تتجه اليوم أنظار العالم نحو القمة الدولية، المنعقدة فى أول أيامها، بالعاصمة البولندية وارسو، برعاية أمريكية وبحضور ممثلون عن 60 دولة، لمناقشة مشكلات الشرق الأوسط، ونفوذ إيران المزعزع للاستقرار بحسب الخارجية الأمريكية.
ومن خلال المؤتمر ستعى الولايات المتحدة لحشد دولى وكسب تأييد أطراف جديدة حول رؤيتها للشرق الأوسط التى تتلخص بممارسة أقصى درجات الضغط على إيران وضمان أمن حلفاءها فى المنطقة.
فى طهران الأمر مختلف، فينظر صانع القرار الإيرانى إلى المؤتمر كونه حلقة فى سلسلة إخفاقات أمريكية على مدى الأربعين عام الماضية فى التعامل مع إيران، وقبيل ساعات من انطلاق القمة، قال الرئيس الإيرانى حسن روحانى، أن "مؤامرات القوى الكبرى وخاصة أمريكا، لا يمكنها ان تؤثر على إرادة شعبنا"،.. "إذا كان هناك أحدا يرغب فى التحاور مع إيران، فى إطار احترام البلاد والقانون واللوائح الدولية فنحن دائما أهل للحوار بعيدا عن الضغوط" ما يمكن اعتباره عرضا إيرانيا جديدى على واشنطن، وإلقاء الكرة فى ملعب الرئيس دونالد ترامب.
إعلام طهران، أيضا عبر عن الغضب الذى يعترى صانع القرار الإيرانى من المؤتمر، الذى سيضع طهران بين فكى الصقور الأمريكية، التى رفع مرشدها الأعلى فى الذكرى الأربعين لثورتها شعار الموت لهم "وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومى جون بولتون".
وأبدت الصحف الصادرة اليوم، الأربعاء اهتماما بالغ بالقمة، وقالت صحيفة "تجارت" سيرك وارسو نموذج للإفلاس الأمريكى، كما كتبت صحيفة "جوان" المتشددة التابعة للحرس الثورى، مانشيتها، سيرك وارسو بلا مذاق، واصفة إياه بالاستعراض المناهض لإيران.
وتقول تقارير رغم أن الاجتماع يجرى فى الاتحاد الأوروبى، إلا أن كبرى القوى الأوروبية ستخفض تمثيلها فيه باستثناء بريطانيا التى ستوفد وزير خارجيتها جيريمى هانت، الذى أشار إلى أن أولوياته تتمثل بالتطرق إلى الأزمة الإنسانية التى تسببت بها الحملة العسكرية فى اليمن، وبررت مسؤولة العلاقات الخارجية فى الاتحاد الأوروبى فيديريكا موجيرينى عدم حضورها بارتباطها بالتزامات مسبقة لكنها ستلتقى بدلا من ذلك بومبيو فى بروكسل وهو فى طريقه إلى الولايات المتحدة، الأمر الذى يشكك فى تأثير المؤتمر على السلوك الإيرانى.
وحتى مضيفة المؤتمر بولندا، والتى تسعى لتعزيز علاقاتها بالولايات المتحدة أمام تنامى النفوذ الروسى، أكدت من جانبها أنها لا تزال ملتزمة موقف الاتحاد الأوروبى الداعم لاتفاق 2015 الذى تفاوض عليه الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما لتخفيف العقوبات على إيران مقابل فرضها قيودا على برنامجها النووى.
ومن غير المنتظر أن يخطو المؤتمر خطوة نحو طهران أقوى من زيادة ممارسة الضغوط عليها وتكوين حلف مناهض لسلوكها فى ظل تمثيل أوروبى ضغيف وتمسك من قبل الشركاء الأوروبيين لطهران بالحفاظ على الاتفاق النووى المبرم فى 2015 وانسحبت منه واشنطن فى مايو 2018، فقبيل ساعات رفع الكثيرون سقف توقعاتهم من نتائج المؤتمر، ورد برايان هوك المبعوث الأمريكى والمكلف بإدارة "فريق عمل حول إيران"، نافيا خيار الحرب ضد طهران، قائلا: "لا نخطط لشن حرب على إيران.. نقف إلى جانب الشعب الإيرانى لكن حكومته تعمل عكس ذلك وكلفت شعبها الكثير" مؤكدا على أن تجاربها الصاروخية تزيد من خطورة اندلاع نزاعات فى الشرق الأوسط.