لم تجد جماعه الإخوان المسلمين أرض خصبه لزرع أفكارها المتطرفة سوى عقول الشباب الذين يتم استقطابهم للإنضمام لصفوفها منذ سنواتهم الدراسية الأولى ، فهم بالنسبة لها الفتيل الذى يمكن اشعاله فى اى لحظة والأداة التى تمكنهم من تحريك وتأجيج المجتمع بين ليلة وضحاها .
ومن خلال عملية رصد ومتابعة سريعة سنجد أن الكوادر الشبابية فى الجماعة هى الصف الأول فى التنظيم الذى يتم الاستعانة به لتنفيذ اى عملية إرهابية بعدما يتم اجراء عمليات غسيل مخ ممنجهة لهم تستغل حالة غياب الوعى والثقافة لدى غالبيتهم معتمدة فى ذلك أما على اساليبها التقليدية فى الوصول والاستحواذ على عقلية هؤلاء الشباب عن طريق الكتب على سبيل المثال كتاب "الدعوة الفردية" للمرشد الأسبق مصطفى مشهور وفى اماكن معروفة كالمساجد ومراكز الشباب ، او حتى عن طريق استعانتها بالأدوات التكنولوجية الحديثة مثل مواقع التواصل الاجتماعى .
وفى الوقت الذى تخوض فيه الدولة حربها ضد جماعة الإخوان المسلمين والجماعات المتطرفة الإرهابية، مازالت الجماعة تفتح ذراعيها لتجنيد مزيد من الشباب الذين لم يعوا بعد حقيقة هذا الكيان وما يطويه من أفكار تحريضية معتمدة فى ذلك على خطاباتها الدينية التى تعطيها صبغة وطنية مزعومة معادية لسياسة الدولة وذلك لهدفين الأول ضمان انضمام الكثير من الشباب لصفوفها والثانى لكسب أكبر قدر من الدعم والتأييد حتى لغير المنضمين اليها .
تطور اساليب الجماعه لإستقطاب الشباب :
فى بحثه المنشور بموقع مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ، قدم الباحث أحمد كمال البحيرى ، المتخصص فى شئون الإرهاب بحثا مفصلا يوضح تطور الأساليب والطرق التى تعتمد عليها الجماعة فى الوصول إلى اكبر كم من الشباب لاستقطابهم فى صفوفها قائلا لقد مر إعلام جماعة الإخوان المسلمين بثلاث مراحل منذ ظهور الإعلام البديل (غير التقليدي)، وهى المرحلة الأولى من عام ٢٠٠٣ وحتى عام ٢٠١١ باستخدام ثلاث وسائل وهى المنتديات وهى عبارة عن غرف للدردشة بين المواطنين على شبكة الإنترنت واستخدمتها الجماعة لتحقيق هدفين نشر فكر الجماعة والاستقطاب التنظيمى ، بالإضافة إلى المواقع الإلكترونية حيث اتخذت جماعة الإخوان المسلمين المواقع الإلكترونية وخصوصًا المواقع الإخبارية منها لتكون منصة لنشر أفكار وآراء تنظيم الإخوان المسلمين على كافة المستويات ( السياسية والاقتصادية والاجتماعية ... الخ)، بجانب التواصل مع وسائل الإعلام الدولية والحكومات الغربية.
و يضيف: وكذلك السوشيال ميديا حيث كانت جماعة الإخوان المسلمين من أوائل القوى السياسية التى استخدمت وسائل التواصل الاجتماعى وبالأخص موقع (الفيسبوك) وهو واحد من أهم أدوات الحراك السياسى للقوى السياسية ومنها جماعة الإخوان المسلمين قبل ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، ومازالت السوشيال ميديا واحدة من أهم أدوات جماعة الإخوان المسلمين فى صراعها مع الدولة المصرية فى أعقاب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى فى ٣ يوليو ٢٠١٣.
ويتابع : اما المرحلة الثانية من عام ٢٠١١ حتى ٢٠١٣، حيث كانت جماعة الإخوان المسلمين فى مقدمة القوى السياسية التى استغلت انفتاح المجال العام بشكل سريع نتيجة امتلاك جماعة الإخوان المسلمين المواد المالية الكافية لإنشاء الصحف الورقية والإلكترونية والعديد من القنوات الفضائية، حيث امتلكت جماعة الإخوان المسلمين أكثر من ٢٠ وسيلة إعلامية ما بين قنوات تليفزيونية وصحف ورقية ومواقع إلكترونية كبرى بجانب العديد من الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعى ، اما المرحلة الثالثة والتى جاءت من عام ٢٠١٣ وحتى الآن ، فيشهد النشاط الدعائى لجماعة الإخوان المسلمين، ومؤيديها على صفحات التواصل الاجتماعى تحولًا كبيراً عقب 30 يونيو ٢٠١٣ حيث قامت الجماعة بإعادة إنشاء قنوات تليفزيونية من خارج البلاد معتمدين على الدعم السياسى والمالى لبعض الدول ( قطر وتركيا) وامتدت سياستهم الاعلامية المعادية للدولة على مواقع الإخوان الإلكترونية والصفحات على السوشيال ميديا التى تهدف للانقلاب على مؤسسات الدولة ونشر الفوضى والعنف .
