عبر الأثير جاء صوتهم فى كلِ بيت.. وبموجات الراديو انتقل نغمهم من أذنٍ لأخرى..وعلى شاشات التلفاز استقرت صورتهم فى أذهاننا..وفى القلوب سكن مديحهم.
ينشدون للمصطفى فنردد "يا الله".. تكامل بين ذِكر المختار وانطلاق الآهات بتَذَكُر الخالق، تُعبِر كلمة "الله" فى نفوسنا عن الجمال فى كل صورِه، وما أجمل من ذكر سيدِ الخلق حين يُقال.
وهبوا حياتهم لملكوت النبى، فأقبلوا على الناس غير مبالين بشهرة أو جاه، مرددين، فى حب طه، أبياتٍ وابتهالات، فتلقاهم المستمعون بأنهمُ الأحق بالشغف بالانتباه، بانطلاق الصيحات المكبرة عند نهاية النغمات.
شيخ المنشدين وإمامهم.. النقشبندى "قيثارة السماء"
البعض يخاف من صوته لشدة مهابته، لشدة قوته واتصاله بالسماء..خشوعٌ مهيبٌ يحوم حول مستمعيه حين يتفوه بالكلمات.. الشيخ سيد محمد النقشبندى، شيخ المندشين جميعًا وإمامهم، والملقب بـ"قيثارة السماء"، والذى عانق صوته أذهان محبى الرسول طيلة سنوات دون انقطاع، يكفى أنه أول من يمر فى العقول عند تذكر الابتهالات والمديح، يقولها برفقة الموسيقى أو بدونها، فى مكان تسجيل الصوت أو فى المسجد، فى أى مكان وبأى حالة، نجد النقشبندى مستغرقًا فى ملكوت الحبيب.
"الكوكب الأرضىّ حين وطئته..أمسى حصاه يتيه فوق الأنجم"
الكحلاوى.. رؤية الرسول تغير مساره ولقبه "مداح النبى"
قصد محمد مرسى عبداللطيف الكحلاوى الزهدَ فى حياة الفن، وإن كان البعض قد وصفوه بالـ"تائب" فإن الكحلاوى لم يَتُب عن الغناء والموسيقى، بل تاب عن نوعٍ بعينه منه، مُكرِسًا بقية عمره للمديح، إلى أن اقتنص لقب "مداح النبى" من الأزهر الشريف، رؤية الرسول فى منامه دفعته دفعًا نحو الابتهالات والأغانى الدينية، والتى بدأت بأغنية "حب الرسول" التى وصف فيها ما جاء فى رؤيته.
"جانى فى منامى يابا لبسنى توب..دوبنى دوب"
200 ابتهال لـ"طوبار"..كروان الإسلام
من قاعة ألبرت هول الملكية بلندن إلى مساجد المحروسة.. لم يبخل الشيخ نصر الدين طوبار بوقتٍ أو جهدٍ ليقدم الابتهالات، التى اقترب عددها من مائتى ابتهال كرمته بلقب "كروان الإسلام"، قدم من خلالها صورة لتضرع العبد لربه، تكاد أن تنخلع القلوب لسماعها، فهو من قال ''بك أستجير فمن يجير سواك..فآجر ضعيفا يحتمى بحماك''، ولم يكن مديح الرسول ببعيد عن الكروان، الذى وصف مولد المصطفى فى أبياتٍ رائعة مشبهًا إطلالة فجر الرسول بأنها "قبسٌ من الرحمن".
"قبس من الرحمن لاح فلم يدع لألآه فوق البسيطة موضعا"
ياسين التهامى..قائد الموالد
كالقائد يقف الشيخ ياسين التهامى فوق منصة احتفالات القرى والمدن بالمناسبات الدينية، بإشارة منه ونغمة من قيثارته وتنهيدة من حنجرته يميل ذاكرى الله والدراويش، يؤكد فى كل حفلٍ أنه يأتى للدراويش، لمن يميل بجسده يمينًا ويسارًا، لمن ينفعل بجسده مع ذكر سيد الخلق، فالإيقاع جزء أساسى من أجزاء أسطورة التهامى لدى محبيه، وجزء من طريق ابنه محمد التهامى نحو النجاح فى تكرار ما حققه أبيه.
"وإذا ذكرت يا حبيبى أطيب..من كثرت الأذكار قلبى هائما"
"من يوم مولده والكون مبتسم.. فقد تجملت الدنيا بصورتهِ"
الهلباوى ونجله فى طريقِ حب الشفيع
يتسلل الشيخ محمد الهلباوى إلى داخل النفوس بصوتٍ رقيقٍ، معتمدًا على طبقاتٍ صوتيةٍ رقيقة خافتة، غير مبال بارتفاع الصوت الذى يلجأ إليه أغلب المنشدين، فالإحساس بالكلمة لب شهرته.
وعلى خطى والده، يسير على الهلباوى، شابًا يتخذ من الغناء موهبةٍ، يقدم العديد من الألوان الغنائية، إلا أنه يتخذ هيئةٍ خاصة عندما ينشد كوالده، يذكر الرسول فى جلساته الدينية مع الشباب فيتواصل معهم بمفهومهم وبما تعلمه من الهلباوى الكبير.
"وضمَّ الإلهُ اسمَ النبى إلى اسمهِ..إذا قَالَ فى الخَمْسِ المُؤذِّنُ..أشْهَدُ"
"صلى يا رفيع الزين نبينا جد الحسين"