"لقد أدركت شيئين مهمين، القابلية على أن أكون منهمكة جنسيًا بشكل تام، وأكون قادرة على الضحك من قلبى فى نفس الوقت، والاستمتاع بكونى معه بطريقة مختلفة، لكأن الضحك والجنس يشبعان رغبتين بشريتين أساسيتين فى آن واحد".
يقول عالم السيكسولوجيا جونى مونى، إن كل واحد منا يحمل فى عقله قالبه أو نموذجه الخاص للمواصفات التى يجدها جذابة "خارطة حب"، وخارطة الحب هذه هى ما يقودنا لإيجاد قريننا المثالى، أو توأم الروح كما يحلو للبعض تسميته، وتبدأ خارطة الحب فى التشكل منذ الطفولة، على أساس تجاربنا والناس الذين نواجههم فى المرحلة المبكرة من نمونا.
فى كتاب "النساء.. الوقوف على الدوافع الجنسية من الثأر إلى المغامرة" تأليف اثنين من كبار علماء النفس الدكتور ديفيد ام.باس والدكتور سيندى ام ميستون وترجمة أحمد الناصح، وصدرت ترجمته عن "المعقدين للنشر والتوزيع" محاولة لمناقشة موضوع مهم جدًا عن المرأة وحياتها وإجابة عن سؤال "لماذا تمارس النساء الجنس؟" ورغم أهمية الموضوع فإنه قليلا ما درس، واحد من أسباب إهماله يتلخص فى أن العلماء، وغيرهم، يفترضون أن الأجوبة واضحة بالفعل: لتذوق اللذة، للتعبير عن الحب، أو على المستوى البيولوجى الصرف للغريزة الجنسية، لأجل التكاثر.
والكتاب عبارة عن بحث استمر 5 سنوات تناول أكثر من 3 آلاف فرد، وذلك لكشف الغموض عن جنسانية النساء، على حد قول المؤلفين، اللذين يعملان فى قسم علم النفس فى جامعة تكساس فى مدينة أوستن الأمريكية.
فى البداية علينا معرفة أن المؤلفين نشرا من قبل مقالة بعنوان "لماذا يمارس البشر الجنس؟" وذلك فى أغسطس 2007، وفيه تراوحت الدوافع ما بين "كنت أشعر بالملل إلى أردت أن أقترب من الرب" ومن الإيثارى "أردت أن يشعر رجلى على نحو أفضل حيال نفسه" إلى الثأرى "أردت أن أعاقب زوجى على خيانته لى"، وبينما تمارس النساء الجنس ليشعرن بالسطوة، تمارسه أخريات لإذلال أنفسهن. وبينما تمارسه بعضهن لغرض إبهار أصدقائهن تمارسه أخريات بقصد إيذاء أعدائهن، فيما تعبر أخريات عن كراهية عمياء (أردت أن أصيب ذلك الشخص بمرض منقول جنسيا).. لكن كل هذه التبريرات لم تجب عن الـ"لماذا؟" التى تكمن وراء كل من الدوافع.
"لماذا تمارس النساء الجنس" يقدم هذا الكتاب استبصارات مع وصف دقيق مفصل للعلاقات الجنسية للنساء، والدوافع التى تحفز النساء لممارسة الجنس، والنظرية التى تفسر سبب وجود كل من هذه الدوافع فى سيكولوجية النساء.
يقول المؤلفان إن البحث كان يتحرك من عدد من الأسئلة المهمة منها: لماذا ترغب النساء فى بعض الصفات فى الرجل فيما تنفر من صفات أخرى؟ ما التكتيكات التى تستعملها النساء لاجتذاب الزوج جنسيًا؟ لماذا تدمج بعض النساء نفسيًا بين الحب والجنس؟ لماذا تمارس بعض النساء الجنس للاحتفاظ بالزوج، بينما تمارسه أخريات للتخلص من رجل غير مرغوب به؟
ويقول المؤلفان، النتيجة إنه مع كل سبب يدفع امرأة لممارسة الجنس، اكتشفنا نجاحات وإخفاقات، غالبًا ما كانت ممارسة الجنس ممتعة بشكل كبير، تعطى النساء إحساسًا بالمتعة، الحب، الترابط واستكشاف الذات.
