لم يكن 2018 عاما سعيدا على الاقتصاد العالمى عامة وأسواق المال بصفة خاصة، والتى شهدت تراجعا كبيرا فى أغلب بورصات الدول المتقدمة والناشئة، ومحليا تراجع المؤشر الرئيسى للبورصة المصرية بنسبة 16.3%، إلا أن هذا الانخفاض يعد متوسطا مقارنة بنسب التراجع بالأسواق العربية والإقليمية والدولية.
ومقارنة أداء المؤشر الرئيسى للبورصة المصرية، بأداء البورصات فى الدول المتقدمة، تراجع مؤشر بورصة النمسا بنسبة 29.3%، تليها بورصة بلجيكا بنسبة 28.6%، ثم ألمانيا بنسبة 23.9%، ثم إيطاليا بنسبة 20%، ثم كندا بنسبة 19.1%، ثم أسبانيا بنسبة 18.3%، تليها المملكة المتحدة بنسبة 17.7%، ثم البورصة المصرية بنسبة 16.3%، ثم السويد بنسبة 16.1%، ثم استراليا بنسبة 15.8%، ثم فرنسا بنسبة 14.6%، ثم اليابان بنسبة 14.5%، ثم الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 6.3%.
أما عن أداء المؤشر الرئيسى للبورصة المصرية مقارنة بأداء البورصات النامية، تصدرت الأرجنتين قائمة التراجع بنسبة 51.7%، تليها تركيا بنسبة 43.6%، ثم بتسوانا بنسبة 43.4%، ثم اليونان بنسبة 37.8%، ثم جنوب افريقيا بنسبة 26.5%، ثم موريشيوس بنسبة 24.2%، ثم كوريا بنسبة 22.6%، ثم الصين بنسبة 20.4%، ثم نيجريا بنسبة 18.2%، تليها مصر بنسبة 16.3%، ثم الإمارات العربية المتحدة بنسبة 11.9%، ثم ماليزيا بنسبة 8.9%، ثم الهند بنسبة 8.8%، ثم روسيا بنسبة 5.6%.
وشهد عام 2018 العديد من الأحداث والأزمات الاقتصادية على مستوى الاقتصاديات المتقدمة والناشئة، والتى بدورها انعكست على معدلات النمو الاقتصادى فى مختلف دول العالم وتسببت فى زيادة معدلات التذبذب فى أسواق المال نتيجة ارتفاع درجة عدم اليقين بشأن السياسات على مدار العام الماضى.
وفيما يتعلق بالتجارة العالمية، ظهر عدم اليقين بشأن السياسات التجارية على نحو بارز عقب الإجراءات التى اتخذتها الولايات المتحدة أو صرحت باتخاذها على عدة أصعدة، كما يظهر فى ردود الأفعال الصادرة عن شركائها التجاريين، والتراجع العام فى المشاورات متعددة الأطراف حول القضايا التجارية، وذلك على أثر الإجراءات التجارية التى أعلنت مؤخرا، بما فى ذلك التعريفات الجمركية التى فرضت على سلع بقيمة 200 مليار دولار تستوردها الولايات المتحدة من الصين وما قامت به الصين من إجراءات للرد على قرارات الولايات المتحدة.
ووسط أجواء عدم اليقين المحيطة بالتجارة، يزداد تضييق الأوضاع المالية بالنسبة الاقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية فى ظل إيقاف البنك المركزى الأوروبى لعمليات شراء الأصول، ورفع أسعار الفائدة التدريجى من جانب البنك الفيدرالى الأمريكى إذ قام برفع أسعار الفائدة 4 مرات فى 2018 بمعدل 0.25% فى كل مرة، حيث كانت أول مرة فى 21 مارس 2018 من 1.50% إلى 1.75%، وجاءت المرة الثانية فى 13 يونيو 2018 حيث تم رفع سعر الفائدة من 1.75% إلى 2%، وفى المرة الثالثة بتاريخ 26 سبتمبر 2018 من 2% إلى 2.25%، والمرة الأخيرة كانت فى 19 ديسمبر 2018 حيث رفع البنك الفيدرالى الأمريكى سعر الفائدة من 2.25% إلى 2.50%، ويأتى ذلك بسبب سياسة بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى للتضييق الكمى، وهى سياسة نقدية انكماشية يطبقها البنك المركزى لخفض كمية السيولة من أجل التحول من التيسير الكمى، التى اتخذتها الولايات المتحدة كإجراء نتيجة للأزمة المالية لعام 2008، كما أن هناك مخاوف من احتمال فشل المفاوضات المتعلقة بخروج المملكة المتحدة من منطقة اليورو وخاصة مع اقتراب موعد تفعيل إجراءات الخروج الذى تم تحديده فى 29 مارس 2019.
وعلى مستوى الاقتصاديات الناشئة، فأن تركيا تشهد ارتفاع فى الدين الخارجى بعضها مستحق الدفع فى القريب العاجل بالإضافة إلى الديون الجديدة، وهو ما قد يؤدى إلى إعادة تمويل الدين بفوائد مرتفعة والذى نتج عنه قيام البنك المركزى التركى فى 13 سبتمبر 2018 برفع أسعار الفائدة من 17.75%
إلى 24%، وقامت وكالة ستاندرد آند بورز فى 17 أغسطس 2018 بتخفيض التصنيف الائتمانى لتركيا درجة واحدة إلى +Bمن -BB، وأبقت على النظرة المستقبلية لتركيا مستقرة، فى تحرك جاء بعد أن خسرت الليرة التركية حوالى 40% من قيمتها مقابل الدولار الأمريكى.
كما تواجه الأرجنتين أزمة اقتصادية نتيجة لتراكم الديون، والذى أدى إلى تراجع شديد فى عملتها المحلية، واستتبعه قيام البنك المركزى الأرجنتينى فى عدة مرات متتالية برفع سعر الفائدة إذ كان آخرها فى 30 أغسطس 2018 ليصبح سعر الفائدة 60% مقارنة بـ%25.27 فى 27 ابريل 2018 مقارنة بـ 27.25% فى 27 إبريل 2018، وقامت وكالة ستاندرد اند بورز فى 13 نوفمبر 2018 بتخفيض التصنيف الائتمانى الأرجنتين إلى Bمن +Bمع نظرة مستقبلية مستقرة.
ونتيجة لهذه الأحداث والتقلبات، قام صندوق النقد الدولى بخفض التوقعات الخاصة بالنمو الاقتصادى العالمى بتقرير آفاق الاقتصاد العالمى الصادر فى أكتوبر 2018، والذى توقع أن يبلغ النمو العالمى %3.7 فى عام 2018، وعام 2019 بانخفاض قدره 0.2% للعامين مقارنة بالمعدل السابق توقعه فى إبريل الماضى والذى بلغ 3.9% لعام 2018، وعام 2019.