بمبانيها الفخمة وشوارعها وتنظيمها كانت مدينة "تدمر" السورية العاصمة التجارية للبلاد وواحدة من أهم المدن السياحية وأكثرها ازدهارا، حيث كانت آثارها تدعو للتأمل والدهشة والفخر بعظمتها وضخامتها، ولكن كل ذلك شارف على الموت حينما دخلت قوات داعش الإرهابية المدينة التاريخية، وسعت فيها تدميرا وفسادا، حتى حولتها من أهم المدن والممالك التجارية التى تتمتع بمعاملاتها مع كافة الحضارات المعاصرة لها فى الشرق والغرب، لمدينة يسكنها الأشباح ويعتريها الخراب والدمار، واليوم وبعد تحرير الجيش السورى للمدينة الأثرية، يظل السؤال الأهم: من يضمد جراح تدمر؟ وكيف سيتم ذلك؟
80% من الآثار غير مدمرة:
بالرغم من الأضرار الكبيرة التى أصابت الأماكن الأثرية فى المدينة، إلا أنه وحسب تصريحات المسئولين فإن 80 فى المئة من آثار المدينة "بخير" بينما تبقت 20% من الآثار بين المدمر كلياً وجزئياً وآخرى تحتاج فقط إلى إعادة ترميم.
ومدينة تدمر كلها مسجلة كأثر تاريخى فى اليونسكو، إضافة إلى وجود عدد من الآثار التاريخية فيها، التى تتمتع بتنوع ثقافى وحضارى، وتعد شاهداً على الحضارات الفينيقية والآشورية، وحضارة وادى النيل، وكثيراً من هذه المعالم تم تدميره على يد داعش، التى تخلصت منها بحجة أنه حرام وليست من الإسلام فى شىء.
الترميم يحتاج إلى 5 سنوات على الأقل:
من جانبه، أعلن المدير العام للآثار والمتاحف السورية مأمون عبد الكريم لوكالة فرانس، أن ترميم الآثار المتضررة والمدمرة فى مدينة تدمر المدرجة على لائحة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) للتراث العالمى "يحتاج إلى خمس سنوات".
وقال "عبد الكريم" غداة طرد الجيش السورى لتنظيم الدولة الاسلامية من تدمر فى وسط البلاد، إذا حصلنا على موافقة منظمة اليونيسكو، فسنحتاج إلى خمس سنوات لإعادة ترميم الآثار التى تضررت وتعرضت للدمار على أيدى تنظيم الدولة الإسلامية، الذى كان يسيطر على المدينة منذ شهر مايو الماضى.
وأضاف "لدينا الموظفون المؤهلون والخبرة والدراسات، ومع موافقة المنظمة، نستطيع بدء أعمال الترميم خلال عام".
استبدال قوس النصر الأصلى بتقليد:
وبعد تدمير داعش لقوس النصر الشهير فى المدينة، الذى ذهب ولن يعد مهما تم عمل نسخ مشابهة له، أعلنت مجموعة من العلماء البريطانيين عن صناعة شبيه لقوس النصر التدمرى الذى يزن أكثر من 12 طناً وهو مطابق للنسخة الأصلية على أن يعرض فى ساحات لندن ونيويورك قبل نصبه فى مدينة تدمر، لأن هذه الخطوة تعد دليلا واضحا على اهتمام دول العالم بهذه المدينة التى يعود تاريخها إلى أكثر من 2000 سنة .
متحف الإرميتاج الروسى يعرض المساعدة:
وفى نفس الإطار، أعلن "ميخائيل بيوتروفسكي" المدير العام لمتحف الإرميتاج الروسى المعروف عالميا أن المتحف مستعد للمساعدة على وضع مشروع لترميم آثار مدينة تدمر السورية بعد طرد "داعش" منها، وقال رئيس الإرميتاج إنه يجب تقييم الخسائر التى ألحقت بآثار تدمر، مؤكدا أن المتحف الروسى باعتباره أكبر مؤسسة علمية متخصصة فى هذا المجال مستعد لمناقشة مختلف مشاريع الترميم.
صمت عربى نحو آثار وطنهم:
ومن الجانب العربى سادت حالة من الصمت على الدول العربية فى المنطقة، حيث لم تعلن أى دولة منهم حتى الآن - ولا حتى جامعة الدول العربية - نيتها المساعدة بأى شكل من الأشكال فى ترميم هذا التراث الإنسانى العربى الذى تعرض لسنوات من التدمير.