"لا هو حى فيرجى ولا هو ميت فينسى".. رحلة "انفراد" على "قطار الحجاز" قصة تشييد "خط سكة حديد" لخدمة "الحجاج".. عمل لمدة 10 سنوات.. وكان أول أهداف "لورانس العرب" فى الحرب العالمية الأولى.. صور

"لا هو حي فيرجى ولا هو ميت فينسى".. بهذه الكلمات، وصف الشيخ والأديب السورى الشهير على الطنطاوى، قطار الحجاز، الذى تم إنشاؤه قبل أكثر من 100 عام، ليمتد من دمشق إلى المدينة المنورة، وبهدف توحيد العالم الإسلامى، فى عهد السلطان العثمانى عبد الحميد الثانى. كان لـ"انفراد" زيارة لمحطة "مدائن صالح" بمحافظة العلا، بالمملكة العربية السعودية، إحدى المحطات الرئيسية لقطار الحجاز، التى تروى قصة إنشاء سكة حديد الحجاز، ليمر بخمسة دول هى تركيا وسوريا والأردن وفلسطين والمملكة العربية السعودية. كانت رحلات الحج والعمرة تستغرق أسابيع طويلة وشهور أحيانًا، وكانت المسافة وحدها بين دمشق والمدينة المنورة تستغرق ما يقرب من 40 يومًا، فجاءت فكرة إنشاء قطار سكة حديد "قطار الحجاز" ليربط بين "دمشق" و"المدينة المنورة" وكانت الخطة هى مد الخط شمالًا إلى العاصمة العثمانية القسطنطينية وجنوبًا إلى مكة المكرمة. في إطار محاولاته وقتها للنهوض بالدولة العثمانية وجه السلطان عبد الحميد اهتماماته نحو تحديث وسائل المواصلات والاتصالات فى الدولة العثمانية، فقام بربط عدد من ولايات الدولة بشبكة من خطوط السكة الحديد، وتوج هذه الجهود بتنفيذ سكة حديد الحجاز التى يربط دمشق بالمدينة المنورة، وكان الدافع وراء إنشاء سكة حديد الحجاز، خدمة حجاج بيت الله الحرام، وتوفير وسيلة نقل حديثة تنقلهم إلى الأراضى المقدسة، وتقوية الروابط بين المسلمين. استغرق تنفيذ مشروع السكة 8 سنوات، حيث بدأ تنفيذ المشروع بجزئه الأول "دمشق – درعا" فى شهر سبتمبر 1900 ميلاديًا، وعمل فى بنائها مهندسون ألمان وأتراك، كما تم الاعتماد في العمالة على سكان المناطق التى يمر بها الخط. واجهت تنفيذ الخط صعوبات كثيرة تتعلق بالتمويل وبمعارضة القوى الأوروبية في المنطقة له، وتم دعوة المسلمين فى جميع أنحاء العالم إلى الاكتتاب والتبرع لصالح سكة حديد الحجاز، ومنحت الدولة العثمانية الأوسمة والميداليات للمكتتبين من الأفراد والهيئات الإسلامية، وتدفقت التبرعات من مصر والهند ومن شرق آسيا وسنغافورة والمغرب، وغيرها من الدول. خُطط لمشروع سكة حديد الحجاز أن يمتد عبر الأراضي الحجازية ويصل المدينة المنورة بمكة المكرمة، ثم يستمر مع ساحل البحر الأحمر إلى اليمن، ولكن الأحداث التى تلت وصول الخط إلى المدينة حالت دون تنفيذ كامل مخططات السلطان عبد الحميد. بلغ طول الخط من دمشق إلى المدينة المنورة 1302 كم، وجعل عرضة 105 سم فقط، وقسمت عملية تنفيذه إلى 5 أقسام، القسم الأول من دمشق إلى درعا، والقسم الثانى من درعا إلى عمان، والثالث من عمان إلى معان، والرابع من معان إلى تبوك، والخامس من تبوك إلى المدينة المنورة. وتم إنشاء 16 محطة على مسار السكة بين تبوك والعلا، و16 محطة أخرى على مسار السكة الممتد بين العلا والمدينة المنورة، وتختلف أحجام هذه المحطات من مكان لآخر، وتتوالى بعد تبوك محطات صغيرة ذات تصميم موحد إلى أن يصل مسار السكة إلى الحجر، والأمر كذلك على مسار السكة بين العلا وهدية. وتم الاحتفال بوصول الخط الحديدى إلى تبوك فى الأول من سبتمبر 1906 