهى تشاطره مشاعر العزه والفخر .
- أمك قابلت الرئيس يا واد وسلمت عليه .. عايز ايه تانى بقي؟
فأجابها والأمل يلتمع بعينيه .
- مش عايز أضرب تانى يامه .
وما بين أدمعها العزيزه وفرحها الأت طوقت ولدها بكلا ذراعيها لتضمه بحضنها وهي تردد بداخلها كلمات الحمد والشكر والثناء مناجيه ربها فى صمت كعادتها وبقلب راضي ونفس مطمئنه .. فيارب منك الفضل ولك وحدك الحمد .. كل الحمد .
القصة الرابعة عشر.. عنوان "دقات الساعة "
كثيراً منا قد تحدث له صدفة دون أي ترتيب، وتغير مجرى حياته للابد، وهذا هو حال السيدة نحمدو التي تغيرت حياتها في لحظة فقدا أراد الله لها صدفة تكون نقطة فاصلة في حياتها، وقد يكون ذلك نتيجة دعوة صالحة مستجابة أو بر والدين أو حتى خير ولو بسيط جداً قد فعلته ، فلا تستصغر أي عمل من الخير مهما كان فقد تأتي لك الصدفة بفضل ذلك العمل.
دقات الساعة تشير إلى الساعة الخامسة صباحاً استيقظت كعادتها ( نحمدو) البالغة من العمر 46 عاماً ذو الملاح الجادة التي ترك الشقاء بصماته عليها لكي تصلي الفجر وتدعوا دعائها المعتاد ( اللهم دبر لنا أمورنا فإننا لا نحسن التدبير، اللهم ارزقنا الرزق الحلال الصالح (
ختمت صلاتها ودعائها وتوجهت إلى المطبخ ذو الأصناف القليلة في العدد الكثيرة في البركة فهي دائما تحمد الله على نعمة البركة فكوب حليب واحد كافي بإطعام أسرتها المكونة من خمسة افراد، جهزت الفطار لأبنائها وتوجهت لغرفة أبنائها لتوقظهم لكي يتوجه كلاً منهم إلى عمله أو دراسته فأحمد يعمل موظف أمن بأحدي المدن الجديدة وزينب وياسر ما زالوا في الدراسة واحتياجاتهم كل يوم في ازدياد فالثانوية العامة والدروس الخصوصية نار تلتهم كل أخضر ويابس.
خرج الجميع وبقيت نحمدو تعيد ترتيب المنزل وفي انتظار ابنها الأكبر محمد أن يعود بميكروباص الأجرة الذي يعمل عليه لمدة عشر ساعات متتالية ومن ثم تستلم الميكروباص منه والدته، فهو يراها كل شيء في حياته الاب والام، السند والراعي ، تلك السيدة التي عملت بجد وجهد من أجل تربية أبنائها على القناعة والرضا واحترام الصغير قبل الكبير.
وصل محمد وعلامات الإرهاق والتعب تظهر عليه ، احتضنته أمه كعاتها بوجه سمح بشوش وهي تردد هتفرج قريب يا ولدي.
ركبت الميكروباص وانطلقت في طريقها للعمل، ولكن قررت الاتجاه إلى مدينة الشروق لعلها تجد ضالتها في زحمة الركاب وتعود برزق وفير، وهي في طريقها تعجبت من وقوف السيارات وعدم سيرها، سالت سائق التاكسي الواقف بجوارها ( هو فيه ايه يا أسطى ) رد السائق حضرته معدي النهاردا فلازم يقفلوا الطريق، ردت حضرته مين ؟ أجاب السائق الريس يا ستي شغال يفتتح مشاريع في كل مكان الأ منطقتنا. اختصرت الكلام مع السائق ولسان حالها يقول الله يعينك يا سيادة الرئيس على مشاكل مية مليون.
قررت سلك طريق جانبي لتهرب به من توقف الطريق وعند انتهاء الطريق تفاجأت بالأمن الخاص بالموكب امامها ، وعند رايتهم خافت منهم ان يسحبوا الرخص، ولكنها وجدتهم يطلبون منها التوقف حتى مرور سيارة السيد الرئيس. تمنت في نفسها لو استطاعت مقابلة الرئيس وأن تشكو له هموم ومتطلبات الحياة وكان الله استجاب لدعوتها انه الرئيس امامها أنه فعلا هو وليس حلم أو تخيل.
توقفت سيارة الرئيس أمامها وترجل منها الرئيس عبد الفتاح السيسي واقترب منها وسألها انت بتشتغلي على الميكروباص ده ؟ اجابت نعم ولمدة 10 ساعات يومي فليس لدي مصدر دخل سوى من هذا العمل. تحدث الرئيس وتعلو وجه الابتسامة ( أنت فخر لكل ست مصرية ) وأن شاء الله لو ليك أي طلب تفضلي قوليه ونوفرة لك . اجابت اريد شراء ميكروباص جديد فهذا الميكروباص ليس ملكي ولكن اعمل علية انا وابني.
تبسم الرئيس وهو يركب سيارته مرة أخرى ويطلب من الامن معه أخذ بيانات الاتصال الخاصة بها وتوفير طلبها قبل نهاية هذا اليوم فالله هو من وضعها في طريق فهذه حالات لا تكرر كثيراً.
القصة الخامسة عشر.. تغيير المسار
شارك القرء أحمد أمين النجار بقصة قصيرة تحت عنوان تغيير المسار، تستيقظ السيدة نحمدو من بعد الفجر يوميا بكل عزيمة لبدء يومها باحثة عن رزق لأبنائها الأربعة، توقظهم بحذر شديد يخالجها التردد كلما نظرت الى وجوههم الهادئة مستغرقين فى نوم عميق ولكنها، تجد نفسها مضطرة لايقاظهم فهى لا تستطيع تركهم بمفردهم بالمنزل تمسح على وجوههم برفق وتحادثهم بهمس ليستيقظوا دون قلق، يتوقظ الكبار أولا وتترك الصغار لحين ان يتم الكبار لبسهم طمعا فى دقائق اضافية لصغارها وبالفعل يكون الجميع مستيقظين فى دقائق لحيت تجهيز الافطار .
تأخذ السيدة نحمدو صغارها فى رحلتها اليومية الى السوق العتيق وتسير فى ركب السائرين الساعين الى الأرزاق الحلال، ويستمر بها الحال على هذا المنوال مفعمة بالرضا وحاملة بقلبها ايمانا عميقا بأن الرزق يسعى الى الساعين اليه بخطى أسرع، لا يشغل بالها غد ولا يؤرقها تعب أمس هى فقط تستمد قوتها من خالق يكفل الأرزاق ، وبينما هى على هذا الحال واذا بها تتعثر عربتها التى تحمل عليها بضاعتها من خضار وفاكهة –هى كل رأس مالها-مما يضطرها الى
تغيير مسارها إلى المنزل لتسلك طريقا آخر حتى يتسنى لها إصلاح عربتها وهى تجر عربتها تارة وتارة تقف لتستريح تحت ظل شجرة واولادها يحاولون مساعدتها، الى أن تصل الى منتصف الطريق المنشود لتقف منهكة على رأس أحد تلك الراضى المنزرعة فيخرج من أحد البيوت شيخ ويراها، وحينما لمس عطشها والصغار ذهب ليحضر الماء وعاد وحينما نظر لوجوه الأطفال بادرها بأنها تستطيع أن تقيم فى قطعة أرض على أن تقوم بزراعتها هى وأولادها وأهداها منزلا بسيطا على أن تقوم بفلاحة الأرض وحينما سالته عن ثمن الارض والمنزل أخبرها بأنها اهداء الى زهورها الأربعة، لم تصدق السيدة ما حدث وظلت تائهة بين تذكر مسارها المعتاد وذلك المسار الجديد الذى أتى لها بهذا الخير .
احتضنت أطفالها وأودعت اولادها المسكن الجديد لتجلب لهم حاجياتهم المتواضعة وتعود قانعة بأن تغيير المسار ربما يأتى بالخير الكثير .
القصة السادسة عشر.. "أيقونة كفاح"
شارك القارئ محمد أمين زهران بقصة جديد حول كفاح السيدة نحمدو سائقة الميكروباص تحت عنوان .. أيقونة كفاح مصرية،نحمدو أيقونة كفاح مصرية أنصفها السيسي.
