قال الدكتور محمود محيى الدين، النائب الأول لرئيس البنك الدولى، إن قمة بيروت تنعقد فى وقت أصبح فيه العالم أكثر تقلبا من الناحية السياسية، وأكثر هشاشة من الناحية الاقتصادية.
وأضاف محيى الدين، خلال كلمته بالقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية المنعقدة ببيروت، أن العرب يحتاجون اليوم رميات موفقة نحو التقدم والتنمية المستدامة، فقد ضعفت معدلات نمو الاقتصاد العالمى، وتزايدت حالات التوتر والنزاعات فى التجارة الدولية، وازدادت المخاطر المحدقة بالاقتصاديات المختلفة مع احتمالات ارتفاع تكلفة الاستيراد، مشيرا إلى أننا نشهد تغيرات كبرى فى موازين القوى الاقتصادية العالمية والإقليمية، والتى تصارعت وتيرة تغيرها مع الأزمة المالية العالمية.
وقال الدكتور محمود محيى الدين، النائب الأول لرئيس البنك الدولى، إنه فى ظل حالات الاضطراب وعدم اليقين والحراك السريع يشهده العالم شديد التغير، نجد الاقتصاد العربى يتعرض لما يمكن أن نطلق عليه "تغيرات فى عصر المربكات الكبرى"، متمثلة فى نزوح البشر وكثرة اللاجئين وموجات الجفاف وتغير فى المناخ وغيرها، متابعا أننا بصدد صورة صناعية رابعة.
وأضاف محيى الدين، أن تكلفة الخسائر فى النشاط الاقتصادى بسبب الحروب والنزاعات والصراعات فى المنطقة العربية، تزيد 900 مليار دولار، لتضيف عبئا على تراكمت من قبل، كما نجحت الأقاليم الاقتصادية حول العالم فى تخفيض نسبة من يعانون من الفقر المدقع، إلا أن هذه النسبة قد زادت عربيا إلى الضعف، من 2.6% إلى 5% فى الفترة من 2013 حتى 2015.
وأوضح أن الإقليم الاقتصادى العربى، هو الأسوأ، فى عالم العدالة فى توزيع الدخل حول العالم، إذ يستحوذ أغنى 10% من السكان على 61% من الدخل القومى، في حين أن الـ10% الأغنى فى أوروبا لا يتجاوز نصيبهم 37%، فى الصين 41% والهند 55%، ولكن تأتى توقعات النمو الاقتصادى مشيره إلى تحسن طفيف لم يتجاوز 3% هذا العام، لكن هو أفضل من العام الماضى.
وأكد الدكتور محمود محيى الدين، أن الاقتصاد العربى يعانى من أعلى نسبة بطالة فى العالم، إذ وصلت هذه النسبة إلى 10.6% وهى تقترب من ضعف نسبة البطالة العالمية، ومقدارها اليوم 5.7%، وهى أشد تركزا بين شباب العرب وأعلى بين النساء مقارنة بالرجال.
وكشف عن أن الاقتصاد العربى يحتاج إلى توليد 10 ملايين فرصة عمل جديدة لكل عام، حتى يتصدى لمعدلات البطالة، على أن تتاح هذه الفرص وفقا لسياسات نمو شاملة، تعزز من فرص مشاركة النساء فى سوق العمل، إنصافا للمرأة العربية، وتقديرا لكفاءتها كلما أتيحت لها الفرص ودعما لتنمية مستدامة، لا تفتئت على حقوق الناس أو تهدر نصف طاقته البشرية عبثا.
وأوضح النائب الأول لرئيس البنك الدولى، أن المجتمعات العربية تزداد شبابية، حيث إن هناك أكثر من 60% من السكان تحت سن الثلاثين، ويجب الاستفادة منهم بالاستثمار فى البشر والبنية الأساسية المدعمة للتكنولوجيا والتوقى ضد المخاطر.
وأشار إلى أن تمويل التنمية المستدامة، لا يأتى من خلال صفقات مالية متناثرة او إنفاق مشتت، بل يجب أن يستند لنهج متكامل قوامه سياسات متناسقة ومؤسسات ذات كفاءة، ولا يغنى ذلك عن منع نزيف خسائر الكيانات الاقتصادية المملوكة للدولة، وطرق استخدام الأصول المعطلة فى زيادة الموارد، مبينا أن أول محاور تمويل التنمية يعتمد على تعبئة الموارد المحلية بكفاءة وإنفاقها بفاعلية وحسن استخدام مجالات الإنفاق العام.
وأوضح أن الموازنات العامة العربية، تحسنت العام الماضى وانخفض العجز فيها إلى 4.5 %، لكن مدى تعرضها للصدمات الاقتصادية ما زال كبيرا، ونلاحظ أنه رغم جهود بذلت فى تنويع الهيكل الإنتاجى للاقتصاديات العربية ومواردها، فإن موازناتها العامة وموازين مدفوعاتها ما زالت شديدة التأثر بأسعار النفط بشكل مباشر وغير مباشر.
وتابع: أسعار النفط قد حيرت الاقتصاديين والقائمين على الموازنات العامة، فبعدما كان سعر النفط فى حدود 100 دولار فى الفترة من 2011 إلى 2014، أصبح أقل من 50 دولار فى الفترة من 2015 إلى 2018، ثم مقدر أن يحوم السعر حول 69 إلى 74 دولار خلال العام الحالى، والعام القادم، وهذه التغيرات الكبيرة لا تسمح بأى تخطيط مناسب لاحتواء الآثار السلبية، ورغم جهود التنويع والتحسين والإصلاح، إلا أنها تتفاوت مع تغيرات اتجاهات الأسعار صعودا وانخفاضا.
وقال النائب الأول لرئيس البنك الدولى، إن هناك حاجة إلى تحصيل الموارد الضريبية العربية، فالمتوسط فى الدول العربية حاليا هو 11% وهذا يقل عن المتوسط الموصى به 15%، لذا يستلزم التغيير.
ولفت إلى أن هناك جزءا آخر يرتبط بتمويل التنمية، وهو مشاركة القطاع الخاص المشغل الأكبر لقوى العمل، وهناك مجالات جيدة يمكن مناقشتها فى إتاحة فرص العمل والتشغيل من خلال مشاركة القطاع الخاص، وفى خطة تمويل التنمية المستدامة أيضا محورا للتدفقات المالية الخارجية، ولكن ما زال الاقتصاد العربى مصدرا للتمويل إلى الخارج، وهو يقلل من فرص التمويل بالاعتماد على الموارد المالية الذاتية.