من فضائها الإلكترونى على صفحات التواصل الاجتماعى، خرجت شائعات عزل البابا تواضروس وظلت تمشى حتى بلغت باب الكاتدرائية، فانتفض آباء الكنيسة لنفى ما كان يدور فى الغرف المغلقة.
فى الكنيسة خاصة، وفى المؤسسات الدينية ذات الطبيعة المتحفظة بشكل عام، فإن النفى أحيانًا إثبات، الحديث عن عزل البابا تواضروس الذى نفاه أساقفة الكنيسة بدأ عبر فضائيات ومواقع قبطية وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى تدار من خارج مصر، أبرزها قناة إلكترونية تسمى "كلمة منفعة" يبدو إنها أطلقت منذ شهور لهذا الغرض فقط، القناة الجديدة روجت استمارة على صفحات معادية للبابا تواضروس على مواقع التواصل الاجتماعي، تطلب من المسيحيين التوقيع على استمارة لعزل البابا عن منصبه بحجة التفريط في الإيمان المسيحى وعدم الاهتمام بشعب الكنيسة بالإضافة إلى ما وصفوه بإدخال المرأة للكاتدرائية حيث يؤمن البابا بإشراك النساء في الوظائف غير الكهنوتية، كذلك وضعت الاستمارة بندا أطلقت عليه "تهميش الأساقفة المدافعين عن الإيمان" حيث يستخدم مصطلح "الدفاع عن الإيمان أو حمايته" من قبل التيار التقليدي بشكل لافت.
الاستمارة أشارت أيضا إلى حادث مقتل الانبا ابيفانيوس، واعتبرته جاء في صالح البابا الذى "زج بالرهبان المدافعين عن الإيمان فى القضية" حسب تعبير الاستمارة، إذ تصف المتهمين في قضية مقتل الانبا ابيفانيوس، بالمدافعين عن الإيمان وتقصد الراهب المشلوح "إشعياء المقارى" والراهب الحالى "فلتاؤس المقارى" وكلاهما من اختيارات ورسامات "البابا شنودة الثالث".
"كلمة منفعة".. من هى القناة التى بثت الاستمارة المجهولة؟
الاستمارة أطلقتها قناة تبث من المهجر تسمى "كلمة منفعة"، بالعودة إلى موقعها الالكتروني وضعت القناة تعريفا لنفسها أبرزت من خلاله هدف تأسيسها فتقول " نحن قناة مسيحية قبطية أرثوذكسية، هدفها حماية الايمان المُسلم من المسيح له كل المجد وآبائنا الرسل الأطهار، و ليس هدفنا الاساءة لأحد ولكن هدفنا قول كلمة الحق بمنتهى الجراءة وبدون أي خوف، ليس أحد معصوم من الخطأ لا الكاهن ولا الاسقف ولا المطارنة ولا البطريرك ، ونحن شعب المسيح نرى ونعرف الفرق بين الشخص المُحافظ على الايمان ونوضح الفرق بينه وبين الشخص المهرطق الذي يحاول هدم الإيمان وهدم الكنيسة القبطية من الداخل، وحتى لو صمت جميع أعضاء المجمع المقدس والاساقفة والكهنة، فنحن سوف نستمر في الدفاع عن العقيدة والإيمان السليم حتى أخر لحظة في حياتنا بدون خوف من أي شي"
تظهر الكلمة التي قدمت بها القناة نفسها، أن الغرض من تأسيسها هو محاربة البابا إذ تقول نوضح الفرق بين من يحاول هدم الكنيسة وبين أي شخص أخر، وتستخدم تعبيرات ودلالات سبق للبابا تواضروس التحذير منها من قبل مثل "هدم الإيمان المسيحي، الهرطقة، وحماية الإيمان، والحفاظ على العقيدة" وهي كلها تعبيرات ذات دلالة تفترض من صاحبها امتلاك الحقيقة المطلقة وتكفر من يختلف معه في الرأي مستخدمة التعبير المسيحي "هرطوقى"
تمت تسمية قناة "كلمة منفعة" بهذا الاسم، نسبة إلى برنامج كان يقدمه البابا شنودة وهو مجموعة من الفواصل يقدم فيها كلمة تعزية من قداسة البابا شنودة بالصوت والصورة ويتنوع مضمونها يقدم فى كل مرة رسالة للطلبة ، للأرامل ، للضيقات ، للمتزوجين – ،للأيتام .....الخ)، وذلك من خلال عظات سابقة له.
ما الهدف من إشعال الحرب ضد البابا تواضروس؟
تحاول تلك الحملات النيل من توجهات البابا تواضروس الانفتاحية المستنيرة مقابل أفكار ظلامية تجر الكنيسة إلى الوراء وتنشر الفكر المتشدد الذى يعتبر أن أي طائفة مسيحية أخرى مهرطقة وخارجة عن الإيمان، وهي أفكار تثير ثقافة الكراهية وتؤسس لمناخ حاضن للعنف.
