مئات الآلاف من حالات العقر من الكلاب الضالة للأطفال والمواطنين أثناء سيرهم فى الشوارع، ووفاة العشرات، نتيجة لعقرهم من كلاب مُصابة بالسعار وتأخر حصولهم على المصل للعلاج، ذلك ما عادة ما تعلنه الهيئة العامة للخدمات البيطرية، التابعة لوزارة الزراعة بشكل سنوى، ولا حل للمشكلة، خاصة لتفرق المسئولية لمواجهة الكلاب الضالة بين عدة جهات.
ورصدت تقارير وزارة الزراعة، زيادة فى عدد حالات العقر الآدمية بسبب الكلاب الضالة خلال أربعة أعوام، بإجمالى مليون و392 ألف حالة عقر، و231 حالة وفاة خلال الفترة من 2014 وحتى 2017، حيث بلغ عدد حالات العقر لعام 2014 بلغت 300 ألف حالة، وارتفعت إلى 324 ألف حالة عقر عام 2015، ووصلت إلى 370 ألف حالة عقر عام 2016، حتى بلغت 398 ألف حالة العام الماضى، أما حالات الوفاة فبلغت 52 حالة وفاة، عام 2014، ارتفعت إلى 55 حالة وفاة عام 2015، ووصلت إلى 59 حالة وفاة، بينما بلغت العام الماضى 65 حالة وفاة بسبب عقر الكلاب.
وأكدت أن اجراءات مكافحة الكلاب الضالة، تتم طبقا للقانـــون 53 لسنة 1966 ولائحتـه التنفيذية بالقرار الوزاري رقم 35 لسنة 1967 حيث تنص المادة ( 3) بضرورة أن تكون جميع الكلاب مكممة ومقودة بزمـــام أثناء سيرها فى الطرق، والأماكــــن العامة بالمدن والا جــاز ضبطها وإعدامها، موضحه أن انتشار الكلاب الضالة مشكلة مجتمعية تتطلب التعــــاون والتنسيق بين عدة جهات، لافته إلى أن الأماكن المهجورة وتراكم القمامة العامل الرئيسى فى تكاثر ها وانتشار ها.
الدكتور الحسينى محمد عوض، عضو مجلس نقابة الأطباء البيطريين، مقرر لجنة حقوق الحيوان، أكد أن الكلاب الضالة لا يتوقف خطرها عند عقرها للمواطنين، بل أنها تساهم فى نقل الأمراض الوبائية المشتركة بين الإنسان والحيوانات، مثل البروسيلا أو مرض "الاجهاض المتكرر"، ومرض السل، والعديد من الطفيلات، مثل: طفيل الحويصلات الهوائية والمائية، موضحا أن أخطر الأمراض التى تنقلها الكلاب الضالة، هو مرض السُعار، والذى يروع المواطنين، ويصيب المارة بالذعر، ويعرض الأطفال للخطر أثناء انتقالهم لمدارسهم والمواطنين أثناء تنقلهم فى حياتهم اليومية.
وأوضح الحسيني، أن إحصائية الكلاب الضالة فى مصر فى 2012، أكدت وجود أكثر من 15 مليون كلب ضال، وإحصائية أخرى لوزارة الصحة لعام 2017 أكدت أن عدد المعقورين من الكلاب الضالة وصل إلى 370 ألف شخصا فى عام واحد فقط، هذا بخلاف الخسائر فى الثروة الحيوانية والتى تموت أو ينتقل إليها الأمراض بواسطة الكلاب الضالة فتقوم بدور العائل الوسيط الذى ينقل المرض لحيوانات الحقل من حيوان لأخر ومن الحيوانات للإنسان مثل مرض البروسيلا، مؤكدا أنه طبقا لاحصائيات وزارة الصحة، فإن حالات الوفاة فى 2017 للبشر فى مصر وصلت إلى 65 حالة بسبب مرض السعار، مما كلف وزارة الصحة وطبقا لاحصائياتها 130 مليونا للأمصال واللقاحات لمقاومة حالات العقر.
وأوضح أن مديريات الطب البيطرى، تستقبل الآلاف من الشكاوى من المواطنين وتستخدم الخرطوش فى الحالات الخطيرة، ومادة سلفات الاستركنين لمقاومة ومكافحة الكلاب الضالة إلى ما يقرب من نصف مليون كلب ضال سنويا، مشيرا إلى أن هذا الرقم ضعيف ولا يؤدى لنقص بمعدلات انتشار الكلاب الضالة فى الشوارع نهائيا، قائلا: المشكلة ليست مشكلة الطب البيطرى وحده ولكنها مشكلة مجتمعية.
وتابع: مادة الاستركنين ليست مادة سامة، وتستخدم كمادة منشطة لخيل السباق، واثبتت الدراسات واللجان العلمية التى تقوم بها هيئة الخدمات البيطرية، أنه لا توجد مادة أخرى بخلاف تلك المادة، مشيرا إلى أنه فى حالة عدم إعطاء الشخص المعقور، والذى أصيب بالسعار للمصل يموت فورا وليس له علاج، وإذا كانت الاصابة وحالة العقر قريبة من الرأس والجهاز العصبى تحدث حالة الوفاة فورا، وإذا كان العقر فى أنحاء بعيدة عن الجهاز العصبى وتم التوجه بالحالة للمستشفى فورا واخذت الحالة المصل فورا واللقاح لخمس جرعات متتالية تشفى الحالة، مؤكدا أن المصل تكلفته مرتفعة، بخلاف الحيوانات الحقلية التى تموت بحالات العقر.
فيما أكد الدكتور على سعد على الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء البيطريين، فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، أن أفضل الطرق العالمية للتخلص من مشكلة الكلاب الضالة، هو "التعقيم أو الإخصاء"، مشيرا إلى أن جمعيات الرفق بالحيوان تُفضل تلك الطرق لأنها لا تقتل الحيوان، لكنها تقلل من معدلات تكاثره وتحد من أعدادها، مؤكدا أنها صعبة التطبيق لحاجتها إلى أطباء جراحة الحيوانات، ومتخصصون للعلاج ورعاية ما بعد العمليات، وأماكن مجهزة لإجراء العمليات، بالإضافة إلى صائدين، مشيرا إلى أن الاستركنين، ليست الطريقة المثلى للتخلص من الحيوانات الضالة.
واقترح الدكتور طارق مسك، عضو مجلس نقابة الأطباء البيطريين السابق، رئيس لجنة حقوق الحيوان، تخصيص مأوى بالمحافظات للحيوانات الضالة للحد من انتشارهم، خاصة فى ظل اعتراض جمعيات الرفق بالحيوان، استخدام سم "الاستركنين"، مشيرا إلى أنها مادة محرمة دوليا ويصيب الحيوان بتشنجات، مؤكدا أن ضرب النار ليس حل قاطع أيضا.
من جانبها، قالت دينا ذو الفقار الناشطة فى مجال حقوق الحيوان، أن الاعتماد على مادة الاستراكنين السامة، لمواجهة الكلاب الضالة، إجراء غير علمى، مشيرة إلى أنها مادة ضارة بالبيئة بشكل عام والإنسان، حال استنشاقه أو بلعه أو لمس الحيوان بعد حقنه بها، مطالبة بضرورة تطبيق المنهج العلمى فى التعامل مع تلك المشكلة والمطبقة عالميا طبقا لمنظمة الصحة العالمية للحيوان، وهى:"التوعية والتطعيم، وليس التعقيم".