مصانع الدرفلة .. أداة ضرب الصناعات المتكاملة للصلب فى مصر.. تستغل الثغرات فى القانون باستيراد خام البليت من الدولة التركية بدون رسوم جمركية فتحقق سلبا على سوق الحديد

* تركيا تفرض رسوما على وارداتها من خام البليت بقيمة 13.9 % بينما مصر تفتح أبوابها * تشغيل مصانع الدرفلة يختصر 84 % من الصناعة المتكاملة للحديد ويلغى آلاف الفرص الوظيفية للعمال والفنيين والمهندسين صدور أية قرارات بفرض رسوم على واردات الحديد لا يمكن حصر الهدف منه فقط فى منطقة ضبط الأسعار، لأنه فى المقام الأساسى لحماية صناعات الصلب الوطنية، والولايات المتحدة الأمريكية كانت حاسمة فى الربع الأول من 2018، عندما اتخذت القرار دون تراجع وتلتها فيما بعد دول الاتحاد الأوروبى، لأن استقرار الصناعة ونموها وتصاعد أرقام الاستثمار فيها، هو التحدي الحقيقى لأى دولة. الحقيقة الوضع فى مصر مختلف فى المنهج وطريقة التنفيذ، لأن مصر تسير عكس مسارات القرارات العالمية فى حماية صناعات الصلب، فعلي سبيل المثال لا الحصر، تفتح مصر أبوابها لخام البليت الوارد من الدولة التركية دون أن تفرض عليه أية رسوم جمركية للحماية، في حين أن الدولة التركية نفسها تفرض رسوما جمركية بواقع 13.9% على منتج البليت، الذي يدخل أراضيها، بما يعنى أن تركيا لديها توجه لحماية صناعتها المتكاملة فى الحديد، فى حين أنها تلعب دورا قذر فى إغراق السوق المصرية بالبليت، وبالتالى تدمير الصناعة الوطنية المصرية. دخول البليت للسوق المصرية بدون أية رسوم جمركية، وبهذا الكم الكبير ترتب عليه تشغيل مصانع الدرفلة على حساب المصانع المتكاملة، بما يعنى اختصار 84 % من الاستثمار الصناعى بمجال الحديد وتفعيل 16 % فقط، مع الأخذ فى الاعتبار أن هذا الاختصار يلغى 3 مراحل تصنيعية يرتبط بهم آلاف الموظفين والعمال والفنيين والمهندسين، والإلغاء لا يحمل فى طياته أى تطور تكنولوجى جديد فى الصناعة، بقدر ما يحمل تلاعبا بالسوق واستغلالا واضحا لثغرات فى القانون المصرى. المنطق يدعم مساندة الصناعات المتكاملة لأن الاستثمار الحقيقى فى الصناعة لن يتم إلا عبر الصناعات المتكاملة، لا القشرية، الصناعات المتكاملة هى البوابة الرئيسية لسيطرة مصر على سوق الحديد بالشرق الأوسط، وهى نفسها مصدر العملة الصعبة للدولة فى هذا الظرف الراهن، على عكس مصانع الدرفلة التى تعمد على منتج مستورد، وتتحرك فى حيز محدود لمرحلة صناعية واحدة فقط بمجال الحديد، فيترتب عليها تأثير سلبى فى بنيان الصناعة وقوامها الأساسى، لأن القيمة المضافة الحقيقة فى صناعة الحديد والصلب تتم عبر الصناعات المتكاملة لا الدرفلة، وفرص العمل تتزايد مع الصناعات المتكاملة لا الدرفلة والوفرة فى فاتورة الاستيراد تتم عبر الصناعات المتكاملة لا الدرفلة، وبحسب الأرقام الرسمية فى 2018، فإن الوفرة فى فاتورة الاستيراد الذى يتحقق مع كل إنتاج طن حديد تسليح فى المصنع المتكامل يكون 50 % من الفاتورة الاستيرادية لإنتاج نفس الطن بمصانع الدرفلة. الواقع أن هناك عددا ليس بالقليل من رجال الأعمال من ملاك مصانع الدرفلة، يتكسبون بشكل كبير من خلال استيراد البليت بدون رسوم جمركية وإجراء مرحلة تصنيعية واحدة فقط، ومن ثم طرحه فى السوق بأسعار أقل، في حين أن الصناعة الوطنية تخسر، والخسارة هنا ليست مادية بالملايين يوميا، ولكن خسارة فى الأصل الحقيقى لقوام الصناعة، لأن استمرار استيراد البليت دون جمارك واستمرار السعى نحو مصانع الدرفلة سيؤدى فى النهاية إلى تراجع الاستثمار فى الصناعة بمفهومها الكلى، التى تحقق الاستقرار لسوق كبيرة من الصناعات الأخرى القائمة عليها بالفعل. التفاصيل المتعلقة بتكوين صناعة الدرفلة صادمة، لأنها تدلل عمليا على العائد القليل للدولة من هذه المصانع مقارنة بالمصانع المتكاملة، فمصانع الدرفلة لا تتحمل الأسعار العالية للغاز الطبيعى لأنها تعمل فقط بـ 10 % من احتياجات المصانع المتكاملة، ولا تتحمل ارتفاع سعر الفائدة أو زيادرات أسعار الكهرباء والطاقة فى مصر، لأن البليت الذى تستخدمهمصانع الدرفلة كمدخل إنتاج ورد إليها من خارج مصر جاهزا، بخلاف أن تكلفة التكنولوجيا والتشغيل بها أقل بكثير من المصانع المتكاملة، وبالتالى فإن مصانع الدرفلة تصنف تحت قسم الصناعات القشرية، لأنها لم تمر فى المراحل التصنيعية المختلفة التى يمر بها المصنع المتكامل. قد يتسائل البعض، إذا كانت تكلفة الإنتاج من مصانع الدرفلة أقل من المصانع المتكاملة، فلماذا نبقى على المصانع المتكاملة ؟ لأنه بكل بساطة المصانع المتكاملة تكفينا عن الاستيراد من الخارج، وتجعلنا أصحاب قرار غير مربوطين بمستورد قد يرضى عنا اليوم ويغضب فى وجهنا غدا، المصانع المتكاملة تجعلنا أصحاب ريادة فى صناعات الحديد لا نعتمد على غيرنا، نصنع نحن دائرة صنع القرار ونرسم سياساتها لا نسير تابعين وراء هذا أو ذاك. أن استمر الوضع كما هو عليه فى صناعة الحديد، فنزيف خسائر الصناعات المتكاملة لن يتوقف وبالتوازى معه ستنهار الصناعات المتكاملة ويتزايد الاستيراد من الخارج، وهو أمر يحتاج تدخلا حكوميا حاسما يتمثل على الأقل فى اتباع نفس سياسات الدول الأخرى، من فرض رسوم حمائية على خام البليت، تونس الشقيقة تفرض 20 %، بينما الهند تفرض 10%، فيتنام والبرازيل يتساويان فى نسبتهما بـ8 %، وفى مصر الدراسات تشير إلى أن النسبة الأقرب للواقع هى 15 % رسوم حماية على الواردات من خام البليت. رسوم الحماية هنا لا تمثل قيود أو أعباء على مستوردى خام البليت، وأصحاب مصانع الدرفلة إنما هى تعيد المنافسة الحقيقة للسوق وتسد الثغرات التى يتسلل منها الأتراك فى إغراق مصر بمنتجاتهم من البليت، والأهم انها تحافظ على الصناعة المتكاملة للصلب بمصر، الصناعات التى تضمن لمصر إيقاف الاستيراد وتحقيق الريادة بسوق الحديد فى الشرق الأوسط.








الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;