"المخدرات" زجت به في السجن ليقضى شبابه كاملاً خلف القضبان، بعدما تورط برفقة شقيقه في الإتجار بالمواد المخدرة، ليتم القبض عليهما ويحصلا على حكم بالسجن المؤبد.
داخل سجون "طرة" يقبع السجين "عويضة.س" الذي يقضي عقوبة المؤبد، وسط حالة من الندم على ما اقترفت يداه في حق نفسه وأقاربه.
"منها لله المخدرات اللعينة هي السبب في دخولي السجن"، بهذه الكلمات بدأ السجين حديثه لـ"انفراد"، بصوت ممزوج بالحزن والآسى على عمره الذي ضاع خلف القضبان بسبب اتجاره في المخدرات.
"كنت مثل غيري من الشباب الطامحين في جمع المال بطريقة سهولة وسريعة، فضعفت أمام وسوسة الشيطان ورغبتي في الحصول على المال، فقررت الاتجار في المخدرات برفقة شقيقي، ولم نفكر يوماً في نهاية طريق الحرام" ـ السجين يكمل حديثه.
وأردف السجين: "نهاية الحرام معروفة، وهي السجن، فهو المكان الطبيعي، حيث دخلت السجن برفقة شقيقي بعد صدور حكم علينا بالمؤبد".
"فكرة المؤبد لوحدها تشعرك بالخوف" ـ السجين يتحدث عن الحكم ـ "والتفكير في كيفية قضاء هذه السنوات الطويلة خلف القضبان صعب وقاسي، ولذا بدأت أشغل نفسي بشىء أهم، حيث وجدت نفسي "أٌمي" لا أجيد القراءة أو الكتابة، ومن ثم قررت التغلب على الوقت بمحو أميتي".
وقال:"دخلت في تحدي معي نفسي، والتحقت بفصول محو الأمية داخل السجن، وبدأت أتعلم قواعد القراءة والكتابة، وساعتها شعرت بفرحة كبيرة، وبدأت أتدرج في الأمر وصولا لنجاحي في الإبتدائية والإعدادية والتحاقي بالثانوية، وهدفي إكمال تعليمي الجامعي والحصول على الدكتوراه".
وعن أجواء الدراسة داخل السجن، قال"السجين": "قطاع السجون وفر لي كل شىء، فلو كنت في منزلي ما استطعت توفير هذه الإمكانيات التي وفرها لي قطاع السجون، من خلال وجود فصول مجهزة للدراسة وأماكن للاستذاكار، حتى الأدوات المدرسية والكتب يتم توفيرها لي، والأهم من ذلك هناك مناخ طيب يوفره قطاع السجون للنزلاء الدراسين، وهذا الأمر بتوجيهات من اللواء محمود توفيق وزير الداخلية الذي يولي أهمية بالسجناء خاصة الدارسين وخلق مناخ طيب لهم".
"فشلت في الحياة، وقررت النجاح في الدراسة"، إنه ملخص الفكرة بحد قول "السجين" الذى يضيف :"ونجحت بالفعل في تحقيق حلمي، ووجدت اهتمام كبير من كافة العاملين بقطاع السجون بداية من اللواء زكريا الغمري مساعد وزير الداخلية للسجون، وحتى أصغر شرطي بالقطاع، فالجميع يحترمني ويعاملوني معاملة كريمة".
وعن الحياة داخل السجن، يقول السجين: "أصعب شىء على النفس حبس الحرية، ربنا ما يكتبها على حد، بالرغم من الحياة الكريمة التي يوفرها لنا قطاع السجون، لكن فكرة وجود شخص خلف قضبان أمر قاسي، لذا أبدي كل يوم ندمي على جنوحي لعالم الجريمة والاتجار في المخدرات، وقررت التوبة والانخراط في العمل الحلال".
ويضيف السجين ـ على هامش حفل الافراج عن بعض السجناء ـ : "بعد دخولي السجن تحولت حياتي، وأصبحت إنسان جديد، لديه رغبة في أن يكون شخص صالح، وذلك بعد تأهيلي داخل السجن، فالسجون يوجد بها أماكن للتأهيل والإصلاح والتذهيب بهدف تقويم السلوك، فضلاً عن وجود ملاعب كرة قدم وبعض الرياضيات الأخرى للترفية، ويوجد أيضاً مكتبات وغرف لتعليم عزف الموسيقى، ومطاعم ومستشفيات ضخمة لعلاج المرضى بأحدث الأجهزة الحديثة والمتطورة، بالإضافة لوجود عدد كبير من المشاريع الانتاجية التي يتم تعليم السجناء بداخلها ويحصلوا على جزء من الربح، فالسجن بات مكان للإصلاح والتهذيب وتقويم السلوك، فيدخل الشخص وهو مجرم، ويخرج وهو إنسان آخر صالح يندمج في المجتمع سريعاً".