ما الذى يثير النساء جنسيا؟: الرائحة، الجسم، الوجه، الحركة، الشخصية، حس الدعابة.
يرى المؤلفان أن الجاذبية الجنسية أكثر حياة، ابتداء بالحب من النظرة الأولى، إلى شرارة الحب التى تخلق علاقة تدوم أعواما. اذ تكسو، الجاذبية الجنسية قصص الحب العظيمة فى الأدب وفى السينما.
ويقول المؤلفان إن الافتقار إلى الجاذبية الجنسية كفيل بإفشال أى علاقة أو شراكة قبل أن تبدأ حتى، على أننا غالبًا لا نستطيع أن نصف بالضبط ما الذى يجذبنا إلى شخص آخر، وذكرت العديد من النساء فى الدراسة صفات مميزة جسمية أو معنوية (متعلقة بالشخصية) قد جذبتهن، على أن أخريات اكتفين بوصف دافعيتهن الجنسية بأبسط صورة: كنت منجذبة إليه.
ومع أن وجود المرأة بجوار زوجها لا يعنى بالضرورة أن شرارة جنسية ستقدح، الا أن الاحتكاك المتكرر (الى درجة ما) يزيد من الحتمالات، وجدت إحدى الدراسات أن تكرار التواصل الوجيز أى بما لا يزيد على 35 ثانية وجها لوجه، وإن لم يتضمن الحديث، قد زاد من التفاعل الإيجابى بين الشخصين.
ويرى الكتاب أنه كلما زاد تكرار رؤية شخص ما فى المرحلة المبكرة الحاسمة من التعارف، كانت استجاباتنا له إيجابية أكثر. لماذا؟ إننا نتعامل عادة مع أى شخص، أو أى شيء، غريب أو غير مألوف بمقدار ملحوظ من عدم الارتياح، إن لم نقل بدرجة معينة من القلق والترقب، ولكن مع التعرض، الرؤية، المتكرر، يقل شعورنا بالقلق، فكلما كنا أكثر ألفة كلما كانت قدرتنا على التنبؤ بسلوكه/ها أكبر، من ثم نشعر بارتياح أكبر فى جواره.
ما الذى يجذب المرأة فى الرجل؟
وجد باحثون فى جامعة براون، باستخدام وسيلة تدعى "مسح الجنسانية والمحفزات الحسية" أن النساء يقيمن رائحة الرجل على أنها أهم العوامل الحسية فى اختيار من يحببن، متفوقة على منظره (العامل التالى مباشرة) وصوته وملمسه".
وعلى العكس من ذلك فإن رائحة المرأة تبدو أقل أهمية ضمن مجمل جاذبيتها الجنسية بالنسبة للرجل. ربما يعود ذلك لكون حاسة الشم عند الرجال أقل حدة منها لدى النساء، أو ربما لأن المحفزات البصرية تهيمن على عوامل الإثارة الجنسية لدى الرجال.
تقول الدراسات إن رائحة الرجل تؤثر ليس فى اختيار الزوج فقط، بل أيضًا فى متى، وكم من المرات تريد ممارسة الجنس معه، وربما أيضًا فى فرصة حملها منه.
شىء آخر يحتل مكانة مميزة عند المرأة ويتعلق بجسد الرجل هو طول القامة، حيث تظهر الدراسات أن النساء يعتبرن الرجال طوال القامة جذابين جنسيًا، على أن ذلك إلى درجة محددة فقط، أطول من المعدل، ولكن ليس طولاً مفرطًا.
