يوما بعد يوم، تزداد حدة الانقسام السياسى فى الولايات المتحدة متمثلا فى المواجهة المستمرة بين الرئيس دونالد ترامب ورئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسى بيولسى، وهما أقوى شخصيتين سياسيتين فى البلاد..
إحدى حلقات هذه المواجهة جاء مع قرار بيلوسى، بسحب دعوتها لترامب لإلقاء خطاب حالة الاتحاد أمام الكونجرس الأسبوع المقبل، لتحرمه من منصة وطنية للخطاب السنوى فيما وصفته صحيفة "واشنطن بوست" بمواجهة استثنائية بين الشخصين الأقوى فى الولايات المتحدة.
وكان ترامب قد أشار إلى تراجع عن المواجهة عندما أعلن على تويتر أنه سيضطر لتأجيل خطابه أمام الكونجرس لحين انتهاء الإغلاق.
وذكرت "واشنطن بوست" إن الإلغاء، وهو جزء من صراع متصاعد، وفى بعض الأحيان شخصى، بين بيلوسى الديمقراطية التى تم انتخابها مؤخرا رئيسة لمجلس النواب والرئيس الجمهورى يوضح مدى الخلل الذى عصف بواشنطن والجسد السياسى لأمريكا فى ظل الإغلاق الحكومى الأطول فى التاريخ الأمريكى.
وأضافت :"كما أنه يؤكد مدى العداء الذى تطور بين بيلوسى وترامب، ولا يبدو أن أيا منهما مستعد للتراجع فى المواجهة التى تسبب فيها إصرار الرئيس على الحصول على تمويل من الكونجرس لبناء الجدار الحدودى بين الولايات المتحدة والمكسيك".
وكان ترامب قد ألغى جولة خارجية لبيلوسى الأسبوع الماضى، بسبب الإغلاق الحكومى وأشار إلى أن بإمكانها أن تستقل الطيران التجارى لو أرادت القيام بهذه الجولة.
وقالت واشنطن بوست إنه يبدو أن بيلوسى ومعها قادة الديمقراطيين واثقون بشكل متزايد من موقفهم فى المعركة فى الوقت الذى يتفاقم فيه تأثير الإغلاق الحكومى، وتظهر استطلاعات الرأى تحميل الناخبين المسئولية بشكل رئيسى لترامب والجمهوريين.
وقد أدى الخلاف إلى إلغاء أحد التقاليد القيمة فى السياسة الأمريكية والذى يهدف إلى توحيد البلاد، حتى فى الوقت الذى يسود فيه الإنقسام الحكومى، فما يفترض أن يكون استعراضا سنويا للوحدة تحول إلى مظهر للانقسام.
وكان ترامب قد كتب تغريدة على تويتر: قال فيها إنه فى الوقت الذى لا يزال فيه الإغلاق الحكومى مستمرا، طلبت منه نانسى بيلوسى أن يدلى بخطاب حالة الاتحاد، ووافق. بعدها غيرت رأيها بسبب الإغلاق، واقترحت موعدا لاحقا. مضيفا :"إن هذا من حقها، سألقى الخطاب عندما ينتهى الإغلاق، ولا أتطلع لمكان أخر لإلقاء الخطاب لأنه لا يوجد أن يكون هناك مكان ينافس تاريخ وعراقة وأهمية مجلس النواب. أتطلع لإلقاء خطاب حالة الاتحاد العظيم فى المستقبل القريب".
وخلال لقاء له مع القادة المحافظين فى البيت الأبيض، قال ترامب : "كان من المفترض أن نفعل هذا، والآن نانسى بيلوسى، أو نانسى كما أدعوها، لا تريد أن تسمع الحقيقة. وهى لا تريد، والأكثر أهمية لا تريد أن يسمع الشعب الأمريكى الحقيقة".
وكان ترامب قد حاول تحدى بيلوسى صباح الأربعاء، وقال إنه يخطط لتلبية دعوتها فى وقت سابق هذا الشهر عندما كان الإغلاق الحكومى لا يزال فى بدايته نسبيا. وكتب ترامب لبيلوسى يقول إن عدم إلقاء الخطاب فى مجلس النواب سيكون محزنا للغاية.
لكن بيلوسى فى وقت لاحق ألغت الخطاب رسميا وطلبت بدلا منه موعدا يتم الاتفاق عليه بشكل مشرك بمجرد إعادة فتح الحكومة. وقال ترامب إنه سيقوم بأمر آخر بديلا.
وقد ردت بيلوسى على تغريدة ترامب الأخيرة بتغريدة أخرى حثته فيها على دعم التشريع الذى وافق عليه مجلس النواب وتحديد موعد للتصويت عليه فى مجلس الشيوخ اليوم الخميس لإعادة فتح الحكومة بدون تمويل الجدار الحدودى.
وأكدت صحيفة واشنطن بوست إنه منذ عهد الرئيس ودرو ويلسون فى عام 1913، قام الرؤساء الأمريكيون، ديمقراطيون وجمهوريون، وخلفهم نائب الرئيس ورئيس مجلس النواب بإلقاء خطاب للأمة وللكونجرس فى مجلس النواب بوجود الدبلوماسيين وفريق المحكمة العليا ورئيس هيئة الأركان المشتركة وأفراد عائلاتهم والضيوف.
ولا يبدو أن هناك سابقة لقرار بيلوسى، حيث لا يوجد حالة من قبل رفض فيها رئيس مجلس النواب استخدام المجلس لإلقاء خطاب حالة الاتحاد، حسبما يقول مؤرخو الكونجرس.
وقال تيم نافتالى، المؤرخ الرئاسى فى جامعة نيويورك والذى شارك فى تأليف "العزل: تاريخ أمريكى" إنه لا يوجد سابقة، ولا يوجد حتى أى شىء قريب من ذلك.