كعادتها كل صباح، تستيقظ نحمدو عبد الرازق البالغة من العمر 43 عاما، في الخامسة والنصر فجرًا؛ لتستعد للنزول لعملها كسائقة سيارة ميكروباص؛ لتنفق على أبنائها الأربعة، وتتذكر وهى تتأهب للإنطلاق بالسيارة أن عليها العمل لوقتٍ إضافى يزيد عن الـ10 ساعات التي تعملها كورديتين إثنين على الميكروباص؛ بعد أن أضطرتها الظروف لإغلاق مخبز بلدي كانت تملكه وزوجها، لتدبير نفقات أبنائها خاصة وأن أعمارهم متفاوتة و احتياجاتهم تزيد مع الوقت.
وخلال انطلاقها بالسيارة تُفكر نحمده في مصيرها وأولادها، إذا ما قرر مالك الميكروباص الذي تعمل عليه سحبه منها، وتداعي إلى ذهنها صور أبنائها وهم ينتظرون عودتها كل يوم بيوميتها؛ لتدبر نفقات المنزل، علاوة على معاناتها مع الزبائن المُتشككين في قيادتها، ومتاعب عملها بمهنة تكاد تكون مقصورة على الرجال ودفعها شرودها؛ لتغيير خط سيرها المعتاد، والذي تقطعه يوميًا للذهاب للعاصمة الإدارية الجديدة، وتسلك طريق آخر؛ لتكون على موعد مع أسعد مفاجآة في حياتها حينما قابلت مصادفة الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال تفقده لعدد من المشروعات بالعاصمة الإدارية الجديدة، لتُفاجأ بالرئيس عبد الفتاح السيسي يقترب من سيارتها وعلى وجهه ابتسامة هادئة ويسألها عن أحوالها، وعن عملها، لتجيبه بسرعة بديهة :
نحمدو-"أنزل لحضرتك من العربية ياريس؟".
بكل تواضع يرد الرئيس :"لا متنزليش، ويمد يده مصافحًا لها، مضيفًا "أزيك".
-نحمدو " والله كنت بتمنى أقابلك ياريس".
-الرئيس ربنا يديكي الصحة ويوفقك، عندك أولاد.
-نحمدو "4 أولاد، وبشتغل 10 ساعات".
-الرئيس "ربنا يديكي الصحة، ويسأل مش عاوزة أي حاجة؟".
-نحمدو:" أنا بشتغل على العربية دي مش ملكى، وعاوزة حد يضمنني علشان أجيب عربية بالقسط، وكانت تلك هي كل أحلامي.
الرئيس مبتسمًا" من عيني ، أنتى بـ100 راجل" آه والله.
نحمدو وقد ألجمتها الفرحة " ألف شكر لحضرتك ياريس".
تمضي في طريقها، وهي غير مستوعبة أنها قابلت الرئيس السيسي، وحقق حلمها بامتلاك سيارة "ميكروباص"، تقيها السؤال، والعمل تحت رحمة مالك الميكروباص.
ليلة استلام الميكروباص، لم تستطع نحمدو النوم، وجاءها اتصال من رئاسة الجمهورية، يخطرها بحضورها باكر لاستلام الميكروباص الذي وعده به الرئيس السيسي، وبعد استلامها الميكروباص لم تستطع نحمدو أيضًا النوم، بل أن الفرحة دفعت 2 من أبنائها للنوم داخل العربية الجديدة، ابتهاجًا بها.
وكتعبير عن فرحتها قررت نحمده أن تكون رحلة الميكروباص الأولى، للعاصمة الإدارية الجديدة، وأن تكون بالمجان، تيمنًا بخط سيرها الذي كان سببًا في تحقيق حلمها بامتلاك سيارة" ميكروباص"، وعادت نحمده للمنزل في نهاية يوم عملها، وقد ربحت 500 جنيه؛ لتعم الفرحة أرجاء المنزل، معلنة بداية عهد جديد من حياة أيقونة كفاح مصرية، أنصفها الرئيس السيسي.
