سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 14 مارس 1922.. السلطان فؤاد يصدر آخر «أمر سلطانى كريم».. ويحول نفسه إلى «ملك» ومصر إلى «مملكة»

نشرت «الوقائع المصرية» أمرا سلطانيا كريما من السلطان فؤاد الأول إلى رئيس الوزراء عبد الخالق ثروت باشا يوم 14 مارس، مثل هذا اليوم 1922، وفقا للدكتور يونان لبيب رزق فى كتابه «فؤاد الأول المعلوم والمجهول»، مضيفا: «تضمن الأمر فقرة موجهة إلى «شعبنا الكريم» كان نصها: «منَّ الله علينا بأن جعل استقلال البلد على يدنا، وإنا لنبتهل إلى المولى عز وجل بأخلص الشكر، وأجمل الحمد على ذلك، ونعلن على ملأ العالم أن مصر منذ اليوم دولة متمتعة بالسيادة والاستقلال، ونتخذ لنفسنا لقب صاحب الجلالة ملك مصر ليكون لبلادنا ما يتفق مع استقلالها من مظاهر الشخصية الدولية وأسباب العزة القومية..وها نحن نشهد الله ونشهد أمتنا فى هذه الساعة العظمى، أننا لن نألو جهدا فى السعى بكل ما أوتينا من قوة وصدق عزم لخير بلادنا المحبوبة والعمل على إسعاد شعبنا الكريم». صدر الأمر يوم 15 مارس 1922، وهو اليوم التالى لنشره فى الوقائع المصرية، وكان آخر الأوامر السلطانية فى تاريخ مصر، حسبما يؤكد «رزق»، ووفقا لمنطوقه تحدث عن قضيتين هما، استقلال مصر، وتحويل مصر إلى مملكة فى نظامها السياسى.. وتستند قضية الاستقلال على تصريح 28 فبراير عام 1922 الذى أصدرته بريطانيا كقوة احتلال لمصر منذ 1882، ويذكر عبد الرحمن الرافعى فى الجزء الأول من كتابه «فى أعقاب الثورة المصرية - ثورة 1919»: «قررت الحكومة البريطانية أن تنهى الحماية التى أعلنت على مصرفى 18 ديسمبر 1914، وأن تعترف بها دولة مستقلة ذات سيادة، غير أن حكومة جلالة الملك «بريطانيا» قررت فى نفس الوقت أن تحتفظ بصورة مطلقة بتولى أمور هى.. تأمين مواصلات الإمبراطورية البريطانية فى مصر، والدفاع عن مصر ضد كل اعتداء أو تدخل أجنبى بالذات أوبالواسطة، وحماية المصالح الأجنبية فى مصر وحماية الأقليات، وقضية السودان.. يؤكد الرافعى: «جعلت الحكومة يوم 15 مارس عيدا وطنيا تستريح فيه مصالح الحكومة من العمل، لكن الشعب لم يشارك الحكومة الابتهاج بهذا الإعلان وكان موقفه سليما مشرفا، إذ لم يجد تحقيقا لمظاهر الاستقلال الصحيح، بل رأى على العكس أنه رغم هذا الإعلان فإن الاحتلال البريطانى قائم والأحكام العرفية الأجنبية مبسوطة، وإنجلترا مستبقية تحفظات تهدم قواعد الاستقلال». أما الانتقال إلى «المملكة»، فكان نهاية لقصة طويلة وبداية قصة قصيرة «بوصف يونان لبيب رزق».. مؤكدا أن «القصة الطويلة» بدأت قبل 117 سنة، وعلى وجه التحديد فى 1805، بعد أن تولى محمد على باشا حكم مصر، ونجح من خلال صراعات دموية مع السلطان العثمانى فى أن يجعل الحكم وراثيا فى أسرته.. والثانية «القصة القصيرة» انتهت بعد 31 عاما حين ألغت ثورة 23 يوليو النظام الملكى عام 1953 بعد قيامها بأقل من سنة. يذكر «رزق» أن ألقاب الحاكم من الأسرة العلوية تعددت خلال المرحلة الأولى: باشا، خديو، سلطان، وكان لكل من هذه الألقاب قصة.. اللقب الأول «باشا» تمتع به محمد على، وإبراهيم «ابن محمد على»، عباس الأول «ابن طوسون ابن محمد على»، وسعيد «ابن محمد على» وإسماعيل «ابن إبراهيم بن محمد على».. يضيف رزق: «كان هذا اللقب «باشا» هو ذات اللقب الذى يتمتع به سائر ولاة الإمبراطورية العثمانية.. ونجح إسماعيل الذى تولى الحكم عام 1863، وبعد أربع سنوات من حكمه فى أن يحصل من الباب العالى على حق التلقيب بالخديوى».. يؤكد «رزق» أن إسماعيل دفع «دم قلبه» أو بالأحرى «دم قلب مصر» للسلطان فى هذا الموضوع، غير أن ما فعله وإن زاد من حجم الديون وقاد إلى زيادة التدخل الأجنبى وخلعه عن مسند الخديوية، إلا أنه جعله يتصرف فى كثير من الأمور كحاكم مستقل، ومنها أنه أول من طبق فكرة «البلاط» التى عرفتها أوربا مع قيام الممالك القومية فى القرن التاسع عشر، وبلغت أوجها فى عصر الملك لويس الرابع عشر فى فرنسا، وبدأ فى بناء عدد من القصور، وانتقل من القلعة حيث كان يحكم الباشوات إلى سراى عابدين كمقر للحكم. أما لقب «السلطان» وتحول مصر إلى «السلطنة»، فبدأ فى أواخر 1914، نتيجة إعلان الحماية البريطانية على مصر، وجاء بعد قرار بريطانيا خلع الخديو عباس الثانى وتوليه عمه الأمير حسين كامل ابن إسماعيل، ويؤكد «رزق» أن هذا التحول جاء بعد مشاورات بين وزارة الخارجية البريطانية وحسين كامل والمستر شيتام ممثل الحكومة البريطانية فى القاهرة، وبعد الحصول على اللقب جرت مشاورات حول «التفخيم» الذى يلحق به، واستبعد البريطانيون لفظ «صاحب الجلالة» لعدم اللياقة، لأنه نفس تفخيم ملك بريطانيا وهى الدولة الحامية لمصر، كما رفض حسين كامل لفظ «صاحب السمو»، لأن العديد من أمراء الأسرة الحاكمة يحملونه، وأخيرا تم الاستقرار على «صاحب العظمة»، باقتراح من حسين كامل نفسه، يؤكد «رزق» أن لقب «عظمة السلطان» هو أقصر الألقاب عمرا فى تاريخ أسرة محمد على، واستمر لأقل من ثمانى سنوات، ثلاث منها لحسين كامل، والباقى للسنوات الأولى من عهد فؤاد الذى تمتع باللقبين: السلطان ثم الملك، وكان تحوله إلى «ملك» باقتراح منه دونما رفض من بريطانيا.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;