بحضور لجنة رسمية قدمت من دمشق، كما حضر الاحتفال شيوخ القبائل والأعيان والتجار، حيث صلى الجميع صلاة الصبح فى مسجد الرسول بتبوك، ثم اتجهوا إلى سرادق الاحتفال فألقيت بعض الخطب، ونحرت الذبائح، ثم قرأ المندوب الخاص للسلطان برقية السلطان عبد الحميد بهذه المناسبة. بعد عام من افتتاح محطة تبوك أقيم فى شهر سبتمبر 1907 احتفال بمناسبة وصول القطار إلى العلا، حيث ألقيت الخطب ونحرت الذبائح وقرئت برقية السلطان بهذه المناسبة. وفى 22 أغسطس 1908 وصل أول قطار إلى المدينة المنورة، ولكن الاحتفال الرسمى بهذه المناسبة أرجئ إلى الأول من ديسمبر ليتوافق مع عيد الجلوس السلطانى على العرض، حيث أقيم احتفال كبير بهاتين المناسبتين، وأنيرت محطة المدينة بالكهرباء التى دخلت لأول مرة إلى المدينة. لم يكتب لسكة حديد الحجاز الاستمرار طويلًا فى تقديم ثمارها، إذ سرعان ما اندلعت الحرب العالمية الأولى "1914-1918" فتأثر بها الخط، كما كان لثورة الشريف التى صاحبت تلك الحرب آثارًا مدمرة على سكة حديد الحجاز، فقد قام جيش الشريف وبدعم من الإنجليز، بتدمير السكة فى مواقع عدة بين عمان والمدينة المنورة، فخربت معظم الجسور، والمعدات، والمحطات، وقد لعب الضابط الإنجليزى لورانس دورًا كبيرًا فى هذا التدمير. بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بذلت من العرب محاولات لإعادة تسيير الخط، وصل القطار على إثرها مرتين فقط إلى المدينة، إحداهما فى عام 1919 والأخرى فى عام 1925، ولم يكتب للمحاولات العربية النجاح بسبب نقص الإمكانات المادية والخبرة الفنية، وظل الجزء الحجازى من الخط معطلًا، فى حين أمكن تسيير الأجزاء: السورى والفلسطينى والأردنى فى الخدمة المحلية. سعى عدد من المسلمين إلى إثارة موضوع سكة حديد الحجاز، وقاموا بحث الحكومات التى تكونت في المنطقة، والدول الاستعمارية التى بسطت نفوذها فى الشام وشرق الأردن وفلسطين على إعادة تشغيل الخط، واستجابت المملكة العربية السعودية لذلك، واشتركت فى مؤتمر حيفا الذى عقد عام 1928 للنظر فى هذا المشروع، وطالبت المملكة بإعادة سكة حديد الحجاز إلى ما كانت عليه، ولكن حكومات الانتداب البريطانى والفرنسى التى كانت تسيطر على أجزاء من هذا الخط رفضت هذه المطالب، وتوقفت المحادثات، ثم اندلعت الحرب العالمية الثانية فتوقف كل نشاط فى هذا الموضوع. بعد الحرب العالمية الثانية، عقدت اجتماعات عدة بين الدول المعنية بهدف إعادة تسيير الخط، بدأت منذ العام 1946 وتوالت بعد ذلك، وآخر ذه الاجتماعات كان في العام 1981، وكان للأحداث التي شهدتها المنطقة طيلة هذه السنين كاحتلال فلسطين عام 1948 ونكسة 1967 تأثير سلبى على الجهود المبذولة التى حالت دون تنفيذ ما يفق عليه على الطبيعة. أرثى الشيخ والفقيه والأديب السورى الشهير على الطنطاوى قطار الحجاز فى قصيده بدأها بقوله: إن قصة الخط الحديدى الحجازى مأساة دونها المآسى الأدبية حملته أمه ثمانى سنين وعاش بعدما ولد عشر سنين ثم أصابته علة مزمنة فلا هو حى فيرجى ولا هو ميت فينسى.. وتم تأهيل محطة مدائن صالح لتكون جاهزة لاستقبال الزوار والسائحين فى إطار خطة المملكة العربية السعودية للترويج لمحافظة العلا بما تحويه من أماكن أثرية وتراثية وتاريخية.




















الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;