دولة بحجم مصر وعراقتها يزخر تاريخها بآلاف الصفحات والأيام المشهودة، منها ما يحمل جوانب إيجابية، ومنها أيضا ما تحمل الذاكرة الوطنية المصرية عنه كل ما هو سىء وسلبى، من حيث تأثيراته على الوطن، ومن بين تلك الأيام التى كانت من القسم الثانى، وعاشت فيها مصر كوارث عظيمة، ما بين فوضى وانفلات أمنى، وسيطرة لصوص على الشوارع وترهيب للمواطنين، هو يوم 28 يناير 2011.
ففى هذا اليوم عاشت دولة بحجم مصر بلا مؤسسات، واختفت الشرطة المصرية من الشوارع، فعاش المصريون يوما كئيبا بلا أمن أو أمان، وانتشرت السرقات فى كل مكان، واحتل اللصوص المولات واقتحموا المحلات، وسيطر الرعب والخوف على الأسر والعائلات، فخافوا على أبنائهم من الخروج، بعد أن انتشر البلطجية فى كل مكان.
لم يتحرج المتظاهرون فى ذلك اليوم وفى كافة ميادين مصر من مهاجمة الشرطة المصرية، حتى دفعوها دفعا لأن تنسحب من مواجهتهم، وذلك حفاظا على أرواحهم وعلى الدولة المصرية، فغير ذلك كانت الكارثة ستتفاقم، لو أن الشرطة ظلت فى الشارع، وهى تحمل السلاح فى مواجهة المتظاهرين حينها، ولم يكن لأحد أن يداوى ما كان يمكن أن يصيب الوطن من مزيد من الجروح.
يوم 28 يناير كما أنه يمثل يوما بلا أمن فهو يوم يمثل أشد مظاهر الفوضى العارمة، فى ظل خروج العدد الكبير من الأبرياء، يسيرون خلف أدعياء الثورية، أملا فى تقليد تونس، اندفعت عناصر جماعة الإخوان الإرهابية إلى الخروج من جحورها، ومحاولة استثمار الحراك، والقفز على المشهد، وخرجوا فى حشود يوم الجمعة 28 يناير 2011، وفى مسيرات كبيرة حينها، ونظرًا لحالة التعب الشديد التى أصابت رجال الشرطة وانتشارهم فى الشوارع دون نوم لعدة أيام، نجح الإخوان فى إحداث الفوضى، واقتحام السجون، وإشعال الحرائق فى أقسام الشرطة، وعاشت حينها مصر يوما من الخوف والرعب بما لم تشهد مثيلا له عبر تاريخها الطويل.
فى ذلك اليوم المشئوم استطاع الإخوان والمتعاطفون معهم، وبدعم من قوى خارجية، وقناة الجزيرة التى كانت المحرض الأول ضد مصر، أن يسيطروا على ميدان التحرير فى القاهرة، والأربعين بالسويس، والقائد إبراهيم بالإسكندرية، ورفع سقف المطالب، ونظرًا للخوف، وعدم اعتياد المصريين لمشاهد مثل هذا الحراك الفوضوى، سيطرت حالة من انعدام الأمن فى ذلك اليوم، وحلت مظاهر الفوضى فى كافة مفاصل الدولة.
انسحاب الشرطة المصرية كان عنوانا لنجاح مؤقت للقوى التى أرادت لمصر السقوط، إلا أن المفاجأة كانت بنزول القوات المسلحة للشوارع فى الساعة الخامسة، بعد عصر ذاك اليوم، وكان مشهد مدرعات ودبابات الجيش إنذارا بأن الحدث جلل، ولم يعتد المصريون رؤيته فى الشوارع من قبل، وكان لمصر نصيب فى أن تقف أمام كافة المخططات لتواجه مستقبلها بعد ذلك.
من جانبه، يقول اللواء مجدى البسيونى، مساعد وزير الداخلية الأسبق: إن يوم 28 يناير 2011، وما سبقه وما تلاه من أيام، جرت العديد من الأحداث التى سعت لها جماعة الإخوان وأعوانها، بهدف هدم استقرار الدولة وأمنها، وعاشت فيها مصر بلا أمن وأمان، لترتكب الجماعة الإرهابية جرائمها باقتحام أقسام الشرطة والمراكز ونقاط الشرطة ومديريات الأمن. وأضاف مساعد وزير الداخلية الأسبق، أنه فى ذلك اليوم سعت الجماعة إلى أن تكون مصر بلا أمن، من خلال خطة استهداف شرطة مصر، وفى هذا اليوم حدثت واقعة اقتحام السجون لإخراج الإرهابيين منها، من خلال تنسيق خارجى تم بين الجماعات الإرهابية والدول التى كانت تمولها خارجيا، وتابع: على مدار ذلك اليوم ظهرت كل الجرائم، التى لم تكن موجودة فى 25 يناير، بل جرت تحديدا فى يوم 28 يناير، وكل ذلك كان بخطة وضعت بعلم جميع الإرهابيين والممولين لاستهداف أمن مصر من الداخل، لأنهم كانوا يعلمون أن استهداف أمن مصر هو استهداف للدولة ولمؤسساتها.
وأوضح البسيونى أن الإخوان استثمروا هذا اليوم لارتكاب هذه الجرائم، وكان ذلك فى إطار مخططهم السريع والعاجل باستثمار وغياب الشرطة وبدأوا فى إشعال الفوضى، وتم نهب وسرقة كبرى الشركات والمنازل والمولات والمحلات الكبرى، وأصبحت فوضى عارمة فى هذه الفترة، وتابع: إذا تمت المقارنة بين 28 يناير 2011 وحاليا، فى ظل وجود الأمن والاستقرار فى البلاد بالوقت الحالى، فهناك فرق كبير بين حالة الأمن والاستقرار الحالية وبين محاولات الهدم التى سعت لها جماعات وتنظيمات بعينها بدعم من دول سعت لهدم الدولة المصرية.
من جانبه، قال اللواء يحيى كدوانى، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب: إن أحداث 28 يناير كشفت فيها جماعة الإخوان عن وجهها القبيح والإرهابى الذى لم يعرفه المصريون سوى بعد ثورة 30 يونيه، مضيفا أنه فى هذا اليوم شهدت مصر أوقاتا عصيبة تحت تأثير ما فعلته جماعة الإخوان من إشعال الفتن والفوضى فى كل محافظات مصر، ليست بهدف الثورة أو غيرها بل لهدف أن تخرج عناصرها من السجون، وأن تشعل النيران فى أقسام الشرطة بمصر. وأضاف عضو لجنة الدفاع بالبرلمان فى تصريحات خاصة أنه فى هذه الفترة لم تشهد مصر استقرارا أو أى مظاهر للأمن، وهو الأمر الذى تعيش مصر عكسه تماما حاليا، حيث نشهد نهضة تنموية، ومدنا تشيد ومشروعات كبرى تقام، وبناء لدولة حديثة حاولت تلك الجماعات أن تهدم كل مظاهر الدولة من خلال هدم أمن البلاد واستقراره، مضيفا: هذا اليوم كان مشئوما فى تاريخ مصر ولن ينساه أحد، ولكن المصريين تعلموا الدرس جيدا وعرفوا نية هذه الجماعات، وما كانت تخطط له من هدم للدولة واستقرارها من أجل مصالحها الشخصية على حساب البلاد وحساب الشعب المصرى.