تحتل فكرة "القيامة" مكانة بارزة في الفكر المسيحي إذ يعتبر الإيمان بقيامة المسيح أساسًا للإيمان بالعقيدة كلها، ومن ثم فإن كل ما ارتبط بهذا المعنى من طقوس وعبادات وممارسات له طبيعة خاصة، فصوم القيامة هو الصوم الكبير لمدة 55 يومًا، وعيد القيامة أيضًا من الأعياد الكبرى أما الأسابيع التي تسبق العيد فلكل يوم فيها معنى ومكانة تقرأ فيها صلوات خاصة ترمز لقصص أساسية في العقيدة المسيحية، تروى من خلالها الكنائس تعاليم مقدسة تحفظ بها الإيمان وتنقله من جيل إلى جيل.
ماذا تعنى فكرة القيامة عند المسيحيين؟
على الرغم من كل هذه الرمزية التي تحملها فكرة القيامة بالنسبة للمسيحيين، إلا أن الكنائس المختلفة والطوائف المسيحية لا تستطيع الاحتفال بعيد القيامة في نفس اليوم، إذ يبدأ الصوم الكبير لدى الكنائس الغربية قبل أسبوع من بدايته لدى الكنائس الغربية وهو ما يترتب عليه اختلاف موعد العيد أيضًا.
لماذا اختلفت مواعيد الاحتفال بالعيد عند المسيحيين؟
فى مصر، تبدأ طوائف الأرمن الكاثوليك واللاتين والكلدان والموارنة وهى الطوائف التي تتبع التقويم الغربي، في الـ28 من فبراير الجارى، بينما تبدأ الكنائس التي تتبع التقويم الشرقى صومها في الرابع من مارس المقبل.
يشرح المطران منير حنا، مطران الكنيسة الأسقفية بشمال أفريقيا والقرن الأفريقي ، فكرة اختلاف مواعيد الاحتفال فيقول:ترجع اختلاف مواعيد الاحتفال إلى القرن الرابع الميلادي حين اتفق المسيحيون أن يعيّدوا للفصح المجيد أو عيد القيامة بعد اكتمال القمر والاعتدال الربيعى الذى هو اليوم الذي يكون فيه طول النهار مساوى لطول اليل تماماً، الإنجيل يؤكد أن قيامة المسيح كانت قريبة من عيد الفصح اليهودى، وتم الاحتفال بالفصح اليهودى فى اليوم الأول لاكتمال القمر بعد الاعتدال الربيعى، وبالتالي كان عيداً متحركاً أي غير ثابت.
ويوضح المطران: في القرن السادس عشر حلّ التقويم الغريغوري محل التقويم اليولياني في العالم، واحتاج هذا الأمر الى زمن لتتبناه البلدان في العالم ومع ذلك، فما تزال الكنائس الأرثوذكسية فى العالم تستخدم التقويم اليولياني حتى اليوم في حساباتها للاعتدال الربيعى، ولاكتمال القمر الذي يتبع ذلك ولهذا السبب يتم حساب يوم عيد الفصح بأيام مختلفة، ومنذ هذا التاريخ تحاول الكنائس المختلفة توحيد الاحتفال بعيد القيامة بين الشرق والغرب كبداية للوحدة بين المسيحيين.
مطران الأرمن الكاثوليك: نتمنى من الكنائس الاتفاق على فكر المسيح وجوهر تعالميه
أما الأنبا كريكور كوسا ، مطران الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية التى تحتفل بعيد القيامة وفقًا للتقويم الغربى، أوضح أن الأمر يرجع فقط لاختلافات في التقويم وليس في اللاهوت أو الدين فالتقويم الجريجوري أو الميلادي المعمول به في كل دول العالم، ويبدأ الربيع يوم 21 مارس والتقويم اليولياني يبدأ فيه الربيع يوم 3 أبريل ونسميه بالتقويم الشرقي رغم إنه غربي ولكن الشرقيون حين طبقوه نسبوه لأنفسهم ونزعوا عنه جذوره إذ يسمى يولياني نسبة ليوليوس قيصر.
وتابع الأنبا كريكور كوسافي ، تصريحات خاصة لـ"انفراد" : في يوم الأحد الأول بعد اكتمال القمر يتم الاحتفال بعيد القيامة في التقويمين وبما إنهما قد اختلفا فى تحديد موعد الربيع فإن العيد صار مختلفًا، ونتمنى الاتفاق بالكنائس حول جوهر لاهوت وفكر السيد المسيح ، مضيفا وبعض الكنائس تنشغل بالتفاصيل الحسابية عن الجوهر معربا عن أمله في توحيد مواعيد الاحتفال تطبيقا لرغبة السيد المسيح الذى قال" يارب أجلعهم أن يكونوا واحدًا"
آحاد الصوم المقدسة.. لكل أسبوع قصة وهدف
خلال أسابيع صوم القيامة، يحمل كل أحد اسما محدد، لكل منه قصته ورمزيته
أحد الكنوز :وفيه يقدم المسيح أمثلة كثيرة على القناعة والرضا بالقليل والاكتفاء بالموجود حيث ينصح قائلاً “لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل أكنزوا لكم كنوزًا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون”.
أحد التجربة: يجب التغلب في هذا الأحد على شهوات النفس والجسد وذلك من خلال الصلاة والتسبيح والثقة والإيمان بالله وعدم الاستماع إلى صوت الشيطان.
أحد الأبن الضال: وفي هذا الأحد تقدم الكنيسة مثالاً للأبن الضال الذي عانى كثيراً عندما تبع الشيطان وعاش في حياة العري والذل ولكنه عاد مرة أخرى وقدم توبة حقيقية وصادقة إلى الله.
أحد السامرية: وفي هذا الأحد تقدم الكنيسة مثالاً أخر للتوبة وهي المرأة السامرية.
أحد المخلع:وتبرز الكنيسة في هذا الأحد قوة كلمة الله كما تدعو إلى ضرورة التمسك بنصوص الإنجيل.
أحد التناصير: جرت العادة أن يتم تعميد الأشخاص الداخلين في الإيمان المسيحي خلال هذا الأحد.
أحد الشعانين:هو بداية تعذيب وصلب السيد المسيح من قبل اليهود.
أحد القيامة: هو الأحد الذي قام فيه السيد المسيح من بين الأموات كما جاء في النصوص المقدسة، وهو أحد العيد.
ليس امتناعا عن الطعام بل توبة حقيقية
لا يقتصر صوم القيامة على الامتناععن تناول كافة الأطعمة الحية كاللحوم والأسماك والدواجن إضافة إلى مشتقاتها، وفقا لما يؤكده القمص عبد المسيح بسيط، مدرس اللاهوت الدفاعى بالكنيسة القبطية، بل يجب أن يشمل المواظبة على حضور القداسات الإلهية التي تُقام في الكنيسة، وترديد التسابيح والمزامير الخاصة بالقيامة، وتقديم توبة حقيقية إلى الله والمواظبة على الاعتراف والتناول من الأسرار المقدسة، والعيش والانغماس في حياة العفة والطهارة وكبح الشهوات النفسية والجسدية، والالتزام بطقوس الكنيسة في أسبوع الآلام.