أكدت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، أن الحكومة ملزمة بعلاج المواطنين غير القادرين المصابين بالضغط الشريانى مجانا، والذى يطلق عليه "لص الأعمار".
وأضافت أن الامتناع عن تقديم دواء ثمنه بخس "82 جنيها" لفقير يخالف الدستور، والفقراء لا يبخسون، ويحبط كل تصرف يحول بينهم وبين علاجهم، وما كانت الحماية الدستورية والقانونية لغير القادرين عطاء محظورا، وما كان الامتناع عن علاجهم إلا مذموما مدحورا وأولئك من واجب الدولة عليهم أن يكون سعيها نحوهم مقاما محمودا، كما أكدت على أن عدم توفير التأمين الصحى الأدوية ذات الثمن الزهيد دالا على غياب الرسالة الصحية والاجتماعية والإنسانية لغير القادرين.
وقضت المحكمة برئاسة المستشار محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة بوقف تنفيذ قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحى السلبى بالامتناع عن صرف دواء "إكس فور جى اتش سى تى" للمواطن محمد إسماعيل حسن موسى بكوم حمادة بالمجان بواقع مرة واحدة يوميا وما يترتب على ذلك من أثار أخصها إلزام تلك بصرف هذا الدواء له حتى تمام شفائه وعرض حالته على الطبيب المختص دورياً لتقرير مدى حالته الصحية فى ضوء ما يسفر عنه تناول ذلك الدواء، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان.
وقالت المحكمة فى حيثياتها، إن الامتناع عن تقديم دواء ثمنه بخس لا يتعدى "82 جنيها" لفقير يخالف الدستور، والفقراء لا يبخسون ويحبط كل تصرف يحول بينهم وبين علاجهم، وما كانت الحماية الدستورية والقانونية لغير القادرين عطاء محظورا، وما كان الامتناع عن علاجهم إلا مذموما مدحورا، وأولئك من واجب الدولة عليهم أن يكون سعيها نحوهم مقاما محمودا، وأن عدم توفير هيئة التأمين الصحى الأدوية ذات الثمن الزهيد دالا على غياب الرسالة الصحية والاجتماعية والإنسانية لغير القادرين، فكيف تواجه الأمراض الخطيرة ذات التكلفة الباهظة، وأنه رغم أن سعر الدواء 82 جنيها إلا أنه بالنسبة للمدعى، وهو من الفقراء، لا يستطيع تدبيره بصفة منتظمة، مما يؤثر على حياته، ما يستنهض عدل المحكمة فى إنقاذ حياته وهو الحريص على الحصول على المطالبة بحقوقه الدستورية متحملا مشقة السفر والمرض من كوم حمادة إلى المحكمة التى ألجأته إليه الإدارة وتترتب مسئولية تلك الهيئة إذا ما ترتب على الامتناع عن تقديم العلاج ضرر للمريض.
وأضافت المحكمة أنه احتراما لحق الأفراد فى الحياة والمحافظة على الصحة العامة للمواطن المصرى باعتبارها أحد حقوقه الأساسية، فقد أكد الدستور الحالى أن لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية متكاملة وفقا لمعايير الجودة، وإلزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض، وجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة.
وذكرت المحكمة أن الدولة ملزمة بتقديم الخدمة الصحية للمواطن بعلاجه ورعايته طبيا إلى أن يشفى أو يثبت عجزه، وهذا الواجب المنوط بها، محظور عليها النكول عن القيام به لأى سبب من الأسباب، ولا يجوز لها الإخلال بهذا الالتزام بحجة عدم إدراج العقار فى لوائحها الداخلية خاصة إذا انجلى مرض المواطن بتقارير طبية قاطعة يستوجب ترياقا أيا كان سعره أو تدخلا جراحيا حاسما يخفف عن المريض آلامه، إذ أن تلبية طلب المريض بالعلاج أمر يفرضه الدستور وينظمه القانون ويبرره الواقع، وأن القول بغير ذلك من شأنه تعريض حياة المريض للخطر وهو ما يجب على الدولة وأجهزتها التنفيذية النأى بنفسها عنه.
وأشارت المحكمة إلى أن المدعى مقيم بكوم حمادة بمحافظة البحيرة، وأنه من المنتفعين بنظام التأمين الصحى، وأن هيئة التأمين الصحى شخصت مرضه بأنه يعانى ارتفاع ضغط الدم الشريانى 170/100 مع نوبات عدم انتظام بطينى بضربات القلب وقصور تاجى بالقلب وهو ما يطلق عليه "لص الأعمار"، وتقرر له دواء "اكس فور جى اتش سى تى" يوميا إلا أن الهيئة المدعى عليها امتنعت عن صرف هذا العقار للمدعى بالجرعة المقررة له دون مبرر قانونى، ولما كان ذلك وكانت الدولة ممثلة فى الهيئة العامة للتأمين الصحى ملتزمة بكفالة خدمات التأمين الصحى والاجتماعى لكل مواطن وتوفير الرعاية الصحية له بما يشمله ذلك من صرف الدواء اللازم له بالمجان لمواجهة آلام المرض، ومن ثم تلتزم الهيئة المدعى عليها وفقا للدستور والقانون بتوفير العقار المذكور للمدعى بالمجان مع تحمل الهيئة لكامل قيمة تكاليف هذا العقار طيلة فترة علاج المدعى وحتى تمام شفائه من هذا المرض، وبالتالى يشكل امتناع رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحى عن صرف عقار "اكس فور جى اتش سى تى" للمدعى بالمجان بواقع مرة واحدة يوميا قرارا سلبيا مخالفا للدستور والقانون.
واختتمت المحكمة أنه يتعين تقديم العلاج على وجه الاستعجال درءا لنتائج يتعذر تداركها تتمثل فى تعريض حياة المدعى للخطر وهو لازم على الدولة مواجهته بموجب الدستور، فضلاً عما فيه من مساس كذلك بحقه الطبيعى فى الحياة بما يوجب على الدولة بذل العناية اللازمة لتخفيف آلام المرض العضال الذى ألم به، وإذ استقام طلب وقف التنفيذ على ركنيه واستوى على سوقه فإنه يتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان.