شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الاتحاد الإفريقى، ورئيس رومانيا، الرئيس الحالى للاتحاد الأوروبى، فى الجلسة الرئيسية لمؤتمر ميونيخ للأمن صباح اليوم والمخصصة لأفريقيا وأوروبا.
وقال السفير بسام راضى المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس السيسى أكد خلال الحوار الذى شهدته الجلسة أن التعاون بين الدول العربية والأوروبية هو تعاون ممتد عبر التاريخ بحكم الجوار الجغرافى والصلات الممتدة والعلاقات المتشابكة، وهو الأمر الذى جعل أوروبا أكبر شريك للمنطقة العربية، وهناك إمكانيات كبيرة لتعميق التعاون على مختلف الأصعدة وفى شتى المجالات.
وأشار الرئيس إلى أن هذا التعاون بين المنطقتين العربية والأوروبية يعد أمراً مهما، فعدم الاستقرار فى المنطقة العربية يؤثر على أوروبا، والعكس أيضاً صحيح، وعلى سبيل المثال فإن الأزمات التى مرت بها بعض الدول العربية، التى أدت إلى تفاقم ظاهرة المهاجرين غير الشرعيين، أثرت بشكل مباشر فى استقرار الدول الأوروبية، ومؤدى ذلك أن هناك حاجة فى المرحلة الحالية إلى مزيد من التواصل والتنسيق بين الجانبين لإيجاد أرضية مشتركة لمعالجة المشكلات والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، ولهذا تعد القمة العربية الأوروبية فى شرم الشيخ فرصة وخطوة مهمة فى هذا الاتجاه، وسيعقبها العديد من الخطوات الأخرى.
وحول مكافحة ظاهرة الإرهاب، أكد الرئيس أنه كان أول رئيس دولة إسلامية يطالب بتصويب الخطاب الدينى، خاصة وأن شتى الدول تعانى من الخطاب الدينى المتشدد ليس فقط الدول العربية أو الإسلامية بل العالم بأسره.
وشدد الرئيس، على ضرورة أن ينتبه العالم لتلك الظاهرة، ففى عام 2014 طالب سيادته بضرورة التعامل بحسم لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعى وأنظمة الاتصال الحديثة فى نشكر الفكر المتطرف، وتجنيد العناصر واستخدامهم لإيذاء العالم، وهو الطلب الذى لم يتم التفاعل معه بالشكل المناسب على الصعيد الدولى، وفى التقدير فإن الفكر المتطرف سيظل يساهم فى تفشى ظاهرة الإرهاب ما لم تتم إجراءات دولية حاسمة لتقويضه.
وأكد الرئيس: "أننا فى مصر مواطنون، لا فرق بين مسلم أو مسيحى، فكلنا أشقاء"، مشيراً إلى إنشاء أكبر كاتدرائية فى الشرق الأوسط فى العاصمة الإدارية الجديدة، وكذلك مراعاة إنشاء الكنيسة والمسجد فى مختلف المدن الجديدة الجارى إنشاؤها، كما أوضح الرئيس أن ترسيخ ممارسات قيم التسامح والعيش المشترك أقوى بكثير من الكلمات والخطب.
وأشار الرئيس إلى أن الكثير فى العالم لا يتفهم ما يحدث فى مصر، واعتقدوا أن ما حدث فى 2013 كان عكس إرادة المصريين، رغم أن أكثر من 30 مليون مصرى خرجوا للشارع رافضين الحكم الدينى، وأكد أن فى كل مرة تغيب فيها مؤسسات الدولة الوطنية تظهر تلك الجماعات المتطرفة لمحاولة القفز على السلطة.
وأشار الرئيس إلى أن الإرهاب ظاهرة تحتاج إلى تكاتف المجتمع الدولى، من خلال مقاربة شاملة لا تقتصر على البعد الأمنى فقط بل والسياسى والاقتصادى والاجتماعى والفكرى الدينى كذلك.
وحول أولويات السياسة المصرية، أشار الرئيس إلى أن موقع مصر الاستراتيجى قد جعلها حلقة وصل بين المنطقة العربية بأفريقيا، وتصل العالمين العربى والأفريقى بأوروبا عبر البحر المتوسط، ويعنى ذلك من الناحية الاستراتيجية أن الأمن القومى المصرى يؤثر ويتأثر بالاستقرار بكل ما يحدث فى هذه الدوائر الثلاث.
ومن هنا فإن الانخراط المصرى النشط فى تسوية أزمات المنطقة، والعمل على تحقيق الاستقرار، لا يعكس فقط الالتزام المصرى بمسئولية تاريخية تجاه الأشقاء والجيران، وإنما يعد جزءاً أساسياً فى عملية تحقيق الأمن القومى المصرى.
وقال أنه على سبيل المثال، تسبب انهيار المؤسسات الوطنية فى إحدى الدول إلى تأثر أوروبا، كما تأثرت مصر بشدة من هذا الأمر، ومنذ بدء الأزمات فى عدد من الدول المجاورة نقوم بإجراءات أمنية مكثفة ومكلفة للغاية، كما تستضيف مصر الملايين من اللاجئين يعيشون بين المصريين، وليس فى معسكرات للاجئين.
وأشار الرئيس إلى أن مصر حذرت من انتقال المقاتلين الأجانب من سوريا بعد انتهاء الأزمة هناك إلى مناطق آخرى، الأمر الذى يطرح سؤالاً مهما، حول من يقوم بتحريك المقاتلين الأجانب من دولهم إلى منطقتنا، ومن يمدهم بالسلاح والأموال ويدعمهم سياسيا.
وأضاف الرئيس أن التشخيص المصرى لمصادر عدم الاستقرار فى المنطقة واضح، فالمشكلة الأصلية تكمن فى التراجع والانهيار الذى أصاب مؤسسة الدولة الوطنية فى عدد من المناطق المجاورة لمصر، وحل هذه الأزمات يقوم على إعادة بناء مؤسسات الدولة الوطنية، وتمكينها من أداء مهماتها الأمنية والتنموية، ومواجهة الإرهاب بشكل حاسم لا هوادة فيه.
وأكد السيسى أن المقاربة المصرية للأزمات المختلفة التى تمر بها دول المنطقة وبعض الدول الأفريقية، تستند إلى التمسك بالعملية السياسية والحفاظ على وحدة الدولة وسلامة أراضيها ويصون مؤسساتها، حيث تلعب مصر دورا داعما للحل ولاستعادة الأمن، ليس فقط من باب المسئولية التاريخية فى التضامن مع الأشقاء ومساعدتهم، وإنما أيضاً لأنه مختلف هذه الأزمات تمس بشكل مباشر الأمن القومى المصرى.