الحياة في مصر كانت صعبة قوي عليا، وشفت متاعب ونكران جميل، وأقنعة ملونة فوق نفوس كالحة وقاحلة كتير ، كل دا واكثر خلاني أفقد إيماني بطريقتي في التعامل مع الناس بل وفي ثقتي في الناس كلهم ، مريت بمراحل كتير ، اندهاش ... عدم تصديق، عدم فهم، فهم ، صدمة، يأس.
بصراحة ندمت إني سبت أمريكا ورجعت وكنت قريب قوي من الرجوع بس في اللحظة الأخيرة ظهرت مستشفي ٥٧ ، المكان دا عجيب وإنت داخله كأنك رايح تعتكف في رحلة صوفية ، شفت ناس بيتعاملوا مع أكبر ابتلاءات ممكن تتخيلها من غير هلع وبرضه من غير استسلام
شفت أمهات قلوبهم متعلقة فى مراكب فوق أمواج عالية بتمرجحهم بين الألم والأمل، شفت ملايكة مش فاهمين إيه الألم اللي بيمنعهم من كل حاجة كانوا بيحبوها وليه هما يعني مش حد تاني ، شفت ستات ورجالة ربنا اختارهم علشان يخففوا الألم ويهدوا المخاوف بمنتهي الصبر .
شفت خلية نحل تدور في فلك الأطفال بمنتهي الإخلاص، لقيت قيادات فاهمة وفارقة كتير ومتخطية واقعنا الأليم ، قيادات عندها علم وفكر، مشكلته فقط أنه فارق سنين ضوئية عن اللي الناس متعودة عليه .
من غير ما احسبها ثقتي رجعتلي تاني وفهمت أن العمل هو القيمة وهو الجزاء . فهمت ان الواحد لازم يتوقع الصعوبات والضرب تحت الحزام ومحاولات الهدم فقط اذا كان مهما ومفيدا ومخلصا .
مستشفي ٥٧ نالت منها أصوات موتورة وحاقدة لا تمتلك القدرة علي المنافسة ولا حتي التقليد وللأسف دا أثر علي تدفق التبرعات بشكل درامي.
تخيل ان تكلفة علاج كل طفل تتكلف ما يقترب من مليون جنيه ! المستشفي حاليا تستوعب ٤٠% من أطفال مصر المصابين بالسرطان، ولو كتب الله لخطة التوسعات ان تكتمل فسوف ترتفع هذه النسبة لتقترب من ٨٠% ، لازم كلنا نقف جنب المستشفي علشان تكمل رسالتها ، لو توقفنا عن التبرعات نبقي بنخذل الأطفال وأهاليهم وبنساهم في وقوع أنجح مشروع أهلي في مصر، بل هنكون بنساهم في سقوط كل مؤسسات المجتمع المدني المشابهة وقفلنا أبواب رحمة كتير قوي .