المهم أن الكتاب يبحث عن السبب وراء ذلك ويذهب إلى أن الرجال طوال القامة فى الثقافات التقليدية يميلون إلى أن تكون لهم مكانة أعلى، كما أن "الرجال الكبار" فى مجتمعات الصيد والالتقاط والذين يحظون بالاحترام والتبجيل هم رجال كبار حرفيًا من الناحية الجسمانية، وفى الثقافة الغربية، يميل الرجال طوال القامة لأن يكونوا ذوى مكانة اجتماعية اقتصادية أعلى من قصار القامة، وذلك كله يعنى أن طول القامة مؤشر على قدرة الرجل على الحماية، وتعبر النساء أنهن ببساطة يشعرن بأمان أكثر مع قرناء طويلى القامة.
هل يملك صوت الرجل جاذبية جنسية؟
إن المطربين ابتداء من ألفيس برسلى فى الخمسينيات والبيتلز فى الستينيات وجيم موريسون فى السبعينيات مرورًا بمغنى الراب المعاصرين مثل كانيه ويست، جى زى، وفيفى سينت، كانوا وما زالوا مشهورين بجاذبيتهم للنساء، لا شك أن جزءا من فتنتهم الجنسية يعود إلى شعبيتهم الواسعة والمكانة الاجتماعية التى يحظون بها، فهناك شيء ما فى أصوات الرجال، يسمع النساء همسا جنسيا.
الرقص أيضًا
تكشف الأبحاث أن النساء ينجذبن إلى حركات جسمانية معينة أكثر من الأخرى. وعرضت إحدى الدراسات على النساء صورًا لرجال يرقصون، وقد انجذبت النساء للرجال الذين يظهرون حركات على نطاق أو مجال أوسع، كذلك فقد قيمن هؤلاء الرجال بأنهم أكثر إثارة جنسيا، وكما تختلف وجوه الرجال عن بعضها فى درجة الرجولة، كذلك تتباين درجة الرجولة فيما بينهم فى مشياتهم.
الشخصية الجذابة جنسيًا
ليست الجاذبية الجنسية مسألة جسدين ينجذبان مغناطيسيا إلى بعضهما بحثًا عن التوافق، فبالنسبة لبعض النساء، تعادل الشخصية من حيث الأهمية، إن لم تكن تفوق، الجاذبية الجسدية، فى قدح الشرارة الجنسية.
والكتاب يكشف عن صفتين للشخصية تدفعان النساء لممارسة الجنس، حس دعابة جيد، وثقة عالية فى النفس.
كذلك فإن الشهرة تكون جذابة جنسيًا، وذلك لأن الشهرة تأتى غالبًا مترافقة مع علو المكانة الاجتماعية، وحيازة الموارد الكثيرة، وهناك جانب آخر "بيولوجى" فى المرأة يسميه علماء الأحياء "نسخ القرين" إذ تستخدم إناث أنواع حيوانية عديدة ما يسمى بالاختيارات الاقترانية للاناث الأخرى، حيث يفضلن التزاوج مع ذكر سبق أن تم اختياره من قبل أناث أخريات.
جانب آخر مهم فى عملية الجاذبية، حيث تتجاذب "الأشباه" بدلاً من ذلك. فقد أظهرت عدة دراسات، تشابهات جوهرية بين الأزواج وزوجاتهم، فى ما يتعلق بالموقف من الإيمان، الحرب، السياسة، وكذا تشابهات فى صحتهم البدنية، الخلفية العائلية، العمر، الاثنية، الدين، والتحصيل الدراسي، لكن لا شك أننا ننجذب إلى أناس يختلفون عنا.
وفى النهاية نقول، يمكن للعلم أن يفسر لماذا تنجذب النساء عموما إلى نماذج بعينها من الجسم والشخصية، لكن هل بإمكانه أن يفسر الاختلافات الدقيقة جدًا بين ما تجده كل واحدة من النساء جذابًا جنسيًا؟ فبعض النساء يروقهن الشعر الأشقر المجعد، وتفضل بعضهن الشعر الأسود القصير، فيما تنجذب نساء أخريات إلى الرأس الخالى من الشعر تمامًا. تفضل بعضهن الرجال ذوى الوجه الحليق تمامًا، وتفضل أخريات المنظر الأشعث غير الحليق، الذى يشبه وضعية المفيق من نومه للتو.