الاستمارة التى أطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي لعزل البابا لم يكن لها تأثير كبيرا ولم يتفاعل معها الأقباط، وظهرت وكأنها لم تكن، إلا أن مثل تلك المحاولات لن ينتج عنها إلا انقسام الكنيسة وإفساد سلامها.
البابا تواضروس، بابا الكنيسة القبطية الـ118 جمع بين اختيار الأرض والسماء، إذ كان من بين ثلاثة أساقفة تم انتخابهم من قبل شعب الكنيسة، ثم جرى اختياره بالقرعة الهيكلية، وتم التصديق على قرار تعيينه من قبل رئيس الجمهورية، وفقا للإجراءات الكنسية والقانونية المتبعة في هذا الشأن، ومن ثم أي محاولة للانقلاب على سلطته الكهنوتية الشرعية تستوي بالعدم إذ تصطدم بعقبات كنسية وقانونية وشعبية تجعل من عزل البابا حلما بعيد المنال يحاول المتطرفون ترويجه وكأنه ملك أيديهم.
ماذا قال المتحدث الرسمى باسم الكنيسة عن تلك المحاولات؟
القس بولس حليم، المتحدث الرسمى باسم الكنيسة القبطية، قال عن ذلك "شكرًا لمن نشروا شائعة تحرك اساقفة المجمع المقدس ضد البابا فلقد أظهرتم محبة المجمع والشعب لقداسة البابا
وأضاف " تحركات أعضاء المجمع ضد قداسة البابا تواضروس الثاني هو كلام غير واقعي وكلام مرسل فمجمع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، يكنون كل محبة واحترام وتقدير لقداسة البابا تواضروس الثاني، وما حدث أيام البابا يوساب الثاني كان له ظروفه التاريخية التي استدعت ذلك، لكن الآن الأمر مختلف.
وأكد أن قداسة البابا تواضروس الثاني له شعبية قوية في أوساط المجمع المقدس وأطياف الشعب القبطي وله علاقة طيبة مع كافة المؤسسات في الداخل والخارج ويقود الكنيسة بأبوة ورؤية وبذل يشهد لها الجميع".
وأضاف :"كما أن مجمع الكنيسة مجمع مستنير لا يقوم بمثل هذه الأعمال، ولذلك أقول إذا كان هناك تحرك فأين هو؟ وماذا ينتظرون؟ ولذلك أؤكد أنه لا يوجد مثل هذه التحركات بل بالعكس أعلم أن أعضاء المجمع يتمتعون باستنارة وروحانية تجعلهم يحافظون على وحدة الكنيسة بكل قوة وأنا أرفض هذا الكلام لأنه يسيء إلى مجمع الكنيسة نفسه"، مستكملا: وأقول إن كل هذا الكلام فقاعات في الهواء لا تؤثر في الكنيسة لأنه مرت بها أحداث مثل هذه كثيرة، ولم تؤثر فيها كقول المثل: يا جبل ما يهزك ريح.
بينما انتفض الأنبا أرميا، الأسقف العام رئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، للدفاع عن البابا تواضروس رغم خلافات معروفة وواضحة لكل القريبين منالأوساط الكنسية، إذ قال الأسقف الذى كان سكرتيرا للبابا شنودة، أن قداسة البابا تواضروس الثاني هو رمز للكنيسة كلها، وهو الجالس على كرسي مارمرقس الرسول، وأن من يمس بابا الكنيسة فقد مس الكنيسة كلها، ومن يهين بابا الكنيسة يهين كل آباء المجمع المقدس، قائلا إن "كل آباء الكنيسة قلب واحد ورجل واحد بمحبة كاملة، نحب كنيستنا ونحب البابا تواضروس الثاني الجالس على كرسي مامرقس الرسول، ولا توجد أي خلافات داخل المجمع المقدس".
وأضاف الأنبا إرميا- في كلمته خلال الاحتفال بتذكار نياحة البابا كيرلس السادس البابا الـ 116 من باباوات الكنيسة بحضور الأنبا يوليوس أسقف عام مصر القديمة والمنيل وفم الخليج وأسقف الخدمات العامة وعدد من الآباء الرهبان والكهنة- أن الذين يحاولون أن يشقوا وحدة الكنيسة وأن يفتتوا رباط الكنيسة مغرضين، ولهم أغراض خارجية فليس كل ما يقال يصدق، وليس كل ما يقال سليم.
وشدد على أنه لا توجد أي خلافات داخل الكنيسة، مطالبا شعب الكنيسة بعدم تصديق الشائعات، مؤكدا أن الكنيسة، قوية بأساقفتها ومجمعها الذي يرأسه قداسة البابا تواضروس الثاني، مشيرا إلى أن من يصنعون تلك الأمور يجرحون جميع آباء الكنيسة، التي تصلي من أجل كل من يسيء لها