القصة السابعة عشر.. أنوار على الطريق
شارك عمرو حسين بقصة قصيرة جديد عن كفاح نحمدو "سائقة الميكروباص" بعنوان :"أنوار على الطريق"
مساء اليوم الخميس تفتح نحمدو التلفاز فإذا القنوات تنقل حصار بعض المنتمين للتيارات المتشددة لمدبنة الانتاج الاعلامى وتعطيل الكرق شعرت السيدة نحمده وهي لها من الأطفال أربعة أن الأمور المالية أصبحت صعبة خاصة فى ظل قطع الطرق والمظاهرات وكانت نحمده عندها ثقة فى أن الشعب المصرى مع الجيش سوف ينقذون البلاد وعندما رأت بيان ٣٠يونيو هللت ورفعت صورة الفريق السيسي تحتفل برجوع مصر للمصريين فقررت نحمده العمل لكى تصرف على أبنائها فاقترح عليها البعض العمل سائق لميكروباص ، وقبلت الفكرة بكل عزم وقوة وكانت تذهب بأبنائها الى المدارس أولا صباحا ثم تعود للعمل ،وجنت ثمار عملها بسرعة لأن الله يرزق المجتهدين فاستطاعت أن تشترى شقة لأبنائها وسكنوا الشقة ثم واصلت عملها وكانت تهتم بتعليم أبنائها ودروسهم ثم تطهى لهم الطعام ليلا لكى تعمل صباحا كانت تملك من الإرادة والطموح بشكل مبالغ فيه ، وهاهى على الطريق السريع وفجأة وجدت الرئيس يقف ويصافحها ويشكرها على انها صارت نموذجا للمرأة الناجحة كان حلمها أن يقف هءا الرجل ليحمى الوطن ولكن الله كرمها بلقائه وتكريمه لها بالحديث عنها وعن الشرف العظبم الذى حققته بعملها للمرأة المصرية.
القصة الثامنة عشر.. العاصمة - العاشر
ميراث ثقيل؛ ليس بأختيار بل هو أمر لايقبل القسمة؛ تحمل المسئولية بعد ان كنت اتحمل ربما نصفها فقط؛ رحل بدون استئذان؛ كان وداع مقتضبا بوصية الصمود وعدم التفريط زاد الرزح علي صدري؛ لا انكر قد لومته في تركي أربعة اطفال لا يشعرون ولايدركون معني اليتم المبكر؛ لم يختبروا الكلمة ووقعها المرير بل يرون انني الاب والام معا؛ لعبت كل الادوار بكل معطاياتها؛ أشعر بغصة في حلقي ؛ لومته علي عدم وجود متسع لي لسماعي وسماع اولادنا، الضغوط قد نالت منه ولم تترك دربا وإلا سلكته؛ كل برواز لمشهد في فيلم لاينقطع قد طبع في الذاكرة الفوتوغرافية ليس له مونتاج بل بدون تقطيع هو متصل ولا توجد له ساعات عرض محددة بل هو عرض مستمر؛ في الصباح والاولاد نيام قبلات سريعة حتي لايستيقظوا وقطعة من البسكويت البيتي وكوب من الشاي الاسمر وسؤال معتاد مع ترك مصروف البيت وفي الليل جثة هامدة لا تريد ان تسمع؛ اسباب واهية دائما صخب اليوم الطويل في الشوارع واشارات المرور العاجزة عن كبح جماح ازدياد السيارات المتراصة في عقد طويل لانهاية له وصراخ مستمر لاينقطع وما بين السياط المشتعلة التي تلهب عقله الذي توقف تماما عن ديناميكية العمل متي يبدا واين يتوقف؛ الذي اصبح مثل العداد وحصانه الذي يركض بدون توقف في ازدياد الاسعار وقلة المصروف والجمعية التي حان موعد سداد قسطها ومتطلبات الاولاد لكسوة الشتاء القادم؛ رحل في غفوة لقد سرق مني.