روشتة استعادة شباب مصر من براثن الجماعه :
لم تعد الشرائح الشبابية المستهدفة لدى جماعة الإخوان المسلمين والجماعات المتطرفة ، تتسم بنفس الخصائص الاجتماعية والفكرية التى كانت معروفة عنها من قبل ، فالآن أصبح الاستقطاب مُركز أكثر على طلاب المدارس والجامعات ومن الطبقات الاجتماعية ميسورة الحال ، تقول الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس نقول ان الجماعة تستهدف تلك الشريحة من الشباب لما تتمتع به من حماس ورغبة فى المشاركة واثبات الذات ، وتطلعها لاكتشاف كل ما هو جديد بنوع من الفضول وجميعها امور تشكل فكر المراهق وروحه وتهيأ الفرصة لأى طرف أخر لاستغلاله إما لما هو ايجابى او سلبى . وتضيف : كيفية إشراك طلاب المدارس فى مثل تلك الجماعات لا يعتمد فقط على الجانب الدينى ولكن ايضا على الجانب الثقافى وما يتم تقديمه من مواد تلفزيونية وسينمائية بالإضافة للمجتمع الصغير المحيط به من أفراد الأسرة ومجموعة الأصدقاء المقربين له ، ونجد ان الجماعة تركز على فئة الشباب التى تسعى لإثبات نفسها او مصدومة من شيء ما فى حياتها او تفتقد التشجيع والدفع من المحيطين بها فتبدأ فى محاولات استمالته اعتمادا على النواحى العاطفية والتشجيعية ومن هنا تأتى عملية غرس الأفكار المتطرفة للأطفال بداية من سن 7 سنين و10 سنين فيما فوق .
وقدمت خضر روشتة لكيفية استغلال تلك الفئة فى كل ما هو مفيد، وإنقاذها من الوقوع فريسة فى يد الجماعات المتطرفة قائلة : علينا اولا ان نعيد احياء الصالونات الثقافية فى مختلف القرى والنجوع وتقديم كل ما هو مفيد فى الدراما والسينما والاهتمام بالحرف والفنون وتشجيع طلاب المدارس على اتقانها وتنشيط المعارض والاهتمام بإشراكهم فى الفرق الموسيقية والرياضية لملأ أوقات فراغهم واحتوائهم وتغذية عقولهم بالفكر الدينى الوسطى .
الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى يقول : أفراد الجماعة يراقبون فى البداية المراهقين الراغبين فى ضمهم إلى صفوفهم فمن يقع عليه الاختيار يتولى احد عناصر الجماعة متابعته وتغذية عقله بالكتب المتطرفة مثل الأربعين النووية وفقه السنة وكتب لأبن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب ويبدأ فى توجيه بعض الأوامر اليه ليقيس مدى طاعته وطبيعة شخصيته هل هى مستقلة ام تابعه وهنا يبدأ فى حشو دماغه فكريا بشكل تدريجي.
وأضاف : الشخصية التى يتم اختيارها تكون انطوائية غير مستقلة ويتواصل معها افراد الجماعة على اعتبار انهم ناس عادية ذو هيئة ومظهر طبيعى ولكن ما يفرقهم عن العامة هو انهم يريدون الحكم بشرع الله وإنهم الناطقين بأسمه وبالتالى من يختلف معهم ويخرج عنهم فهو كافر ونلاحظ ان تغذية العقول تبدأ للأطفال حتى من مرحلة التمهيدى من قبل الدراسة وهذا يتضح فى المدارس التى كانت تابعة للجماعة وتم التحفظ عليها بعد ثورة 30 يونيو .
وتابع : أولياء الأمور عليهم دور كبير وقوى لتأهيل الأطفال نفسيا واحتوائهم والاستماع اليهم والانتباه لسلوكهم حتى لا تجد تلك الجماعة سبيلا للإيقاع بهم او السيطرة على عقولهم .