مثل العاصفة التى تأبى أن تهدأ، تعود قضية التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية مرة جديدة وليست أخيرة بالتأكيد إلى صدارة المشهد السياسى الأمريكى بعدما أعلنت قاضية فيدرالية أمس، الأربعاء أن بول مانافورت، المدير السابق لحملة دونالد ترامب قد تعمد الكذب على المحققين وهيئة محلفين فيدرالية وعلى "الإف بى أى" فى إطار التحقيق الذى يجريه المحقق الخاص روبرت مولر بشأن التدخل الروسى وما إذا كان هناك تواطؤ من قبل حملة ترامب مع الروس.
وبعدما أدان القضاء مانافورت فى أغسطس الماضى بتهمة الاحتيال الضريبى والمصرفى وعدم الكشف عن حسابات مصرفية بالخارج، عقد الأخير اتفاقا مع الإدعاء يقضه بتعاونه مع تحقيق مولر مقابل التخفيف من عقوبته، إلا أن روبرت مولر قال فى أواخر العام الماضى إن مانافورت كذب خلال استجوابه. وأكدت القاضية الفيدرالية إيمى جاكسون أمس، أنها وجدت أدلة كافية على كذب مانافورت وخرقه لاتفاق تحفيف العقوبة عليه وتعمده تضليل المحققين بشأن علاقته بشخص يدعى كونستاتنين كيليمنيك، الذى يعتقدون أنه على صلة بالاستخبارات الروسية.
وتقول شبكة "سى إن إن" الأمريكية إلى أن الأزمة القانونية الأخيرة لمانافورت تعمق الدسيسة الرئيسية التى يدور حول تحقيق مولر، وهو لماذا تم الإيقاع بالعديد من مساعدى ترامب وهو يكذبون بشأن اتصالاتهم مع الروس.
ولفتت الشبكة إلى أن الأكاذيب تتعلق بمسائل مرتبطة بالتحقيق الأوسع الذى يجريه مولر والذى يبحث عما إذا كان هناك أية صلات أو تنسيق بين حملة ترامب والمحاولات الروسية للتدخل فى الانتخابات.
وترى الشبكة الأمريكية أن الكشف الأخير المتعلق بمانافورت من شأنه وحده أن يهز أى رئاسة، نظرا للدور الكبير الذى قام به فى حملة ترامب. لكن بالنسبة للبيت الأبيض، فبعد عامين من الأمور المذهلة التى تم الكشف عنها، فإن هذا التطور مجرد خبر سيئ جديد سيزيد من الأجواء المحمومة ويكثف الضغط على الدائرة المقربة من الرئيس.
وتذهب "سى إن إن" إلى القول بأن مولر لم يقدم أى أدلة على وجود مؤامرة أو تعاون بين حملة ترامب والروس، رغم إدانة مسئولين سابقين مقربين من الرئيس الأمريكى. إلا أن التطور الأخير سينظر إليه من منظور مختلف نظرا للأكاذيب الكثيرة والتغيير فى الروايات والتشويه الذى قام به من مقربون آخرون من ترامب غير مانافورت.
فعلى سبيل المثال أنكر مستشار الأمن القومى الأسبق مايكل فلين اتصالاته مع السفير الروسى السابق سيرجى كيسلياك، كما غير نجل الرئيس دونالد ترامب جونيور روايته بشأن لقائه مع محامية روسية وعدت بتقديم معلومات مشينة عن هيلارى كلينتون، المنافسة الديمقراطية لترامب فى انتخابات 2016، ناهيك عن تحريفات ترامب نفسه عن مشروعه لبناء برج ترامب فى موسكو.
ورغم أن هذه الأنشطة قد لا تكون غير قانونية بالضرورة، لكنها تزيد صعوبة فهم محاولات التستر المستمرة من قبل من يقوم بها.
من ناحية أخرى، رأت "سى إن إن" أن حكم القاضى بشأن مانافورت البالغ من العمر 69 عاما، يمثل مأساة شخصية للرجل الذى كان قد استطاع أن يجنى الملايين من رسوم الاستشارة التى كان يقدمها قبل انضمامه لفريق ترامب.
وكا ترامبلم يستبعد فكرة العفو عن مانافورت العام الماضى، وقال رغم أن هذه الفكرة لم يتم مناقشتها أبدا من قبل لكنه غير مستبعدة.