نصيبي الاول؛ من مثلي ليس لها اختيارات بل طريق معتاد لمن يحملون شهادات الدبلوم المداد فيه ارخص من الورق؛ طبعت فيها مجمل المشوار ونهايته؛ نصيبي الاول ليس لي فيه خيار أو اختيار أوليس كلاهما سوا ربما؛ يفتح الطريق لمن يطرق الباب حتي يفسح للاخرين مجالا للتنفس؛ أزاحة شرعية لا لبس فيها؛ البنت اخرها الزواج والبيت والاولاد وابتسامة من امي لا معني لها؛ الرغبة في التعلم لمن مثلي طريق متصورا محفوف دائما بالمخاطر والعمل خلف فترينة من الزجاج شئ يدعو إلي الكأبة في تلميحات البشر وردها في ابتسامة مصطنعة تفهم خطأ والذهاب دائما إلي حافة الهاوية كلمات الاب ما زالت تجلل في نفسها
- لن تتحملي سخافات البشر
لم ادرك معناها إلا وأنا خلف المقود؛ كان اجبار وليس اختيار؛ لقد توقف الدعم كليا لم يتخلوا عني بل الرحايا كانت اكثر قسوة؛ الخياران اصعب المحافظة علي المتبقي والعبور بهم إلي شط النجاة او الحفاظ علي تركة ثقيلة أخري في مهب الريح الاجبار كان هو الاختيار لا فكاك منه؛ لم يترك لي شيئا؛ إلا هذه السيارة البيضاء التي تحمل اجساد وهموم الاجساد؛ علي ان اجيد شيئا حتي وان كان الوضع مستحيلا سوف أسال عن تركتي؛ كان تحدي كبيرا ان اجد قدم ليّ في هذا العقد الذي لاينتهي والتراص والبحث عن ملجا في وسط هذا الخضم القبيح نظرات الاستهجان كانت تلاحقني بأستمرار؛ حتي نظرات فني الفحص يسكب من معسول الكلام وضحكة بلهاء مني لا معني لها
- تبقي في البيت معززة ومكرمة؛ الجميل مش حمل البهدلة
تركت كل الانثي داخل الحوائط الاربعة وارتديت عباءة الاسطي؛ السخافات كانت تصل إلي اعماقي تزلزال كياني؛ تشويحات الايدي وامتعاض الوجوه؛ العراك بالالفاظ والتحرش العلني بيّ
- مش ناقصك
لا أنكر كم كان قاسيا الشعور بأحمرار العينيان ومدارة انتفاخهما بعيد عن نظرات أمي؛ كانت كلمات تنقص من علامات وكياني كأنثي ويحل بدلا عنها كلمات السباب والتعنيف للردع لكنها لم تقف السخافات من زملاء الطريق او نظرات الاستنكار والطويلة وفي بعض الاحيان الحملقة والضحك المستتر مع كتوم الضحكة حتي لا تفضحهم نظراتهم في الركوب مع امرأة .
- العاصمة الجديدة
الذكريات تتداعي وأنا خلف المقود في انتظار اكتمال علبتي الطائرة ؛ الكل علي عجل وانا انظر في مرآتي العاكسة علي الوجوه المكفهرة من شقاء الايام التي تتوالي؛ كانوا يبحثون عن هدنة من هذا الرزح ووطاته وهم ينظرون الي بعضهم البعض كانت اعينهم تتلاقي وكانهم يعزون انفسهم او يصبرون انفسهم علي الايام التي تتوالي عليهم من غير هدنة؛ انتظر وهم يكتملون حتي الانطلاق بهم الي اهدافهم المؤكدة وهم لا يحيدون عنها.
جلست بجانبي وهي تنظر الي في صراع من الاسئلة التي تصاعدت في راسها ولكنها لم تجرؤ علي سؤالي وهي تنظر الي في حرج؛صمت غلبها والسيارة تنهب الطريق الذي تقريبا قد خلا في هذا الوقت من الليل؛ اريد الرجوع إلي البيت وأن انسي السخافات والاسئلة المتكررة التي لا اريد الاجابة عنها ليس ترفع بل زهق من محاولاتهم الغوص في اعماقي والبحث عن اسباب غير التي ابوح لهم بها؛ الفضول يقتلهم ولماذا لايوجد رجل يقوم عنك بهذه المهام الشاقة؟؛ يغلب علي الصمت في عدم البوح بما يكنه صدري كم اشتاق ان يضمني مرة اخري إلي صدره حتي وان كان جثة هامدة من التعب انفاسه تكفيني انه موجود وانه ملكي؛ اخرجتني بهذا الصوت الذي اخترقني متحديا تكبيل صمتي وكسره مرة أخري؛ لقد كسرت صمتي مرة أخرى.